حملات ميليشاوية ضد المزارعين في 3 محافظات يمنية

الحوثيون أجبروا الفلاحين على تقديم قوافل للمجهود الحربي

مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون هتافات الجماعة (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون هتافات الجماعة (إ.ب.أ)
TT

حملات ميليشاوية ضد المزارعين في 3 محافظات يمنية

مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون هتافات الجماعة (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون هتافات الجماعة (إ.ب.أ)

شكا مزارعون وتجار منتجات زراعية في 3 محافظات يمنية من حملات ابتزاز ونهب جديدة بحقهم، رافقتها أعمال تعقب وخطف طاولت عشرات المزارعين بعد رفضهم دفع إتاوات فرضتها عليهم الجماعة الحوثية تحت مسميات ومزاعم غير قانونية.

وتركزت الحملات الحوثية الأخيرة على استهداف مزارعين وتجار منتجات بمناطق متفرقة في صنعاء وريفها ومحافظة إب، وفق ما أفادت به مصادر محلية.

يجبر الحوثيون المزارعين على تقديم قوافل لمصلحة مقاتليهم في الجبهات (إعلام حوثي)

وأكدت المصادر أن الجماعة الحوثية أجبرت مزارعين في قرى وعزب تتبع مديريات بني حشيش وخولان وبني مطر وسنحان وبني بهلول في محافظة ريف صنعاء على تقديم قوافل متنوعة من مختلف المحاصيل الزراعية منها الأعناب بمختلف أنواعها لمصلحة مقاتلي الجماعة.

المصادر أفادت بأن الحملة الحوثية امتدت إلى تجار وباعة المحاصيل الزراعية في عدة أسواق في صنعاء، منها سوق ذهبان وسوق علي محسن، وأسواق شميلة والسنينة وعنقاد.

وشكا مزارعون وتجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من فرض الحوثيين جبايات عينية عليهم وإجبارهم على تقديم تبرعات نقدية تتراوح بين 10 آلاف و100 ألف ريال يمني على كل مزارع وتاجر دعماً للمجهود الحربي (الدولار حوالي 530 ريالاً).

ويعاني معظم المزارعين بمناطق الجماعة من تحديات وصعوبات عدة، بينها استمرار سيطرة الجماعة على الأسواق المركزية ومتاجرتها بالوقود في السوق السوداء، ورفع رسوم البلديات ورسوم الأسواق، وإجبار المنتجين على دفع الإتاوات والتبرع بجزء من منتجاتهم.

ابتزاز مزارعي إب

في محافظة إب اليمنية (193 كيومتراً جنوب صنعاء) أفادت مصادر محلية بتنفيذ الجماعة الحوثية حملة ابتزاز وجباية جديدة بحق مزارعي البطاطس في مديرية يريم شمال شرقي المحافظة.

وأوضح سكان في المنطقة أن الحملة الحوثية أسفرت عن خطف عشرات المزارعين وتجار محصول البطاطس وأقارب لهم، حيث أودعوا السجون في مدينة يريم لإجبارهم على دفع ما فرض عليهم من إتاوات بناء على مسميات غير قانونية.

يعاني المزارعون اليمنيون من جبايات الانقلابيين (إعلام حوثي)

ووفقاً لحديث السكان، فقد أدت ملاحقة مسلحي الجماعة أحد مزارعي البطاطس في يريم إلى انقلاب سيارته على الطريق العام، وتعرضه لإصابات خطيرة.

يأتي الاستهداف الحوثي الأخير للمزارعين والتجار في إب في وقت يعاني فيه غالبيتهم من حالة تدهور في الإنتاج، بسبب غلاء الوقود وتقلبات المناخ.

تضرر قطاع الزراعة

عمدت الجماعة الحوثية منذ انقلابها إلى محاربة زراعة مختلف المحاصيل والمنتجات الزراعية، وسخّرت كل جهدها لدعم وتشجيع زراعة نبتة «القات»؛ لأنها تدر مبالغ مالية طائلة على الجماعة من عائدات الضرائب.

وتشير تقارير محلية إلى تضرّر القطاع الزراعي بدرجة كبيرة بسبب الحرب الحوثية؛ إذ إن إجمالي المساحة المزروعة عام 2018 بلغ نحو 1.08 مليون هكتار، مسجّلة انخفاضاً عن مستوى عام 2005 بأكثر من 118 ألف هكتار.

ومنذ الانقلاب والحرب التي أشعلتها الجماعة، دخل القطاع الزراعي كغيره من القطاعات الأخرى في حالة تدهور كبيرة، وفق ما يقوله مراقبون اقتصاديون؛ إذ قضت سياسات الجماعة التدميرية على ثلث الإنتاج الزراعي في مناطق سيطرتها.

تدهور الإنتاج الزراعي في اليمن بسبب الحرب والأوبئة والجبايات (إعلام حوثي)

وقاد فساد الجماعة المستشري في قطاع الزراعة والري والتنافس بين قادتها على تجارة وتهريب المبيدات الحشرية الخطرة والبذور الزراعية الملوثة، إلى التسبب بتخريب أراضٍ زراعية في عدد من مديريات محافظة صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة بأمراض فطرية وحشائش خبيثة، مع انتشار المبيدات المهددة للصحة والبيئة.

