الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

المسرح... بين تعزيز الاقتصاد ومعالجة الأزمات

أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)
أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)
أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

شهدت اقتصادات المسرح والفنون الأدائية في السعودية نمواً ملحوظاً، بفضل «رؤية 2030» الهادفة إلى تعزيز الاقتصاد غير النفطي. وتشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي، وهي نسبة يُتوقع تناميها تدريجياً في ظل استمرار توسع الفعاليات المسرحية والأنشطة الترفيهية، ما يعكس النمو المستدام بهذا القطاع.

ويتجلى أثر هذا النمو في الاقتصاد المحلي بتأثيرات مباشرة وغير مباشرة، ومنها الإيرادات المتزايدة، وفرص العمل المتاحة؛ بالإضافة إلى تحفيز القطاعات المرتبطة بالصناعات الثقافية.

ويلعب المسرح دوراً حيوياً في معالجة القضايا الاجتماعية، ويظهر كيف يمكن للفن أن يكون أداة للتغيير والإصلاح.

الدكتورة نوف الغامدي عضو الاتحاد الدولي لأبحاث المسرح بجامعة كامبردج (الشرق الأوسط)

المسرح... اقتصاد

تقول عضو الاتحاد الدولي لأبحاث المسرح بجامعة كامبردج، الدكتورة نوف الغامدي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن المسرح يولَد من رحم الأزمات، ويعالج القضايا الاجتماعية، فهو عمل بسيط يعالج قضايا عظيمة. والإصلاح الاقتصادي وهندسة المجتمع وجهان لعملة واحدة... المسرح ليس مجرد فن، ولكنه اقتصاد ينبض بحد ذاته، وله أثر اقتصادي مباشر من خلال تحقيق إيرادات وخلق فرص عمل سنوية من 20 ألف وظيفة إلى 30 ألفاً، وأثر غير مباشر من خلال دعم القطاعات الاقتصادية الأخرى كالسياحة وقطاع الخدمات والسفر والضيافة والمطاعم وغيرها».

كلام الدكتورة نوف الغامدي جاء على هامش أمسية «اقتصاد المسرح»، التي أقيمت على مسرح نادي فِنِك في حي جميل بجدة، والتي شاركت فيها أيضاً المستشارة الثقافية والكاتبة الدكتورة زينب الخضيري، بالإضافة إلى الرئيس الإقليمي في «لينك (link Advisory)»، جهاد الحويك.

وشرحت الغامدي أنه جرى بناء وتحديث 263 مسرحاً في مختلف أنحاء المملكة حتى عام 2023، بما فيها مسارح خاصة بالعروض الكبرى، مما يدعم؛ ليس فقط تقديم الفعاليات الفنية، ولكن أيضاً تطوير قطاعات دعم، مثل إدارة الفعاليات والخدمات اللوجستية. وأشارت إلى أنه مِن شأن هذا التوسع في البنية التحتية أن يعزز جاذبية المدن السعودية بوصفها مراكز ثقافية، مما يضاعف الاستثمار في تطوير الفنون الأدائية، ويزيد من جذب المستثمرين المحليين والدوليين.

تحديات وحوكمة

وعن أبرز التحديات، التي يواجهها اقتصاد المسرح في السعودية، أوضحت الدكتورة الغامدي أن عدداً من المنظمات غير الربحية تواجه تحديات تتعلق بالتمويل المستدام، إضافة إلى نقص الكوادر المسرحية المتخصصة، مشيرةً إلى أنه مع زيادة عدد المنظمات برزت الحاجة لهيكلة تنظيمية أفضل، وتطوير لوائح تنظيمية تحكم عمل هذه المنظمات.

وأشارت إلى أن كثيراً من المنظمات غير الربحية تعاني قلة الموارد التسويقية، وعدم القدرة على الوصول إلى جمهور واسع، وعلى الرغم من الجهود المبذولة في تطوير البنية التحتية، فإن بعض المدن السعودية لا تزال تفتقر إلى عدد كافٍ من المسارح المجهزة بأحدث التقنيات، مما يؤثر على قدرة المنظمات على تقديم عروض مسرحية متميزة ومتنوعة.

مشاركة للفنان السعودي عماد اليوسف أثناء أمسية اقتصاد المسرح (الشرق الأوسط)

من جهتها، تحدثت الدكتورة زينب الخضيري عن التحديات التي تواجه المسرح، مثل عدم وجود استراتيجية وطنية لتنشيط المسارح، إضافة إلى أن البنية التحتية لا تتواءم مع مسمى مسرح حتى الآن، كما أن الخدمات الفنية من كوادر وتجهيزات تحتاج للمزيد من شركات الإنتاج الفني المحترفة، بخلاف ضعف السيناريوهات، وعدم وجود عدد كافٍ من المخرجين المسرحيين المتخصصين.

