علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل

يخفض الوزن ويحوّل الدهون السيئة إلى جيدة

علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل
TT

علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل

علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل

كشفت أحدث دراسة ناقشت التأثير الخطير للسمنة على صحة الأطفال عن الدور المهم للعلاج الجيني، في تقليل خطر الإصابة بمشكلات صحية أخرى مرتبطة بزيادة الوزن، خصوصاً التهاب المفاصل «arthritis»، وذلك من خلال استخدام طريقة جديدة لتحويل الأحماض الدهنية الضارة إلى أحماض دهنية مفيدة.

ونُشرت الدراسة في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (Proceedings of the National Academy of Sciences) في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الاول) من العام الحالي، لباحثين من مستشفى «شراينرز للأطفال» بسانت لويس (Shriners Children's St. Louis) بالولايات المتحدة.

مخاطر السمنة الصحية

أوضح الباحثون أن خط العلاج الأول في التهاب المفاصل هو الحماية من زيادة الوزن، لأن ثقل الجسم يضغط على المفاصل ويساعد في تفاقم الالتهاب. ولذلك قام الفريق البحثي على مدار 4 سنوات بمحاولة إيجاد طريقة لمنع آثار السمنة على الأطفال.

وتبعاً لـ«مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية» (CDC) فإن ما يقرب من 20 في المائة من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة، بما في ذلك التهاب المفاصل وأمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني، واضطرابات الطعام والسكتة الدماغية بجانب آثارها السلبية على الصحة النفسية.

وقال الباحثون إن نوعية الطعام وليست فقط كميته هي التي تؤثر بالسلب على صحة الجسم. كما أن طبيعة النظام الغذائي للطفل يمكن أن تمثل ضرراً بالغاً عليه، إذ تلعب نوعية الأحماض الدهنية التي يستهلكها الأطفال دوراً مهماً في زيادة الوزن بغض النظر عن كميات الطعام ما يفسر سر سمنة بعض الأطفال الذين لا يتناولون كميات كبيرة من الطعام، أو الذين يتناولون وجبة واحدة فقط.

وتعتمد التقنية الجديدة التي تم استخدامها في فئران التجارب، على العلاج الجيني عن طريق استخدام فيروس غير نشط (adeno-associated virus) يقوم بتوصيل الجين لإنزيم معين في خلايا الجسم، ويقوم بتحويل أحماض «أوميغا 6» الدهنية (التي تلعب دوراً مهماً في الالتهاب) إلى أحماض دهنية جيدة «أوميغا 3» بشكل تلقائي مما يساعد في حماية الجسم من الالتهابات ويقوي مناعته.

وأوضح العلماء أن تناول الأطعمة التي تحتوي على أحماض «الأوميغا 6» بشكل طبيعي لا يؤثر على الصحة، ولكن الإفراط في تناولها يمنع «الأوميغا 3» من العمل. وفي الأغلب توجد «الأوميغا 6» بنسب كبيرة جداً في الزيوت النباتية مثل زيت الذرة وزيت عباد الشمس. وتدخل هذه الزيوت في تصنيع معظم الأطعمة الجاهزة والأطعمة المقلية والحلويات المصنعة، وتؤدي إلى تفاقم الالتهاب بشكل عام والتهاب المفاصل بشكل خاص. ولذلك من الضروري حفظ التوازن بين أحماض «أوميغا 6» الدهنية وأحماض «أوميغا 3» الجيدة لصحة الجسم. ولكن نظراً لانتشار الثقافة الغذائية الخاطئة التي تعتمد على الوجبات السريعة والأغذية غير الصحية يحدث الخلل في التوازن مما يؤدي إلى التهاب المفاصل.

العلاج الجيني قلل الالتهابات

وقال الباحثون إن العلاج الجيني تمكن من خفض عدد الخلايا المسؤولة عن الالتهابات، وبشكل خاص خفض نوعاً معيناً من التهاب المفاصل يُطلق عليه (التهاب مفاصل ما بعد الصدمات - post-traumatic arthritis). وهذا النوع شائع جداً بين الأطفال نتيجة لكثرة التصادم بسبب اللعب والمشاجرات والتدافع.

