العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

الحلبوسي دعمه «مضطراً»... والمالكي مرر «صديقه القديم»

TT

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز)
رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز)

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

كان المشهداني قد فاز بالمنصب بعد جولتي اقتراع، في 31 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، شهدت ضغوطاً سياسيةً لترجيح كفته على منافسه سالم العيساوي، الذي رفض الانسحاب من السباق من الجولة الأولى.

وفرضت الأعراف السياسية المعمول بها في العراق منذ عام 2003 أن يكون منصب رئيس البرلمان من حصة المكون السني، بينما يحصل الشيعة على رئاسة الحكومة، والكرد على رئاسة الجمهورية.

أجندة المشهداني

بعد انتخابه مباشرة، قال المشهداني، في تصريح صحافي، إنه «مستعد للعمل ضمن فريق متجانس لإكمال الاستحقاقات التشريعية».

وأضاف المشهداني: «سأبذل قصارى الجهد لتشريع القوانين التي تخدم البلاد، ولمراقبة أداء الحكومة وبرنامجها الذي قدمته لمجلس النواب إبان المصادقة عليها، وخلال الفترة المتبقية من عمرها للوصول إلى أفضل النتائج المرجوة».

وتعهد المشهداني بـ«رفع الأداء التشريعي والرقابي في المرحلة المقبلة، بسبب عدد القوانين المتراكمة في اللجان النيابية»، مشدداً على «التنسيق مع كافة مؤسسات الدولة لتفعيل تلك القوانين والوقوف على المشكلات والعراقيل التي تحول دون تنفيذها وإيجاد الحلول الناجعة لها».

وبشأن التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، انتقد المشهداني ما وصفه بـ«الصمت الدولي تجاه الإبادة البشرية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعبين، اللبناني والفلسطيني».

من جانبه، قال رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، في بيان صحافي، إن انتخاب المشهداني «خطوة تصبّ في استكمال خدمة العراقيين»، وشدد على «مواصلة الحكومة تنفيذ برنامجها الخدمي التنموي، بالتعاون الكامل مع السلطات الدستورية، في مقدمتها البرلمان».

وكان الاعتقاد سائداً بأن السوداني يميل إلى فوز سالم العيساوي بمنصب رئيس البرلمان، على خلفية انقسام بينه وبين قوى «الإطار التنسيقي».

لكن رئيس منظمة «بدر» هادي العامري قال في تصريحات صحافية، إن «السوداني أسهم في إنجاح جلسة انتخاب المشهداني».

زعيم حزب «تقدم» محمد الحلبوسي ورئيس «منظمة بدر» هادي العامري يتوسطان نواباً عراقيين بعد انتخاب المشهداني (إكس)

بدوره، قال زعيم حزب «تقدم»، محمد الحلبوسي، وهو رئيس البرلمان السابق بعد إقالته في نوفمبر 2023، إنه «يدعم المشهداني لأداء مهامه الدستورية»، وأكد على «ضرورة إكمال ورقة الاتفاق السياسي (التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية) وتشريع القوانين التي تضمنتها».

ولم يكن الحلبوسي داعماً لترشيح المشهداني لكنه اضطر إلى ذلك بتوافق نادر مع زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، «صاحب اليد الطولى» في تمرير المشهداني «صديقه القديم»، وفقاً لسياسيين عراقيين.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الحلبوسي ذهب إلى خيار المشهداني لقطع الطريق على المرشح سالم العيساوي.

كان الحلبوسي قد صرح في مقابلة تلفزيونية بعد جلسة الانتخاب بأن «قوى الإطار التنسيقي قالت له (تريد غزال أخذ أرنب) فوافقت على المشهداني».

نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

كواليس انتخاب المشهداني

حينما انتهت الجولة الأولى دون حسم بين المشهداني والعيساوي، اضطر البرلمان إلى جولة ثانية لحسم الفائز الذي كان يجب أن يحصل على «نصف زائد واحد» من أعضاء البرلمان، انقلبت المعادلة مع وصول قادة الأحزاب إلى مقر البرلمان.

كان المالكي والحلبوسي أبرز من حضر، وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إنهما ضغطا بشدة للتأكد من أن نوابهما، الشيعة والسنة، سيصوتون لصالح المشهداني.

وقال السياسي العراقي مشعان الجبوري، في تصريح متلفز، إن «رؤساء الكتل جلسوا عند السلم المؤدي لمنصة التصويت في القاعة، وكانوا يطالبون النواب بإظهار أوراق التصويت لكي يتأكدوا من تصويتهم للمشهداني».

وأوضح الجبوري أن «العيساوي أبلغه بأن عدد المصوتين له سينخفض خلال الجولة الثانية بسبب تصرف رؤساء الكتل» بعدما كان «مصراً على مواصلة السباق رغم المغريات والعروض لكي ينسحب».

وأفاد الجبوري بأن انتخاب رئيس البرلمان «حُسم مسبقاً باجتماع في منزل المالكي حضره عمار الحكيم وهادي العامري والمشهداني والحلبوسي».

ووفقاً للجبوري، فإن «المشهداني رشح نفسه بشكل منفرد وكان يحظى بدعم المالكي منذ البداية، وتمكن من إقناع (قوى الإطار) لمنع وصول مرشح يحظى بدعم السوداني، فضلاً عن كونه مدعوماً من إيران بشكل واضح منذ بدء العملية السياسية».

على هذا الأساس، والحديث للجبوري، فإن رئيس البرلمان الجديد «تعهد بتغيير قانون الانتخابات، وتمرير قانون الأحوال الشخصية رغم توصية المجمع الفقهي السني بعدم التصويت عليه».


