رئيس البرلمان التونسي: مبادرة «اتحاد الشغل» اجتهاد منقوص

إبراهيم بودربالة يتحدث إلى الإذاعة التونسية
إبراهيم بودربالة يتحدث إلى الإذاعة التونسية
TT

رئيس البرلمان التونسي: مبادرة «اتحاد الشغل» اجتهاد منقوص

إبراهيم بودربالة يتحدث إلى الإذاعة التونسية
إبراهيم بودربالة يتحدث إلى الإذاعة التونسية

كشف إبراهيم بودربالة، رئيس البرلمان التونسي المنبثق من انتخابات 2022، عن مصير مجموعة من الملفات التي بقيت «مبهمة»، أهمها مبادرة الإنقاذ الوطني التي سيوجهها «الرباعي» الراعي للحوار إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، وتركيز المحكمة الدستورية وتحديد صلاحيات كلتا الغرفتين النيابيتين، وعلاقة البرلمان الجديد مع وسائل الإعلام.

فبشأن مبادرة الحوار الوطني التي صاغها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) مع عدد من مكونات المجتمع المدني، أوضح بودربالة أنها تندرج في إطار الاجتهاد لكنه «اجتهاد منقوص»، على حد تعبيره. وأكد في حوار إذاعي الجمعة، أنها «لا تشكل إلا جزءاً من طموحات الشعب التونسي، فضلاً عن كونها تفتقد للشمولية، نظراً إلى غياب مشاركة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال) واتحاد الفلاحين والاتحاد الوطني للمرأة».

وأضاف بودربالة: «كان على أصحاب المبادرة أن يدرسوا بشكل دقيق التزامات الدولة الثنائية والإقليمية والتزاماتها مع المؤسسات المالية الدولية حتى تكون مبادرة متكاملة يمكن الاستئناس بها في رسم الخطوط العريضة للمستقبل»، وهو ما يوحي بـ«قبر» هذه المبادرة قبل الإعلان عن تفاصيلها.

كما كشف عن قرب استكمال ما سماها «الوظيفة التشريعية»، وذلك عبر انتخاب أعضاء مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية) في غضون أشهر قليلة، وعلى الأرجح خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وقال إن أعضاء البرلمان سينظرون في آليات التواصل بين المجلسين (المجلس التشريعي/ البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم/ الغرفة الثانية) حتى يعرف كل مجلس حدود صلاحياته، مشيراً إلى أنه «سيتم إحداث تلك الآليات حال استكمال دراسة القانون الأساسي المنظم لها والمصادقة عليه».

وأعبر بودربالة عن أمله في أن ترى المحكمة الدستورية، التي تنظر في مدى مطابقة القوانين للدستور، النور في القريب العاجل بعد تعطلها منذ سنة 2015، مضيفاً أنه «سيتم إحداثها حال استكمال دراسة القانون الأساسي المنظم لها والمصادقة عليه».

وتعتبر المحكمة الدستورية أحد أهم مطالب قيادات المعارضة، إذ إن من مهامها الحسم في وضعية رئيس الجمهورية في حال حدوث شغور في المنصب أو تجاوز في الصلاحيات أو عدم القدرة على ممارسة السلطة.
 

«تقرر السماح للصحافيين بمباشرة نشاطهم داخل المجلس وفق ضوابط سيتم الاتفاق بشأنها لاحقاً»

رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة

وفيما يتعلق بتغطية الإعلام لجلسات وأشغال اللجان البرلمانية، أكد بودربالة ثوابت المجلس في دعم حرية الإعلام، مبيناً أنه تقرر السماح للصحافيين بمباشرة نشاطهم داخل المجلس وفق ضوابط سيتم الاتفاق بشأنها لاحقاً. وكشف عن قرب منح تراخيص لوسائل الإعلام الأجنبية لمواكبة أشغال الجلسات العلنية.
وكانت العلاقة بين مجلس البرلمان وممثلي وسائل الإعلام قد توترت خلال الفترة الماضية نتيجة منع الإعلاميين من مواكبة أشغال اللجان البرلمانية.

تحذير «النقابات الدولية»

تحرك احتجاجي تونسي في 18 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

وكان مجلس النقابات الدولية حذر ممّا وصفه بـ«انزلاق تونس نحو مسار الشمولية»، مطالباً الرئيس قيس سعيّد ومجلس نواب الشعب والجهاز القضائي بـ«أن يغيروا هذا المسار ويلتزموا بضمان حرية التعبير للجميع في تونس».

وقال المجلس الخميس إنّ «الهجوم المنهجي على حرّية التعبير، وتقييد حرّية الوصول إلى المعلومات والقدرة على مراقبة عمل البرلمان والجهاز القضائي، والاعتقال التعسفي للصحافيين والقيادات النقابية هي دلائل على أن تونس تنزلق بشكل متواصل نحو مسار الشمولية».
 

وكان نبيل الحجي، رئيس حزب التيار الديمقراطي (المعارض)، قد عبر عن استيائه من تواصل ما سماه «مسلسل التضييق على المعارضين وعلى الحقوق والحريات»، وذلك على هامش وقفة تضامنية نظمت الجمعة أمام المحكمة الابتدائية بتونس تزامناً مع مثول غازي الشواشي، وهو رئيس سابق لحزب التيار الديمقراطي، أمام القضاء.

 وأضاف الحجي أن «الشواشي يمثل أمام القضاء على معنى (المرسوم الرئاسي 4)، هذا المرسوم جُعل في الأصل لتنظيم السّلامة السيبرانيّة، لكن لم يُستعمل إلا الفصل 24 منه ضدّ النقابيين والسياسيين والصحافيين». وتابع أن «المرسوم 54 أساسه الفصل 24، وهو موجه للتضييق على الحريات. فبسبب كلمة قد تجد نفسك مُهدداً بـ5 إلى 10 سنوات سجناً وبخطية مالية بين 50 و100 ألف دينار تونسي».


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».