ويحدث في الأغلب بمفصل الركبة ويسبب تمزقاً في نسيج الغضروف المفصلي، ويسبب ألماً شديداً للطفل وتورماً في المفصل وعدم القدرة على الحركة، وفي بعض الأحيان النادرة على المدى الطويل يمكن أن يحدث تيبس في المفصل.

ووجد الفريق البحثي أن حقنة واحدة من العلاج الجيني في فئران التجارب قللت بشكل كبير من آثار النظام الغذائي الغني بالدهون و«الأوميغا 6» على صحة الجسم بشكل عام والتهاب المفاصل في الركبة بشكل خاص. وكان من المثير للاهتمام اكتشاف أن السمنة الناتجة عن النظام الغذائي تؤدي إلى ما يمكن اعتباره شيخوخة مبكرة لمفصل الركبة ما يؤدي إلى خشونتها وفقدان مرونتها.

كما لاحظوا أيضاً أن المفاصل في الفئران تعافت بشكل سريع جداً. وتبعاً للدراسة تزيد السمنة من التغيرات التي تحدث في مفاصل الركبة، وتؤدي إلى عجزها المبكر كلما كان العمر صغيراً ما يوضح ضرورة علاج السمنة مبكراً حتى يمكن تجنب هذه المخاطر.

20 % من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة

تحويل الدهون السيئة إلى مفيدة

أكد العلماء أن الميزة الأكبر في العلاج الجيني الذي تم تطويره هي أنه يعمل في الجسم بشكل تلقائي بدون أدوية مكملة، أو أي إجراءات أخرى على تحويل أحماض «أوميغا 6» إلى أحماض «أوميغا 3» ما يحوّل الدهون السيئة إلى دهون جيدة، ويعمل على إعادة التوازن بينهما، ما يجعله مثالياً في حالة استخدامه على الأطفال، خصوصاً صغار السن، لأنه لا يحتاج إلى احتياطات خاصة، أو طريقة معينة لتناوله بترتيب زمني معين بعكس معظم العلاجات التي تعتمد بشكل أساسي على النظم الغذائية والرياضة والأدوية.

نصح الباحثون بضرورة تناول كميات كافية من «الأوميغا 3» في الجسم، لأنه يزيد من مستويات الدهون عالية الكثافة (الجيدة) لإعادة التوازن بينه وبين «أوميغا 6» عن طريق الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة منه مثل زيت الزيتون والمكسرات والأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون، نظراً لدوره الكبير في حماية الجسم من الالتهابات ورفع المناعة وزيادة حساسية الإنسولين، والحماية من الإصابة بأمراض القلب وتقوية الذاكرة.

وقال الباحثون إن نتائج هذه الدراسة مهمة جداً وتعطي أملاً كبيراً في حماية ملايين الأطفال من مضاعفات السمنة، وبشكل خاص التهاب المفاصل في المستقبل القريب مع بدء التجارب السريرية على الأطفال.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تؤكد وضع الرعاية الصحية على رأس أولوياتها

شمال افريقيا جانب من جولة مدبولي بالسويس (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية تؤكد وضع الرعاية الصحية على رأس أولوياتها

أكدت الحكومة المصرية وضع «الرعاية الصحية» على رأس أولوياتها في برنامجها الحالي، وشدّدت على حرصها على تطبيق «منظومة التأمين الصحي الشامل» بجميع المحافظات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم يتحدث خلال مشاركته على هامش أعمال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن (وزارة الاقتصاد)

وزير الاقتصاد السعودي: «رؤية 2030» تقود تحولاً جذرياً يعيد تعريف منهجيات الصحة والتعليم

قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم إن «رؤية 2030» تقود تحولاً جذرياً يعيد تعريف المنهجيات المتعلقة بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الانزلاق الغضروفي: 10 معلومات حول التعامل الطبي مع حالاته

الانزلاق الغضروفي: 10 معلومات حول التعامل الطبي مع حالاته

تضمنت إحدى الاستشارات الواردة إلى بريد «استشارات»، أسئلة من رجل يقترب عمره من 80 عاماً أصيب بانزلاق غضروفي مؤلم جداً بسبب انضغاط جذور أعصاب الطرف السفلي للجسم.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الكشف المبكر والفحص الجيني يقيان من سرطان الثدي

