بدء محاكمة حميدتي وشقيقه غيابياً في السودان

بتهمة مقتل حاكم ولاية غرب دارفور

قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
TT

بدء محاكمة حميدتي وشقيقه غيابياً في السودان

قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدأت محكمة سودانية، يوم الأحد، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بالإضافة إلى 14 من قادة «الدعم السريع»، بتهمة قتل والي ولاية غرب دارفور، خميس أبكر، في يونيو (حزيران) 2023، وتصل العقوبة حال الإدانة إلى السجن المؤبد أو الإعدام.

وتُقاتل «قوات الدعم السريع» الجيش السوداني، منذ أبريل (نيسان) 2023، حيث سيطرت على العاصمة الخرطوم لنحو عامين، قبل أن يستعيدها الجيش مؤخراً.

واستمعت المحكمة، التي عُقدت في مباني الهيئة القضائية بمدينة بورتسودان الساحلية، برئاسة القاضي مأمون الخواض، لإفادة هيئة الاتهام التي تلاها النائب العام، الفاتح محمد طيفور، واصفاً قضيته بأنها «متماسكة ومهمة، وتؤكد الالتزام بعدم الإفلات من العقاب وسيادة حكم القانون».

وقُتل والي غرب دارفور في 14 يونيو 2023 بعد خطفه من قِبل «قوات الدعم السريع»، وأظهرت مقاطع فيديو جرى بثها على مواقع التواصل الاجتماعي حينها بأن جثته جرى التمثيل بها، قبل تركها في العراء.

وطلب النائب العام من المحكمة إيقاع «أقصى العقوبات» بالمتهمين، قائلاً: «جرت تصفية أبكر بدم بارد، بمشاركة نائبه تجاني الطاهر كرشوم، والتمثيل بجثته». وفور مقتله، أدانت بعثة الأمم المتحدة في السودان الحادث، ووصفته بـ«الشنيع»، ونسبت إلى شهود عيان أن الجريمة ارتكبتها «ميليشيات تنتمي لقبائل عربية مع (قوات الدعم السريع)».

وطالبت البعثة الأممية حينها بتقديم الجُناة بسرعة إلى العدالة، وعدم توسيع دائرة العنف في المنطقة بشكل أكبر، وناشدت الشعب السوداني عدم الانزلاق إلى دوامة خطاب الكراهية والاستقطاب العِرقي.

من جانبها، نفت «قوات الدعم السريع» مسؤوليتها عن مقتل الوالي، وعَدَّته تطوراً خطيراً وصراعاً بين المكونات القبلية المحلية، متهمة مَن وصفتهم بـ«متفلّتين» من العناصر القبلية بالمسؤولية عن الحادث، في حين وجَّه الجيش أصابع الاتهام إلى «قوات الدعم السريع».

سوابق مشابهة

نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار (إكس)

ولا تُعدّ محاكمة قادة «الدعم السريع» غيابياً الأولى ضد معارضي الحكومات السودانية المتعاقبة والمتمردين عليها، إذ كان، في مارس (آذار) 2014، قد صدر حكم بالإعدام غيابياً، في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، على 17 من قادة «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، أبرزهم رئيس الحركة، مالك عقار، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس السيادة. وكانت حركة عقار تحارب حكومة البشير في ذلك الوقت.

لكن بعد سقوط نظام البشير في أبريل 2019، ألغى «المجلس العسكري الانتقالي»، برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حكم الإعدام، ثم أصبح عقار عضواً في «مجلس السيادة الانتقالي» الذي تأسّس وفق «اتفاقية السلام» التي عقدها المجلس العسكري مع الحركات المسلّحة المناهِضة لنظام البشير.

وبعد اشتعال الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل 2023، أعفى البرهان نائبه «حميدتي» من منصبه، وعيَّن بديلاً عنه المتمرد السابق المحكوم عليه بالإعدام مالك عقار، نائباً لرئيس مجلس السيادة، في 19 مايو (أيار) 2023؛ أي بعد نحو شهر من اندلاع الحرب.

ووفقاً للمحامي والناشط الحقوقي حاتم إلياس، فإن «تاريخ السودان في ظل الأنظمة العسكرية، حافل بمثل هذه المحاكمات، إذ واجه الزعيمان الراحلان حسين الهندي والصادق المهدي محاكمات شبيهة إبان حكم الرئيسين جعفر النميري وعمر البشير».

وقال إلياس إن «ما يميز هذه المحاكمات غياب المتهم، والذي غالباً ما يكون شخصية معارضة، أو عدو صريح في معركة حربية، كما هي الحال بالنسبة لقائد (الدعم السريع) وشقيقه». وأوضح إلياس أن المحاكمة الغيابية تجري في «حالات استثنائية قليلة جداً، وغير مرتبطة برغبة سلطوية أو تصفية حسابات. فالمحاكمة الغيابية تعني حرمان المتهم من حقه الأصيل في الدفاع عن نفسه، أو على الأقل وجود محامٍ يمثله».