وكانت مصادر مطلعة بصنعاء ذكرت في وقت سابق أن الفساد الحوثي واستحواذ الجماعة على أموال اليمنيين بمناطق سيطرتها تسببا بتراجع كبير في إنتاج القطاع الزراعي بالمقارنة بما كانت عليه الحال قبل سنوات الانقلاب.

وذكرت أن مساهمة القطاع الزراعي في مناطق سيطرة الحوثيين في الناتج المحلي تراجعت إلى ما دون 5 في المائة بعد أن كانت تصل إلى نحو 14 في المائة خلال سنوات ما قبل الانقلاب المدعوم من إيران.

وحسب مسؤولين في القطاع الزراعي الخاضع للحوثيين، تراجعت نسبة العاملين في القطاع إلى ما دون 10 في المائة بعد أن كانت نسبتهم تصل إلى 54 في المائة خلال عام 2010.

تراجع إنتاج البطاطس في محافظة ذمار اليمنية بسبب البذور الملوثة والأمراض التي نجمت عنها (فيسبوك)

وأكد المسؤولون أن القطاع الزراعي شهد تدهوراً حاداً رافقه تراجع كبير في إنتاج عدد من المحاصيل وزراعتها، بسبب ممارسات النهب والتدمير الممنهج الذي انتهجته الجماعة بحق هذا القطاع ومنتسبيه.

ويقول اقتصاديون يمنيون إن قيام الحوثيين بزرع الألغام في الأراضي الزراعية، وفرض الجبايات، واستقطاع خُمس المحاصيل عنوة من المزارعين، أدت إلى تراجع الإنتاج وقلّصت من حجم المساحة المزروعة، وخفض أعداد الفلاحين العاملين بهذا القطاع عما كانوا عليه في السابق.


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

العالم العربي انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

ضمن ما سمّته الجماعة الحوثية «الاستعدادات لمواجهة إسرائيل»، نفذت عملية اجتثاث شاملة لضباط وأفراد الشرطة في صنعاء، واستحدثت مواقع عسكرية وسط التجمعات السكانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي لقطة جوية لمخيم الجفينة في محافظة مأرب الذي يُعدّ أكبر مخيمات النزوح في اليمن (إكس)

النازحون اليمنيون يواجهون الصقيع والطرد من المساكن

تتزايد معاناة النازحين اليمنيين خلال الشتاء، ويتسبب البرد بالأمراض والوفيات، وتؤدي محاولات التدفئة إلى حرائق خطيرة ومميتة، ويعجز كثيرون عن دفع الإيجارات

وضاح الجليل (عدن)
تدهور التعليم وتسرب الأطفال منه يسهم في الزج بهم بمعارك الحوثيين بحثاً عن مصدر دخل (رويترز)

اليمن: اتهامات للانقلابيين بإخفاء 7 قاصرين في ذمار

شكا سكان في محافظة ذمار اليمنية من تصاعد حالات اختفاء القاصرين، في ظل اتهامات مباشرة لقادة حوثيين بالوقوف خلفها بدافع التجنيد والابتزاز والاستغلال

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صورة مأخوذة من مقطع فيديو في 26 ديسمبر 2024 تظهر مباني محترقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)

غوتيريش: الغارات الإسرائيلية على اليمن «مثيرة للقلق»

ندّد أمين عام الأمم المتّحدة بـ«التصعيد» في الأعمال العدائية بين الحوثيين في اليمن وإسرائيل، معرباً عن «قلقه» إزاء الغارات التي شنّتها إسرائيل على مطار صنعاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

نفذت إسرائيل رابع موجة من ضرباتها الجوية مستهدفة منشآت حيوية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران شملت مطار صنعاء ومنشآت أخرى حيوية في المدينة ذاتها وفي الحديدة.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)
انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)
انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)

ضمن ما سمّته الجماعة الحوثية «الاستعدادات لمواجهة إسرائيل»، نفذت الجماعة الحوثية عبر وزارة الداخلية في حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، عملية اجتثاث شاملة لضباط وأفراد الشرطة في العاصمة المختطفة صنعاء، كما استحدثت مواقع عسكرية وسط التجمعات السكانية في مناطق التماس مع القوات الحكومية.

وذكر أربعة من منتسبي الشرطة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنهم فوجئوا مساء الخميس بإرسال عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة والمعين وزيراً للداخلية، طواقم جديدة بدلاً عنهم إلى كل أقسام الشرطة في جنوب المدينة وغربها، والتي توجد بها معظم السفارات والمجمع الرئاسي ومعسكرات الصواريخ ومخازن الأسلحة.

ووفق هذه الرواية، طُلب من الطواقم القديمة التي تضم ضباطاً وصف ضباط وأفراداً في أقسام الشرطة وقيادة المنطقة، تسليم ما بحوزتهم من عُهد ومغادرة هذه الأقسام إلى منازلهم دون أي تفسير أو التزام بالقواعد المتعارف عليها عند نقل أو إعادة توزيع الضباط والأفراد، حيث يتم إعادة توزيعهم على مرافق أخرى وليس إبعادهم عن العمل بشكل كلي.

