عشاء ملكي واحتفال بالدورة العشرين في ثاني أيام مهرجان الفيلم بمراكش

«نزهة» و«باي باي طبريا» يدخلان سباق المنافسة... و«حوار» مع ويكلسن

من احتفالية وصول مهرجان مراكش إلى دورته العشرين (الجهة المنظِّمة)
من احتفالية وصول مهرجان مراكش إلى دورته العشرين (الجهة المنظِّمة)
TT

عشاء ملكي واحتفال بالدورة العشرين في ثاني أيام مهرجان الفيلم بمراكش

من احتفالية وصول مهرجان مراكش إلى دورته العشرين (الجهة المنظِّمة)
من احتفالية وصول مهرجان مراكش إلى دورته العشرين (الجهة المنظِّمة)

احتفل المهرجان الدَّولي للفيلم بمراكش، في ثاني أيام دورته، بوصوله إلى محطّته العشرين، مستعيداً ذكرى انطلاقته في 2001، بمبادرة شجاعة ومتبصّرة شكلت وقتها حدثاً في تاريخ السينما المغربية، وكان من بين أبرز أهدافها الرقي بالأعمال السينمائية الجيدة، والمساهمة في رفع المستوى الفني للسينما العالمية، وتطوير هذه الصناعة في المغرب، مع الترويج لصورة هذا البلد عبر العالم.

من حفل العشاء الذي أقامه الملك محمد السادس وترأَّسه الأمير مولاي رشيد (ماب)

وترأَّس الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان، حفل عشاء أقامه الملك محمد السادس، بمناسبة الافتتاح الرسمي للدورة الذي تميَّز بتقديم لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان إلى الأمير مولاي رشيد، إلى جانب النجوم العالميين الحاضرين في هذه التظاهرة والشركاء الأجانب والوطنيين.

ويقترح المهرجان، في دورته الحالية، التي تستمر إلى 2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، نخبة من الأفلام السينمائية العالمية، تضم 75 فيلماً تنتمي إلى 36 دولة، مبرمجة في أقسام «المسابقة الرسمية»، و«العروض الاحتفالية»، و«العروض الخاصة»، و«القارة الحادية عشرة»، و«بانوراما السينما المغربية»، و«عروض الأفلام للجمهور الناشئ»، فضلاً عن الأفلام التي تُقدم في إطار «التكريمات»..

فيصل العرايشي وتيلدا سوينتون وجيسيكا شاستين وإيزابيل هوبرت، وميليتا توسكان دي بلانتيي (إ.ب.أ)

تاريخ مهرجان

شهد حفل بلوغ المهرجان دورته العشرين الذي احتضنته قاعة الوزراء في قصر المؤتمرات، بحضور عدد من أبرز نجوم السينما المغاربة والعالميين، إلقاء كلمتين لكل من ميليتا توسكان دو بلانتيي، مستشارة رئيس مؤسسة المهرجان، وفيصل العرايشي، نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان، كما عُرض شريط من إنجاز المخرج المغربي حكيم بلعباس، مدته 23 دقيقة، يوثق لأبرز اللحظات التي ميزت الدورات الـ19 السابقة للمهرجان، خصوصاً ما تعلق بالإرادة التي كانت وراء إطلاق هذه التظاهرة الفنية الكبرى، والفقرات التي ظل يقترحها، والمشاهير الذين منحوه بحضورهم وصداقتهم احتراما وإشعاعاً دولياً، من فرنسيس فور كوبولا، وأوليفر ستون، وإيزابيل أدجاني، وأميتاب باتشان، وياش شوبرا، وشين كونري، وليوناردو دي كابريو، وآلان دولون، ويوسف شاهين، مرورا بسيغورني ويفر، وسوزان ساراندون، وفوريست ويتكر، وكريستوفر والكن، وسعيد التغماوي، وديفيد لينش، وشارون ستون، وكيوشي كيروساوا، وهارفي كيتل، وأمير خان، وصولاً إلى نور الشريف، ومارتين سكورسيزي، وعادل إمام، وروبرت دينيرو، ومحمد البسطاوي، وإيزابيل هوبير، وجيمس غراي، وعباس كياروستامي، وغيرهم. كلهم كانوا هنا، في مراكش، حيث نثروا سحرهم وبادلوا جمهور المهرجان الود والتحية، كما منحوا التظاهرة كثيراً من التراكم والقيمة الفنية.

