فن تنسيق الطاولة... يعتمد على ثمار موسمية وترويض التناقضات

المهندسة المعمارية عنود بزن تعشق دمج مواد من الطبيعة على موائدها (تصوير: آسيا جاغاديش)
المهندسة المعمارية عنود بزن تعشق دمج مواد من الطبيعة على موائدها (تصوير: آسيا جاغاديش)
TT

فن تنسيق الطاولة... يعتمد على ثمار موسمية وترويض التناقضات

المهندسة المعمارية عنود بزن تعشق دمج مواد من الطبيعة على موائدها (تصوير: آسيا جاغاديش)
المهندسة المعمارية عنود بزن تعشق دمج مواد من الطبيعة على موائدها (تصوير: آسيا جاغاديش)

ابنة ريف الأردن والمهندسة المعمارية، عنود بزن، تسير على المقولة السائدة أن العين تأكل قبل الفم، الأمر الذي أثار اهتمام منصة «ماتشز فاشن» إليها، وجعلها تسارع للتعاون معها بمناسبة الشهر الفضيل واستباقاً لعيد الفطر. وبما أن التعاون كان لتنسيق موائد طعام مثالية تجمع الأناقة بحسن الضيافة، وفّرت المنصة كل الأدوات المطلوبة لمائدة تفتح النفس على الأكل والسمر، وسلّمت عنود مسؤولية استعمال هذه الأدوات بشكل يبرز جماليتها وعمليتها في الوقت ذاته.

تؤمن عنود بأهمية الطعام في التقريب بين الأهل والأحبة وحتى بين الثقافات (تصوير: آسيا جاغاديش)

لم تُخيب عنود الآمال. جعلت الطبيعة جزءاً لا يتجزأ من الطاولة الرمضانية، قائلة إن أول ما تأخذه بعين الاعتبار قبل أي عمل، هو استعمال الثمار الموسمية، فواكه كانت أو أزهاراً أو أعشاباً. تدمجها بقطع مصنوعة من مواد أخرى من السيراميك أو الزجاج، حتى تُضفي على الطاولة تناسقاً يلعب على التناقضات المتناغمة. تشرح: «تتبدل الأشهر التي تصادف قدوم الشهر الفضيل سنوياً؛ لذا أعتقد أن دمج العناصر الطبيعية الموسمية عند تزيين الموائد يخلق نوعاً من الانسجام نحتاجه في حياتنا». وبما أن تاريخ شهر رمضان يتغير بنحو أحد عشر يوماً في التقويم الغريغوري كل عام، وبالتالي يحدث في أوقات مختلفة سنوياً؛ «فمهم أن نعيش هذا الشهر الفضيل حسب الموسم الذي يقع فيه، وذلك بدمج عناصر موسمية عند تزيين الطاولة، لخلق إحساس بالانسجام».

ولأنه حلّ علينا هذا العام في شهر الربيع؛ فإنها تقترح استخدام أغصان أزهار الكرز واللوز جنباً إلى جنب مع الزهور المعمرة مثل السوسن والماغنوليا، من دون الاستغناء عن ثمار الموسم. بعدها تأتي خطوة اختيار قطع السيراميك والأواني الزجاجية المناسبة لاستكمال هذه اللمسات الطبيعية.

أسلوب عنود يعكس حبها للطبيعة وفي الوقت ذاته خبرتها في التصميم (تصوير: آسيا)

حب عنود للمواد والتصميم قادها للتدرب كمهندسة معمارية، وهي الآن تستمتع بالجمع بين مختلف تخصصاتها من دون أن تنسى وطنها الأم. تقول: «إن المناظر الطبيعية المتنوعة في الأردن، مثل الغابات الكثيفة لأشجار البلوط في الشمال والألوان الحمراء للصحراء الجنوبية في وادي رم والبتراء، كانت ولا تزال منبع إلهام بالنسبة لي». وينطبق الشيء نفسه على الهندسة المعمارية في بلاد الشام التي أثرت عليها، خصوصاً ذلك التفاعل بين المساحات الخارجية والداخلية... وهذا ما يُفسّر حرصها الدائم على جلب الطبيعة إلى الطاولات التي تصممها. تذهب إلى أبعد من هذا بمحاولتها «استخدام الصخور، كما النباتات البرية بطرق جديدة وغير متوقعة».

