تنافس قياديَّين حوثيَّين يرفع أسعار الدجاج المستورد

نزاع حول الصلاحيات تسبب في خسائر كبيرة للتجار

بائع دجاج متجول في الحديدة (غرب اليمن) يعرض بضاعته على المارة (غيتي)
بائع دجاج متجول في الحديدة (غرب اليمن) يعرض بضاعته على المارة (غيتي)
TT

تنافس قياديَّين حوثيَّين يرفع أسعار الدجاج المستورد

بائع دجاج متجول في الحديدة (غرب اليمن) يعرض بضاعته على المارة (غيتي)
بائع دجاج متجول في الحديدة (غرب اليمن) يعرض بضاعته على المارة (غيتي)

عادت أسعار الدجاج للارتفاع في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة، بعد تصاعد الخلافات بين قياديَّين في الجماعة يتوليان إدارة القطاع الزراعي، وتبادل الاتهامات بينهما بشأن استيراد الدجاج المجمد، واحتجازه ومنع دخوله في ميناء الحديدة.

وشهدت مناطق سيطرة الجماعة خلال الأسابيع الماضية أزمة كبيرة في الدواجن المجمدة، بعد توجيهات من أحد قطاعات وزارة الزراعة في حكومة الجماعة الحوثية غير المعترف بها، بحجز 84 حاوية في ميناء الحديدة ومصادرتها، بمبرر استيرادها من دون تصريحات مسبقة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، والتأثير على أسعار الدواجن المحلية التي زاد الطلب عليها.

جانب من مزرعة دواجن في إحدى المناطق اليمنية (فيسبوك)

واتهم القيادي الحوثي عبد الملك قاسم الثور، المعين وزيراً للزراعة والري في حكومة الجماعة، القيادي الآخر ضيف الله شملان، المعين وكيلاً لقطاع الخدمات في الوزارة، بابتزاز المستوردين للحصول على مبالغ خيالية منهم، مقابل الإفراج عن بضائعهم، واتخاذ إجراءات معيقة لأعمال الاستيراد، وفرض غرامات غير قانونية عليهم، والتمييز بينهم.

وذكر الثور في رسالة وجهها إلى قيادي حوثي ثالث، هو عادل مرغم، المشرف على قطاع الجمارك في صنعاء، أن توجيه شملان بتشكيل لجنة للنزول إلى ميناء الحديدة لفحص الدواجن المجمدة غير قانوني، وأن صلاحيات تنظيم وحماية واستيراد أو حظر استيراد الثروة الحيوانية، تعود له بحكم منصبه، ولا يحق لشملان ممارستها.

ونفى الثور أن يكون استيراد كميات الدواجن المحتجزة في ميناء الحديدة تم من دون تصريحات مسبقة؛ بل إن ذلك تم بناء على إفراجات سابقة من طرفه لجميع المستوردين، مطالباً بعدم قبول أي تكاليف أو رسائل دون أن تكون صادرة من مكتبه وعليها ختمه، وتوجيه جمارك الحديدة بعدم التعامل مع أوامر شملان.

مذكرة من القيادي الحوثي الثور لطلب إيقاف إجراءات القيادي الآخر شملان بشأن منع دخول الدجاج المستورد (فيسبوك)

وحذر الثور من التسبب في خسائر لرجال الأعمال المستوردين بسبب إجراءات شملان التي قال إنه لا يعلم لمصلحة من تكون.

واتهم ناشطون وإعلاميون، بعضهم يوالون الجماعة الحوثية، القياديَّين الثور وشملان بالصراع على مصالحهما والأجنحة التي يمثلانها، وبأن هذا الصراع ليس له علاقة بمصلحة السكان، وأنه يضر بالمستهلكين والمستوردين، لصالح التجار ورجال الأعمال في دوائر الجماعة الحوثية وقياداتها.

شكاوى ورِشى

جاءت إجراءات شملان على الرغم من صدور توجيهات من مجلس الحكم الحوثي الانقلابي (المجلس السياسي الأعلى) بالسماح بدخول كافة البضائع المستوردة عبر المواني والمنافذ الجمركية خلال شهر رمضان، باعتبار ذلك إكرامية للمستوردين في هذا الشهر، وشملت التوجيهات البضائع التي أقرت الجماعة الحوثية مقاطعتها، بحجة تأييد منتجيها لإسرائيل في حربها على قطاع غزة.

وحسب مصادر محلية في مدينة الحديدة؛ فإن المستوردين أعربوا عن استيائهم الشديد من حجز بضائعهم والتسبب في خسائر كبيرة لهم، ووجهوا مناشدات إلى عدد من القادة الحوثيين للمساعدة في الإفراج عن تلك البضائع دون جدوى.

ولجأ عدد من المستوردين إلى الجهات القضائية المختصة، وهي نيابات ومحاكم تختص بالبت في القضايا التجارية المستعجلة المتعلقة بالاستيراد والتصدير، وتسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ انقلابها.

