عودة «مقلقة» لظاهرة الوفيات في سجون لبنان

ريفي يحذر من «قنبلة موقوتة»... ومنظمات إنسانية تطالب بتحقيق شفّاف

سجناء في باحة سجن رومية (أ.ف.ب)
سجناء في باحة سجن رومية (أ.ف.ب)
TT

عودة «مقلقة» لظاهرة الوفيات في سجون لبنان

سجناء في باحة سجن رومية (أ.ف.ب)
سجناء في باحة سجن رومية (أ.ف.ب)

عادت ظاهرة الوفيات في السجون اللبنانية بظروف غامضة إلى الواجهة مجدداً، خصوصاً بعد وفاة موقوفين اثنين خلال الساعات القليلة الماضية، ما أثار قلق المهتمين بملفّ السجون وأولهم المنظمات غير الحكومية التي دقّت ناقوس الخطر، وطالبت بـ«إجراء تحقيق شفّاف، وإصدار تقارير تبيّن الأسباب التي تقف وراء هذه الحالات».

وأفاد تقرير صادر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان يوم الجمعة، بأن «الموقوف (ع. ك من مواليد 2007 مكتوم القيد) نُقل بتاريخ يوم الخميس (الماضي) من فصيلة الرملة البيضاء إلى المبنى (ج) في سجن رومية، وهو مبنى مخصص لاستقبال السجناء الجدد بغية متابعة أوضاعهم الصحية بإشراف ممرضين من منظمة الصحة العالمية، وصباح اليوم التالي (الجمعة) وُجد ميتاً داخل الغرفة، وبعد معاينة الجثة من قبل طبيب شرعي تبيّن أن الضحية قضى شنقاً، وليس هناك أي آثار عنف».

وأشار بيان قوى الأمن إلى أن «السجين الثاني يدعى أ. ط (مواليد عام 1991 فلسطيني) موقوف بجرم مخدرات، توفي يوم الأربعاء بعد نقله إلى المستشفى». وأوضحت أنه «لدى معاينة الطبيب الشرعي للجثة، تبيّن أن سبب الوفاة هو توقف في عضلة القلب، وأن التحقيق جارٍ بإشراف القضاء المختص».

انهيار الواقع الاستشفائي

ويعزو المسؤولون عن إدارة السجون، هذه الحالات إلى أسباب متعددة، أبرزها انهيار الواقع الطبي والاستشفائي، الذي يرتد على السجناء كما كلّ المواطنين، وأوضح مصدر أمني مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، أن «أغلب المتوفين قضوا في أثناء وجودهم في المستشفيات، ما يعني أن تراجع الرعاية الطبية له الأثر الأكبر في ارتفاع نسبة الوفيات بين السجناء». وأكد أن «الانهيار الذي يعانيه القطاع الصحي يلعب دوراً رئيسياً بنسب الوفيات». وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، إن «عدد المرضى في السجون مرتفع جداً، وأغلبهم يحتاج إلى خمسة أدوية على الأقل بسبب الأمراض المزمنة التي يعانونها، حتى إن أكثر من يجري توقيفهم حديثاً يعيشون أوضاعاً صحية صعبة، لأنهم غير قادرين على المعاينة الطبية وتناول الأدوية بشكل منتظم».

«نطالب بتحقيق عاجل وكشف حقيقة وفيات السجناء»

النائب ميشال الدويهي

وتولي لجنة حقوق الإنسان النيابية، أهمية قصوى لهذا الواقع؛ إذ عقدت اجتماعات مع إدارة السجون وممثلين عن قوى الأمن الداخلي والمنظمات الحقوقية، وحذّر عضو اللجنة النائب الدكتور ميشال الدويهي، من «توفير الحماية والحصانة للمتورطين المحتملين في هذه الحالات». وإذ طالب بـ«تحقيق عاجل وكشف حقيقة وفيات السجناء»، دعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، القضاء إلى «وضع يده على التحقيق، وأن يكشف حقيقة ما يحدث». وشكك بما سماها «مزاعم الانتحار داخل الزنزانة التي تبدو غير مقنعة وتحتاج إلى إثباتات». وسأل: «هل يعقل أن ينتحر شخص داخل زنزانة ضيقة جداً، من دون أن ينتبه أحد من رفاقه النزلاء في الغرفة نفسها؟». وطالب إدارة السجون والقضاء بـ«أجوبة حاسمة حول هذه المسألة». ورأى أن «تكرار هذه الحوادث يستدعي مزيداً من الرعاية ومعاقبة المقصرين». 

