البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

تمسك بمواصلة الحرب ضد «الدعم السريع»

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)
TT

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

في الوقت الذي تمسّك فيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، بمواصلة الحرب ضد «قوات الدعم السريع»، أعلن رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير، وقال: «لن نقبل بأي عمل سياسي يهدد وحدة السودان والمقاتلين».

وأعلن البرهان، خلال مخاطبته مؤتمراً اقتصادياً في العاصمة المؤقتة بورتسودان، الثلاثاء، رفضه القاطع للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

وقال البرهان: «للأسف سمعنا أنه (حزب المؤتمر الوطني) يريد عقد مجلس شورى، وهذا الأمر مرفوض ولن نقبل بأي عمل سياسي مناوئ، أو يهدد وحدة السودان والمقاتلين»، وذلك في إشارة لموقف الحزب المساند للجيش.

وظهر إلى العلن انشقاق كبير في حزب المؤتمر الوطني، الذي أطيح به من الحكم بثورة شعبية في السودان 2018، إثر انتخاب «مجلس الشورى» المختلف حوله، أحمد هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، رئيساً للحزب، الأسبوع الماضي، على الرغم من اعتراض التيار الذي يقوده رئيس المكتب القيادي، إبراهيم محمود، وتحذيره من خلافات قد تؤدي إلى انقسام الحزب.

عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأطيح به بعد 30 عاماً (أرشيفية)

وخاطب البرهان الحضور بالقول: «لسنا في حاجة لأي صراعات الآن ولسنا في حاجة لأي تشتت الآن. نحنا عندنا هدف دايرين نمشي ليه متماسكين وموحدين.. هزيمة هؤلاء المتمردين (قوات الدعم السريع) والقضاء عليهم».

ونفى البرهان مزاعم لبعض أعضاء الحزب بأنهم من يقاتلون بجانب الجيش، بقوله: «نقول لمن يزعمون أن من في الميدان تابعون لهم، هم ليسوا مؤتمراً وطنياً ولا حركة إسلامية ولا زيد لا عبيد، هؤلاء سودانيون عندهم قضية يقاتلون من أجلها».

وأرجأ البرهان أي عملية سياسية إلى ما بعد وقف الحرب وعودة الحياة المدنية، وتوافق السودانيين، وقال: «ليس لدينا اعتراض على استكمال هذه الفترة الانتقالية كما اتفقنا سابقاً، بتكوين حكومة مدنية من مستقلين، وحوار يتشارك فيه كل السودانيين ليقرروا مصير ما تبقى من الفترة الانتقالية».

واستطرد: «الوقت ما زال مبكراً للخوض في المسارين الأمني والسياسي معاً، يجب أن تنتهي الحرب، وبعدها نجلس في حوار سوداني - سوداني، ليقرر السودانيون كيفية إدارة بلادهم، فإذا قرروا إبعادنا لا نمانع، وسنعيد لهم أمانتهم وبلدهم نظيفاً من هؤلاء المتمردين الخونة، سيكون هذا الأمر قريباً».

وبشأن «الدعم السريع» أكد البرهان، رفضه لأي وقف لإطلاق النار أو العودة للتفاوض قبل القضاء على «الدعم» أو انسحابها من المناطق التي تسيطر عليها، وتجميعها في مناطق متفق عليها.

وقال البرهان إن الحرب تسير إلى نهايتها وإن «الميليشيا» إلى زوال، وأضاف: «لن تقوم لها قائمة، ولن تجد فرصة في الساحة السياسية في المستقبل، هي وداعموها وكل من يقف معها، سيذهبون جميعاً لمزبلة التاريخ». وتوعّد البرهان بالقضاء على «قوات الدعم السريع» نهائياً.

«الفيتو» الروسي

وأبدى البرهان امتنانه لاستخدام روسيا حق النقض «الفيتو» وتعطيل مشروع القرار المقدم من بريطانيا، بقوله: «البارحة شهدنا الموقف الروسي الداعم لسيادتنا... فالسودان يعمل بشكل وثيق مع أصدقائه وأصدقاء شعبه، لمنع صدور القرار المعيب والخادش للسيادة السودانية»، ووصفه بأنه قرار دون أي إلزام لمن تسببوا في المشاكل. وتابع: «ليس فيه إدانة لداعمي المتمردين، أو حفظ لحق السودان في إيجاد حلول من داخل أراضيه، ونحن بوصفنا سودانيين نرفض أي تدخل أو إملاءات أو فرض حلول لا نقبلها».