تجمع عنود العديد من التخصصات منها تنسيق الديكورات (آسيا جاغاديش)

بالنسبة للمصممة المعمارية عنود، يعد إعداد الطاولة تقليداً متأصلاً تعرفت عليه منذ صباها في ريف الأردن. بدأت تمارسه وتتفنن فيه قبل وقت طويل من انتشار فكرة تنسيق الطاولة على وسائل التواصل الاجتماعي وكمهنة. تقول إنها في كل التجمعات العائلية الأسبوعية والمناسبات الخاصة، كان يتم تكليفها بإعدادها. كانت دائماً تشكّلها على صورة لوحة تنبض بألوان منتجات موسمية طازجة من مزرعة العائلة، أو الفواكه والخضراوات التي كان والدها يُحضرها معه إلى المنزل. مع الوقت بدأت تدمجها بالفخار وعناصر طبيعية أخرى تُجمّعها من الحديقة. هدفها كان دائماً دعوة الضيوف لمعانقة الطبيعة.

أزهار السوسن والماغنوليا أضفت على الأدوات المصنوعة من السيراميك والأواني الزجاجية الفاخرة جمالاً (تصوير: آسيا جاغاديش)

بما أن شهر رمضان لهذا العام يتزامن مع حلول فصل الربيع، تستمد عنود في تنسيق موائد الطعام الرمضانية من جماليات هذا الفصل. نسّقت أغصان شجر الكرز وزهر اللوز مع الأزهار الطبيعية مثل أزهار السوسن والماغنوليا، ما أضفى على المائدة طابعاً مميزاً، عززت من جماله الأدوات المصنوعة من السيراميك والأواني الزجاجية الفاخرة.


مقالات ذات صلة

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

لمسات الموضة اكتسب الريش هذه المرة مرونة وديناميكية شبابية (آسبري لندن)

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

تأمل «آسبري» أن تحقق لها هذه المجوهرات نفس النجاح المبهر الذي حققته كبسولة الحقائب في العام الماضي. كانت الأسرع مبيعاً في تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الأسلوب الخاص يمكن اكتسابه مع الوقت والممارسة... لكنه في الغالب يولد مع الشخص (رويترز)

أسرار «الأناقة الراقية»... تميز دون تكلف أو تكاليف

«الأناقة دون جهد» ليست مجرد صفة مميزة؛ بل تجسيد لأناقة تنبع من الشخص بطريقة طبيعية وغير متكلفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)

من سيخلف فيرجيني فيار في دار «شانيل»؟

مساء يوم الأربعاء، أعلنت دار الأزياء الفرنسية شانيل مغادرة مديرتها الفنية فيرجيني فيار. كما تبوأت هذا المنصب منذ خمس سنوات بهدوء، غادرته بهدوء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أزياء طاقم طيران الرياض سيكون أول ما سيراه المسافرون لهذا كان مهماً أن تُسند هذه المهمة لمصمم من وزن وثقافة محمد آشي (آشي)

محمد آشي... مصمم طاقم «طيران الرياض» الجديد

استعداداً لإطلاق أولى رحلاته التجارية رسمياً في عام 2025، كشفت شركة «طيران الرياض»، الناقل الجوي الوطني الجديد، عن اختياره مصمم الأزياء محمد آشي لتصميم أزياء…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)

«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

أشاد غارافاني فالنتينو مؤسس دار «فالنتينو» ببييرباولو بنشره في تغريدة يشكره فيها أنه احترم إرثه وتاريخه ولم يحاول تغييرهما بدافع الأنا المتضخمة.