وتساءل: «أنا بصفتي محامياً أو أي محام آخر، هل أجرؤ على الذهاب إلى بورتسودان، وإعلان نفسي ممثلاً لحميدتي دون أن أُعرّض حياتي للخطر؟ فالبيئة المثالية التي تتيح لي ذلك منعدمة».


مقالات ذات صلة

ردود متباينة على تعيين إدريس رئيساً لوزراء السودان

شمال افريقيا كمال إدريس المرشح الرئاسي السابق في 12 أبريل 2010 (أ.ف.ب) play-circle 01:36

ردود متباينة على تعيين إدريس رئيساً لوزراء السودان

أثار قرار تعيين المرشح الرئاسي السابق، كامل إدريس، رئيساً للوزراء في السودان ردود فعل واسعة، بين مؤيد ورافض.

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي ذخائر غير منفجرة ملقاة على الأرض في أحد شوارع العاصمة 27 أبريل 2025 (رويترز)

الجيش السوداني يعلن إكمال سيطرته على الخرطوم

قال الجيش السوداني، أمس، إنه «أكمل سيطرته» على العاصمة الخرطوم و«سحق» قوات «الدعم السريع»، جنوب مدينة أم درمان، وذلك بعد معارك طاحنة، فيما لم يصدر أي تعليق.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا البرهان خلال زيارة سابقة لقاعدة «وادي سيدنا» الجوية بأم درمان (موقع الجيش على «فيسبوك»)

الجيش السوداني يعلن إكمال سيطرته على كامل ولاية الخرطوم

أعلن الجيش السوداني أنه اقتراب من إكمال سيطرته على «كامل ولاية الخرطوم»، لكن ذخائر وصواريخ غير منفجرة تملأ شوارع العاصمة السودانية تهدد العائدين.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا كامل إدريس رئيس وزراء السودان الجديد (متداولة على المنصات)

البرهان يعيّن رئيساً جديداً لحكومة السودان

أصدر رئيس «مجلس السيادة» السوداني، عبد الفتاح البرهان، اليوم (الاثنين)، مرسوماً دستورياً يقضي بتعيين كامل الطيب إدريس، رئيساً جديداً للحكومة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا حرب المسيَّرات في السودان دمَّرت كثيراً من المرافق العامة (رويترز)

حراك إقليمي ودولي لإحياء مفاوضات وقف حرب السودان

عاودت جهود إقليمية ودولية حراكها بشكل مكثف؛ سعياً لإحياء مبادرات إنهاء الحرب في السودان، بعد حالة من الجمود امتدت لأكثر من عام.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

ردود متباينة على تعيين إدريس رئيساً لوزراء السودان

TT

ردود متباينة على تعيين إدريس رئيساً لوزراء السودان

كمال إدريس المرشح الرئاسي السابق في 12 أبريل 2010 (أ.ف.ب)
كمال إدريس المرشح الرئاسي السابق في 12 أبريل 2010 (أ.ف.ب)

أثار قرار رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، الذي عيَّن بموجبه المرشح الرئاسي السابق، كامل إدريس، رئيساً للوزراء، ردود فعل واسعة، تراوحت بين القبول الخجول، والرفض الحاد، داخل التحالف المؤيد الجيش، وعلى المستويين المحلي والإقليمي.

وعدَّت أطراف من التحالف المؤيد للجيش، بمَن فيهم أنصار النظام السابق من الإسلاميين، تعيين الرجل تجاهلاً لأدوار الذين «قاتلوا» في صف الجيش، بينما دعا بعضهم للتريث في الحكم على الرجل. وعدّ رئيس حزب «المؤتمر الوطني» (الحاكم إبان عهد الرئيس المخلوع عمر البشير)، أحمد محمود هارون، اختيار الرجل «خطوة مهمة» لإعادة ترتيب البيت الداخلي، و«تتيح لمجلس السيادة وقيادة الجيش الاضطلاع بمهامهما الجسيمة». وأضاف مُرحِّباً، «بتكوين حكومة تضطلع بمهامها، تستكمل نصر الجيش، ومعالجة آثار الحرب الشديدة الوطأة على المواطن».

استنكار وغضب

لكن منتمين للتيار الإسلامي عارضوا بشدة تعيين الرجل، وعدوه «طعنةً في الظهر» لهم، حيث كانوا يتوقَّعون تعيين شخصية من بينهم في المنصب؛ بسبب مشاركتهم القتال مع الجيش. وقال القيادي الإسلامي الناجي عبد الله، في مقطع فيديو يتداول بصورة واسعة، إن تعيين الرجل «ليس بشارة خير»، واتهمه بالانتماء لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت)، الذي كان يرأسه رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، وأنه «ليس أقل سوءاً منهم»، وتابع: «أقال البرهان حمدوك، وأتى بآخر أسوأ منه، يحمل جواز سفر أميركياً، ويعيش في سويسرا»، وتساءل: «ألا يوجد رجال يملكون الإمكانات في السودان؟!. لماذا يُؤتي بشخص شيوعي وجمهوري ينتمي لـ(قحت)؟!».