ورأى النائب أشرف ريفي أن «تكرار الحوادث الكارثية في سجن رومية يضيف إنذاراً للدولة على إنذار بأن القنبلة الموقوتة تكاد تنفجر، وبأن مأساة السجن ستتحول مأساةً وطنية».

وقال في تغريدة: «المطلوب الإسراع في الحلول الجذرية، وأولها تطبيق قانون العقوبات لجهة مدة التوقيف الاحتياطي في الجُنح والجنايات بالنسبة للموقوفين، وإقرار قانون العفو بالنسبة للمحكوم عليهم». وناشد المجتمع الدولي «أن يعيد تأهيل السجون بما يتناسب مع حقوق الإنسان». 
 

حقائق

34 وفاة

سجلت في السجون اللبنانية خلال 2023

وتشير الإحصاءات إلى أن استمرار الوفيات بهذه الوتيرة هذا العام، سيتجاوز 34 حالة وفاة حدثت في العام الماضي، وطالبت رئيسة مركز «ريستارت» لتأهيل ضحايا التعذيب والعنف سوزان جبّور بـ«إجراء تحقيق صحيح وشفّاف لمعرفة الأسباب»، ورأت أنه «لا يجوز أن تُجري إدارة السجن تحقيقاً بهذه الحوادث».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قلق كبير حول أسباب الوفيات، في غياب تقارير طبية صادقة وشفّافة وتحقيقات موضوعية لمعرفة حقيقة ما إذا كانت الوفاة طبيعية أو ناتجة عن سوء معاملة أو تعذيب أو نقص في الغذاء والتقديمات الطبية». ولا تستبعد أن يكون «تراجع الخدمات الطبية وغياب العناية الطبية للذين يعانون من مشكلات صحيّة سبباً رئيسياً وراء الوفاة». 
 

اللافت أنه منذ بداية العام الحالي توفي 8 سجناء، وأفادت التقارير الأمنية بأن اثنين منهم قضيا انتحاراً، بينما الستة الباقون قضوا نتيجة توقف مفاجئ في القلب، وتوقفت سوزان جبّور عن خلفيات إقدام عدد من السجناء على الانتحار، ورأت أن «هذه الحالات على الأرجح ناتجة عن اضطرابات نفسية يعاني كثير من السجناء، وللأسف لا يوجد تقييم نفسي لحالاتهم، وهناك غياب للأطباء المتخصصين في الطب النفسي».

وشددت جبور على أن هذه الوفيات «تستدعي دق جرس الخطر لأن الأمور ذاهبة نحو الأسوأ، في ظلّ سوء التغذية وغياب العناية الطبية وشحّ الأدوية، وعدم توافر سيارات لنقل المرضى لنقل أي سجين إلى الطوارئ عند الضرورة». وختمت جبّور بالقول: «نشعر بمدى الخوف الذي يعتري الناس، خصوصاً أن الدولة عاجزة عن تقديم أجوبة مقنعة لما يحصل، في ظلّ القلق من أن تكون الوفيات ناتجة عن أعمال غير مشروعة». 


مقالات ذات صلة

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

المشرق العربي لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى البرلمان

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لسيارة في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

لبنان يواكب قمة ترمب - نتنياهو والعين على ابتعاد شبح الحرب

تحظى القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، المنعقدة في 29 الحالي في فلوريدا، باهتمام لبناني.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

لبنان «يدير المخاطر» وسط تهديدات إسرائيلية وغياب الضمانات

يتحرّك لبنان سياسياً في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية، ضمن هامش ضيّق ترسمه توازنات خارجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)

4 قتلى و108 جرحى باعتداء فلول النظام السابق على الأمن والمدنيين في اللاذقية

نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)
نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)
TT

4 قتلى و108 جرحى باعتداء فلول النظام السابق على الأمن والمدنيين في اللاذقية

نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)
نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)

أعلنت مديرية الصحة في محافظة اللاذقية السورية، الاثنين، ارتفاع عدد الوفيات عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات إلى 4 أشخاص و108 مصابين.

وكان قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، قد صرح، الأحد، بوقوع اعتداء من «بعض العناصر الإرهابية التابعة لفلول النظام البائد على عناصر الأمن الداخلي في اللاذقية وجبلة خلال المظاهرات التي دعا لها المدعو غزال غزال»؛ ما أدى لإصابة بعض العناصر الأمنية وتكسير سيارات تتبع للمهام الخاصة والشرطة.