وأظهرت دقائق الشريط الوثائقي، من خلال كل تلك الوجوه التي شاركت في فعاليات دوراته الـ19 السابقة، أن المهرجان المغربي صنع له تاريخاً معتبَراً وضعه على خريطة التظاهرات السينمائية العالمية الكبرى، كما استطاع ملامسة كثير من الأهداف المعلنة، عند إطلاقه، بعد أن عرف كيف يضع لنفسه هويته الخاصة، من خلال حفلات رائعة.

ميليتا توسكان دو بلانتيي والممثل مادس ميكلسن على السجادة الحمراء (إ.ب.أ)

وقالت دو بلانتيي، في معرض كلمتها، إن فضل مواصلة المهرجان لفعالياته يعود إلى إرادة الملك محمد السادس الذي كان يطمح إلى إقامة مهرجان دولي كبير في مراكش. وتحدثت عن الثقة التي وضعها ملك المغرب في زوجها المنتج السينمائي الفرنسي الراحل، دانيال توسكان دو بلونتيي، لتصميم أول دورة للمهرجان. كما استحضرت الحفاظ على المهرجان بعد الأحداث المأساوية التي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وشكرت الأمير مولاي رشيد على ثقته وإبداعه ودعمه الدائم للمهرجان.

وتحدثت دو بلانتيي عن الدورات السابقة، التي استقبل خلالها المهرجان أكبر الأسماء في السينما العالمية، مثل فرنسيس فورد كوبولا ومارتن سكورسيزي وإيزابيل هوبير وديفيد لينش وليوناردو دي كابريو وتيلدا سوينتون. وقالت إن المهرجان يهدف، من خلال مسابقته الرسمية، إلى اكتشاف مواهب جديدة. كما توقفت عند التراكم المسجَّل على مستوى الفقرات التي تميز مهرجان مراكش، كفقرات «حوار مع...» و«التكريمات» و«ورشات الأطلس»، مع حديثها عن الدعم والترويج الذي وفَّره المهرجان للسينما المغربية.

فيصل العرايشي نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان يلقي كلمة خلال حفل الدورة العشرين (إ.ب.أ)

من جهته، قال العرايشي إن المهرجان الذي أُقيم على خلفية المناظر الطبيعية الساحرة لمراكش ليس احتفالاً بالأفلام فقط، بل كان أيضاً ملتقى يتقاسم خلاله أساطير السينما فنهم وخبرتهم وما يلهمهم. وأضاف: «بينما نراجع ذكريات المهرجان، نتذكَّر مرور المواهب الخارقة على البساط الأحمر. لم يكتفِ هؤلاء الفنانون بالترفيه علينا، بل تحدّوا أيضاً وألهموا وغيَّروا مسار السينما من خلال أعمالهم الرائدة».

وشدَّد العرايشي على أن المهرجان حظي بشرف استضافة الفائزين بجوائز الأوسكار، وغيرهم من روّاد وفنَّاني صناعة الأفلام الذين لم يكن وجودهم في مراكش لحظة احتفال فحسب، بل كان أيضاً مصدر إلهام، لعدد لا يُحصى من الفنانين الطموحين الذين يعشقونهم. وشدد على أن هذه القامات السينمائية «أظهرت لنا من خلال عملها وحضورها في المهرجان كيف تتجاوز السينما اللغة والثقافة والجغرافيا، وعزَّزت فكرة أن الفيلم لغة عالمية قادرة على توحيد أناس من جغرافيات مختلفة، في تجربة إنسانية مشترك، فزرعت توجيهاتها بذور مستقبل السينما، مما يضمن استمرار تطوُّر هذا الشكل الفني وازدهاره».

حوار مع ويكلسن

شهد برنامج اليوم الثاني، ضمن فقرة «حوار مع...»، برمجة لقاء مع الممثل الدنماركي مادس ميكلسن، أحد الممثلين المعاصرين الذين تفوقوا بأداء أدوارهم في أبرز أفلام هوليوود وسينما المؤلف الأوروبية.

وخلال اللقاء الحواري، تحدث ميكلسن، الذي كُرِّم في افتتاح الدورة الحالية من المهرجان، عن مدينة مراكش التي التقى فيها بعدد من الشخصيات الفنية المشهورة التي ألهمته منذ طفولته، خصوصاً المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي، والممثل الأميركي روبرت دينيرو، والممثل الأميركي ويليام دافو.

فقرة حوارية مع مادس ميكلسن (إ.ب.أ)

وتطرق ميكلسن إلى ميله لتقمُّص أدوار معقَّدة ومستفزة. وعاد، في سياق استعادة مساره الفني والشخصيات التي طبعت تجربته الفنية، للحديث عن فيلم «سائق التاكسي»، لسكورسيزي، وبطولة دينيرو، الممثل الذي قال عنه إنه حفزه على أداء أدوار معقدة، والخروج من نمطية وقوقعة الأدوار المستفزة والشريرة.

