حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

دورات للأكاديميين وتجنيد طلبة للتجسس

كبرى الجامعات الخاصة في اليمن تخضع لما يسمى «الحارس القضائي» الحوثي (إكس)
كبرى الجامعات الخاصة في اليمن تخضع لما يسمى «الحارس القضائي» الحوثي (إكس)
TT

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

كبرى الجامعات الخاصة في اليمن تخضع لما يسمى «الحارس القضائي» الحوثي (إكس)
كبرى الجامعات الخاصة في اليمن تخضع لما يسمى «الحارس القضائي» الحوثي (إكس)

تستهدف الجماعة الحوثية التعليم الجامعي الخاص في مناطق سيطرتها بحملة جديدة للسيطرة عليه؛ إذ أدرجت مقررات جديدة في العملية التعليمية بالمنشآت الأكاديمية؛ وألزمت منتسبيها بدورات طائفية وزيارات أضرحة، بالتزامن مع تجنيد طلبة للتجسس عليهم واعتقال عدد منهم.

في هذا السياق، اعتقلت الجماعة في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) أكاديمياً متخصصاً في الكيمياء الدوائية، ويعمل مدرساً في عدد من جامعات المدينة، ونقلته إلى سجن المخابرات التابع للجماعة، بعد وشاية من أحد طلابه في الجامعة الماليزية، واتهامه بتحريض الطلاب ضد قادة الجماعة، وتوجيههم لرفض الانصياع لها ورفض ممارساتها.

وذكرت مصادر طلابية في مدينة إب لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة رفضت الوساطات والمطالب المجتمعية بالإفراج عن الأكاديمي المعتقل، وهددت بنقله إلى سجونها في صنعاء في حال استمرار تلك المطالب، كما حذرت الجامعات التي كان يدرس فيها من الإغلاق بسبب مواقفها المتضامنة معه.

قادة حوثيون يفرضون هوية جماعتهم على جامعة خاصة في إب (إعلام حوثي)

وأضافت المصادر أن الطالب الذي وشى بالأكاديمي ينشط فيما يعرف بـ«الملتقى الطلابي» الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية، والتي جندت أعضاءه للتجسس على زملائهم ومدرسيهم، ونقل ما يجري في المحاضرات وأروقة الجامعات إلى المشرفين الحوثيين المسؤولين عن قطاع التعليم الجامعي.

وحسب المصادر، فإن أعضاء «الملتقى الطلابي» أصبحوا مصدر قلق للمدرسين والأكاديميين وموظفي الجامعات العمومية والخاصة وطلابها، وباتت فعاليات وأنشطة الجامعات محكومة بحذر شديد من هؤلاء الطلبة.

طلاب جواسيس

تشير المصادر إلى واقعة تعود لأكثر من شهرين، مشابهة لواقعة اعتقال مدرس الكيمياء الدوائية، أقرت فيها الجماعة الحوثية حرمان أحد المدرسين في جامعة العلوم والتكنولوجيا من مزاولة العمل، بعد إجابته عن سؤال أحد الطلاب حول الاحتفال بالمولد النبوي.

مقرر باسم «طوفان الأقصى» فرضه الحوثيون على الجامعات الخاصة (إكس)

وأقدم أحد أعضاء «الملتقى الطلابي» على الوشاية بالمدرس في الجامعة الخاضعة لإدارة الحارس القضائي الذي نصبته الجماعة الحوثية، لدى القيادي الحوثي عبد الفتاح غلاب، المعين مشرفاً على المحافظة، والذي وجَّه جميع الجامعات بإيقاف التعامل مع المدرس، وحرمانه من العمل لديها، وتهديد أي جامعة تخالف هذا التوجيه بالإغلاق.

وأجبر غلاب الجامعات الخاصة في إب على نقل مهام المدرس الذي وجه بوقفه عن العمل إلى أحد أعضاء «الملتقى الطلابي»، رغم أنه لم يُكمل دراسته الأكاديمية وتخصصه المختلف تماماً عن تخصص الأكاديمي الموقوف.

