ماذا ينتظر الجنيه المصري أمام الدولار بعد رفع الفائدة 3%؟

عقب قرار «المركزي» بشأن عائد الإيداع والإقراض

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
TT

ماذا ينتظر الجنيه المصري أمام الدولار بعد رفع الفائدة 3%؟

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

أثار قرار البنك المركزي المصري، مساء الخميس، بزيادة سعر الفائدة بواقع 3 في المائة، كثيراً من التكهنات عن تأثيرات القرار الذي تضمن الوصول بأسعار عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة في البنوك المصرية إلى 16.25، و17.25 في المائة وعلى الترتيب، وهو ما لفت خبراء اقتصاديون إلى أنه «قد ينعكس سلباً» على زيادة أسعار بعض السلع الأساسية التي يستخدم مستوردوها تسهيلات مصرفية في أعمالهم، فضلاً عن «عدم ضمان ثبات قيمة الجنيه مقابل الدولار في ظل تأثر الاقتصاد المصري بالأزمات العالمية، ونقص المعروض من النقد الأجنبي مقابل ارتفاع الطلب عليه خلال الفترة المقبلة».
وتعد الزيادة الأخيرة، هي الأكبر التي تقرها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، التي اتخذت على مدار العام الحالي 8 قرارات بشأن أسعار الفائدة، أسفرت عن زيادة أسعار الفائدة بنسبة 8 في المائة؛ إذ اتخذت قراراً بزيادة الفائدة بنسبة 1 بالمائة في مارس (آذار) الماضي، وبنسبة 2 بالمائة في مايو (أيار) الماضي، وأكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأرجعت لجنة السياسة النقدية، في بيان، قرارها إلى «ازدياد الضغوط التضخمية من جانب الطلب في الآونة الأخيرة، وهو ما انعكس في تطور النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بالطاقة الإنتاجية القصوى، وفي ارتفاع أسعار كثير من بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين، وفي زيادة معدلات نمو السيولة المحلية».
ويرى الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي المصري، أن قرار سعر الفائدة «لن يحقق الهدف المرجو منه وهو تحجيم التضخم»، مشيراً إلى أن سبب التضخم في مصر «لا يرجع إلى توافر السيولة؛ بل إلى تراجع قيمة الجنيه». ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار زيادة سعر الفائدة «لا يستهدف المرض الأساسي؛ بل يتعامل مع بعض الأعراض»، موضحاً أن زيادة سعر الفائدة «ستؤدي إلى أعباء جديدة على الموازنة العامة للدولة، وعلى المؤسسات العاملة في مجال توفير السلع الأساسية، وبالتالي زيادة التضخم وليس تحجيمه».
في المقابل، يرى الدكتور إســلام جـمال الـدين شــوقي، الخـبير الاقـتصــادي المصري، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن من «الأسباب الدافعة لرفع سعر الفائدة، هو ارتفاع معدلات التضخم، إذ من المتوقع أن تزداد معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، فوفقاً لبيانات البنك المركزي المصري ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي في نوفمبر (تشرين الثاني) لتشهد أسعار السلع والخدمات صعوداً جديداً، حيث ارتفع في نوفمبر الماضي إلى 21.5 في المائة مقابل 19 في المائة في أكتوبر الماضي، كما أنه من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم لشهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي ليصل على أقل تقدير إلى 23 في المائة».
ويذهب شوقي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن قرار «المركزي» المصري يهدف إلى «تهدئة سوق الصرف من خلال عودة جاذبية (الأموال الساخنة) وهي الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في الجنيه المصري، سواء في أذون الخزانة أو السندات وإغراء المستثمرين الأجانب للعودة مرة أخرى والاستثمار في أدوات الدين المصرية، خصوصاً بعد خروجهم من السوق المصرية خلال الفترة الماضية بنحو 30 مليار دولار، مما يخلق نوعاً من الطلب مرة أخرى على الجنيه وترك الأجانب للحصيلة الدولارية في مصر مقابل الحصول على الجنيه للاستثمار في أدوات الدين ذات الفائدة المرتفعة، وبالتالي يتم توفير الدولار في مصر مرة أخرى».
وتوقع شوقي أن «تطرح البنوك الحكومية المصرية الكبرى خلال الأيام القليلة المقبلة، شهادات ادخارية بعائد 20 في المائة على الأقل خلال الآونة المقبلة، لمساعدة البنك المركزي في امتصاص السيولة والتضخم من الأسواق، مما سيشجع الأفراد المحتفظين بالدولار للتخلي عنه في مقابل الدخول للاستثمار في الشهادات الادخارية في مقابل الحصول على فائدة مرتفعة قد تفوق فائدة الاحتفاظ بالدولار في الفترة الراهنة».
وحول توقعاته للفترة المقبلة، أشار النحاس إلى «الحاجة الماسة إلى توفير أوعية ادخارية لحملة الدولار في مصر، وليس زيادة أسعار الفائدة التي ستزيد معدلات التضخم وليس العكس». وأضاف أن «هناك حاجة ماسة لتوفير مبالغ إضافية من الدولار، في ظل تنامي الطلب المتوقع على الأمد القصير، سواء لدفع أقساط وفوائد الديون المستحقة خلال الآونة القليلة المقبلة؛ إذ ستكون مصر مطالبة بسداد 3.15 مليار دولار في فبراير (شباط) المقبل، و5.4 مليار في مارس المقبل، علاوة على توفير متطلبات استيراد السلع اللازمة لشهر رمضان المقبل ولموسم الصيف، وهي متطلبات يجري تدبير مبالغ استيرادها في الربع الأول من العام».
فيما حث شوقي الحكومة المصرية على «سرعة تلبية احتياجات المواطنين من السلع الأساسية وتوفيرها بالأسعار المناسبة لهم، والعمل على زيادة الإيرادات أو إعطاء أولوية للإنفاق الذي يحافظ على الاستثمارات في رأس المال البشري والمادي الداعمة للحماية الاجتماعية والمعززة للنمو»، لافتاً إلى «ضرورة تشديد الدور الرقابي على الأسواق عن طريق جهاز حماية المستهلك والتنسيق بين جميع الأجهزة الرقابية، والعمل على جذب شرائح جديدة من الأفراد وكسب ثقتهم لإيداع أموالهم لدى البنوك لتخفيض السيولة في الأسواق».
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 17 ديسمبر الحالي على منح مصر 3 مليارات دولار خلال 46 شهراً، على أن تُصرف دفعة فورية تعادل 347 مليون دولار، للمساعدة في تلبية احتياجات مصر «العاجلة» من العملة الصعبة. وتوقع الصندوق أن يشجع هذا الاتفاق الشركاء الدوليين والإقليميين على إتاحة تمويل إضافي لصالح مصر بقيمة 14 مليار دولار. واتخذ رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قبل يومين مجموعة من الإجراءات لـ«تسريع الإفراج عن السلع الموجودة بالجمارك، وبخاصة السلع الأساسية والاستراتيجية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)
عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)
TT