وأضاف الأحمد: «تم رصد عناصر ملثمة ومسلحة خلال الاحتجاجات في دوار الأزهري في اللاذقية ودوار المشفى الوطني في جبلة»، مضيفاً أن هذه العناصر تتبع لما يُسمى خلية «سرايا درع الساحل» وخلية «سرايا الجواد» الإرهابيتين، المسؤولتين عن عمليات تصفية ميدانية وتفجير عبوات ناسفة على أوتوستراد M1، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).

أحد المصابين في مستشفى باللاذقية عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات في المدينة (إ.ب.أ)

وأعلنت وزارة الدفاع السورية، الأحد، نشر مجموعات من الجيش مدعومة بآليات مصفحة ومدرعات بمراكز مدن اللاذقية وطرطوس بالساحل الغربي للبلاد عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات.

ونقل التلفزيون السوري عن إدارة الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع القول إن نشر المجموعات العسكرية جاء بعد «تصاعد عمليات الاستهداف من قبل مجموعات خارجة عن القانون باتجاه الأهالي وقوى الأمن». وأضافت الإدارة أن مهمة القوات هناك «حفظ الأمن وإعادة الاستقرار بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي».


البرلمان العراقي ينتخب هيبت الحلبوسي رئيساً للدورة التشريعية السادسة

إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

البرلمان العراقي ينتخب هيبت الحلبوسي رئيساً للدورة التشريعية السادسة

إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)

انتخب البرلمان العراقي السبت، هيبت الحلبوسي، رئيسا للدورة التشريعية السادسة، حسبما أفادت وكالة الأنباء العراقية.
وحصل الحلبوسي على 208 أصوات من بين 309 نواب أدلوا بأصواتهم، بحسب الوكالة.

وينتمي الحلبوسي إلى قائمة «حزب تقدم»، وتولى رئاسة لجنة النفط والطاقة في البرلمان خلال الدورتين النيابيتين السابقتين.
وأعلن صفوان بشير الجرجري الأمين العام لمجلس النواب العراقي، في وقت سابق، بدء الجلسة الأولى للمجلس. وبدأ بقراءة أسماء المرشحين الفائزين الذين صدقت عليهم المحكمة الاتحادية.

كانت وكالة الأنباء العراقية قد نقلت أمس عن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان قوله إن جلسة مجلس النواب الجديد الأولى «يجب أن تنتهي بتسمية رئيس مجلس النواب ونائبيه، ولا يمكن دستورياً وقانونياً تأجيلها، أو تمديدها».

كانت الدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي أعلنت أن الجلسة ستعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وسيؤدي النواب اليمين القانونية، ومن ثم يُفتَح باب الترشح لانتخاب رئيس البرلمان ونائبيه للأعوام الأربعة المقبلة.

وأعلن صفوان الجرجري، الأمين العام للبرلمان العراقي، أن جلسة البرلمان الأولى ستقتصر على المرشحين الفائزين، ولا يسمح بدخول الضيوف والصحافيين إلى قاعة البرلمان.


احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)

أفادت وسائل إعلام سورية رسمية بعودة الهدوء مساء أمس (الأحد) في مناطق الساحل كافة، بعد التوترات الأمنية التي شهدتها خلال الاحتجاجات التي لبت دعوة غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي المؤسس في فبراير (شباط) الماضي.

وأعلنت وزارة الدفاع السورية، نشر مجموعات من الجيش مدعومة بآليات مصفحة ومدرعات في مراكز مدن اللاذقية وطرطوس بالساحل الغربي للبلاد عقب الهجوم المسلح من فلول النظام البائد على قوات الأمن والمواطنين خلال الاحتجاجات.

وزارة الداخلية من جهتها، قالت إنّ قواتها الأمنية المكلّفة تأمين الاحتجاجات تعرضت «لاعتداءات مباشرة» من قبل مسلحين ملثمين في اللاذقية، مشيرةً إلى وقوع حوادث مشابهة في ريف طرطوس نفذتها مجموعات مرتبطة بفلول النظام السابق. وتوفي 3 أشخاص وأصيب 60 آخرون بين مدنيين وعناصر أمن، جراء الاعتداءات، وأوضحت مديرية الصحة في تصريح لـ«سانا»، أن الإصابات التي وصلت إلى المشافي شملت إصابات بالسلاح الأبيض، والحجارة وطلقات نارية من فلول النظام البائد على عناصر الأمن والمواطنين.

وأصدر وجهاء من «الطائفة الإسلامية العلوية» في منطقة الساحل بسوريا بيانات ترفض دعوات التقسيم وإثارة الفتن، وتؤكد التزامهم القيم التي تدعو إلى «وحدة الصف وبناء سوريا واحدة موحدة».