في غضون ذلك، كشفت مصادر أكاديمية في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية لـ«الشرق الأوسط»، أن جهاز التعبئة العام يستهدف هذه الفترة الجامعات الخاصة بكثير من الفعاليات والأنشطة، فيما يبدو أنها مساعٍ للسيطرة عليها، وإلزامها بتجيير مقرراتها الدراسية وبرامجها التعليمية لخدمة مشروع الجماعة.

وطبقاً للمصادر؛ فإن الجماعة وجَّهت بمراجعة كافة المقررات الدراسية في الجامعات الخاصة، ومقارنتها بمقررات الجامعات العمومية التي تسيطر عليها.

قادة حوثيون في عرض عسكري نظموه لطلاب جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

وكشفت المصادر أن القائمين على الجامعات الخاصة باتوا يتوقعون ويخشون أن تُقدم الجماعة الحوثية على تعيين مشرفين مباشرين من طرفها على منشآتهم التعليمية، كما جرى الأمر مع المدارس الخاصة منذ نحو 18 شهراً، وذلك بعد التدخلات الكثيفة في عمل هذه الجامعات أخيراً.

وألزمت الجماعة -حسب المصادر- الجامعات الخاصة بإدراج مادة دراسية جديدة تحت اسم «طوفان الأقصى» في مقرراتها الدراسية، ضمن ما تزعم أنه مساندة لفلسطينيي غزة في مواجهة إسرائيل.

وتفيد مصادر مطلعة بأن المادة الجديدة المقررة تعزز من الترويج لمشروع الجماعة الحوثية، وما يسمى «محور المقاومة والممانعة» التابع للنظام الإيراني، ضمن توجهات تجيِّر معاناة الفلسطينيين ومشاعر اليمنيين المتضامنين معهم لصالحهما.

تلقين الأكاديميين

وأخضعت الجماعة الحوثية -أخيراً- عدداً كبيراً من المدرسين والموظفين في الجامعات الخاصة لبرامج تدريبية، ضمن أنشطة ما يعرف بـ«جهاز التعبئة العام» الخاص بها، والتي تتضمن حضور دروس مذهبية وطائفية، وتنظيم زيارات إلى مقابر قتلاها في الحرب، وقبور كبار قادتها، وعلى رأسهم قبر مؤسسها حسين الحوثي في محافظة صعدة.

وشارك عشرات من مدرسي وموظفي الجامعات الخاصة في الدورات التعبوية التي تطلق عليها الجماعة اسم «الدورات الثقافية»، وجرى نقلهم إلى صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء) لزيارة ضريح مؤسس الجماعة الحوثية حسين الحوثي في منطقة مران، وجرف سلمان الذي بدأت منه الجماعة حربها ضد الدولة قبل نحو عقدين.

ومن المنتظر -وفقاً للمصادر- أن يتلقَّى كثير من الأكاديميين ومنتسبي الجامعات الخاصة تدريبات عسكرية تتضمن دورات في استخدام الأسلحة الخفيفة، والمشاركة في مناورات محدودة بها، والتدرب على القنص والاشتباك، واستخدام القنابل اليدوية.

من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

ومنذ أيام، نظَّمت الجماعة في فناء جامعة صنعاء عرضاً عسكرياً أعلنت أنه جاء بمناسبة تخرج 20 سرية تضم ألفَي مقاتل من الطلاب، بعد تلقيهم تدريبات عسكرية فيما تطلق عليه «دورات طوفان الأقصى»، بينما أكد عدد من الطلاب أن زملاءهم أُجبروا على المشاركة في العرض العسكري.

ورُفِعت في العرض صور لقاسم سليماني القائد السابق لـ«فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، وعدد من قادة «حزب الله» الذين اغتالتهم إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة.

