الحوثيون يخصصون نصف مليون دولار لإقامة فعاليات طائفية في أسبوع

وسط اتساع رقعة الجوع واستمرار حرمان الموظفين من رواتبهم

يمنيات في ضواحي صنعاء أجبرن على المشاركة في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
يمنيات في ضواحي صنعاء أجبرن على المشاركة في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يخصصون نصف مليون دولار لإقامة فعاليات طائفية في أسبوع

يمنيات في ضواحي صنعاء أجبرن على المشاركة في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
يمنيات في ضواحي صنعاء أجبرن على المشاركة في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)

أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن الميليشيات الحوثية خصصت أكثر من 250 مليون ريال يمني (نصف مليون دولار) لإقامة سلسلة فعاليات وأمسيات ودورات ذات صبغة طائفية في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المدن الواقعة تحت سيطرتها خلال أسبوع.
وشهدت المناطق اليمنية القابعة تحت سيطرة الانقلابيين منذ أكثر من أسبوع احتفالات رافقها تنظيم فعاليات متنوعة بما يسمى «يوم الصمود»، في الوقت الذي يعاني فيه غالبية سكان اليمن من المجاعة والفقر المدقع جراء الحرب التي شنتها الميليشيات ومن ثم بسطت نفوذها على جميع مؤسسات الدولة.
وذكر مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات نظمت خلال أسبوع أكثر من 180 فعالية وأمسية سياسية وتعبوية ودورات وفكرية ووقفات احتجاجية في صنعاء وبقية مدن سيطرتها.
وبحسب مصادر محلية، أجبرت الجماعة القائمين على إدارة وزارات وهيئات الدولة المحتلة ومكاتبها في صنعاء وبقية المحافظات تحت سيطرتها على تنظيم الفعاليات مقابل ملايين الريالات، مع إجبار سكان المناطق تحت قبضتها على الحضور والمشاركة قسرا بالوقفات الاحتجاجية والفعاليات التي تحمل الصبغة الطائفية.
وفي ظل استمرار اتساع رقعة الفقر والمعاناة بين السكان، أفادت المصادر بأن الجماعة وضمن عبثها بالمال العام اقتطعت جزءا كبيرا من تلك الأموال المخصصة لصالح مناسباتها من قطاع الاتصالات الخاضع لسيطرتها، في حين خصصت بقية المبالغ من عائدات الإتاوات المفروضة على المؤسسات التجارية الخاصة ورجال الأعمال والسكان في مناطق سطوتها.
وتؤكد المصادر أنه لا يستفيد من تلك المبالغ المخصصة لإقامة تلك الفعاليات الحوثية غير الأتباع والموالين للجماعة الانقلابية دون غيرهم من اليمنيين الذين يواجه الملايين منهم منذ ثماني سنوات أعقبت الانقلاب خطر المجاعة وتفشي الأوبئة القاتلة، مع حرمانهم من رواتبهم وأبسط مقومات الحياة المعيشية.
وسبق لقادة جماعة الانقلاب الحوثي أن عقدوا قبيل موعد الاحتفاء بمناسبة ما يسمى «يوم الصمود»، سلسلة اجتماعات ولقاءات منفصلة مع مسؤولين موالين لهم في صنعاء وبقية المحافظات لحثهم على تحشيد السكان وتنظيم الفعاليات والوقفات الاحتجاجية.
مظاهر احتفال الانقلابيين في ظل ما تشهده البلاد من أوضاع اقتصادية وأمنية ومعيشية متدهورة وبائسة، دفعت السكان في صنعاء وغيرها من المناطق إلى إبداء المزيد من مظاهر السخط ضد الميليشيات التي يرون فيها كابوسا يجثم على صدورهم ويستولى على موارد البلاد والمؤسسات.
«محمد، ع»، وهو موظف حكومي يعمل في صنعاء يعبر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن استيائه الشديد من استمرار اهتمام الميليشيات الحوثية بإحياء مزيد من المناسبات ذات الصبغة الطائفية والإنفاق عليها، وعدم الالتفات إلى أوجاع ومعاناة السواد الأعظم من المحرومين.
ويقول محمد «لم يعد البذخ الحوثي في المناسبات وغيرها التي تضيف إليها الجماعة بصمات إيرانية دخيلة على المجتمع، مفاجئاً لنا في صنعاء، إذ إن كل الفعاليات التي تحمل في مجملها الطابع السياسي والطائفي ما هي إلا بوابة لنهب الأموال العامة والخاصة في ظل استمرار تفاقم معاناة اليمنيين واتساع رقعة الفقر والجوع وتفشي البطالة».
إهدار الميليشيات الحوثية لمليارات الريالات على هذه الفعاليات التعبوية يأتي في الوقت الذي تحذر فيه منظمات دولية؛ بينها الأمم المتحدة، من أن المجاعة قد تطال 20 مليون يمني نتيجة الحرب، وأن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم.
ويقول حقوقيون يمنيون في العاصمة صنعاء، إن مناسبات الحوثيين من قبيل «يوم الصمود، وذكرى الصرخة الخمينية، وذكرى الانقلاب، وأسبوع الشهيد وميلاد الزهراء ويوم الولاية، وعاشوراء، والمولد النبوي، ويوم مقتل مؤسس الجماعة ومقتل الصماد» وغيرها من المناسبات الأخرى، باتت كابوساً مرعباً لملايين اليمنيين لارتباطها بحملات الابتزاز والقمع والجباية».
وبحسب ما يؤكده ناشطون سياسيون في صنعاء، لم يتوقف الانقلابيون عن استغلال تلك المناسبات لمحاولة التأثير على عواطف اليمنيين، أملا في استقطاب المزيد من الصغار والكبار إلى صفوف الميليشيات واعتناق أفكارها ذات المنزع الطائفي.
ويقول مسؤولون في الحكومة اليمنية إن الميليشيات تواصل استغلال المناسبات المختلفة التي تبتكرها لإيصال رسائل سياسية وعدائية وتحشد الناس بالترغيب والترهيب مستغلة جوع الناس وعوزهم.
وكانت الميليشيات الحوثية أقامت أكثر من 700 فعالية ذات صبغة طائفية في ذكرى «المولد النبوي»، وخصصت لها أكثر من 65 مليار ريال (الدولار نحو 550 ريالا) بحسب ما ذكرته مصادر مطلعة في صنعاء، فضلا عن إنفاقها المزيد من المليارات على بقية المناسبات طوال أشهر العام.


مقالات ذات صلة

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يجبرون التجار والباعة والطلاب على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

تواصل الجماعة الحوثية فرض الجبايات والتبرعات الإجبارية لصالح «حزب الله» اللبناني وسط توقعات أممية بارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية إلى 12 مليوناً

محمد ناصر (تعز)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.