جميلة حلفيشي (لندن)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
TT

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

منذ 6 سنوات، اختارت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس، الشهر العاشر من السنة لكي يكون مناسبة متجددة للاحتفال بالمصممين الناشئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي مبادرة باتت عالمية، اسمها «فاشن تراست آرابيا»، هدفها اكتشاف المصممين الصاعدين ودعمهم مادياً ومعنوياً ولوجيستياً. فإلى جانب مبالغ مالية مهمة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دولار، يتلقون تدريبات في بيوت أزياء عالمية، وتفتح لهم منصات ومحال عالمية مثل «هارودز» أبوابها لتستعرض إبداعاتهم أمام زبائنها.

من الفائزين بجوائز هذا العام (خاص)

هذا العام كانت الجوائز من نصيب 7 مشاركين، هم نادين مسلم من مصر في جانب الأزياء الجاهزة، وياسمين منصور، أيضاً من مصر عن جانب أزياء السهرة، في حين كانت جائزة المجوهرات من نصيب سارة نايف آل سعود ونورا عبد العزيز آل سعود ومشاعل خالد آل سعود، مؤسسات علامة «APOA) «A Piece of Art) من المملكة العربية السعودية.

أما جائزة الإكسسوارات، فكانت من نصيب ريم حامد من مصر، وجائزة فرانكا سوزاني، وتقدر بـ50 ألف دولار، للموهبة الصاعدة سيلويا نزال وهي فلسطينية - أردنية، بينما حصلت بتول الرشدان من الأردن على جائزة Fashion Tech، وكل من زافي غارسيا وفرانكس دي كريستال على جائزة البلد الضيف: إسبانيا.

شكَّل قصر البديع خلفية رائعة في ليلة من الأحلام والتاريخ (خاص)

لم يفز أي مغربي في هذه الدورة، باستثناء المصمم شرف تاجر مؤسس علامة «كازابلانكا» الذي حصل على جائزة شرفية بوصفه رجل أعمال. لكن فازت مراكش بالجائزة الكبرى بلا منازع. كانت المضيف والضيف القوي في الوقت ذاته. حضورها كان طاغياً وجمالها آسراً تجلى في مبانيها وقدرات حرفييها على تحويل الأحجار إلى لوحات فنية سواء في زخارف الجدران أو جص الأسقف أو فسيفساء الأرضيات، فضلاً عن فخامة الأبواب. ليست مبالغة إن قلنا إنها، أي مراكش، سرقت الأضواء وألهبت وسائل التواصل الاجتماعي. كانت خير تغيير للدوحة، البلد الأم. فالفعالية التي شهدت الدوحة ولادتها منذ 6 سنوات واحتفلت فيها لحد الآن بكل نسخها السابقة، بما فيها اثنتان؛ الأولى افتراضية بسبب جائحة «كورونا» وما ترتب عليها من منع السفر، والأخرى أُلغيت بسبب أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) في العام الماضي، وما ترتب عليها من حالة نفسية لم تفتح النفس على الاحتفال. ومع ذلك فإن إلغاء السفر لم يحرم الفائزين من أخذ فرصهم. فقد تسلموا جوائزهم ونالوا نصيبهم من التدريب والتطوير بفضل التكنولوجيا.

صورة جماعية تظهر فيها الأميرة لالة حسناء والشيخة مياسة وتانيا فارس مع الفائزين لعام 2024 (خاص)

هذا العام، ولأول مرة، تخرج الفعالية من مسقط رأسها. جاء اختيار مراكش، تزامناً مع العام الثقافي «قطر - المغرب 2024»، وهي مبادرة تقود التبادل الثقافي وتشجع الحوار القائم على الخبرات المشتركة في شتى الفنون. وبما أن «الموضة لغة فنية» كما قال النجم المصري أحمد حلمي، منشط الحفل لهذا العام، كان من الطبيعي أن تُفكر «فاشن تراست آرابيا» في المشاركة في هذه الفعالية بكل قوتها، وهكذا على مدى 3 أيام و3 ليالٍ، شهدت المدينة حركة ربما تعوّدت عليها منذ سنوات طويلة، إلا أنها اكتسبت جمالية أكبر هذه المرة نظراً لنوعية الضيوف. فقد نجحت «فاشن تراست آرابيا» في أن تجمع في نفس المكان والزمان نجوم السينما ووسائل التواصل الاجتماعي والعارضات العالميات بصناع الموضة، لتكتمل الخلطة.

