ماذا نعرف عن مدعي عام الجنائية الدولية الذي يسعى لاعتقال نتنياهو؟

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

ماذا نعرف عن مدعي عام الجنائية الدولية الذي يسعى لاعتقال نتنياهو؟

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أمس (الاثنين)، بطلب لإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

ويتعلق طلب إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في قطاع غزة ابتداء من 8 أكتوبر (تشرين الأول)، بعد يوم من شن نشطاء «حماس» هجومهم على إسرائيل.

ومن بين هذه الجرائم «تجويع المدنيين كوسيلة من أساليب الحرب» و«تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين»، بحسب بيان صادر عن مكتب خان.

كما صدرت أوامر اعتقال بحق زعيم حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، وممثلين آخرين للحركة الفلسطينية.

فماذا نعرف عن كريم خان؟

سرعان ما اكتسب البريطاني كريم خان شهرة باعتباره مدعياً عاماً مميزاً، بحسب ما نقلته صحيفة «الغارديان» البريطانية.

ففي محكمة دولية اشتهرت بالبطء الشديد في إجراءاتها، تحرك خان بسرعة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، بشأن جرائم الحرب المزعومة في أوكرانيا، والآن ضد «حماس»، والمسؤولين الإسرائيليين بشأن الحرب في غزة.

ويبدو أن قرار خان بالحصول على أوامر الاعتقال، والتي قوبلت بمعارضة شديدة من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، يتماشى مع تصميمه على إقناع المجتمع العالمي بأن المحكمة الجنائية الدولية سوف تلاحق مجرمي الحرب المزعومين خارج أماكن مثل البلدان الأفريقية، حيث تركزت العديد من قضاياها.

وتم تعيين خان (54 عاماً) مدعياً عاماً للمحكمة الجنائية الدولية في عام 2021. وفي عملية اقتراع سرية، تغلب البريطاني على مرشحين من أيرلندا وإسبانيا وإيطاليا ليفوز في الجولة الثانية من التصويت بدعم من 72 دولة – أي أكثر بعشر دول من العدد المطلوب البالغ 62 دولة.

وبعد أشهر فقط من تعيينه في المنصب لولاية مدتها تسع سنوات في لاهاي، حول خان تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في أفغانستان بعيداً عن القوات الأميركية، وصب التركيز على الجرائم المزعومة التي ترتكبها حركة طالبان، وأعضاء الفرع الأفغاني لتنظيم داعش المتشدد. وأثارت هذه الخطوة انتقادات من منظمات حقوق الإنسان، واعتبرها البعض محاولة لكسب تأييد واشنطن.

مواجهة تصادمية مع الولايات المتحدة

وبحسب وكالة «رويترز» للأنباء، فقد بلغت معارضة المحكمة الجنائية الدولية ذروتها خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أعضاء المحكمة، وحظرت الحسابات المصرفية للمدعية العامة السابقة.

وفي علامة على تحسن العلاقات، تم إلغاء العقوبات في عهد الرئيس جو بايدن.

وفي يونيو (حزيران) من العام الماضي، قام وزير العدل الأميركي بأول زيارة على الإطلاق إلى المحكمة الجنائية الدولية في تاريخ المحكمة الممتد منذ 22 عاماً. والتقى ميريك غارلاند بخان، ودعم تحقيقه المتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، ومذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

لكن تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة اتجه نحو منعطف خطير أمس (الاثنين) بعدما ظهر خان على شبكة «سي إن إن» ليعلن عن مساعيه القانونية التالية للصراع في الشرق الأوسط.

وسرعان ما انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن مساعي خان لإصدار أوامر لإلقاء القبض على مسؤولين إسرائيليين كبار، ووصفها بأنها «مخزية».

وانتقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المدعي العام خان، وقال إنه كان من المقرر أن يزور خان إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث التعاون مع المحكمة. وأضاف بلينكن أن خان قام بدلاً من ذلك بالظهور على شاشة التلفزيون ليعلن الاتهامات.