وتحدث ميكلسن عن بداياته، مشيراً إلى أن التمثيل لم يكن حلماً بالنسبة إليه، وأنه كان يشاهد في صغره أفلام تشارلي شابلن الذي وصفه بالعبقري. واستدرك بالتعبير عن سعادته، اليوم، بالانتماء إلى عالم الفن.

وتوسَّع ميكلسن في الحديث عن المعايير التي يتوسلها على المستوى الشخصي عند اختيار الأعمال التي يشارك فيها، ولخَّصها في قيمة السيناريو، وطبيعة المخرج، والشخصية التي يجسدها على مستوى العمل الفني، مشيراً إلى أنه رفض أعمالاً لعدم اقتناعه بالسيناريو وبالمخرج.

جمهور ناشئ

في إطار رهانه على تقريب الفن السابع من الجمهور الناشئ، استقبل المهرجان 740 من أطفال إقليم الحوز، أكثر المناطق التي تضررت بفعل الكارثة الطبيعية التي شهدها المغرب ليلة 8 - 9 سبتمبر (أيلول) الماضي.

ومكَّنت هذه المبادرة أطفال الحوز من اكتشاف سحر السينما وقضاء لحظات من المتعة الفنية، تابعوا خلالها صور الفيلم الياباني «العالم السري لآريتي» لمخرجه هيروماسا يونيباياشي، الذي يحتفي بالصداقة، من خلال قصة آريتي، الطفلة الصغيرة التي تعيش في ضاحية طوكيو، تحت أرضية منزل قديم يقع وسط حديقة كبيرة، وذلك بسرّية رفقة أفراد عائلتها الذين يعيشون من سرقات صغيرة. في هذا المناخ الأسري، تعرف الصغيرة جيداً قواعد العيش في المكان. لكن، عندما يصل الطفل شو إلى المنزل من أجل فترة راحة، قبل إجراء عملية جراحية خطيرة، ستشعر آريتي بأن كل شيء سيكون مختلفاً تماماً.

المخرجة لينا سوالم (إ.ب.أ)

سباق أفلام

بعرض فيلمي «نزهة» (البوسنة والهرسك، وكرواتيا، وصربيا، وفرنسا، والنرويج وقطر، 2023)، لمخرجته البوسنية أونا كونجاك، و«باي باي طبريا» (فلسطين، وفرنسا، وبلجيكا، وقطر/ وثائقي، 2023)، لمخرجته الفرنسية – الجزائرية – الفلسطينية لينا سوالم، يكون سباق التنافس للفوز بالجوائز الخمس للمهرجان قد انطلق.

ويتميز مهرجان مراكش بمسابقته الرسمية المخصَّصة للأفلام الطويلة الأولى والثانية لمخرجيها، التي تستهدف الكشف عن مواهب جديدة في السينما العالمية. ومن بين 14 فيلماً التي اختيرت لمسابقة دورة هذه السنة، 10 أفلام هي الأولى لمخرجيها، و8 أفلام من توقيع مخرجات سينمائيات.

وتدور أحداث فيلم «نزهة» في مدينة سراييفو، حول فتاة تدعى إيمان، وهي مراهقة تختلق أنها حامل، وأصبحت محور جدال أخذ أبعاداً لم يعد بالإمكان السيطرة عليها.

الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس والمخرجة الفرنسية الجزائرية لينا سوالم (أ.ف.ب)

في حين يتناول فيلم «باي باي طبريا» قصة هيام عباس التي غادرت قريتها من أجل تحقيق حلمها بأن تصبح ممثلة، تاركة وراءها والدتها وجدتها وأخواتها السبع. وبعد مرور 30 عاماً، تصور ابنتها لينا عودتها إلى أماكن اختفت بين الذكريات المتناثرة لأربعة أجيال من نساء فلسطينيات مفعمات بالجرأة.


مقالات ذات صلة

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق خلال حضورها حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي (إدارة المهرجان)

نينا دوبريف تستعيد مسيرتها الفنية في «البحر الأحمر السينمائي»

بدت الممثلة البلغارية الكندية، نينا دوبريف، خلال ندوة خصصت لها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» وكأنها تعيد قراءة الطريق الذي قادها إلى التمثيل.

أحمد عدلي (جدة)
سينما «البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، يوم الخميس، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى 13 من الشهر الحالي.