وفي مايو (أيار) الماضي، ألزمت الجماعة الحوثية عشرات الأكاديميين في جامعة صنعاء بالمشاركة في دورات تدريبية على القتال واستخدام الأسلحة.

وتداول اليمنيون صوراً نشرتها وسائل إعلام الجماعة لمدرسين في كبرى الجامعات اليمنية، أغلبهم تجاوز سن التقاعد، وهم يشاركون في تدريبات شاقة ومرهقة، ووُصِفت تلك المشاهد بالمهينة للأكاديميين ولمكانتهم العلمية وللعملية التعليمية.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تنأى بنفسها عن نقل وقود «نوتيكا»... وتحمّل «صافر» المسؤولية

خاص تساور الشكوك خبراء البيئة حول انتهاء خطر خزان النفط اليمني «صافر» بعد سنوات من تفريغها (أ.ف.ب) play-circle

الأمم المتحدة تنأى بنفسها عن نقل وقود «نوتيكا»... وتحمّل «صافر» المسؤولية

نأت الأمم المتحدة بنفسها عن أي مسؤولية تتعلق بعمليات نقل وقود من وإلى ناقلة النفط العملاقة (نوتيكا) التي يسيطر عليها الحوثيون قبالة سواحل الحديدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي التراجع الكبير في أعمال البناء والإنشاءات تسبب في توسيع دائرة البطالة باليمن (رويترز)

تبعات الصراع ترهق قطاع الإنشاءات اليمني بمناطق سيطرة الحوثيين

تسبب التصعيد العسكري في البحر الأحمر، والمواجهة بين الجماعة الحوثية والغرب وإسرائيل في ضرب قطاع البناء، وتوسيع رقعة البطالة في أوساط عمال البناء والإنشاءات.

وضاح الجليل (عدن)
خاص اليمن يطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل لسيطرة الحوثيين على السفينة «نوتيكا» play-circle

خاص اليمن يطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل لسيطرة الحوثيين على السفينة «نوتيكا»

تعتزم الحكومة اليمنية التقدّم بطلب رسمي إلى الأمين العام للأمم المتحدة لفتح تحقيق عاجل بشأن استيلاء جماعة الحوثي الإرهابية على ناقلة النفط البديلة «نوتيكا»

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» ترافقها قوارب الحوثيين في البحر الأحمرفي صورة تم نشرها 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

كيف حوّل الحوثيون «غالاكسي ليدر» من مزار سياحي إلى نقطة مراقبة للملاحة الدولية؟

حوَّل الحوثيون السفينة المتخطفة «غالاكسي ليدر» إلى مزار سياحي لكسب الأموال قبل أن ينصبوا عليها نظام رادار لمراقبة الملاحة الدولية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس الوزراء اليمني سالم بن بريك خلال استقباله المبعوث الأممي لليمن (سبأ)

انتقادات يمنية حادة لأداء المبعوث الأممي

يواجه المبعوث الأممي إلى اليمن انتقادات حادة من مسؤولين يمنيين وشخصيات سياسية، تُشكك في جدية ومصداقية أداء البعثة الأممية في التعامل مع مسار الأزمة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر: مطالبات بمراجعة دورية للبنايات مع تكرار حوادث الانهيار

أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)
أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)
TT

مصر: مطالبات بمراجعة دورية للبنايات مع تكرار حوادث الانهيار

أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)
أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)

جدد انهيار بناية في محافظة الإسكندرية في الساعات الأولى من صباح (الأحد) المطالبات بمراجعة دورية لحالة البنايات مع تكرار وقائع انهيارها، بينما أسفر الحادث عن وفاة شخصين وإصابة 5 آخرين.

والعقار المنهار مكون من دور أرضي و4 أدوار علوية بالإضافة إلى جزء من دور خامس، ويضم 6 وحدات سكنية، وصادر بحقه قرار منذ عام 1993 يقضي بهدم الدور الرابع والجزء الخاص بالدور الخامس مع ترميم بقية العقار، وهو القرار الذي لم ينفَّذ حتى انهيار أجزاء منه، فجر الأحد، بحسب بيان رسمي صادر عن المحافظة.