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)
عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

أعلن مكتب المدعي العام الاتحادي الألماني أنه طلب إحالة 4 أشخاص يُشتبه في انتمائهم لـ«حماس»، إلى المحكمة بتهمة جمع أسلحة في أوروبا لصالح الحركة.

أُوقِفَ الرجال الأربعة وهم: عبد الحميد ل. ع، وإبراهيم ل. ر، المولودان في لبنان، والمصريان محمد ب، ونزيه ر. اللذان يحملان الجنسية الهولندية في 14 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

لقطة من مداهمة لجهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - د.ب.أ)

وكتب مكتب المدعي العام الفيدرالي المتخصص في شؤون الإرهاب ومقره في كارلسروه (غرب): «كانوا جميعاً يعملون لصالح (حماس) في الخارج منذ سنوات، وشغلوا مناصب مهمة فيها، فيما يتعلق بإدارة الفرع العسكري للمنظمة»، على ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحسبما أكدت النيابة أنه «في ربيع 2019، نظم إبراهيم ل. ر. إنشاء مخبأ لأسلحة نارية وذخيرة بينها بندقية (كلاشينكوف)، في بلغاريا التي زارها مرة أخرى في أغسطس (آب) 2023 للكشف على المكان. وفي صيف 2019، أحضر مسدساً إلى ألمانيا من مخبأ أسلحة في الدنمارك. وفي الفترة بين يونيو (حزيران) وديسمبر 2023، غادر المشتبه بهم الأربعة برلين مرات عدة للبحث عن مخبأ للأسلحة في بولندا، لم يُعرف موقعه».

وأوقف نزيه ر. في روتردام بموجب مذكرة توقيف أوروبية، في حين أوقف المشتبه بهم الثلاثة الآخرين في برلين.

وقال مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا أن «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية في أوروبا».

أحد عناصر جهاز مكافحة الإرهاب الألماني (غيتي)

ومن بين أهداف الحركة، ذكرت النيابة في بيانها الصحافي «السفارة الإسرائيلية في برلين، والقاعدة الأميركية في رامشتاين (في جنوب غربي ألمانيا) ومحيط مطار تمبلهوف السابق في برلين».

ويصنّف الاتحاد الأوروبي حركة «حماس» رسمياً منظمة «إرهابية» منذ عام 2003... وعززت ألمانيا الإجراءات الأمنية حول المقرات اليهودية في أعقاب هجوم «حماس» الدامي على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.