مقالات ذات صلة

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تخشى بغداد أن يعيد «داعش» تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يعلن استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء الخميس أن البعثة الدبلوماسية العراقية «فتحت أبوابها وباشرت مهامها في دمشق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي صورة متداولة لحافلات سورية وصلت إلى الحدود العراقية لنقل الجنود

بغداد تعيد المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع دمشق

أعلنت السلطات العراقية، اليوم الخميس، أنها باشرت إعادة المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم.

حمزة مصطفى (بغداد)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
TT

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة، إذ لا تزال القوى كلها في مرحلة جس بعضها نبض بعض، من خلال طرح أسماء معينة من دون نجاح أي اسم حتى الساعة في تأمين الأصوات النيابية اللازمة للعبور إلى القصر الرئاسي، خصوصاً أن البرلمان سيجتمع في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس.

وعاد مؤخراً إلى الواجهة الكباش بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بحيث يسعى كل منهما إلى أن يكون المرجعية المسيحية في هذا الملف من دون إسقاط احتمالية التلاقي والتقاطع من جديد بينهما على اسم مرشح معين، كما حصل عند تقاطعهما على اسم الوزير السابق جهاد أزعور.

ومنذ فترة يحاول باسيل التفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على اسم مرشح يقطع من خلاله الطريق على ترشيح؛ خصميه اللدودين رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون. ويبدو أنه تم التوصل إلى تقاطع بينهما على اسمين أو ثلاثة. وفي الوقت نفسه، هناك خطوط مفتوحة بين بري وجعجع للهدف نفسه، إلا أنه لا يبدو أن الطرفين تقاطعا على أحد الأسماء.

ويتصدر راهناً السباق الرئاسي قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي أعلن «اللقاء الديمقراطي» الذي يتزعمه النائب والوزير السابق وليد جنبلاط تأييده له، والذي يؤيده أيضاً عدد من النواب المستقلين، كما يحظى بدعم أميركي واضح. إضافة إلى أسماء أخرى يتم التداول بها؛ أبرزهم المدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري، في وقت يميل فيه جعجع لتأييد شخصية بخلفية اقتصادية، إلا أنه حتى الساعة لم يعلن عن دعمه لأي من الأسماء.

تقاطع ممكن

ولا ينفي النائب في تكتل «الجمهورية القوية» غياث يزبك، أن التنافس التاريخي بين «القوات» و«التيار» على المرجعية المسيحية لطالما كان قائماً، «لكن وبعد انتخابات 2022 أصبحت المنافسة خلفنا بعدما أكدت نتائجها أن (القوات) باتت هي المرجعية المنفتحة على علاقات عابرة للطوائف مع كل القوى»، لافتاً إلى أنه «وبمقابل مسار بناء الدولة الذي يسلكه حزب (القوات)، كان باسيل ولا يزال يسلك مساراً يناقض مشروع الدولة. لكن ذلك لا يمنع التلاقي والتقاطع راهناً على اسم رئيس يحقق مصلحة لبنان، كما تقاطعنا على اسم الوزير السابق جهاد أزعور».

ويشير يزبك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «قناة التواصل موجودة مع (التيار)، كما مع باقي القوى لانتخاب شخصية لا تشكل تحدياً لأحد، لكن بالوقت نفسه لا تكون رمادية ومن دون طعم ولا لون». ويضيف: «لكن على القوى الأخرى أن تقترب من مواصفاتنا لرئيس يحترم المتغيرات الحاصلة في لبنان والمنطقة، وذلك لا يعني أن هناك من يسعى للاستقواء على (حزب الله) بوصفه طرفاً مهزوماً».

استعجال جنبلاط

وعن تبني جنبلاط ترشيح العماد عون، يقول يزبك: «لم يستفزنا ذلك، لكننا استغربنا الاستعجال باعتبار أننا كنا نفضل إنضاج العملية لتكون خارجة من إجماع وطني أو من أرجحية وطنية»، مضيفاً: «عون ليس مرشحنا، ولكن ذلك لا يعني أنه لا يستحق أن يكون رئيساً. نحن قادرون حتى على اختياره وانتخابه».

«لا مرجعية مسيحية»

بالمقابل، يعدّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور، أنه «ليست هناك مرجعية مسيحية واحدة، إنما هناك مرجعيات مسيحية، لذلك فالكباش أو الاتفاق يكون ضمن التوازنات القائمة التي لا يمكن لأحد فيها إلغاء الآخر»، لافتاً إلى أنه «كما تم في السابق التقاطع على جهاد أزعور، فلا شيء بالتالي يمنع الاتفاق مجدداً، إلا إذا كانت هناك رغبة مستورة لدى (القوات) بتمرير جلسة 9 يناير من دون الاتفاق الواسع على مرشح يصبح رئيساً نتيجة تأييد واسع لشخصه».

وعن موقف جنبلاط، يقول جبور لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعدّ الموقف الجنبلاطي الجديد تكتيكياً أكثر منه استراتيجياً، ويعبر عن اللحظة السياسية التي يعيشها، وبكل الأحوال هو تغيير عن المواقف السابقة التي كانت تعدّ الاتفاق المسيحي مدخلاً لأي تأييد انتخابي، ولكن يبقى هذا التأييد حقاً للاشتراكي وهو حرٌّ فيه».

الراعي: فراغ «مخزٍ»

وفي عظة الأحد، تحدث البطريرك الماروني بشارة الراعي عن تطلع اللبنانيين إلى 9 يناير، لانتخاب رئيس بعد الفراغ «المخزي». وقال: «نصلي لانتخاب الرئيس المناسب لهذه المرحلة».

وأضاف الراعي: «إننا نتطلع إلى رئيس يؤمن بالمؤسسات، وقادر على العمل من أجل النهوض الاقتصادي ويصنع الوحدة الداخلية بين المواطنين».