واستخدمت روسيا «الفيتو»، الاثنين لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان، وقالت إنه محاولة لفرض صيغة «استعمارية» على الصراع الذي يدور منذ أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي).

ورهن رئيس مجلس السيادة علاقات السودان الخارجية بالموقف من الحرب، بقوله: «نحن نعرف كل من وقف مع الشعب السوداني، وسنقدر هذا الأمر، وسيستند التعاون والتحالف مع دول الإقليم ودول العالم على مخرجات ومحصلات هذه الحرب». وتابع: «عرفنا من هو صديق الشعب السوداني، ولن نهادن أو نصالح أعداءه، وأي متردد أو واقف في المنطقة الرمادية، سنقف معه مستقبلاً في المنطقة الرمادية نفسها».

نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي رافعاً يده للتصويت في مجلس الأمن ضد مشروع قرار حول الوضع في السودان يوم الاثنين (رويترز)

العودة للداخل

ودعا البرهان من أطلق عليهم «إخواننا الذين يتجولون في الخارج ويبحثون عن حلول خارجية، للعودة والجلوس مع من في الداخل»، وقال: «لا توجد أي حلول فرضت من الخارج ونجحت، حدثونا عن أي تجربة واحدة نجحت فيها حلول مستوردة من الخارج، جميعها تجارب فاشلة».

وحمّل البرهان مسؤولية حدوث الجوع والتشريد وقتل المواطنين واستباحة دمائهم لـ«قوات الدعم السريع» بقوله: «هذا يحدث في مناطق وجود المتمردين وبسبب هجماتهم ودعم بعض الدول لهم»، نافياً وجود جوع أو انتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها قواته.

وسخر البرهان من قرارات مجلس الأمن بقوله: «مجلس الأمن أصدر قراراً بوقف الهجوم على الفاشر والانسحاب من محيطها، وأصدر قراراً بوقف الحرب في غزة، وكلها لم تُنفذ»، وتابع: «هؤلاء الناس أُسد علينا نحن فقط، نحن دولة ذات سيادة ولن نسمح بأن يستضعفنا أحد أو يملي علينا ما لا نريده، لن نصادم العالم، لكنا بما لدينا من قوة لن نسلم رأسنا لأحد ليقودنا».


مقالات ذات صلة

«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

شمال افريقيا رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)

«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

أكد رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» السودانية، عمر حمدان، في مؤتمر صحافي أنهم لا يرفضون السلام، لكن هذا يتوقف على مبادرة جادة وبضمانات دولية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط مجلس الأمن في نقاشات حول مشروع قرار بريطاني لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال فوراً والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

علي بردى (واشنطن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
تحليل إخباري محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

تحليل إخباري بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

العنوان الأبرز لخطاب قائد «قوات الدعم السريع»، هو «الانتقال للحرب الشاملة، على عكس ما ذهب البعض لتفسيره بأنه إقرار بالهزيمة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أرشيفية لحميدتي (رويترز)

مصر تنفي اتهامات حميدتي بشن غارات على قواته

نفت مصر اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لها بشن ضربات جوية على قوات مجموعته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص القوني دقلو شقيق قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في مؤتمر بجنوب أفريقيا (إكس) play-circle 01:52

خاص ماذا نعرف عن شقيق حميدتي الذي عاقبته واشنطن؟

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على السوداني القوني حمدان دقلو، وهو الشقيق الأصغر لقائد «قوات الدعم السريع»، محمد دقلو، الشهير بـ(حميدتي).

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مناورة بحرية تسلّط الضوء على ملف «توحيد الجيش الليبي»

جانب من القوات المشاركة في التدريب العسكري بتونس (رئاسة أركان قوات غرب ليبيا)
جانب من القوات المشاركة في التدريب العسكري بتونس (رئاسة أركان قوات غرب ليبيا)
TT

مناورة بحرية تسلّط الضوء على ملف «توحيد الجيش الليبي»

جانب من القوات المشاركة في التدريب العسكري بتونس (رئاسة أركان قوات غرب ليبيا)
جانب من القوات المشاركة في التدريب العسكري بتونس (رئاسة أركان قوات غرب ليبيا)

أعادت مناورة بحرية إقليمية، أجريت في تونس، تسليط الضوء على ملف توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، المجمد منذ أعوام، بعد مشاركة قوتين تابعتين لـ«الجيش الوطني»، وحكومة «الوحدة» المؤقتة.