وعلى الرغم من صدور أحكام عن تلك الجهات لصالح المستوردين؛ فإنها لم ترَ طريقها إلى التنفيذ بسبب تعنت شملان، ما يهدد بتلف وفساد الدجاج؛ خصوصاً مع نقص الوقود وتزاحم الكميات المستوردة، ومُضي أوقات طويلة منذ وصولها إلى الميناء.

مذكرة القيادي الحوثي شملان بشأن مصادرة واحتجاز الدجاج المستورد في ميناء الحديدة (فيسبوك)

وبينما يطالب الثور بالاكتفاء بالرسوم المتعارف عليها للإفراج عن كميات الدواجن الواصلة إلى ميناء الحديدة، يصرُّ قطاع الخدمات الذي يديره شملان على فرض غرامات كبيرة على المستوردين الراغبين في إخراج بضائعهم من الميناء قبل تلفها.

وكشفت المصادر عن تمكن عدد من المستوردين من إخراج سلعهم من الميناء إلى الأسواق، بعد اضطرارهم لدفع رشى بمبالغ كبيرة، إلا أنها أقل من الغرامات التي وجه بها شملان، وفي كلتا الحالتين يضطر المستوردون إلى رفع أسعار الدواجن لتعويض خسائرهم في تلك الغرامات أو الرشى.

ارتفاعات مزمنة

وفي الوقت الذي انتشرت فيه حالات الإصابة بالكوليرا في عدد من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تخشى أوساط طبية من أن تتسبب إجراءات احتجاز الدجاج المجمد في تلف كميات كبيرة منه، ودخولها إلى الأسواق، والتسبب في حالات تسمم غذائي قد لا يُعرف سببها؛ خصوصاً مع غياب الرقابة وانتشار الفساد.

وارتفعت أسعار الدجاج خلال الأعوام الماضية أكثر من 200 في المائة، ليصل سعر الدجاجة المتوسطة إلى ما يقارب 15 دولاراً، بعد أن كان سعرها لا يتجاوز 4 دولارات تقريباً قبل الانقلاب، (كان سعرها لا يزيد على 1200 ريال يمني قبل الانقلاب، ليتجاوز أخيراً 5 آلاف ريال، مع مراعاة ارتفاع سعر صرف الدولار من 215 ريالاً إلى 530 ريالاً حالياً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية).

وأصدرت الجماعة الحوثية منتصف العام الماضي، عبر قطاع الزراعة الذي يديره القيادي الثور، قراراً بحظر استيراد الدجاج المجمد من الخارج لمدة 6 أشهر، بحجة حماية وتشجيع الإنتاج المحلي، وهو القرار الذي ساهم في رفع أسعار الدجاج محلي الإنتاج مرة أخرى.

ورجَّح مراقبون ورجال أعمال حينها احتمالية أن يكون الهدف من هذا القرار الحصول على زيادة في الإيرادات التي تجنيها الجماعة الحوثية؛ خصوصاً بعد فرضها جبايات بواقع أكثر من نصف دولار (300 ريال) على كل دجاجة محلية الإنتاج؛ حيث تشير تقديرات محلية استند إليها تقرير أممي إلى استهلاك نحو مليوني دجاجة في صنعاء فقط.

متجر لبيع المكسرات في مدينة صنعاء الخاضعة للحوثيين (رويترز)

كما ذهبت التوقعات إلى أن يكون هذا القرار حيلة للسيطرة على قطاع تجارة الدواجن؛ خصوصاً أنه ألزم التجار بالشراء من «المنتجين المحليين» المحتمل أن يكونوا رجال أعمال وتجاراً تابعين وموالين للجماعة ومستوردين للدجاج، بعد أن تعرض مربو الدجاج لخسائر كبيرة، بسبب جبايات وإجراءات الحوثيين.

ورفعت الجماعة منتصف العام قبل الماضي أسعار الأعلاف المستوردة، مع فرض جبايات بواقع أكثر من نصف دولار (300 ريال) على كل دجاجة.

وأعلنت الأمم المتحدة في الفترة نفسها، أن أسعار الدواجن وبيض المائدة في مناطق سيطرة الحوثيين، ارتفعت بشكلٍ كبير بسبب زيادة الضرائب بنسبة تفوق 300 في المائة على الدجاج والبيض.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، غطت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة، حيث استهدفت الغارات محطة توتال على طريق المطار، ومبنى في شارع البرجاوي بالغبيري، ومنطقة الصفير وبرج البراجنة، وصحراء الشويفات وحي الأميركان ومحيط المريجة الليلكي وحارة حريك.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه نفذ سلسلة من الغارات الجوية المحددة على مواقع تابعة لـ«حزب الله» في بيروت، بما في ذلك «كثير من مستودعات الأسلحة وبنية تحتية أخرى للمسلحين».

ويتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بوضع مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة، تحت مبانٍ سكنية، في العاصمة اللبنانية، مما يعرض السكان للخطر ويتعهد بالاستمرار في ضرب الأصول العسكرية لـ«حزب الله» بكامل قوته.

وخلال الأيام الماضية، أصدر الجيش الإسرائيلي طلبات إخلاء لأماكن في الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات، حيث يواصل قصف كثير من الأهداف وقتل قادة في «حزب الله» و«حماس».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي، نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول)، تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».