ماذا نعرف عن متلازمة الشخص المتيبّس النادرة؟

المرض المناعي النادر يهدد مسيرة المغنية سيلين ديون

سيلين ديون تخاطب جمهورها في ديسمبر الماضي بعد إلغاء مواعيد جولتها بسبب مشكلاتها الصحية (رويترز)
سيلين ديون تخاطب جمهورها في ديسمبر الماضي بعد إلغاء مواعيد جولتها بسبب مشكلاتها الصحية (رويترز)
TT

ماذا نعرف عن متلازمة الشخص المتيبّس النادرة؟

سيلين ديون تخاطب جمهورها في ديسمبر الماضي بعد إلغاء مواعيد جولتها بسبب مشكلاتها الصحية (رويترز)
سيلين ديون تخاطب جمهورها في ديسمبر الماضي بعد إلغاء مواعيد جولتها بسبب مشكلاتها الصحية (رويترز)

أعلنت شقيقة المغنية الكندية سيلين ديون هذا الأسبوع أن مستقبل المغنية الموسيقي غير مؤكد بعد تشخيص إصابتها بمرض مناعي ذاتي يسمى متلازمة الشخص المتيبّس. ودفعت هذه الحالة ديون إلى إلغاء جميع مواعيد جولاتها المستقبلية في وقت سابق من هذا العام، وقالت شقيقتها كلوديت ديون لموقع «جورس 7» الكندي إن المغنية الشهيرة «لا تملك السيطرة على عضلاتها». فما هو هذا المرض؟ وهل يمكن علاجه؟

 

ما هي متلازمة الشخص المتيبّس؟

 

متلازمة الشخص المتيبّس (إس بي إي) هي اضطراب عصبي مناعي ذاتي نادر يمكن أن يسبب تصلباً عضلياً تدريجياً وتشنجات مؤلمة في أسفل الظهر والساقين والجذع. وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن مرض متلازمة الشخص المتيبّس غالباً ما يتقلب ويزداد سوءاً، ثم يتحسن بشكل مؤقت. ويمكن أن يعاني الأشخاص المتأثرون بهذه المتلازمة من الألم المزمن والسقوط وفقدان الحركة بمرور الوقت.

 

مَن يتأثر بالمتلازمة؟

 

وتعد متلازمة الشخص المتيبّس حالة نادرة جداً؛ إذ تؤثر على ما يقدر بشخص إلى شخصين من بين كل مليون شخص. يحدث هذا بشكل شائع عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40-50 عاماً، ولكن في حالات نادرة تُصيب الأطفال. وكان هذا الاضطراب يُعرف في الأصل باسم متلازمة الرجل المتيبّس، ولكن مثل معظم أمراض المناعة الذاتية، فهو أكثر شيوعاً عند النساء.

 

ما هي أسباب المتلازمة؟

 

لا يزال العلماء يكتشفون العوامل البيولوجية الكامنة وراء متلازمة الشخص المتيبّس، وندرة الحالة تجعل من الصعب دراستها. ومع ذلك، هناك أدلة متقاربة على أن هذه الحالة ناجمة عن رد فعل مناعي ذاتي؛ إذ يهاجم الجسم الأنسجة السليمة.

وأفادت الصحيفة في تقريرها بأن نحو 80 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الشخص المتيبّس لديهم أجسام مضادة ذاتية في دمائهم يُعتقد أنها تستهدف خلايا عصبية معينة في الدماغ تنتج مادة كيميائية في الدماغ تسمى «غابا». وتساعد تلك المادة الكيميائية بشكل عام، على تثبيط نشاط الدماغ وتنظيم الخلايا العصبية الحركية. وتشير إحدى النظريات إلى أنه مع توفر كمية أقل من مادة «غابا» في الدماغ، تقوم الخلايا العصبية المفرطة النشاط بإرسال إشارات إلى العضلات لتنقبض باستمرار أو تصبح أكثر عرضة للتشنجات المفاجئة.

ويعاني العديد من مرضى متلازمة الشخص المتيبّس أيضاً من أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل مرض السكري من النوع الأول أو البهاق أو فقر الدم الخبيث.

 

كيف يتم تشخيص متلازمة الشخص المتيبّس؟

 

وبما أنها متلازمة نادرة، فغالباً ما يتم تشخيصها بشكل خاطئ على أنها مرض باركنسون، وتتداخل أعراضها مع حالات أخرى، بما في ذلك التصلب المتعدد والألم العضلي الليفي والقلق والرهاب. ويمكن أن تساعد اختبارات الدم لتحديد الأجسام المضادة في التشخيص، كما يتم استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي أحياناً لفحص العمود الفقري والعضلات لتحديد التشخيص.

 

العلاج

 

لا يوجد علاج لمتلازمة الشخص المتيبّس، ولكن هناك علاجات مختلفة يمكن أن تساعد في إبقاء الأعراض تحت السيطرة؛ إذ يمكن أن تساعد المهدئات وباسط العضلات والمنشطات في علاج تصلب العضلات وتشنجاتها. هناك أيضاً بعض الأدلة على أن العلاج المناعي يمكن أن يساعد. وبحسب الصحيفة، فقد وجدت إحدى التجارب أن المرضى الذين تم إعطاؤهم «الغلوبيولين» المناعي الوريدي - وهي أجسام مضادة مصممة للتغلب على الأجسام المضادة المسببة للمشكلات - فإنها تخفض من مقدار التصلب لدى مرضى المتلازمة، وتُحسن من مشيتهم، وتوازنهم.


مقالات ذات صلة

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

يوميات الشرق بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

فنان الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الباحثة ييرين رين تعزف على البيانو (معهد جورجيا للتكنولوجيا)

الموسيقى تحسّن قدرات الطلاب على التعلّم

وفقاً لدراسة جديدة منشورة في دورية «بلوس وان»، يمكن للموسيقى أن تعزّز قدرتنا على تعلّم معلومات جديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق موسيقى الشهر: عودة متعثّرة لشيرين... وأحلام تنفي الانفصال بالصور والغناء

موسيقى الشهر: عودة متعثّرة لشيرين... وأحلام تنفي الانفصال بالصور والغناء

بدل أن يصل صدى أغنيات شيرين الجديدة إلى جمهورها العربي، طغى عليها ضجيج المشكلات التي واكبت عودتها. ماذا أيضاً في الجديد الموسيقي لهذا الشهر؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق سمير روحانا خلال حفل بعلبك (المصدر منصة إكس)

شربل روحانا والثلاثي جبران مع محمود درويش يعزفون على «أوتار بعلبك»

الجمهور جاء متعطشاً للفرح وللقاء كبار عازفي العود في العالم العربي، شربل روحانا وفرقته، والثلاثي جبران والعازفين المرافقين.

سوسن الأبطح (بيروت)
الوتر السادس المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)

إيلي العليا لـ«الشرق الأوسط»: دورنا هو الحفاظ على هوية الأغنية اللبنانية

قد يكون المايسترو إيلي العليا من الموسيقيين القلائل الذين لا يزالون يمارسون مهنتهم بنجاح منذ نحو 40 سنة حتى اليوم.

فيفيان حداد (بيروت)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».