ووجَّه محافظ الإسكندرية أحمد خالد والذي زار المصابين بسرعة صرف التعويضات المستحقة، ورفع الأنقاض مع التأكد من سلامة العقارات المجاورة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المواطنين فيها.

وجَّه محافظ الإسكندرية بالتأكد من سلامة العقارات المجاورة (محافظة الإسكندرية)

وتتكرر حوادث انهيار العقارات في الإسكندرية بين الحين والآخر لأسباب متباينة كان من بينها مخالفات البناء، وعدم تنفيذ قرارات الإزالة والترميم الصادرة للمباني، بالإضافة إلى مخالفات البناء التي زادت بشكل كبير بعد عام 2011، بحسب تقارير رسمية صدرت عن المحافظة في وقت سابق.

وأكد أستاذ التخطيط العمراني سيف الدين فرج لـ«الشرق الأوسط» أن تكرار وقائع انهيار العقارات في مصر لا يشكل أزمة مقارنة بعدد البنايات الموجودة، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في غياب وجود شركات لصيانة العقارات تعمل على معالجة أي مشكلات تطرأ عليها بشكل سريع.

وأضاف فرج أن بعض العقارات المنهارة يكون السبب فيها مشكلة بالصرف تُركت فترة طويلة دون إصلاح أو مشكلات كان يمكن إصلاحها بشكل سريع، وتجنب الوصول لمرحلة الانهيار، الأمر الذي يتطلب جهوداً من الدولة للدفع نحو إنشاء مثل هذه الشركات التي سيكون وجودها ضماناً للحد من حوادث الانهيارات.

ورصدت إحصائيات رسمية صادرة عن محافظة الإسكندرية عام 2022، شكاوى الانهيارات الجزئية والكلية والسقوط بـ484 شكوى، بينما قدَّر رئيس «لجنة التنمية المحلية» بالبرلمان المصري أحمد السجيني عدد المباني المخالفة في مصر بـ3 ملايين مبنى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

انهار العقار على سيارات مصطفة أمامه (محافظة الإسكندرية)

وأكد محافظ الإسكندرية الأسبق رضا فرحات لـ«الشرق الأوسط» أن جزءاً من مشكلة تنفيذ قرارات الإزالة في المباني الصادر بحقها هذه القرارات يرجع لصعوبة توفير مساكن بديلة، وعدم قدرة السكان على الخروج من العقار، بل إنه في بعض الحالات يوقِّع السكان على إقرارات بالإقامة على مسؤوليتهم الشخصية.

وأضاف: «العقارات بالإسكندرية لها طبيعة خاصة بسبب العوامل المناخية التي تجعل هناك ضرورة لمتابعة المباني وسلامتها من جميع النواحي بشكل أكثر من غيرها، بجانب وجود بعض العقارات المتهالكة التي لم تخضع للصيانة أو التي بها مشكلات في الأعمال الإنشائية».

وشهدت مصر في الأسابيع الأخيرة تكراراً لوقائع انهيار بنايات في عدد من المحافظات، من بينها القاهرة التي شهدت الشهر الماضي انهيار 4 بنايات أدت لمقتل 18 شخصاً على الأقل وإصابة آخرين.

وأكد أستاذ التخطيط العمراني سيف الدين فرج مرة أخرى أن الصيانة والمتابعة الدورية لسلامة العقارات بعد إنشائها ستحدان بشكل كبير من تكرار هذه الحوادث التي لا يمكن وصفها بالظاهرة، مؤكداً أن وجود «اتحاد لشاغلي العقارات» والتنسيق مع الجهات المعنية فيما يتعلق بتنفيذ الاشتراطات المطلوبة للسلامة سيحدان من هذه الحوادث التي تقع نتيجة - في الغالب - استمرار تجاهل وتأجيل أعمال الترميم أو الإزالة للمخالفات.