التدريبات على قدمٍ وساق، مع اقتراب موعد عرض «كلو مسموح» التي تُعيد كارول سماحة إلى المسرح الغنائي بعد سنوات طويلة من الغياب، بحلّة جديدة ومختلفة. يأتي هذا الإنتاج الكبير والمُلَبنن بعد 9 عقود من العرض الأول للمسرحية بعنوان «أنيثينغ غوز» بلغتها الأصلية الإنجليزية في برودواي عام 1934، لتعبُر الأجيال بفكاهتها وحيويتها، مُحمَّلة بأجواء من الرقص والموسيقى والمقالب على متن سفينة تعبُر المحيط الأطلسي.
من برودواي إلى بيروت: رحلة فنّية عبر الزمن
تحت إشراف المخرج والممثل روي الخوري، الذي سبق أن نجح في تعريب نسخة أجنبية لمسرحية «شيكاغو»، وإخراجها، يُعاد اليوم إحياء هذا العمل الكلاسيكي الأميركي بمذاق لبناني. تقوم الفكرة على خليطٍ من الشخصيات المتناقضة؛ مغنّية ملاهٍ ليلية، عاشقٌ هارب، لورد ثري، وعصابة مرحة، تلتقي جميعها على متن رحلة بحرية تتحوّل إلى سلسلة من المواقف الكوميدية والمفاجآت.
سماحة تخلع التاج لتلعب دور المُحتالة
تُعدّ هذه المُشاركة نقطة تحوّل في مسيرة كارول سماحة المسرحية، التي اشتهرت بأدوار الأميرات والملكات في الأعمال الرحبانية، وشاركت في «آخر أيام سقراط» و«المتنبي». هنا تظهر الفنانة بشخصية «ياسمينا»؛ امرأة بارعة في حياكة المؤامرات والمقالب، بعيداً عن الصورة النمطية التي ارتبطت بها. وتُعلّق سماحة على التجربة: «هذه إطلالة جديدة تُحرّرني من القوالب السابقة، وتسمح لي بالتفاعل مع الجمهور بلغة كوميدية خفيفة».
ويُخبرنا المخرج روي الخوري؛ وهو مصمّم الرقص والمُشارك في الكتابة والتمثيل، أنّ فريق العمل عاد بحماسة للتدريبات، بعد توقّف قسري لأشهر، عاش خلالها لبنان حرباً وحشية. وكان يُفترض أن يُفتتح في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن النيران الإسرائيلية حالت دون ذلك. «الآن نعود بكثير من الحماسة، ونحن نشعر بأن الأوضاع إلى تحسُّن»، يقول الخوري. «وكارول في غاية الشوق للصعود على المسرح، بعد التمارين الطويلة والانقطاع». ويشرح المخرج أنّ هذا الوقت الطويل من التمارين الذي تخلّله توقُّف سمح للجميع بالتعامل مع «الكاراكتيرات» بنضج أعمق، وفسح المجال أمام كلّ ممثل لتأدية دوره بمزيد من التجويد والتعمّق، والحال نفسها مع الراقصين الذين تمرّسوا أكثر في أدائهم. «ليس ذلك فحسب، وإنما بتنا نشعر بأننا نتسلّى ونحن نتعامل مجدّداً مع أدوارنا؛ نضيف (قفشات) هنا، ونكات هناك. هذا يسعدنا، ويريحنا، ويضيف للعمل نكهات جديدة».
حبكةٌ تدور في أعالي البحار
تدور الأحداث حول محاولات «كريم» (المخرج روي الخوري) لإيقاع حبيبته في شباكه، رغم خطبتها للورد «رامي العلم» (دوري سمراني). بمساعدة «ياسمينا» ورفيقيها في الجريمة «مجاعص» (فؤاد يميّن) و«ألمازا» (جوي كرم)، تُحاك سلسلة من الألاعيب التنكرية والرقصات الاستعراضية، في إطارٍ يشهد تداخلات بين الحبّ والكوميديا.
من «التانغو» إلى «الجاز»... ومزيجٌ راقصٌ يخطف الأنظار
لا يقتصر الإبهار في العمل على القصة فحسب، وإنما يتميّز بتنوّعه الفنّي؛ إذ يدمج بين أنماط في الرقص وموسيقات، فينتقل المتفرّج بين «التاب» و«الجاز» و«التانغو»، بإشراف الخوري نفسه الذي صمَّم الكوريغرافيا. تُساند هذا الأداء فرقة موسيقية حيّة من 16 عازفاً، إلى جانب 20 راقصاً وممثلين محترفين، مما يخلق لوحةً حركيةً تتناغم مع الألحان والأغنيات التي نقلها إلى العربية كلود أبو حيدر.
نجاح «شيكاغو» يفتح الأبواب لتعريب الأعمال العالمية
يُخبرنا مخرج العمل روي الخوري أنّ ثقة المنتجين الأميركيين في الفريق جاءت بعد الضجة التي أحدثها ميوزيكال «شيكاغو» بالعربية؛ التي نالت إشادة صحيفة «نيويورك تايمز». ويضيف: «التحدّي الأكبر كان في الحفاظ على روح العمل الأصلي مع إضفاء روح عربية، من دون تشويه مضمونه». وعُدِّل النصّ باللهجة اللبنانية ليكون أقرب إلى المُشاهد، مع الحفاظ على الحبكة الأصلية وتعقيداتها.
موعد مع الفرجة في «كازينو لبنان»
من المقرّر أن تُفتتح العروض في 9 مايو (أيار) بالصالة الكبرى لـ«كازينو لبنان»، لمدّة أسبوعين، لتقديم تجربة مسرحية من إنتاج نايلة الخوري، تجمع بين التراث الفنّي العالمي واللمسة المحلّية، في خطوةٍ تُعزّز حضور الميوزيكال بوصفه فناً قادراً على عبور الحدود والثقافات.