الدجاج يهرب من موائد اليمنيين والمسالخ تشكو «ارتفاع أسعاره»

مؤسسات تدار عبر الحوثيين حاولت التذرع بوجود أوبئة

صورة أرشيفية لبائع متجول يعرض دجاجتين على أحد زبائنه في الحديدة (غيتي)
صورة أرشيفية لبائع متجول يعرض دجاجتين على أحد زبائنه في الحديدة (غيتي)
TT

الدجاج يهرب من موائد اليمنيين والمسالخ تشكو «ارتفاع أسعاره»

صورة أرشيفية لبائع متجول يعرض دجاجتين على أحد زبائنه في الحديدة (غيتي)
صورة أرشيفية لبائع متجول يعرض دجاجتين على أحد زبائنه في الحديدة (غيتي)

لم يتخيل نفسه يوماً يقف في طابور طويل من أجل دجاجة. ويبعث على حزنه أكثر أن آخر دجاجة بيعت وهو لا يزال بعيداً عن نافذة مطعم وقف في الطابور أمامه للحصول عليها.
ورغم أن جميع من بقي في الطابور من دون الحصول على مبتغاهم انصرفوا أو استبدلوا بطلباتهم شيئاً آخر؛ فإن فادي الجعدبي لم يقتنع، وذهب يجرب حظه مع من صادفه من عمال المطعم، علّه يحظى، بالوساطة، بما لم يحظَ به في التزامه بالطابور، غير أن مساعيه خابت، وذهب يجرّب حظه في مطعم آخر، لكنّ ذلك لم يشفع له عند زوجته.
يقول الجعدبي لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يكن سيُضني نفسه من أجل الحصول على دجاجة، لولا أن زوجته الحامل اشتهتها، وطلبتها من المطعم الذي وقف في الطابور أمامه، وحدث ذلك ليومين متتالين.
وبسخرية يتابع: «اتفق أهل حارتنا اليوم على أن يجمعوا كل يوم ثمن دجاجة ثم يقومون بقرعة لتكون الدجاجة من نصيب الفائز بها»!
أسعار الدجاج ارتفعت في مطاعم العاصمة صنعاء حديثاً، ووصل سعر الدجاجة التي تزن قرابة كيلوغرام واحد إلى 3 آلاف ريال، حسب أسعار الصرف في مناطق سيطرة الحوثيين، أي ما يعادل 5 دولارات، وهي زيادة تتجاوز الـ50 في المائة دفعة واحدة، حيث كان سعر الدجاجة الواحدة من ذات الوزن نحو ألفي ريال؛ أي 3 دولارات، حسب إفادة مواطنين في العاصمة.
ويشكو أصحاب المسالخ من هذه الزيادة المفاجئة في الأسعار، واضطروا إلى تقليل الكميات التي يتجارون بها، خوفاً من عدم مقدرتهم على بيعها بسبب هذا الارتفاع المفاجئ، ومعرفتهم بضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
انتشرت في العاصمة صنعاء روايات عن إصابة الدجاج بمرض وبائي، أدى إلى نفوق كميات كبيرة منها، وتبنت جهات رسمية تحت سيطرة الحوثيين هذه الروايات، إلا أن شهادات وشواهد كثيرة تشير إلى أن هذا الارتفاع لا علاقة له بأي وباء.
وفي حين نفت مصادر في مصلحة الضرائب التي يديرها الحوثيون في العاصمة صنعاء أن تكون هناك ضريبة تمّ فرضها على الدجاج مؤخراً، وادعت جهات رسمية أخرى تحت سيطرة الميليشيات، مثل جمعية حماية المستهلك، أن أسباب هذه الزيادة السعرية تتمثل في انتشار مرض يصيب الدجاج من جهة، وارتفاع أسعار الأعلاف والوقود بسبب الحرب الروسية الأوكرانية من جهة أخرى؛ إلا أن التجار يتحججون عند كل ارتفاع في الأسعار بالجبايات التي تُفرض عليهم.
وزعمت الرابطة التعاونية لمنتجي ومسوّقي الدواجن في اليمن، وهي جمعية تخضع لإدارة رجال أعمال موالين للميليشيا الحوثية؛ أنه لم يتم فرض أي رسوم جديدة من الجهات الحكومية على أسعار الدجاج؛ معللةً هذا الارتفاع بارتفاع تكاليف الإنتاج منذ أكثر من 6 أشهر.
لكنّ الجمعية ناقضت نفسها بالحديث عن كساد في سوق الدواجن منذ «نهاية العام الماضي» بسبب ما قالت إنه «إغراق السوق بالكتاكيت، والذي أدى إلى زيادة العرض من الدجاج اللاحم بشكل كبير وبأسعار بيع منخفضة، مع الارتفاع المتزايد في التكاليف» ما كبّد المزارعين خسائر كبيرة، كما قالت. مضيفة أن ارتفاع مخاطر الأوبئة المنتشرة بسبب تقلبات المناخ في فترة فصل الشتاء الماضي وعدم توفر الغاز والمحروقات، أدى إلى نفوق كبير في الدواجن.
