الصراع على الأموال يقسّم صنعاء إلى مناطق نفوذ

دور زعيم الحوثيين منحصر في منع صدام الأجنحة

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
TT

الصراع على الأموال يقسّم صنعاء إلى مناطق نفوذ

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)

مع دخول الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن عامها الثالث يتزايد الصراع على المكاسب في أوساط الأجنحة المكونة لجماعة الحوثيين، ومعه أصبحت العاصمة المختطفة صنعاء تتوزع إلى مناطق نفوذ متعددة، ويقتصر دور زعيم الجماعة على التوفيق بين مصالح الأجنحة لمنع الصدام المباشر.

فإلى جانب النفوذ الذي يتمتع به مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد في المؤسسات الحكومية المختطفة والأجهزة الأمنية التابعة للجماعة والقطاع التجاري يبرز القيادي يحيى عبد الله الرزامي كصاحب نفوذ في مناطق جنوب صنعاء، حيث تنتشر القوات الموالية له منذ استقدامها من صعدة لحسم الانتفاضة التي قادها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وقتل خلالها.

الرزامي (يسار) يستند في نفوذه على مشاركته في ضرب الانتفاضة التي قادها الرئيس اليمني الأسبق (إعلام حوثي)

ووفق مصادر وثيقة الاطلاع في صنعاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط» فإنه ومع تراجع دور محمد علي الحوثي الذي كان يسعى لتقديم نفسه كزعيم لجناح الاعتدال في الجماعة، برز محمد الغماري رئيس ما تسمى هيئة الأركان ومعه تاجر الأسلحة صالح الشاعر الذي عين مسؤول الدعم اللوجيستي وأصبحا طرفاً فاعلاً في السيطرة على الأراضي والمرتفعات الجبلية في صنعاء ومحيطها، وامتدت إلى محافظات أخرى، وظهر أن كل طرف لا يتجاوز مناطق نفوذ الطرف الآخر.

اختطاف تاجر

تظهر شكوى قدمها محامي التاجر اليمني ماهر السدعي أنه اختطف منذ 25 أبريل (نيسان) الماضي من قبل جماعة تتبع مكتب يحيى الرزامي الذي يتمركز في جنوب صنعاء في المنطقة الممتدة من حي بيت بوس، مروراً بمنطقة بيت زبطان وحتى قرية حدة والمناطق المجاورة لها.

وتم اختطاف التاجر السدعي - وفق الشكوى - بسبب رفضه تحكيم مكتب الرزامي في نزاعه على مساحة من الأرض مع آخرين، وذهابه إلى القضاء للفصل في هذا النزاع.

وأكدت الشكوى أن التاجر معتقل في إحدى الشقق في عمارة تقع في حي عطان، ويديرها مكتب الرزامي، وتستخدم كمعتقل لمن يرفض الأحكام التي يصدرها في حق المتنازعين، أو لمن يرفض تحكيمه في أي قضية.

وذكرت المصادر أن الرزامي يمتلك نفوذاً غير مسبوق، حتى أن جميع الجهات بما فيها القضاء تتجنب التدخل لإنصاف من يشتكي إليها، كما تتجنب منع سحب القضايا من المحاكم، ونقلها إلى مكتبه.

شكوى بشأن اختطاف تاجر في صنعاء على يد قيادي حوثي (نشطاء)

وبحسب أسرة السدعي، فإن مكتب الرزامي اختطف الرجل مع سيارته بغرض إجباره على تحكيمه، وناشدت الأسرة زعيم الجماعة ووزير داخليته ومجلس الحكم الانقلابي من أجل التدخل وإطلاق سراحه، لأن اعتقاله مخالفة قانونية، حيث لا يمتلك الرزامي ومكتبه أي سلطة قانونية تعطيه حق اعتقال التاجر ومصادرة سيارته لإرغامه على تحكيمه في نزاع مع آخر على ملكية مساحة من الأرض.