ورحَّبت حركة «العدل والمساواة» بزعامة وزير المالية جبريل إبراهيم، بتعيين الرجل، وعدّته خطوةً مهمةً لإنهاء الفراغ التنفيذي المستمر لأكثر من 3.5 سنة، وخطوةً جوهريةً لاستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي، لكن القيادي في الحركة نفسها، إدريس لقمة، رفض تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء، وأعلن أنه سيقاوم تعيينه. وقال وفقاً لصفحته على منصة «فيسبوك»: «ماذا قدَّم كامل إدريس؟!». وأضاف: «لا يصلح أن يكون رئيس المجلس السيادي والوزراء من جهة واحدة» (يقصد أن البرهان وإدريس من الولاية الشمالية).

قرار دون قيمة

ووصف القيادي بـ«التيار الوطني» نور الدين صلاح الدين، (مجموعة معارضة)، تعيين الرجل بأنه خطوة تفتقر للشرعية السياسية، وتوقَّع ألا تجد القبول الداخلي والخارجي، الذي يستلزم «توافقاً عريضاً ناتجاً عن عملية سياسية شاملة». وقال: «الأجدى هو دعم حوار سوداني حقيقي، وتهيئة المناخ لذلك، وإيفاء البرهان لتعهده بخروج القوات المسلحة من الشأن السياسي».
مبارك الفاضل المهدي مع ريتشارد كراودر مبعوث الحكومة البريطانية الخاص إلى السودان (فيسبوك)
من جهته، وصف رئيس «حزب الأمة» القومي، مبارك الفاضل المهدي، في تدوينة على منصة «فيسبوك»، أي تعيينات وتغييرات في المناصب الحكومية بأنها دون قيمة حقيقية، ما لم يتحقَّق السلام وتستعاد الشرعية، وقال: «لا قيمة لأي تعيينات في ظل الحرب وغياب الشرعية والسلام واستعادة الثورة»، ودعا لما أسماه «اتخاذ قرارات حكيمة وسريعة تستجيب لنداءات المجتمع الدولي والضمير الإنساني، بوقف الحرب والحفاظ على كيان الدولة السودانية».
فيما وصف نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي تعيين كامل رئيساً للوزراء بأنه غير شرعي، و«عودة لما قبل الثورة السودانية».

ترحيب أفريقي

من جهته، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمد علي يوسف، في بيان بثه الموقع الرسمي للمفوضية، إنه أحيط علماً بتعيين إدريس رئيساً للوزراء في السودان، وعدّ اختياره تطوراً مهماً، وخطوةً نحو الحكم المدني الشامل. وأبدى أمله في أن يسهم في جهود استعادة النظام الدستوري والحكم الديمقراطي في السودان.
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمد علي يوسف (إكس)
ودعا يوسف من قال إنهم «أصحاب المصلحة السودانيون» لمضاعفة الجهود نحو انتقال سلمي وبقيادة مدنية، يعكس تطلعات الشعب، وقال: «المفوضية تظل مستعدة لدعم السودان في هذا الصدد، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين».
وأكد التزام الاتحاد الأفريقي الراسخ بوحدة السودان وسيادته واستقراره، والسعي إلى إيجاد حل سياسي دائم يضمن السلام والتنمية والحكم الديمقراطي لجميع السودانيين.
وكان الاتحاد الأفريقي قد جمَّد عضوية السودان، على خلفية انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وظلت عضوية الحكومة مجمَّدة في المنظمة الإقليمية منذ ذلك الوقت.
يذكر أن رئيس الوزراء المُعيَّن كامل إدريس، شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو)، والأمين العام للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف).
كمال إدريس المرشح الرئاسي السابق في 12 أبريل 2010 (أ.ف.ب)
حصل إدريس على بكالوريوس الفلسفة من جامعة القاهرة (فرع الخرطوم)، وبكالوريوس القانون من جامعة الخرطوم، وماجستير في القانون الدولي من جامعة أوهايو الأميركية ودكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف السويسرية.
عمل أستاذاً للفلسفة بجامعة القاهرة، والقضاء في جامعة أوهايو، والقانون الدولي والملكية الفكرية بجامعة الخرطوم، وسفيراً في وزارة الخارجية السودانية. وترشَّح إدريس لرئاسة الجمهورية ضد الرئيس السابق عمر البشير في الانتخابات التي جرت عام 2010، لكنه لم يحصل على أصوات تؤهله للمنصب. وتم تعيينه رئيساً للوزراء، بعد نحو أسبوعين، من تكليف السفير دفع الله الحاج رئيساً للوزراء، دون تقديم تفسير لإلغاء تكليف الرجل، وتعيين إدريس مكانه.