وقال بلينكن «هذه الظروف وغيرها تثير التساؤلات حول شرعية ومصداقية هذا التحقيق».

ووصف رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون المنتمي للحزب الجمهوري قرار خان بالسعي لإصدار مذكرات اعتقال بأنه «بلا أساس، وغير شرعي».

نصير النساء والأطفال

يخضع خان ومكتبه لتدقيق مكثف بسبب تحقيقه في الصراع بين إسرائيل و«حماس»، مع ضغوط سياسية تضمنت توجيه انتقادات علنية نادرة في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال خان إن جميع المحاولات الرامية إلى تعطيل أو تخويف مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، أو التأثير بشكل غير لائق عليهم يجب أن تتوقف على الفور.

وسافر خان بشكل متكرر إلى البلدان التي تجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات بشأنها. وأصبح أول مدعٍ عام للمحكمة الجنائية الدولية يزور منطقة حرب عندما زار أوكرانيا في مارس (آذار) 2021.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، أجرى خان زيارة مهمة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وكانت أيضاً أول زيارة من نوعها يجريها مدعٍ عام للمحكمة الجنائية الدولية.

وشدد خان، الذي تخرج في كلية كينغز في لندن، على تكريس جهده في ملاحقة مرتكبي الجرائم الجنسية، والدفاع عن حقوق الأطفال.

ويعرّف نفسه بأنه عضو في الطائفة الأحمدية في باكستان، واستشهد بآيات من القرآن في عدة بيانات صادرة عن المحكمة.

وخلال مسيرته القانونية التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، عمل خان في كل المحاكم الجنائية الدولية تقريباً، واضطلع بأدوار في الادعاء، والدفاع، فضلاً عن العمل كمستشار للضحايا.

بدأ خان مسيرته المهنية في مجال القانون الدولي مستشاراً قانونياً لمكتب المدعي العام لمحكمة جرائم الحرب الخاصة التابعة للأمم المتحدة لكل من يوغوسلافيا السابقة ورواندا بين عامي 1997 و2001.

وسطع نجمه عندما كان محامي الدفاع الرئيسي عن رئيس ليبيريا السابق تشارلز تيلور الذي كان يحاكَم بتهمة ارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الخاصة بسيراليون التي انعقدت في لاهاي لمحاكمة تيلور.

وفي اليوم الأول للمحاكمة عام 2007، خرج خان من قاعة المحكمة بشكل درامي مخالفاً أوامر القضاة بعدما أعلن أن تشارلز تيلور استغنى عن خدماته.

وعمل خان بعد ذلك في قضايا المحكمة الجنائية الدولية بشأن كينيا والسودان وليبيا قبل تعيينه في عام 2018 رئيساً لفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم داعش في العراق.


مقالات ذات صلة

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية أشخاص في تل أبيب ينظرون إلى صور الرهائن المختطفين بغزة منذ 7 أكتوبر 2023 (رويترز)

إسرائيل تستعد لإحياء الذكرى الأولى لهجوم السابع من أكتوبر

تحيي إسرائيل الذكرى الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس»، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وأشعل فتيل حرب مدمّرة في قطاع غزة.

شؤون إقليمية الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ (رويترز) play-circle 00:35

الرئيس الإسرائيلي: جراح هجوم «حماس» لم تلتئم... وإيران تبقى «تهديداً دائماً»

عدَّ الرئيس الإسرائيلي، السبت، في رسالة بالذكرى الأولى لهجوم «حماس» غير المسبوق في السابع من أكتوبر، أن الجراح التي تسبب بها هذا الهجوم «لم تلتئم تماماً بعدُ».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مبنى في كرمئيل بشمال إسرائيل تضرر جراء قصف صاروخي من لبنان (رويترز)

تضرّر مبانٍ في إسرائيل نتيجة قصف صاروخي من لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، وقوع أضرار في منطقة كرمئيل ودير الأسد بعد قصف صاروخي من لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مبنى يحوي مركزاً لـ«الهيئة الصحية الإسلامية» تَعَرَّضَ للتدمير بعد غارة إسرائيلية على بيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل اثنين من عناصر «حماس» في لبنان

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه قتل عضوين في «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) خلال ضربات في لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )

بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

فوق أنقاض منزله الذي كان يوماً مكوناً من طابقين، يجمع محمد البالغ من العمر (11 عاماً) قطعاً من السقف المتساقط في دلو مكسور ويسحقها، لتتحول إلى حصى سيستخدمه والده في صنع شواهد قبور لضحايا حرب غزة.