أراضٍ ومبيدات

في اتجاه آخر، أفادت المصادر بأن القياديين الحوثيين محمد الغماري وصالح الشاعر، ويتحدران من محافظة صعدة، يتحكمان بمساحة كبيرة من الأراضي والمرتفعات في مختلف المحافظات، وأنهما في صنعاء وحدها بسطا نفوذهما على مساحات في أطراف مديرية سنحان جنوبا ومنطقة العشاش والصباحة وحتى حي مذبح وشارع الخمسين وحتى أطراف حي شملان مع وادي ظهر، ومساحة كبيرة من الأراضي في منطقة سعوان شرق المدينة، وفي محيط مطار صنعاء، حيث أصدرا قرارات بمصادرة هذه المساحات باعتبارها أراضي عسكرية.

ووفق ما أوردته المصادر فإن أبا حيدر جحاف رئيس ما تسمى هيئة الأراضي العسكرية والذي يوصف بأنه اليد الطولى للقياديين الغماري والشاعر في مصادرة أراضي وممتلكات السكان، نقل إلى الأردن والهند ثم إيران للعلاج بعد إصابته بمرض خبيث، لكن دون فائدة، وأن الرجل يصارع الموت حالياً، وأن الرجلين أحلا مكانه شخصاً آخر يدعى أبا الحسن الوزير.

وبررت المصادر عدم تدخل أي من هذه الأجنحة في قضية تجار المبيدات الزراعية المنتهية والمحرم استخدامها بسبب أن مدير مكتب مجلس حكم الحوثيين يتولى حماية هؤلاء التجار، ويتحدرون أيضاً من محافظة صعدة معقل الجماعة.

وقالت المصادر إن الحملة الشعبية المناهضة للمبيدات منتهية الصلاحية أرغمت مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي أحمد حامد على السماح باستجواب أحد التجار من مجموعة دغسان فيما بقية المتهمين الـ26 الذين مثلوا أمام نيابة الأموال العامة مجرد عمال لدى التجار، ولكن يراد لهم أن يكونوا كبش فداء لحفظ ماء الوجه أمام التفاعل الشعبي الرافض للتواطؤ مع تجار المبيدات.

رعاية المصالح

إلى ما قبل سريان الهدنة اليمنية في مطلع أبريل (نيسان) 2022 كان الصراع ينحصر بين مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد، ومحمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، والذي كان يتطلع لرئاسة مجلس الحكم، إلا أن ابن عمه عبد الملك الحوثي عارض ذلك بحجة أن هذا الموقع مخصص لأبناء القبائل، وليس لسلالة الحوثي.

مدير مكتب مجلس حكم الانقلاب الحوثي أحمد حامد يسيطر كل عائدات الدولة والقطاع التجاري (إعلام حوثي)

وطبقاً لما بينته المصادر، فإن القيادي صالح الشاعر الذي يشغل أيضاً موقع الحارس القضائي إلى جنب عمله في توفير الأسلحة والأغذية لمقاتلي الحوثيين كان يعمل ضمن منطقة نفوذ أحمد حامد، حيث تكفل بمهمة البسط على الشركات والممتلكات التي تخص المعارضين للجماعة، وتعيين مسؤولين لإدارتها، واستثمار قطع النقل العسكري من خلال تأجير الناقلات الضخمة والمخازن الكبيرة، إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح جزءاً من النفوذ الذي يقوده رئيس أركان الجماعة الغماري.

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن مهمة زعيم الحوثيين هي التوفيق بين مصالح هذه الأطراف ومنع الصدام فقط، وقالت إن الرزامي ومنذ مصرع صديقه حسين الحوثي مؤسس الجماعة احتفظ لنفسه بتشكيل مسلح بعيداً عن الهيمنة المطلقة للجناح العسكري في مكتب عبد الملك الحوثي، وعندما طلب منه التدخل لإخماد الانتفاضة التي قادها الرئيس الأسبق احتفظ بهذه التشكيلات التي يقدر عددها بنحو عشرين ألف مسلح في جنوب صنعاء، وفي مسقط رأسه الرزامات.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.