وأكد الحويك، من جهته، أهمية تمكين القيادات المسرحية ورفع كفاءتها، والحاجة لإنشاء معاهد متخصصة تبدأ باكتشاف المواهب المسرحية بأعمار صغيرة، وتنمية مهاراتها على فترات طويلة، وإرشادها إلى الاختصاص الأنسب، ضمن إطار اقتصاد المسرح، وإمكانية الاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال.

وشدد على أهمية تنظيم مهرجانات دولية للمسرح بالمملكة، ومشاركة المسرح السعودي على الصعيد الخارجي، بما يسمح للكفاءات السعودية بالتطور عبر رفع مستوى تنافسيتها، إضافة إلى أهمية التسويق، وبناء علامات تجارية شخصية لبعض العاملين بالقطاع المسرحي، مما يسهم في استقطاب الجمهور.

أثر اقتصادي

وعن سبب غياب الأرقام والإحصائيات عن قطاع المسرح في السعودية، قالت الدكتورة نوف الغامدي: «للأسف، لا توجد بيانات دقيقة وكاملة حول الأثر الاقتصادي المباشر وغير المباشر لقطاع المسرح والفنون الأدائية في السعودية. فقطاع المسرح والفنون الأدائية في السعودية ناشئ نسبياً، ويجري تطويره بشكل كبير في السنوات الأخيرة، كما أنه لم يتم إجراء كثير من الدراسات الشاملة والعميقة لقياس الأثر الاقتصادي لهذا القطاع بشكل محدد، فالأثر الاقتصادي للفنون يمتد إلى مجالات متعددة يصعب حصرها في رقم واحد، مثل السياحة، والتعليم، والتوظيف، والإنتاج، وغيرها».

وأشارت إلى وجود حاجة لجمع وتحليل مجموعة من الإحصاءات والمعلومات المهمة التي يمكن أن توفر صورة شاملة ودقيقة عن حالة السوق والفرص المتاحة، قائلةً إن وجود إحصاءات دقيقة عن قطاع المسرح ضروري لبناء قاعدة قوية تسهم في جذب المستثمرين والقطاع الخاص، مما يدعم تطوير هذا القطاع الحيوي، ويعزز دوره في الثقافة والاقتصاد، ويعزز قدرة المستثمرين على تحديد الفرص الاستثمارية، وقياس العائد على الاستثمار، وتوجيه الاستثمارات نحو جمهور مستهدَف، وأخيراً تقييم مخاطر الاستثمار.


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

«التصدير والاستيراد» السعودي يوقّع اتفاقية تسهيلات ائتمانية بـ50 مليون دولار مع «دي إل هدسون»

خلال توقيع اتفاقية التسهيلات الائتمانية (واس)
خلال توقيع اتفاقية التسهيلات الائتمانية (واس)
TT

«التصدير والاستيراد» السعودي يوقّع اتفاقية تسهيلات ائتمانية بـ50 مليون دولار مع «دي إل هدسون»

خلال توقيع اتفاقية التسهيلات الائتمانية (واس)
خلال توقيع اتفاقية التسهيلات الائتمانية (واس)

أبرم بنك التصدير والاستيراد السعودي اتفاقية تسهيلات ائتمانية بقيمة 50 مليون دولار مع شركة «دي إل هدسون» المحدودة، تهدف إلى تنمية الصادرات السعودية غير النفطية، من خلال ربط المصدّرين المحلّيين بالمشترين الدوليين في أكثر من 22 سوقاً حول العالم.

ويقدّم بنك التصدير والاستيراد بموجب الاتفاقية عبر منتج تمويل المشتري الدولي، التمويلَ لشركة «دي إل هدسون» المحدودة لشراء المنتجات السعودية، وبيعها إلى عملائها في مختلف الأسواق، ووقّع الاتفاقية كلٌّ من مدير الإدارة العامة للتمويل في بنك التصدير والاستيراد السعودي المهندس عبد اللطيف الغيث، والرئيس التنفيذي للعمليات في شركة «دي إل هدسون» المحدودة مويسس بورتيلّو، وذلك في العاصمة البريطانية لندن.

وأوضح المهندس عبد اللطيف الغيث أن هذه الاتفاقية تأتي ضمن مساعي البنك لتوفير حلول تمويلية تُسهم في تنمية الصادرات السعودية غير النفطية، وتعزيز تنافسيتها في الأسواق العالمية، مؤكداً أن الاتفاقية «ستُسهم في تنمية حركة التصدير لعدد من القطاعات الاقتصادية الوطنية، وإيجاد فرص تجارية جديدة للمصدّرين المحليين، من خلال ربطهم بالعديد من الأسواق العالمية».

يُذكر أن بنك التصدير والاستيراد السعودي هو بنك تنموي يتبع لصندوق التنمية الوطني، ويعمل على الإسهام في تنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة، بتعزيز كفاءة منظومة تصدير المنتجات والخدمات الوطنية غير النفطية، عبر سد فجوات التمويل، وتقليل مخاطر التصدير، مما يُسهم في نمو الاقتصاد الوطني غير النفطي وفق رؤية المملكة 2030.