كارلا بروني والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي حضرا الحفل (خاص)

فليس جديداً أن تجذب مراكش النجوم وصناع الموضة. تشدهم للاستقرار فيها أو لقضاء إجازاتهم أو إقامة مناسباتهم المهمة فيها، بدليل أن إيف سان لوران كان من عشاقها كذلك المصمم المخضرم روميو جيلي وغيره ممن استقروا فيها. الجديد أن «فاشن تراست آرابيا» كشفت لمَن سمعوا عنها ولم يُسعفهم الحظ بزيارتها من قبل خباياها وأسرارها الكامنة في معمارها الفريد وديكورات بيوتها العريقة وقصورها التاريخية وألوان صحاريها.

ماي ماسك والدة إيلون ماسك في الحفل (خاص)

يوم توزيع الجوائز، كان قصر البديع واحداً من هذه الأماكن. فيه تم استقبال الضيوف وتسليم الجوائز. كل ركن فيه كان يعبق بالتاريخ والحرفية، من أبوابه الخشبية إلى مياهه وهيبة أسواره التي تحكي كل طوبة بُنيت بها قصة وإنجازات بطولية. كل هذه التفاصيل شكلت خلفية رائعة لم يستطع الحضور المتميز، بدءاً من كارلا بروني إلى إيشا أمباني، ابنة الملياردير موكيش أمباني، رئيس شركة ريليانس أو ماي ماسك، والدة إيلون ماسك وغيرهن، منافستها بريقاً.

الأميرة لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس (خاص)

حضور الأميرة المغربية لالة حسناء الحفل وتقديمها جائزة «فاشن تراست آرابيا» للفائزة في فئة أزياء السهرة، ياسمين منصور، كان له مفعول السحر، لأنه وبكل بساطة وضع المكان في إطاره التاريخي المهيب، باستحضاره جلسات الملوك والأمراء وهم يحتفلون بالنجاحات والإنجازات بعد كل انتصار. كان واضحاً أن علاقتها بالشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني قوية وفخرهما بكل ما هو عربي ومغربي واضح. اختارت الأميرة قفطاناً عصرياً طُرِّز بالأصالة الممزوجة بالمعاصرة. بفخامة هادئة أبدعتها أنامل «معلم» محترف، لم يحتج إلى أي تطريزات براقة ومبالغ فيها. الشيخة المياسة بدورها استعملت لغة دبلوماسية راقية؛ حيث ارتدت فستاناً بتفاصيل مبتكرة من تصميم المغربي محمد بن شلال، الذي فاز بجائزة «فاشن تراست آرابيا» عام 2021 عن فئة أزياء المساء والسهرة. منذ ذلك الحين، وهو ينتقل من نجاح إلى آخر إلى حد أن أميرات أوروبا وملكة هولندا، ماكسيما، يعتمدن تصاميمه في المناسبات الرسمية والخاصة.

إنجازاته بعد حصوله على الجائزة لا تترك أدنى شك بأن الفعالية ليست مجرد حفل كبير يلتقي فيه النجوم بقدر ما هي جادة في أهدافها وتحمسها للمصممين العرب. وهذا ما تؤكده تانيا فارس، مؤسسة «فاشن تراست» التي بعد مسيرة طويلة في العمل مع مجلس الموضة البريطاني وغيره، تدعم مصمميها الشباب، رأت أن الوقت حان لتصوب أنظارها نحو المنطقة العربية. تقول: «انتبهت أننا لا نفتقر إلى المواهب، كل ما نفتقر إليه هو منصات وجهات تدعمها وتُخرج ما لديها من إمكانات ومهارات». وهكذا شكَّلت مع الشيخة المياسة ثنائياً ناجحاً، لا سيما أن وجهات النظر واحدة كذلك الأهداف.