عم زعيم الحوثيين تولى مهمة تطهير وزارة الداخلية من جميع العناصر التي لا تنتمي للجماعة (إعلام محلي)

وأكدت المصادر أن الحوثيين لا يثقون بمنتسبي الشرطة السابقين رغم عملهم مع الجماعة طوال السنوات العشر الماضية وتحت إدارتهم، وأن قادة الجماعة عمدوا طوال السنوات الماضية إلى تعيين مشرفين من سلالة الحوثي للإشراف على أعمال كل الجهات الأمنية، كما أنهم حالياً يخشون أن يكرر عناصر الشرطة الحاليون تجربة انهيار قوات النظام السوري وقيامهم بتسليم مواقعهم للقوات الحكومية حال تقرر مهاجمة مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

انعدام الثقة

وطبقاً لهذه الرواية، فإن الحوثيين، بعد هذه السنين، باتوا على يقين بأن منتسبي وزارة الداخلية في مرحلة ما قبل اجتياح صنعاء لا يزال ولاؤهم للحكومة، وأنهم يمكن أن يشكلوا نواة لاستسلام منتسبي الأمن للقوات الحكومية.

وتوقعت المصادر أن تمتد عملية الاجتثاث التي نفذها الحوثيون في صنعاء إلى بقية المحافظات، وبالذات تلك الواقعة على خطوط التماس مع مناطق سيطرة الجانب الحكومي.

الحوثيون عملوا طوال السنوات الماضية على تغيير التركيبة الوطنية لأجهزة الأمن والجيش (إعلام حوثي)

وبينت المصادر أن عم زعيم الحوثيين (عبد الكريم الحوثي)، وابن مؤسس الجماعة الذي يشغل منصب وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن والاستخبارات (علي حسين الحوثي)، استعانا في عملية الإحلال بأبناء قتلى الجماعة الذين سموهم «أبناء الشهداء»، وينحدر معظمهم من محافظة صعدة؛ معقلهم الرئيس في شمال البلاد، ومن محافظتي ذمار وصنعاء، وبآخرين ممن ينتمون لسلالة الحوثي والذين أُلحقوا بقوام الوزارة ومُنحوا رتباً أمنية منذ ما بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية.

وتم توزيع العناصر الجدد - بحسب المصادر - مع ضباط غير معروفين مُنحوا رتباً من قبل وزير داخلية الجماعة، على أقسام الشرطة والمناطق الأمنية في القطاع الجنوبي لصنعاء بصورة مفاجئة.

وذكرت المصادر أن العملية سوف تعمم على بقية المناطق الأمنية في صنعاء، باعتبار العناصر الجدد محل ثقة الجماعة بحكم انتمائهم الطائفي، وتم إخضاعهم لدورات فكرية مكثفة طوال السنوات الماضية، في حين أن العاملين في أجهزة الشرطة كانوا ينتمون لجميع محافظات البلاد، وليس لهم أي ولاء طائفي.

دروع بشرية

وأفادت مصادر محلية يمنية بأن الجماعة الحوثية دفعت بتعزيزات كبيرة من مقاتليها إلى منطقة العود على حدود محافظة الضالع (جنوباً) الخاضعة لسيطرة الحكومة مع محافظة إبّ الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وأكدت المصادر أن الجماعة استحدثت، لأول مرة منذ سنوات، مواقع عسكرية وسط المزارع وبين التجمعات السكنية، ضمن استعدادها لمواجهة ما تزعم أنه هجوم محتمل لإسقاط حكمها على غرار ما حدث في سوريا.

جبهة الضالع واحدة من الجبهات التي تشهد خروقاً متواصلة من الحوثيين (إعلام محلي)

وبينت المصادر أن نشر الحوثيين مسلحيهم من المجندين الجدد في تلك المناطق قيّد حركة الساكنين، كما جعلهم دروعاً بشرية في حال وقوع مواجهة مع القوات الحكومية، وخاصة أن جبهة محافظة الضالع من الجبهات النشطة عسكرياً، وشهدت طوال عامي الهدنة خروقات متتالية من جانب الحوثيين.

من جهتها، أفادت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة تعيش هذه الأيام أوضاعاً سياسية وعسكرية صعبة بعد الضربات التي تعرض لها المحور الإيراني في لبنان وسوريا؛ إذ تتوقع أن تتعرض لهجوم واسع خلال فترة لا تزيد على شهرين.

وتخشى الجماعة - بحسب المصادر - من انهيار داخلي حال مضت إسرائيل في تنفيذ تهديدها باستهداف رؤوس كبيرة في قيادتها؛ ولهذا تتعامل بريبة مع أي شخص لا ينتمي لسلالتها أو طائفتها، وهو ما جعلها تقدم على عملية اجتثاث أفراد الشرطة وإرسالهم إلى المنازل.