التمرين البحري «فينيكس إكسبرس» الذي انتهى منتصف الشهر الحالي، جاء بمشاركة القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا «أفريكوم» و12 دولة، هي الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا والسنغال وتركيا وإيطاليا ومالطا وبلجيكا وجورجيا، إضافة إلى تونس.

وفي خطوة رآها متابعون لا تخلو من دلالات، شاركت إحدى تشكيلات البحرية التابعة للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، مع نظيرتها في طرابلس في التمرين البحري، حسبما أعلنت قوات القيادة الجيش في شرق البلاد.

سفينة مشاركة في التدريب (متداولة)

وتعطلت اجتماعات توحيد الجيش الليبي، إثر أزمات سياسية، برغم أنها كانت قد قطعت شوطاً في سبيل إنهاء انقسام المؤسسة العسكرية بين شرق ليبيا وغربها.

وعدّ وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، العسكريين في بلده «كياناً واحداً»، معتقداً أن توحيد المؤسسة العسكرية «ربما يكون قريباً». من دون أن يقدم مبرراً لذلك.

وإذ يلفت البرغثي إلى أن هذه «المناورة هي الأولى بين العسكريين الليبيين من الجانبين»، فإنه يُذكّر «باتفاق سابق منذ أقل من عامين على تشكيل قوة مشتركة بمستوى لواء كحرس للحدود الجنوبية، لكنها لم تتشكل بعد».

ومنذ أقل من عامين، اتفق رئيسا أركان الجيش في شرق ليبيا وغربها: الفريق أول عبد الرازق الناظوري، والفريق أول محمد الحداد، على تشكيل هذه القوة المشتركة «كخطوة أولى لحماية الحدود»، بحضور قائد «أفريكوم» مايكل لانجلي خلال مؤتمر رؤساء الأركان الأفارقة في روما في مارس (آذار) 2023.

جانب من الوحدات التي شاركت في التدريب (رئاسة أركان غرب ليبيا)

ويتحدث المدير السابق لشؤون شمال أفريقيا في «مجلس الأمن القومي» الأميركي، بين فيشمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن رهان أميركي «على نجاح توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، بما يؤدي إلى تقليص الوجود الروسي في ليبيا».

وتزايدت التكهنات بشأن مسارات الاستراتيجية الأميركية نحو توحيد الجيش الليبي، علماً بأن التدريبات التي يرعاها «أفريكوم» شهدت زيارة أجراها السفير الأميركي بتونس والمنسق العام للتمرين البحري من «أفريكوم» للباخرة «الكرامة».

ويعول البرغثي، لـ«الشرق الأوسط»، على إجراء انتخابات رئاسية تفضي إلى رئيس منتخب يكون بمثابة القائد الأعلى للجيش الليبي في ظل دستور دائم للبلاد.

في هذه الأثناء، كان مثيراً لانتباه المراقبين، ظهور لافتات تحمل صور حفتر على متن السفينة «الكرامة» التابعة للقيادة العامة، التي شاركت في تدريبات تونس، علماً بأن قوات غرب ليبيا شاركت على متن باخرة أخرى تحمل «ابن عوف».

وحسب محللين، فإن العامل الضاغط على واشنطن في تحركاتها هو وجود مئات من المرتزقة التابعين لمجموعة «فاغنر» العسكرية في ليبيا، بحسب تقرير سري للأمم المتحدة عام 2020.

وسبق أن جدّدت واشنطن في يونيو (حزيران) الماضي دعمها الكامل للحلول التي يقودها الليبيون لتوحيد جيشهم، وفق بيان لسفارتها في ليبيا، وذلك إثر لقاء رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال تشارلز براون، مع الحداد والناظوري، في مؤتمر رؤساء الدفاع الأفارقة عام 2024، في عاصمة بوتسوانا غابورون.

تنسيق عملياتي خلال التدريب (رئاسة أركان غرب ليبيا)

ويعيد البرغثي التذكير بوعود عسكرية أميركية سابقة لليبيين بدعم تدريبي وعسكري، ويقول إنها «تبخرت بعد مقتل السفير كريستوفر ستيفنز في ليبيا عام 2013»، معرباً عن قناعته بأن الغرض الرئيسي من مناورات تونس هو «احتواء نفوذ موسكو المتزايد بعد إنشاء الفيلق الأفريقي الروسي في المنطقة».

وتزامن هذا التطور مع لفتة رمزية، احتفت بها صفحات رسمية تابعة للقيادة العامة، تمثلت بإهداء آمر القوات الخاصة البحرية في طرابلس «درعاً تذكارية» إلى نظيره من بنغازي في ختام التدريبات.