كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

«هيئة الزكاة» تكدس المليارات و«اللجنة الاقتصادية» تدير المضاربات

عامل يمني يقوم بعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
عامل يمني يقوم بعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

عامل يمني يقوم بعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
عامل يمني يقوم بعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر. تيقن الرجل الذي كان يبحث عن الحوالة التي بعث بها أخوه، أن هناك أزمة سيولة غير معلنة.
يقول ناجي لـ«الشرق الأوسط»، إنه اضطر للانتظار أسبوعاً كاملاً حتى توسط صديقه لدى شركة صرافة وتمكن من تسلّم الحوالة، موضحاً أن الأمر لا يقتصر على انعدام السيولة النقدية بالعملة الصعبة، لكنه أيضاً يمتد إلى العملة المحلية وغياب كل فئاتها باستثناء فئة ألف ريال يمني فقط لكل دولار.
ويشرح أنه لم يحصل على مبرر لقيام شركات الصرافة أيضاً بخفض سعر الدولار الأميركي من 600 ريال لكل دولار إلى ما يقارب 500 ريال، ويوضح أن محلات الصرافة تشتري الدولار بهذا السعر المتدني جداً، وفي نفس الوقت ترفض أن تبيع بالسعر ذاته.
- تلاعب لجان
مصادر اقتصادية في صنعاء أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن ما تسمى «اللجنة الاقتصادية، وهي الكيان الموازي الذي استحدثه الحوثيون لكل المؤسسات المالية والمصرفية والتي يديرها القيادي حسن الصعدي، تساهم في التلاعب الحاصل بسعر الدولار الأميركي والانخفاض الوهمي بهدف الاحتفاظ بالسيولة من هذه العملة وعملات أخرى إلى فترة لاحقة، حيث يتوقع أن يرتفع السعر بشكل كبير».
وذكرت هذه المصادر أن السعر الحقيقي للدولار الأميركي الواحد يزيد على 1200 ريال، لكن لجنة الحوثيين تفرض سعراً محدداً من خلال سيطرتها على قطاع الصرافة واحتجاز أموال التجار لدى فرع البنك المركزي.
وفي ظل الحرب التي أشعلها الحوثيون وتسببت في انهيار الاقتصاد وتعطل عمل معظم الشركات، فإن غالبية عظمى من الأسر اليمنية تعيش على التحويلات التي يرسلها المغتربون اليمنيون، وبالذات من السعودية التي يعمل بها نحو ثلاثة ملايين يمني، ولهذا تضرر كثير من الأسر من تلاعب شركات الصرافة بسعر الدولار، بتواطؤ مع سلطة الحوثيين.
وتعتقد هذه المصادر أن الهدف هو سحب أكبر كمية من العملات الصعبة من السكان، استعداداً لمرحلة السلام حيث يتوقع الخبراء ارتفاع سعر الدولار في تلك المناطق إلى الضعف؛ لأن سعره الآن غير حقيقي.
- تكديس السيولة
بالتوازي مع ذلك يواجه السكان في تلك المناطق أزمة سيولة في العملة المحلية، مع تأكيد رجال أعمال أنه منذ ما يزيد على عام يشكو الكثيرون من ركود كبير تعيشه الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب أزمة السيولة النقدية، وحذروا من أن استمرار هذه الحالة سيؤدي إلى شلل كامل لما تبقى من الحركة الاقتصادية، وينعكس ذلك على الوضع الاقتصادي للأسر التي يعيش أكثر من 70 في المائة‎ منها حالياً على المساعدات.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أعاد عاملون في قطاع الصرافة أسباب أزمة السيولة في العملة المحلية إلى عدم اكتمال الدورة النقدية؛ لأن ما هو موجود في مناطق سيطرة الحوثيين هو جمع الأموال والجبايات بأسماء متعددة، دون أن يقابلها الوفاء بالتزامات تجاه السكان مثل صرف المرتبات أو تنفيذ مشاريع عامة؛ إذ يتولى هذه المهام مكتب مشاريع الأمم المتحدة أو الصندوق الاجتماعي للتنمية أو مشروع الأشغال العامة بتمويلات خارجية، في حين يعمل الحوثيون أفراداً وهيئات على تكديس السيولة النقدية خارج البنوك والأطر المالية المعمول بها عالمياً.
هذا الأمر أكده محمد زيد، وهو عامل مصرفي، معيداً السبب إلى النهج الذي يتبعه الحوثيون؛ إذ يقومون بجمع الجبايات من الناس لصالح أسماء مختلفة مثل الهيئات والصناديق، ولا يتم صرف إلا مبالغ بسيطة من هذه الأموال، كما أن انعدام فئات من العملة المحلية من فئة خمسمائة ريال أو مائة ريال بعد منع الحوثيين تداول الطبعة الجديدة من العملة، زاد من الأزمة، حتى إن بعض المحلات التجارية أصبحت عاجزة عن توفير الفئات الأقل وتضطر لمنح المشتري أي نوع من الحلويات مقابل ذلك.
ويؤيد عبد الله صالح، وهو أيضاً أحد العاملين في القطاع البنكي، ما ذهب إليه زيد، ويجزم أن السبب الرئيسي في هذه القضية، هو «هيئة الزكاة» التي استحدثها الحوثيون وأصبحت مثالاً على الظلم والبطش الذي يمارس على السكان بمختلف مستوياتهم الاقتصادية.
ويقول إن الهيئة الحوثية تقوم بتكديس السيولة النقدية في مستودعات البنايات، مقدراً أن لدى الهيئة حالياً نحو 200 مليار من العملة المحلية؛ إذ ترفض توريد هذه المبالغ إلى البنك المركزي كما ينص على ذلك القانون المالي، ويتحجج القائمون عليها بأن الأموال التي في البنوك ربوية ولا ينبغي خلط ما لديهم بها.
- انعدام الثقة
يورد هيثم، وهو أحد العاملين في قطاع البنوك اليمني، سبباً آخر لهذه الأزمة يتمثل في عدم ثقة الناس في البنوك التجارية بعد أن عجزت عن صرف الودائع التي كانت لديها وتمت مصادرة أرباحها من قبل الحوثيين تحت اسم محاربة الربا، إلى جانب تحديد هذه البنوك سقوفاً متدنية للسحب الشهري من الأرصدة، بحجة انعدام السيولة.
ويجزم هيثم أن قرار الحوثيين مصادرة أرباح الودائع وفوائد الدين الداخلي بحجة محاربة الربا، شكّل آخر مسمار في نعش النظام المصرفي، وضاعف من فقدان الثقة، وجعل الناس يفضلون الاحتفاظ بأموالهم في منازلهم.
هذه الرؤية يتفق معه فيها عبد الرقيب أحمد، وهو محاسب مالي، ويؤكد أن الحوثيين يتفننون في فرض المزيد من الجبايات والقيود على رأس المال الوطني والتضييق على استمراره وبقائه، وهذا أجبر الكثير منهم على مغادرة البلاد، أو الانتقال للعمل في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي «مذبحة الجوعى» في صنعاء شاهد على مأساة يمنية أوجدها الحوثيون