محمد رُضا (جدة)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
TT

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

على امتداد 7 سنوات، عَبَر السعودي بدر الشيباني قارات العالم الـ7 ليعتلي أعلى قممها، لكنّ الفيلم الذي وصل إلى مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لم يكن روايةً عن الارتفاع الجغرافي بقدر ما كان رحلةً داخليةً نحو أكثر مناطق الذات عزلةً وصدقاً. هكذا قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في «إيفرست»، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

بين رؤية المتسلّق، وصنعة المخرج أمير كريم، جاءت الحكاية بلغة سينمائية تمزج الثلج الذي يغطي العدسة بأنفاس ترتجف فوق ارتفاعات الموت، وبسكون البيوت السعودية التي عادت لتُفسّر دوافع المُغامِر حين يعود من القمم إلى العائلة.

قصة لا تُروى من القمة فقط

يقول بدر الشيباني لـ«الشرق الأوسط» إنّ اللحظة الفاصلة وقعت عند أحد المخيمات المرتفعة في «إيفرست». هناك، حين كان الأكسجين شحيحاً وصوت الريح أعلى من دقات القلب، اكتشف أنّ «ما يحدث داخلي أهم مما يحدث حولي». تلك اللحظة، كما يصف، «حوَّلت الرحلة من إنجاز رياضي إلى مشروع إنساني يستحق أن يُروى للعالم».

في الوثائق التي سجَّلها بنفسه، يظهر صوت متقطّع من البرد، وعدسة تُبللها الثلوج، ويد ترتجف وهي تثبّت الحبل قبل الخطوة التالية. لكن بدر يعترف: «كنت أظن أنّ الهدف هو الوصول إلى القمة، ثم اكتشفتُ أن القمة الحقيقية كانت داخلي». هذه اللقطات الخام التي لم تُصنع لأجل السينما بل لأجل النجاة، أصبحت أساس الفيلم، ومرآته الأصدق.

الجبال ليست قمماً بل مسرح للتحوّل الإنساني

حين تسلم المخرج أمير كريم المواد الأولى للقمم التي صوَّرها الشيباني، وجد نفسه أمام صعوبة من نوع مختلف. فاللقطات ليست مأخوذة بكاميرات سينمائية ولا بإضاءة مدروسة؛ إنها لحظات حقيقية لم تعد بالإمكان إعادة تمثيلها. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتعامل مع الفيلم على أنه مغامرة جغرافية، بل رحلة نفسية يسأل فيها بدر نفسه: مَن أنا؟ ولماذا أواصل؟ الجبال بالنسبة إليّ ليست قمماً، بل مسرح يتحوَّل فيه الإنسان».

ويضيف أن أصعب تحدٍّ لم يكن في البيئات الخطرة كما يُعتقد، بل في بناء جسر بصري بين عالمين: عزلة الجبال القاسية، ودفء البيت السعودي مع العائلة.

فرؤية المخرج اعتمدت على مفارقة مقصودة: الجبال خشنة، غير مصقولة، تترك المُشاهِد يشعر بالبرد والعزلة، والمَشاهِد المحلية دافئة، حميمة، تكشف عن الدوافع والإنسان خارج المغامرة.

يقول أمير: «تركت للجبال خشونتها، وللبيت دفئه. وهذه المفارقة هي روح الفيلم وخلاصته الدرامية».

متسلّق الجبال السعودي بدر الشيباني وعودة الروح إلى نقطة البدء (الشرق الأوسط)

لحظة مواجهة الذات في «المنطقة المميتة»

يتّفق كلّ من الشيباني والمخرج على أنّ المشهد المفصلي في الفيلم هو لحظة الصمت على ارتفاع يفوق 8 آلاف متر فوق سطح البحر، في «المنطقة المميتة» لـ«إيفرست»، خلال رحلة استغرقت 38 يوماً من الصعود.

هناك، كما يروي أمير، «تختفي ملامح المدير والقائد، ويظل الإنسان وحده أمام قراره: التراجع أو المضي قدماً». هذا المشهد لا يروي صراعاً مع الطبيعة فقط، بل يكشف الصراع البشري الداخلي: حين يصبح الانتصار الحقيقي هو رفض الاستسلام.

القصة السعودية خلف القمة

يُقدِّم الشيباني عبر الفيلم صورة أوسع من تجربة فردية؛ إنها كما يقول رمز للتجربة السعودية الجديدة. فالقيم التي حملته بين القارات الـ7، من الانضباط إلى الصبر وإدارة الخوف، ليست حكايته وحده، بل انعكاس لرحلة مجتمع كامل يُعيد تعريف طموحه.

يُعلّق كريم: «قصة بدر ليست عن الجبال فقط، بل عن الإنسان السعودي الذي يتخطَّى الحدود التقليدية ليصنع مستقبله».

