انتهاكات حوثية تستهدف جامعة إب اليمنية ومنتسبيها

شملت قمع الطلبة والأكاديميين والاستيلاء على الأراضي

جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)
جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف جامعة إب اليمنية ومنتسبيها

جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)
جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)

ارتكبت الجماعة الحوثية موجةً جديدةً من الانتهاكات ضد جامعة إب اليمنية ومنتسبيها شملت الاستيلاء على أراضي الحرم الجامعي، وقمع الطلبة والأكاديميين والموظفين، وإخضاعهم بشتى الوسائل لتلقي برامج طائفية والالتحاق قسراً بالدورات القتالية.

وتمثل آخر الانتهاكات في قيام الجماعة باقتطاع مساحات واسعة من حرم جامعة إب لمصلحة أحد قادتها يُدعى علي النوعة المعين وكيلاً في محافظة إب للشؤون المالية والإدارية.

وأوضحت مصادر أكاديمية يمنية في إب لـ«الشرق الأوسط» أن الانقلابيين برروا التعدي على أراضي وممتلكات الجامعة بالسعي إلى إقامة استحداثات استثمارية تخدم ما سموه المصلحة العامة، وهي ذريعة تستخدمها الجماعة مُنذُ سنوات مبرراً لتنفيذ أعمال نهب الأراضي وممتلكات الدولة والسكان في إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء).

تجمع طلاب وطالبات في ساحة جامعة إب اليمنية (فيسبوك)

واتهمت المصادر، الجماعة، بارتكاب مزيد من الجرائم والتعسفات ضد جامعة إب ومنتسبيها، وغيرها من الجامعات الأخرى بالمدن تحت سيطرتها، وذلك في سياق استمرار تدميرها المنظم لقطاع التعليم العالي.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير لجامعة إب موجة غضب ورفض واسعة في أوساط منتسبي الجامعة والناشطين الذين أبدوا رفضهم القاطع لعملية السطو على ما تبقى من أراضي وممتلكات جامعة إب.

ورداً على ذلك، نظم العشرات من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين في جامعة إب وقفة احتجاجية غاضبة تنديداً بأعمال النهب الحوثي الذي يطول أراضي الحرم الجامعي.

البوابة الرئيسية لجامعة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح شهود لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة أمن الجماعة الحوثية في إب سارعت إلى محاصرة المحتجين وقمعهم ومصادرة هواتفهم خشية توسيع نطاق المظاهرة إلى خارج الجامعة.

وندد بيان صادر عن المظاهرة بالقمع ومحاولات السطو الحوثية على أراضي الجامعة. وذكر أن الجامعة هي مؤسسة علمية وتنويرية تهم كل أبناء إب وأي اعتداء عليها يُعد اعتداءً على الجميع.

وتُعد جامعة إب من أصغر الجامعات الحكومية في اليمن من حيث المساحة مقارنة بعدد السكان والجغرافيا التي تخدمها الجامعة.

ويطالب المحتجون بإخلاء وتسليم كافة الأراضي داخل الحرم الجامعي الواقع أغلبيتها حالياً تحت قبضة قيادات حوثية نافذة، حتى يتم استكمال تنفيذ المخطط العام للجامعة، الذي قد يحمي ما تبقى من أراضيها وممتلكاتها.

وذكر البيان أن حرم جامعة إب تم تحديده قبل قرابة ثلاثين عاماً، مبيناً أن متطلبات واحتياجات الجامعة حالياً بفعل الزيادة السكانية الكبيرة يستوجب تخصيص أراضٍ إضافية لها وليس اقتطاع أجزاء من أراضيها.

ودعا البيان جميع منتسبي الجامعة وأبناء المحافظة وكل أبناء اليمن للوقوف بحزم وصرامة وجدية ضد أي محاولة لاقتطاع أي جزء من أراضي الجامعة.

وفي سياق الانتهاكات، أجبر الحوثيون طلبة كليات الشريعة والقانون والعلوم الإنسانية والطب والهندسة بجامعة إب على المشاركة بتلقي دروس تعبوية والالتحاق بدورات قتالية تحت مزاعم الاستعداد للمشاركة في عملية تحرير فلسطين.

وأكدت المصادر أن القيادي الحوثي بشير العماد المعين عميداً لكلية القانون بجامعة إب ألزم الطلبة بحضور دورة تعبوية مُكثفة، ولجأ إلى جعل درجات محصلة الفصل الدراسي الأول لهذا العام متوقفة على المشاركة بدورات التطييف.

فعالية في جامعة إب احتفالاً بمناسبة أقامتها الجماعة الحوثية (إكس)

سبق ذلك إرغام آلاف الطلبة والأكاديميين والموظفين في جامعات إب وصنعاء وذمار وغيرها على المشاركة القسرية في مسيرة تطوف الشوارع، وتُردد شعارات تمجد الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي.

ومنذ الانقلاب على الشرعية اليمنية واصلت الجماعة الحوثية استهدافها المنظم لقطاع التعليم العالي من خلال ارتكاب سلسلة لا حصر لها من التعسفات والانتهاكات، شمل بعضها الاقتحام وإغلاق أقسام دراسية، و«ملشنة» الجامعات، وفرض تدابير تُوصف بأنها «طالبانية».


مقالات ذات صلة

المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

العالم العربي ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين يعيشون تحت سطوة القمع (أ.ب)

المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

حمَّلَ التقرير الجديد لفريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني باليمن، الحوثيين مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن وعرقلة جهود السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي جرافة حوثية تهدم منزلاً في صنعاء (فيسبوك)

حملات تعسف تغلق أسواقا وتهدم منازل في صنعاء

نفذّت الجماعة الحوثية حملات تعسف، استهدفت بالإغلاق والهدم أسواقاً ومتاجر ومنازل شعبية في صنعاء، وذلك ضمن عملية ممنهجة تهدف إلى فرض مزيد من الإتاوات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

شكاوى من تصاعد السرقات في مناطق سيطرة الحوثيين

شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية ارتفاعاً في منسوب جرائم السرقة بمختلف أنواعها، في ظل اتهامات بالتقاعس الأمني

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مجلس الوزراء اليمني يكافح للسيطرة على تدهور سعر العملة المحلية (سبأ)

الحكومة اليمنية تشدد على تدابير حازمة لردع المضاربة بالعملة

شددت الحكومة اليمنية على اتخاذ تدابير حازمة لردع المضاربة بالعملة في ظل استمرار تهاوي الريال اليمني، وشح الموارد بسبب توقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% هذا العام (البنك الدولي)

البنك الدولي: توقف تصدير النفط في اليمن فاقم تدهور الأمن الغذائي

أفاد البنك الدولي بأن الحصار الذي يفرضه الحوثيون على تصدير النفط أوصل تدهور الأمن الغذائي في اليمن إلى مستويات غير مسبوقة.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».