ويقول والده جهاد شمالي، عامل البناء السابق البالغ من العمر (42 عاماً)، بينما كان يقطع معادن انتشلها من منزلهم في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، والذي تضرر خلال غارة إسرائيلية في أبريل (نيسان): «بنجيب الدبش مش كرمال نبني فيه دور، لا، لبلاط الشهداء (شواهد القبور) وللمقابر، يعني من مأساة لمأساة».

العمل شاق، وفي بعض الأحيان كئيب. وفي شهر مارس (آذار)، قامت أسرة شمالي ببناء قبر لأحد أبنائها وهو إسماعيل، الذي قُتل أثناء أداء بعض المهام المنزلية، وفقاً لوكالة «رويترز».

لكن هذا يشكل أيضاً جزءاً صغيراً من جهود بدأت تتبلور للتعامل مع الأنقاض، التي تخلفها الحملة العسكرية الإسرائيلية للقضاء على حركة «حماس».

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي شمال قطاع غزة (رويترز)

وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مبانٍ مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة.

وقالت الأمم المتحدة إن هذا يعادل 14 مثل كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب قبل عام، وأكثر من 5 أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017.

وإذا تراكمت هذه الكمية فإنها قد تملأ الهرم الأكبر في الجيزة، أكبر أهرامات مصر، 11 مرة. وهي تزداد يومياً.

وقال 3 مسؤولين في الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تحاول تقديم المساعدة، في الوقت الذي تدرس فيه السلطات بقطاع غزة كيفية التعامل مع الأنقاض.

وتخطط مجموعة عمل لإدارة التعامل مع الحطام تقودها الأمم المتحدة، لبدء مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خان يونس ومدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، لبدء إزالة الحطام من جوانب الطرق هذا الشهر.

وقال أليساندرو مراكيتش، رئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة والمشارك في رئاسة مجموعة العمل: «التحديات جسيمة... ستكون عملية ضخمة، ولكن في الوقت نفسه، من المهم أن نبدأ الآن».

ويقول الجيش الإسرائيلي إن مقاتلي «حماس» يختبئون بين المدنيين، وإنه سيضربهم أينما ظهروا، بينما يحاول أيضاً تجنب إيذاء المدنيين.

ورداً على سؤال حول الحطام، قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، إنها تهدف إلى تحسين التعامل مع النفايات، وستعمل مع الأمم المتحدة لتوسيع هذه الجهود. وقال مراكيتش إن التنسيق مع إسرائيل ممتاز، لكن المناقشات التفصيلية بشأن الخطط المستقبلية لم تتم بعد.

خيام وسط الأنقاض

بدأت إسرائيل هجومها بعد أن قادت «حماس» هجوماً على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وتقول الإحصاءات الإسرائيلية إن هذا الهجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى قطاع غزة.

فلسطيني وابنه يجلسان أسفل سقف مهدم في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن نحو 42 ألف فلسطيني قتلوا خلال عام من الحرب. وعلى الأرض، تتراكم الأنقاض عالياً فوق مستوى المشاة والعربات التي تجرها الحمير على المسارات الضيقة المليئة بالأتربة، والتي كانت في السابق طرقاً مزدحمة.

وقال يسري أبو شباب وهو سائق سيارة أجرة، بعد أن أزال ما يكفي من الحطام من منزله في خان يونس لإقامة خيمة: «مين راح ييجي هنا مشان يزيل الأنقاض لنا؟ ولا حدا، مشان هيك إحنا بنقوم بها الشي بأنفسنا».