الكشف المبكر والفحص الجيني يقيان من سرطان الثدي

شهر أكتوبر (تشرين الأول) شهر التوعية بسرطان الثدي عالمياً، يتم فيه تسليط الضوء على هذا المرض الخطير الذي يُعدّ أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء حول العالم

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك هل يوجد رابط بين الصداع النصفي وأمراض القلب والأوعية الدموية؟

هل يوجد رابط بين الصداع النصفي وأمراض القلب والأوعية الدموية؟

ما القاسم المشترك بين أمراض القلب والأوعية الدموية والصداع النصفي؟

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)

لاصقة ذكية تُحارب العدوى البكتيرية على الجلد

اللاصقة تعالج العدوى بطريقة خالية من الأدوية (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
اللاصقة تعالج العدوى بطريقة خالية من الأدوية (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
TT

لاصقة ذكية تُحارب العدوى البكتيرية على الجلد

اللاصقة تعالج العدوى بطريقة خالية من الأدوية (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
اللاصقة تعالج العدوى بطريقة خالية من الأدوية (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)

طوّر باحثون في جامعتي «شيكاغو» و«كاليفورنيا سان دييغو» بالولايات المتحدة، لاصقة ذكية لمكافحة العدوى البكتيرية الجلدية.

وأوضحوا أنّ هذه اللاصقة تعالج العدوى بطريقة خالية من الأدوية؛ ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «ديفايس».

وتحدُث العدوى البكتيرية الجلدية عندما تدخُل البكتيريا، مثل المكورات العنقودية أو العقدية، إلى الجلد، مما يتسبّب في التهاب المنطقة المصابة.

وتظهر أعراضها عادةً في شكل إحمرار، وتورّم، وألم، وقد تترافق مع ظهور صديد أو تقرّحات. في بعض الحالات، يمكن أن تؤدّي العدوى إلى حمّى أو مضاعفات أكثر خطورة، خصوصاً إذا كانت عميقة أو انتشرت إلى مناطق أخرى من الجسم.

وتعمل اللاصقة الإلكترونية المرنة من خلال تقنية تُسمّى «التحفيز الكهربائي»، إذ تتضمّن مواد قادرة على إصدار إشارات كهربائية خفيفة.

وتُرسَل هذه الإشارات إلى البكتيريا على الجلد، مما يؤدّي إلى تغيير سلوك البكتيريا بشكل مؤقت.

ومن خلال «التحفيز الكهربائي»، يُقلّل نشاط الجينات الضارة للبكتيريا؛ مما يعوق نموها ويقلّل من قدرتها على التسبُّب في العدوى.

وأشار الباحثون إلى أنّ اللاصقة تُساعد في منع تكوين الأغشية الحيوية، وهي تجمّعات من البكتيريا التي يمكن أن تؤدّي إلى عدوى خطيرة، مما يجعل العلاج أكثر فاعلية من دون الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية.

وفي الاختبارات السريرية الأوّلية، أظهرت اللاصقة نتائج ملحوظة، إذ حقّقت تقليصاً يصل إلى 10 أضعاف في استعمال البكتيريا على جلد الخنازير.

وعبَّر الباحثون عن تفاؤلهم بأنّ هذه اللاصقة يمكن أن تُستخدم قريباً في البيئات السريرية، خصوصاً للمرضى الذين يعانون جروحاً مزمنة أو الذين لديهم غرسات طبية.

ونوّهوا بأنّ هذا النهج المبتكر يستهدف معالجة الحاجة الملحّة لطرق جديدة لمكافحة العدوى المقاومة للمضادات الحيوية، التي تمثّل مصدر قلق متفاقماً لسلامة المرضى وأنظمة الرعاية الصحّية على مستوى العالم. ووفقاً للتقارير الأخيرة، يقدّر الأطباء أنّ العدوى المقاومة للأدوية ستتكاثر بنسبة 70 في المائة بحلول عام 2050، مما يجعل تطوير خيارات مبتكرة لمحاربتها أمراً أساسياً لحماية الصحة العامة.