لعب على المكشوف بين الفصائل المسلحة وأميركا في العراق

مقياس بلينكن لم يضبط إيقاع الهجمات ضد قواته

بلينكن يتحدث للصحافيين بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي في بغداد الأحد (أ.ف.ب)
بلينكن يتحدث للصحافيين بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي في بغداد الأحد (أ.ف.ب)
TT

لعب على المكشوف بين الفصائل المسلحة وأميركا في العراق

بلينكن يتحدث للصحافيين بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي في بغداد الأحد (أ.ف.ب)
بلينكن يتحدث للصحافيين بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي في بغداد الأحد (أ.ف.ب)

لم تنفع الدرع الواقية التي ارتداها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى زيارته الخاطفة إلى بغداد، مساء الأحد، في إيصال رسالة إلى الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، في إيقاف هجماتها على الأميركيين في العراق. الدرع الواقية فضلاً عن خوذة الرأس التي كانت بيد أحد مرافقيه بدت حافزاً لتلك الفصائل في أن تزيد من وتيرة استهدافها للقواعد المختلف على تسميتها في العراق، بين أن تكون قواعد عراقية تضم أميركيين طبقاً لتوصيف الحكومة العراقية، أو قواعد أميركية مدججة بكل أنواع الأسلحة مثلما تصر الفصائل على تسميتها.

المرشد الإيراني علي خامنئي مستقبلاً السوداني غداة زيارة بلينكن لبغداد الاثنين (أ.ف.ب)

وبين ما بدا أنه رسالة أراد بلينكن إيصالها للإيرانيين عن طريق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في أن تكف الفصائل عن استهدافهم، مقابل أن تكف أميركا في المقابل عن استهداف إيران، أو وساطة احتاجت واشنطن من العراق القيام بها، لم يتأخر رد الفصائل على كلا الأمرين. فبعد أقل من 24 ساعة على عودة السوداني من زيارة إلى طهران قيل إنها مفتتح جولة إقليمية في عدد من دول المنطقة، بما فيها دول خليجية، تبنت الفصائل المسلحة استهداف قاعدة «حرير» في أربيل التي توجد فيها قوات التحالف الدولي.

الإعلان عن الاستهداف تكرر بعد «طوفان الأقصى» في السابع من اكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أن كانت الفصائل نفسها تقوم على مدى السنوات الماضية باستهداف نفس القواعد التي يوجد فيها الأميركيون في عين الأسد أو حرير أو مطار بغداد أو قاعدة بلد الجوية أو مقر السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد. وعلى مدى سنوات كانت بغداد تصدر بيانات تعلن فيها العثور على منصات إطلاق تلك الصواريخ دون أن تحمل فصيلاً أو طرفاً مسلحاً مسؤولية ما يحصل.

الفصائل نفسها وفي سياق ردها على التهم التي توجهها لها واشنطن بشن تلك الهجمات تنفي مسؤوليتها بل تحمل أطرافاً تصفها بـ«العميلة» للأميركيين بأنها هي التي تقوم بذلك؛ لغرض خلط الأوراق من جهة أو وضع الفصائل في دائرة الاستهداف المباشر من قبل القوات الأميركية من جهة أخرى.

الرسالة وصلت معكوسة

السوداني والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مؤتمر صحافي بطهران الاثنين (رويترز)

وفي سياق ما بدا رداً مباشراً، إن كان على رسالة أوصلها السوداني إلى الإيرانيين أو وساطة قام بها بناء على طلب أميركي بشأن عدم استهداف الفصائل للقواعد التي يوجد فيها الأميركيون في العراق، فإن الرسالة وصلت لكنها معكوسة. فطهران التي تملك القدرة على التأثير على الفصائل المسلحة، وبالتالي يمكن منعها من استهداف الوجود الأميركي في العراق، لا يبدو أنها في وارد الرضوخ للشروط أو الطلبات الأميركية وهو ما يعني أن سقف مطالبها أو شروطها لا يزال مرتفعاً، ودون قدرة واشنطن على تلبيتها بسبب الإحراج الذي تسبب بها لها الرد الإسرائيلي المبالغ فيه على المدنيين في غزة، فضلاً عن قرب البدء بالحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية. لذلك لم يعد أمام الفصائل المسلحة سوى اللعب على المكشوف مع الولايات المتحدة الأميركية بقطع النظر عن النتيجة التي يمكن أن تنتهي بها المجابهة.

