منغصات حوثية في صنعاء... وجبايات ترهق السكان

ميادين وشوارع مغلقة... ونقاط تفتيش تكبل حركة المرور

حوثيون خلال عملهم على تجهيز ميدان السبعين للاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)
حوثيون خلال عملهم على تجهيز ميدان السبعين للاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)
TT

منغصات حوثية في صنعاء... وجبايات ترهق السكان

حوثيون خلال عملهم على تجهيز ميدان السبعين للاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)
حوثيون خلال عملهم على تجهيز ميدان السبعين للاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)

بعد انتظار استمر وقتاً طويلاً حتى امتلاء حافلة الركاب في إحدى محطات شوارع العاصمة اليمنية، صنعاء، نفد صبر الطالب الجامعي أيمن الخديري، ودخل مع زميلين له وبقية الركاب في مشادة مع السائق الذي أبلغهم بأن الأجرة ستكون مضاعفة، مبرراً ذلك بإغلاق غالبية الشوارع في المدينة للاحتفال بالمولد النبوي، ما سيضطره لسلوك شوارع فرعية وجانبية بعيدة، حتى الوصول إلى أمام الجامعة.

تبلغ المسافة بين المحطة وجامعة صنعاء 7 كيلومترات تقريباً، وتقطعها الحافلات بالوقوف المتكرر لإقلال وإنزال الركاب في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة في الأوقات العادية، بينما قد تصل المدة في أوقات الذروة إلى الضعف، لكن إغلاق ميدان السبعين، جنوب العاصمة صنعاء، والشوارع المؤدية إليه، أجبر الحافلات على الوصول في مدة تتجاوز 80 دقيقة، بحسب طلاب جامعة صنعاء.

تسبب إغلاق ميدان السبعين للاحتفال بالمولد النبوي في زحام مروري خانق طوال اليوم (إكس)

بعد تشاور الخديري وزميليه قرروا العودة وعدم الذهاب إلى الكلية، إذ لا يملك ثلاثتهم ما يكفي لأجرة الحافلات التي ضاعفها السائقون ذهاباً وإياباً، فضلاً عن أنهم أدركوا، من خلال حديث السائق، أنهم لن يصلوا إلى الكلية إلا وقد انتصفت المحاضرة، وربما لن يُسمح لهم بالدخول، فقرروا النزول من الحافلة رفقة عدد من الركاب.

وكان الحوثيون قرروا، مطلع الشهر الحالي، الاستعداد للاحتفال بالمولد النبوي الذي يوافق السابع والعشرين من الشهر ذاته، وتخصيص ميدان السبعين وسط العاصمة باتجاه الجنوب، وملعب الثورة شمالها لتنظيم الاحتفالات، وتكثيف أعمال النظافة في الشوارع والمداخل، ومنع السكان من مزاولة أنشطتهم وحركتهم فيهما وفي محيطيهما.

وتتضمن الاستعدادات تنظيم احتفالات مصغرة بشكل يومي بوصفها بروفات للاحتفال في يوم المولد، وتحديد المواقف الخاصة بوسائل النقل وتوسعتها، ونشر الزينات والأضواء.

الجباية بالمظاريف

منذ السادس من هذا الشهر، أغلق الحوثيون ميدان السبعين، والشوارع والطرق المؤدية إليه كافة، ليسبب هذا الإغلاق حالة ازدحام وشللاً في حركة المرور، منعا الطلاب والموظفين والعمال من الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم ومقار أعمالهم، وبُرّر ذلك في البداية بأن الإغلاق بسبب أعمال إنشائية... مطالبين المواطنين باستخدام الطرق البديلة.

وكثفت الجماعة من إجراءاتها الأمنية التي زادت من الزحام والاختناق المروري، حيث نشرت نقاطاً وحواجز تفتيش في غالبية شوارع العاصمة والمدن الرئيسية، خصوصاً بالقرب من الساحات المخصصة للاحتفالات.

وبحسب ما روته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجماعة كلفت مشرفيها تولي مهام الجباية من سكان وأهالي أحياء العاصمة، صنعاء، ومختلف المناطق والمدن لصالح الاحتفال، من خلال مظاريف فارغة كُتب على كل منها اسم رب العائلة المكلف دفع الجبايات، إلى جانب رقم مسلسل، من أجل حصر المتخلفين عن الدفع في تلك المظاريف.

يقنع الحوثيون أنصارهم بأن صبغ أجسادهم باللون الأخضر من ضمن القربات إلى الله (إعلام حوثي)

وألزمت الجماعة الحوثية، المدعومة من إيران، مسؤولي الأحياء (يُعرفون محلياً بعقال الحارات) بالتعاون مع المشرفين لحشد أهالي الأحياء إلى فعاليات احتفالية بالمولد النبوي في ميدان السبعين وملعب الثورة خلال الأيام والأسابيع التي تسبق ذكرى المولد، إلى جانب اجتماعات في المساجد بعد الصلاة؛ للتنسيق لتلك الفعاليات وإبلاغ المصلين بحضورها.

