نواب عراقيون يتهمون «المركزي» بـ«تسليم نفسه» للمصارف الأجنبية

وسط تراجع أسعار صرف الدينار أمام الدولار

جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (أ.ب)
جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (أ.ب)
TT

نواب عراقيون يتهمون «المركزي» بـ«تسليم نفسه» للمصارف الأجنبية

جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (أ.ب)
جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (أ.ب)

رغم الإجراءات العديدة التي اتخذها المصرف المركزي العراقي، ولا يزال، لضبط أسعار الصرف، فإن الدينار العراقي استمر منذ أسابيع في التدهور مقابل الدولار الأميركي وبقية العملات، حيث تراوحت أسعار الصرف بين 1600 و1700 دينار للدولار الواحد، مما يثير المزيد من المخاوف باحتمال تراجعه. وانخفض سعر الدينار بمعدلات أعلى، مما أثر لاحقاً سلباً على أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية وركود نشاط البيع والشراء في الأسواق المحلية.

وفي أحدث جهودها لمعالجة أزمة الصرف، اتخذت الحكومة، أول من أمس، قراراً يلزم المصارف الحكومية بسداد قروضها بالدولار على سعر الصرف الرسمي (1320 ديناراً) لكل دولار أميركي من المقترض، على أن يعزز المصرف المركزي العراقي حسابات المصارف بالدولار لغايات التحويل الخارجي وبسعر الصرف الرسمي.

ورغم أن إجمالي مبالغ التحويلات إلى الخارج بلغ، يوم الأربعاء، نحو 198 مليون دولار بالسعر الرسمي، بحسب بيانات «المركزي»، فإن أسعار صرف الدينار في السوق الموازية بلغت أكثر من 1650 ديناراً للدولار.

ويثير التراجع المستمر في أسعار الصرف قلقاً شعبياً واستياء سياسياً من عدم قدرة المصرف المركزي العراقي على معالجة الفجوة الكبيرة بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار السوق السوداء.

فقد وجهت نائبة رئيس لجنة النزاهة النيابية عالية ناصيف، انتقادات لاذعة لسياسات «المركزي»، متهمة إياه بتسليم نفسه للمصارف الأجنبية التي عبثت باقتصاد البلاد.

وتوحي اتهامات من هذا النوع بالتبني الضمني من قبل ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وله أكثر من 35 نائباً في البرلمان، بحكم عضوية ناصيف في هذا الائتلاف.

وقالت ناصيف، في بيان: «لم يكن على المصرف المركزي العراقي أن يسلم نفسه للمصارف الأجنبية التي نهبت الدولار وعبثت باقتصاد البلاد (بما في ذلك المصرف الوطني الموجود في دولة عربية مجاورة)، بل كان من المفترض أن يعتمد بعض البنوك العراقية الملتزمة بضوابط الاحتياطي الفيدرالي الأميركي».

وأشارت إلى أن «المصرف المركزي العراقي هو من يملك الحلول أمام الفيدرالي الأميركي، وهو يتحمل مسؤولية المصارف العراقية وخضوعها لضوابط وقيود (الفيدرالي)، ولكن بسبب الفاسدين فيه، سلم نفسه للمصارف الأجنبية، لدرجة أن رئيس دولة مجاورة يتصل ويتدخل بنفسه نيابة عن المصرف الوطني؛ لأنه يدخل إلى بلاده ملياري دولار شهرياً».

وتابعت: «إن الدور الذي تمارسه بعض المصارف الأجنبية تجاوز مرحلة السرقة والنهب ووصل إلى مرحلة التخريب وضرب الاقتصاد الوطني وإفلاس الدولة. وهنا نتساءل: ماذا ننتظر؟ لذلك، على القضاء وهيئة النزاهة التدخل السريع والدخول في كافة معاملات البنوك الخاصة الأجنبية التي يملك العراق أسهماً فيها بنسبة 49 في المائة أي خلافاً للضوابط، والضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين».

وصدرت دعوات برلمانية، الشهر الماضي، تطالب رئيس الوزراء محمد السوداني بإقالة محافظ «المركزي» علي العلاق، إلا أن رئيس الوزراء ما زال متمسكاً به لشغل المنصب.

وفي هذا الإطار، قال النائب عدنان الجابري، إن محافظ المصرف المركزي فشل في السيطرة على ارتفاع سعر صرف الدولار. وأشار في تصريح صحافي، إلى أن هناك حالة من الاستياء في الأوساط السياسية والشعبية من تراجع الدينار أمام الدولار، ويجب على الحكومة اتخاذ إجراءات بحق المحافظ.

وأضاف: «بعد تولي العلاق منصب المحافظ، قدم خطة للسيطرة على ارتفاع سعر صرف الدولار، لكنه فشل فيها ولم يف بوعوده للشعب العراقي».

كما كشف وجود مداولات داخل مجلس النواب لاتخاذ إجراءات بحقه باعتباره المسؤول المباشر عن سوق العملة.

إلى ذلك، دعا رئيس غرفة تجارة محافظة ديالى محمد التميمي، إلى اعتماد تجربة منح جزء من رواتب الموظفين بالدولار بشكل مؤقت، وبحسب السعر الرسمي للدولار، بعيداً عن مزاد العملة الذي يخضع للمصارف والقوى المالية المؤثرة التي تربح عشرات المليارات من الدنانير خلال ثوانٍ جراء الفرق العملة بين الرسمي والموازي.


مقالات ذات صلة

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
TT

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)

تعهّدت الدول المُتقدّمة، يوم الأحد، في باكو، تقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو، الأحد، على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي.

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035.

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأيضاً للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان، فجر الأحد، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء» عليه.

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه - روناشيه عن أسفها، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأحد، في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

وقالت الوزيرة في بيان، إنه على الرغم من حصول «كثير من التقدّم»، بما في ذلك زيادة التمويل للبلدان الفقيرة المهددة بتغيّر المناخ إلى 3 أضعاف، فإنّ «النص المتعلّق بالتمويل قد اعتُمِد في جوّ من الارتباك واعترض عليه عدد من الدول».

اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة

في المقابل، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، الأحد، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، رحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ». وقال ميليباند: «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، باتفاق «كوب 29» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهداً بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترمب المشكك بتغيّر المناخ.

وقال بايدن: «قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها»، لكن «لا أحد يستطيع أن يعكس» هذا المسار.