أما الجوانب الخفية التي عمل المخرج على إبرازها، فهي لحظات الشكّ والتعب والخوف، تلك التي كان يُخفيها المُغامِر خلف الشخصية القوية. وقد ظهر بدر أمام الكاميرا شخصاً يبحث عن ذاته بقدر بحثه عن القمة.

قيمة فكرية تتجاوز التوثيق

يرى الشيباني أنّ الفيلم يتجاوز التوثيق البصري نحو «رحلة تحوّل ذهني وروحي». العزلة في الجبال حرّرته من ضجيج الحياة، ودفعته إلى التأمُّل وإعادة ترتيب حياته.

الفيلم، كما يشرح، يدعو المُشاهدين إلى اختبار حدودهم العقلية والجسدية، ويضعهم أمام سؤال: ما الذي يمكن أن يحدث عندما نخرج من منطقة الراحة؟ ويؤكد أن عرضه في مهرجان «البحر الأحمر» ليس مجرد مشاركة سينمائية، بل رسالة بأن السعودية الجديدة تحتفي بقصص أبنائها وتضع الإنسان في قلب تحوّلها الثقافي.

بين الدبلوماسية الثقافية وصناعة الفرص

يرى الشيباني، بخبرة رائد أعمال، أن الفيلم الوثائقي ليس مجرّد فنّ، بل أصل استثماري يُعزّز رواية المملكة دولياً. ويعتقد أنّ قوة الوثائقيات تتجاوز الحملات التقليدية لأنها تعتمد على السرد الواقعي العميق.

كما يشير إلى أنّ محتوى مثل «سبع قمم» يمكن أن يتحوَّل إلى نماذج أعمال في سياحة المغامرات والتدريب القيادي، وأيضاً المحتوى التعليمي والصناعات الإبداعية. وهو ما ينسجم مع أهداف «رؤية 2030» في تحويل القصص المحلّية إلى قيمة اقتصادية عالمية. «سبع قمم» ليس فيلماً عن الارتفاعات الشاهقة، بل عن الأعماق الإنسانية. وليس عن الوصول إلى القمة، بل عن القوة الذهنية التي تمنع السقوط. إنه عمل يعكس اللحظة السعودية الراهنة: وطن يواجه قممه الخاصة، ويصعد درجاتها بثقة، بحثاً عن نسخة أوضح وأقوى من ذاته.


في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
TT

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم اليوم (الجمعة)، في حفل مليء بالاحتفالات والاستعراضات والعروض الباذخة التي تليق بـ«فنان الاستعراض».

ويقام هذا الحدث في «مركز كيندي» بواشنطن، الذي تولى ترمب رئاسته في وقت سابق من هذا العام، في حين قام بتنصيب رئيس ومجلس إدارة جديدين.

وحضور ترمب قرعة كأس العالم يضعه في صدارة المشهد خلال واحد من أبرز الأحداث الرياضية على الإطلاق؛ إذ يبدو أن منظمي الحفل أخذوه في الاعتبار منذ مرحلة التخطيط لهذا الحدث.

وستؤدي فرقة «فيلدج بيبول» أغنيتها الشهيرة «واي إم سي إيه» التي أصبحت عنصراً أساسياً في تجمعات حملة ترمب الانتخابية، وحفلات جمع التبرعات في مارالاغو، حيث شوهد الرئيس السابق يرقص على أنغامها، في حين يخطط الاتحاد الدولي (الفيفا) للكشف عن «جائزة السلام» الخاصة به.

وقام ترمب بحملة علنية للحصول على جائزة «نوبل للسلام»، مستشهداً بمشاركته في إنهاء صراعات متعددة في الخارج، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج متباينة.

ومن المقرر أيضاً أن يقدم مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي عرضاً اليوم، وكذلك نجم البوب البريطاني روبي وليامز، وسفيرة الموسيقى في «الفيفا» المغنية الأميركية نيكول شيرزينغر.

واستغل ترمب مراراً امتيازات الرئاسة ليشارك في فعاليات رياضية وثقافية كبرى هذا العام. وحضر نهائي السوبر بول في فبراير (شباط)، وسط هتافات وصيحات استهجان من الجمهور، ويعتزم يوم الأحد حضور حفل تكريم «مركز كيندي»، الذي تجنبه خلال ولايته الأولى.

وستبرز الجغرافيا السياسية في نهائيات كأس العالم؛ إذ يشارك وفد إيراني في مراسم القرعة بعد أن كان أعلن سابقاً مقاطعة الحفل بسبب مشاكل في التأشيرات، وفقاً لتقارير إعلامية. ويأتي ذلك في ظل توتر العلاقات بعد أن قصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي.


مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.