وبحسب بيانات الأقمار الاصطناعية للأمم المتحدة، فإن ثلثي مباني غزة التي بنيت قبل الحرب، أي ما يزيد على 163 ألف مبنى، تضررت أو سويت بالأرض. ونحو ثلثها كان من البنايات متعددة الطوابق.

وبعد حرب استمرت 7 أسابيع في غزة عام 2014، تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه من إزالة 3 ملايين طن من الحطام، أي 7 في المائة من إجمالي الركام الآن.

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأشار مراكيتش إلى تقدير أولي غير منشور ذكر أن إزالة 10 ملايين طن من الحطام ستكلف 280 مليون دولار، وهو ما يعني نحو 1.2 مليار دولار إجمالاً إذا توقفت الحرب الآن.

وأشارت تقديرات الأمم المتحدة في أبريل، إلى أن إزالة الأنقاض سوف تستغرق 14 عاماً.

جثث مطمورة

قال مراكيتش إن الحطام يحتوي على جثث غير منتشلة وقنابل غير منفجرة. وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة إن عدد تلك الجثث قد يصل إلى 10 آلاف.

وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن التهديد «واسع النطاق»، ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن بعض الحطام يشكل خطراً كبيراً بالتعرض للإصابة.

يعيش نزار زعرب من خان يونس مع ابنه في منزل لم يتبقَّ منه سوى سقف مائل بزاوية خطيرة.

وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن ما يقدر بنحو 2.3 مليون طن من الحطام ربما يكون ملوثاً، مستنداً إلى تقييم لمخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، التي تعرض بعضها للقصف.

ويمكن أن تسبب ألياف الأسبستوس سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها.

وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو مليون حالة من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة في قطاع غزة خلال العام الماضي، دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار.

وقالت بسمة أكبر، وهي متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن الغبار يشكل «مصدر قلق كبيراً»، يمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة.

فلسطيني يجر مقعداً متحركاً تجلس عليه سيدة مصابة وسط أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

ويخشى الأطباء من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في المواليد بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة.

وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب والتهابات الجلد الناجمة عن ذباب الرمل تشكل مصدر قلق.

نقص الأراضي والمعدات

استُخدمت أنقاض في السابق للمساعدة في بناء الموانئ البحرية. وتأمل الأمم المتحدة الآن في إعادة تدوير جزء منها لبناء شبكات الطرق وتعزيز الخط الساحلي.

ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن قطاع غزة، الذي كان عدد سكانه قبل الحرب نحو 2.3 مليون نسمة، يتكدسون في شريط يبلغ طوله 45 كيلومتراً وعرضه 10 كيلومترات، يفتقر إلى المساحة اللازمة للتخلص من النفايات والركام.

وتقع مكبات النفايات الآن في منطقة عسكرية إسرائيلية. وقالت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية إنها تقع في منطقة محظورة، ولكن سيتم السماح بالوصول إليها.

وقال مراكيتش إن مزيداً من إعادة التدوير يعني مزيداً من الأموال لتمويل المعدات مثل الكسارات الصناعية. ولا بد أن تدخل هذه المعدات إلى قطاع غزة عبر نقاط عبور تسيطر عليها إسرائيل.

وتحدث مسؤولون حكوميون عن نقص في الوقود والآلات، بسبب القيود الإسرائيلية التي تبطئ جهود إزالة الأنقاض.

وقال المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن إجراءات الموافقة المطولة «عائق رئيسي». ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنه يحتاج إلى إذن أصحاب الممتلكات لإزالة الأنقاض، لكن حجم الدمار أدى إلى طمس الحدود بينها، كما فُقد بعض السجلات العقارية أثناء الحرب.

وقال مراكيتش إن كثيراً من الجهات المانحة أبدى الاهتمام بالمساعدة منذ اجتماع استضافته الحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية في 12 أغسطس (آب)، دون أن يسمي هذه الجهات.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه لتجنب التأثير سلباً على الجهود الجارية: «الجميع قلق بشأن ما إذا كان ينبغي الاستثمار في إعادة إعمار غزة، أم لا، إذا لم يكن هناك حل سياسي».