ولم يكن الطلاب الجامعيون وحدهم المتضررون من إغلاق الشوارع في العاصمة صنعاء؛ إذ أجبرت هذه الاحتفالات سائقي السيارات الخاصة ومركبات الأجرة والنقل على تغيير مساراتهم إلى مناطق وشوارع بعيدة من ميدان السبعين، ما أدى إلى اتساع رقعة الزحام وامتدادها إلى غالبية شوارع العاصمة طوال ساعات النهار والليل.

ويقع ميدان السبعين في قلب العاصمة صنعاء، في منطقة تتوسط غالبية أحياء جنوب وشرق ووسط وغرب العاصمة صنعاء، وتمر به غالبية الطرق السريعة التي تخفف من الزحام المروري، التي يؤدي إغلاقها إلى حدوث اختناقات مرورية في أغلب شوارع هذه الأحياء.

مدينة ملطخة بالأخضر

يضطر جمال الجنيد، الذي يعمل في شركة أدوية، إلى الخروج قبل مواعيده المعتادة بساعة كاملة من أجل إيصال أطفاله إلى المدرسة قبل التوجه إلى العمل، لكن هذه الساعة لا تكفي كما يقول، إذ لا يجد بسهولة سيارة أجرة يوافق سائقها على أخذه في المشوار إلى المدرسة التي تقع بالقرب من ميدان السبعين.

مشردون يفترشون الرصيف أمام مظاهر الاحتفالات الحوثية وصبغ المدن باللون الأخضر (فيسبوك)

غير أن مهندس أجهزة إلكترونية في مستشفى السبعين العمومي الواقع على بعد أمتار من الميدان، اكتشف حيلة بسيطة لتبرير تأخره عن الدوام، حيث يبلّغ القادة الحوثيين المسيطرين على المستشفى بأنه يتأخر يومياً لأنه يمر على الميدان للمشاركة في الاستعدادات للاحتفال بالمولد النبوي، وهو التبرير الذي ينال استحسانهم.

وتقول مصادر «الشرق الأوسط» إن الميليشيات عمّمت على ملاك المحال والمولات التجارية والمطاعم الكبرى في صنعاء، توجيهات بتلوين الأبواب والأرصفة بالطلاء الأخضر، وتعليق ونشر الزينات باللون نفسه، الذي تستخدمه للاحتفال بالمولد النبوي منذ انقلابها، وتوعدت من يتخلف عن ذلك بالغرامات وإجراءات عقابية أخرى.

ويعد الاحتفال بـ«المولد النبوي» أحد أهم مظاهر هيمنة الميليشيات الحوثية على المناطق الواقعة تحت سيطرتها، حيث تستخدمه للاستعراض السياسي، وحشد أنصارها إليه، وإجبار السكان على المشاركة فيه بالترغيب والترهيب.

حتى المواشي لم تنجُ من صبغها باللون الأخضر في مناطق سيطرة الحوثيين (إكس)

كما يعد هذا الاحتفال أحد أهم مصادر الجباية وجمع الموارد لصالح الجماعة، من خلال إجبار مختلف شرائح السكان على التبرع له، ومصادرة أموال المؤسسات الحكومية لصالحه.

وخلال الأسابيع الماضية ألزمت الجماعة الحوثية أكبر البيوت التجارية، بالتبرع بمليارات الريالات اليمنية لصالح الاحتفال بالمولد النبوي، في حين يتهكم السكان، كل بطريقته، من تحويل مظاهر الحياة وصبغها باللون الأخضر الفاقع، الذي يقولون إنه يسبب لهم الإزعاج البصري والاكتئاب.


مقالات ذات صلة

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

العالم العربي الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

رحبت الحكومة اليمنية بقرار الحكومة الكندية تصنيف الجماعة الحوثية المدعومة من إيران «منظمةً إرهابيةً»، داعية بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون يسعون إلى الاستحواذ على كل أموال الصناديق والجهات الإيرادية (إعلام محلي)

الحوثيون يشرّعون للاستيلاء على موارد بقية المؤسسات

قدم الحوثيون ما وصفوه بـ«مشروع قانون استثنائي» لصرف نصف راتب لموظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، في خطوة ممهِّدة لوضع يد الجماعة الانقلابية على بقية أموال المؤسسات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عناصر أمن حوثيون يرددون «الصرخة الخمينية» (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يستدرجون عناصر أمن سابقين للتعبئة

قامت الجماعة الحوثية باستدراج عشرات من الضباط والجنود الأمنيين السابقين في صنعاء وريفها، للتعبئة العسكرية والطائفية، مستغلة حالة الفقر التي يعيشونها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
الخليج جانب من توقيع مركز «الملك سلمان للإغاثة» اتفاقية لبناء 232 وحدة سكنية اقتصادية في حجة غرب اليمن (سبأ)

مركز «الملك سلمان للإغاثة» يمول بناء أكثر من 200 وحدة سكنية بمحافظة حجة اليمنية

وقّع مركز «الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني في اليمن، لإنشاء مجمع سكني للنازحين داخلياً مع مرافقه…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».