«مذبحة الجوعى» في صنعاء شاهد على مأساة يمنية أوجدها الحوثيون

بصمت، وارت عشرات الأسر اليمنية جثامين أبنائها الذين قضوا في حادثة التدافع التي شهدتها صنعاء منذ أيام أثناء احتشاد المئات في إحدى المدارس للحصول على مساعدة نقدية توزعها إحدى المجموعات التجارية، ومن بين هؤلاء فاطمة وهي في الستين من العمر حيث فقدت ثلاثة من أبنائها كانوا يأملون الحصول على ما أمكن من الأموال لمساعدتهم على الاحتفال بعيد الفطر. ورغم مقتل نحو 85 شخصاً وإصابة أكثر من 150 آخرين أثناء محاولتهم الحصول على مساعدة نقدية لا تزيد على 9 دولارات أميركية، قررت العائلات المكلومة دفن الضحايا دون انتظار نتائج التحقيق الذي وعدت به سلطات الحوثيين، والاكتفاء بمنح كل عائلة مبلغاً يساوي 2000 دولار أميرك

محمد ناصر (عدن)

إسرائيل تشن غارات على مناطق بالبقاع وجنوب لبنان

غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

إسرائيل تشن غارات على مناطق بالبقاع وجنوب لبنان

غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

أفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام»، اليوم (الأحد)، بأن إسرائيل شنت غارات على عدة مناطق في محافظة النبطية بجنوب لبنان ومنطقة البقاع.

وأكدت الوكالة أن الغارات الإسرائيلية استهدفت المنطقة الواقعة بين عزة وبفروة وزفتا في محافظة النبطية، كما استهدفت مرتفعات جبل الريحان بين سجد والريحان. وقال تلفزيون «إم تي في» اللبناني، إن غارة إسرائيلية استهدفت معبر قلد السبع الحدودي مع سوريا في جرود الهرمل.

وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إن طائرة حربية أغارت على نفق تحت الأرض في منطقة البقاع يجتاز من داخل الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية، و«استخدمه (حزب الله) لنقل وسائل قتالية». وأضاف الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن النفق المشار إليه سبق استهدافه في الماضي، مفسراً إعادة قصفه بأن الجيش الإسرائيلي «يعبر عن تصميمه لمنع إعادة إعماره واستخدامه». وأشار البيان أيضاً إلى الإغارة على عدة مواقع لـ«حزب الله»، «احتوت على وسائل قتالية ومنصات صاروخية شكلت تهديداً فورياً من (حزب الله) داخل الأراضي اللبنانية».

يُذكر أنه تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي. وتخرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيّز التنفيذ بشكل يومي.

وينصُّ الاتفاق على انتشار الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في منطقة جنوب لبنان، وسحب إسرائيل قواتها تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق الحدودي مع إسرائيل، وتخرق إسرائيل الاتفاق بتنفيذ عمليات قصف وتمشيط وتفجير في كثير من مناطق لبنان.