3 هجمات جديدة بمسيرات على قاعدة قرب أربيل

وفي هذا السياق، وفي بيان لها، أعلنت ما تسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق»، في بيان منسوب لها، أنها استهدفت «قاعدة الاحتلال الأميركي (حرير) شمال العراق، بطائرتين مسيرتين». ووفقاً للبيان، فإن الطائرتين «أصابتا أهدافهما بشكل مباشر».

من جهته، فإن جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان أعلن في بيان مماثل عن تعرض قاعدة عسكرية للتحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش» في مدينة أربيل إلى هجومين منفصلين بثلاث طائرات مسيّرة مفخخة.

ووفقاً للمعلومات التي نشرها الجهاز في بيان، أنه «صباح اليوم (الثلاثاء)، وعبر طائرتين مسيرتين مفخختين تمت مهاجمة قاعدة عسكرية للتحالف الدولي في مطار أربيل الدولي»، مشيراً إلى تفجيرهما أثناء تحليقهما في السماء. وذكر البيان أيضاً أنه وفي هجوم آخر وعلى المكان ذاته سقطت طائرة مسيرة مفخخة من دون أن تنفجر.


مقالات ذات صلة

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

العالم العربي انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

بدأت السلطات العراقية انتشال رفات «نحو مائة» امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في الثمانينات في عهد الرئيس السابق صدام حسين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء ببغداد في 28 أكتوبر 2022 (رويترز)

السوداني يدعو إلى مراقبة دقيقة لحزب البعث المنحل الموجود في العراق

جدد رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، اليوم (الخميس)، موقف الحكومة بشأن المراقبة الدقيقة لوجود حزب البعث العربي الاشتراكي المنحل على الساحة العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الشرع مستقبلا الوفد العراقي (أ.ف.ب)

أول تواصل عراقي معلن مع الإدارة السورية الجديدة

«خطوة في الاتجاه الصحيح قامت بها حكومة الرئيس محمد شياع السوداني، من خلال فتح حوار مباشر مع القيادة السورية الجديدة».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي برج مراقبة تابع للجيش العراقي لجزء من الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها 600 كيلومتر (أ.ف.ب)

وفد عراقي التقى في دمشق الإدارة السورية الجديدة

التقى وفد عراقي يرأسه رئيس جهاز المخابرات العراقية، حميد الشطري، في دمشق الإدارة السورية الجديدة، وفق ما قال المتحدث باسم الحكومة العراقية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الرياضة كاساس (الشرق الأوسط)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، قبل مواجهة السعودية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
TT

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)

لسنوات، ظلت قصور «قرى الأسد» ومنازلها الفاخرة أشبه بـ«محمية» للحلقة الضيقة حول الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وزوجته أسماء من رجال أعمال وقادة أمنيين وعسكريين برتب رفيعة.

لكن بعد سقوط النظام، باتت المنطقة الواقعة غرب دمشق، في عهدة السلطة الجديدة التي نشرت فصائل مسلحة لحمايتها من السرقة أو محاولات إحراق الوثائق، كما جرى في قصر يسار إبراهيم الذي يوصف بأنه الذراع المالية للسيدة الأولى السابقة.

ولا تبدو على المسلحين المكلفين حراسة القصور أي علامات اهتمام بتفاصيلها الفاخرة من مسابح وصالات رياضة حديثة وأثاث مستورد. فكل ذلك بالنسبة إليهم دليل إضافي على حياة البذخ التي عاشها رجال السلطة على حسابهم.

ويقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يدخل جيشهم إلى منزلنا ومناطقنا لا يتركون أبواباً أو بلاطاً أو حديداً أو شرائط كهربائية داخل الجدران. يقومون بـ(التعفيش) المنهجي؛ فلا يبقى من بيوتنا إلا هياكل عظمية... هل كانوا فعلاً يحتاجون إلى ذلك؟».

وخلال جولة لـ«الشرق الأوسط» في المنطقة، رصدت عدداً من علامات الهروب المرتبك لقاطني هذه القصور. ففي منزل اللواء الركن كمال علي حسن، رئيس شعبة المخابرات العسكرية، على سبيل المثال، تنتصب شجرة ميلاد نصف مزينة وسط الصالون الكبير، توحي بأن العائلة رحلت على عجل قبل الانتهاء من مهمة التزيين.