ومما ينفي صحة هذه المزاعم عدم ارتفاع أسعار الدجاج في المناطق المحررة، حيث توجد غالبية مزارع الإنتاج، والتي تقوم بتوريدها إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
ويرى رجل الأعمال نذير قادري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الأسعار الجديدة للدجاج مبالغ فيها بشكل كبير، وتهدد بانهيار سوق الدواجن، مع عدم اعتراف أي جهة بشكل رسمي بالأسباب الحقيقية لهذا الارتفاع.
يستغرب قادري من تناقض تصريحات الرابطة التعاونية التي تحدثت عن وجود زيادة في العرض على الطلب؛ قبل أن تشير إلى نفوق الدجاج بسبب الأوبئة، وإشارتها إلى تأثير فصل الشتاء على الإنتاج. يقول رجل الأعمال: «اليمن على مشارف الصيف»، مرجحاً أن هذا «الارتفاع الكبير الذي حصل من دون مقدمات أو إبداء الأسباب لا يمكن أن يحدث دون وجود عوامل قسرية مثل الجبايات الجديدة أو غير المعلنة». ويشير إلى أن هذه الفترة من العام تشهد تراجعاً في تكاليف تسويق الدجاج، فلا حاجة إلى استهلاك الطاقة في تدفئتها، ولا يوجد ما يشير إلى ارتفاع جديد في أسعار الأعلاف منذ أكثر من شهرين، إضافةً إلى ثبات أسعار الوقود.
وينبه قادري إلى أنه وخلال السنوات الخمس الماضية؛ تم فرض زيادات ضريبية أكثر من عشر مرات، من دون أن ترافق ذلك زيادة في مداخيل المواطنين، «بل على العكس من ذلك؛ توقفت رواتب موظفي القطاع العام، وسرّح القطاع الخاص الكثير من العمالة لديه، وارتفعت نسبة البطالة بسبب الحرب».
ويقول أحد تجار الجملة، الذي رفض نشر اسمه لاعتبارات أمنية شخصية: «يجري فرض جبايات غير قانونية أو مبررة علينا وبشكل مستمر، وفي كثير من الأوقات تكون هذه الجبايات لدعم الجبهات أو الفعاليات والاحتفالات، ولا نستطيع الرفض، وعند كل موسم جباية تأتي إلينا البضائع من الوكلاء أو المنتجين وقد ارتفعت أسعارها مسبقاً، ونضطر بدورنا إلى رفع الأسعار». ويتابع: «أبلغَنا وكلاء توريد الدجاج بأنهم أضافوا 300 ريال على كل دجاجة، دون توضيح للأسباب، فاضطررنا إلى تخفيض الكميات التي نتاجر بها».
ويعيش اليمنيون في المناطق غير المحررة أزمات غذائية متلاحقة بسبب سياسات الإفقار الحوثية، والتي تتمثل في إيقاف رواتب موظفي قطاعات الدولة، وافتعال أزمات المواد الأساسية والضرورية مثل الوقود والغاز والمواد الغذائية التي يتم تحويلها إلى السوق السوداء التي يديرها قادة وتجار حوثيون، إضافةً إلى الجبايات والضرائب التي يتم فرضها على التجار ورجال الأعمال والشركات والمؤسسات التجارية، والتي يتم تعويضها برفع الأسعار، الأمر الذي يؤدي إلى إفقار المواطن، وإضعاف قدرته الشرائية، وإجباره على التخلي عن الكثير من المواد الأساسية والخدمات.
وعبّر الكثير من المواطنين عن سخطهم على مواقع التواصل الاجتماعي، معلنين عن تخليهم عن استهلاك الدجاج، متمنين ألا يصل بهم الأمر إلى التخلي عمّا هم أكثر احتياجاً إليه منها.
ولا تتوفر إحصائية دقيقة عن الأموال التي سيجنيها الحوثيون من هذه الزيادة الكبيرة في أسعار الدجاج؛ إلا أن بعض التقديرات تقول إن مناطق سيطرتهم تستقبل يومياً قرابة مليوني دجاجة، وهو ما يعني أن هذه الزيادة ستتسبب في حصولهم على قرابة 18 مليار ريال يمني شهرياً، وهي ما تعادل 30 مليون دولار.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.