كاملة أبو ذكري: موهبة الممثل تُحرك المخرج

تتطلع لتقديم فيلم عن فلسطين

المخرجة كاملة أبو ذكري تحيي جمهور ندوتها في مهرجان القاهرة السينمائي (الصفحة الرسمية للمهرجان)
المخرجة كاملة أبو ذكري تحيي جمهور ندوتها في مهرجان القاهرة السينمائي (الصفحة الرسمية للمهرجان)
TT

كاملة أبو ذكري: موهبة الممثل تُحرك المخرج

المخرجة كاملة أبو ذكري تحيي جمهور ندوتها في مهرجان القاهرة السينمائي (الصفحة الرسمية للمهرجان)
المخرجة كاملة أبو ذكري تحيي جمهور ندوتها في مهرجان القاهرة السينمائي (الصفحة الرسمية للمهرجان)

عبرت المخرجة كاملة أبو ذكري عن سعادتها وفخرها بتكريم مهرجان القاهرة السينمائي لها الذي عدته «أمراً فارقاً في مشوارها»، وقالت خلال ندوة حوارية في إطار تكريمها إنها استفادت كثيراً من عملها كمساعد في أفلام كبار المخرجين.
وأعربت المخرجة المصرية خلال الندوة التي أقيمت (الخميس) عن تطلعها لتقديم أفلام تطرح قضايا الرجل بعدما قدمت كثيراً من قضايا المرأة عبر أعمالها في السينما والتلفزيون، مشيرة إلى أنها تطمح إلى تقديم «فيلم عن فلسطين يتناول القضية بصدق كامل ليكون وثيقة للأجيال الجديدة».
وكرّم مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ44 أبو ذكري بمنحها جائزة «فاتن حمامة للتميز»، كما أصدرت نشرة المهرجان اليومية عدداً خاصاً عنها يتضمن مسيرتها الفنية وشهادة الفنانين الذين عملوا معها.
وحضر اللقاء الفنان حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي إلى جانب عدد كبير من نجوم وصناع الفن، من بينهم: إلهام شاهين، والمنتج محمد العدل، وسولاف فواخرجي، ولقاء الخميسي، وهاجر الشرنوبي، وتامر حبيب، وركين سعد، وأمير المصري، ويوسف عثمان، وأدار اللقاء الناقد السينمائي طارق الشناوي.
وتحدثت المخرجة كاملة أبو ذكري في بداية اللقاء معبرة عن امتنانها لهذا التكريم، وعن عملها كمخرجة ما فتح لها «عالماً رحباً لمعرفة البشر»، مضيفة: «مهنة الإخراج جعلتني أرى العالم بمنظور مختلف وأتعامل مع أغنى أغنياء العالم وأبسط الفقراء».
وتحدثت المخرجة عن كيفية تحقيق المخرج نجاحاً، قائلة: «لا بد من درس الأعمال العالمية ومتابعتها، والعمل كمساعد مخرج»، وتابعت: «المخرج ليس ساحراً، وموهبة الممثل هي التي تحركه، وتمنحه حافزاً كي يواصل التصوير أكثر من 20 ساعة يومياً».
وتطرقت أبو ذكري لبداياتها مؤكدة أنها استفادت «كثيراً» من عملها كمساعد مخرج منذ كان عمرها 16 عاماً مع كبار المخرجين أمثال، نادر جلال، وعاطف الطيب، ومحمد كامل القليوبي، ومحمد خان». شارحة: «تعلمت الإحساس بالممثل من المخرج عاطف الطيب، وأذكر أنه أثناء تصوير فيلم (دماء على الأسفلت) شاهدته وهو يهمس للفنان نور الشريف ليعيد تصوير أحد المشاهد، ورأيت كيف اختلف أداؤه تماماً عند إعادة المشهد، وجاء أكثر قوة وتمكناً، فقد كان المخرج الراحل دائماً ما يقف مع الممثل ويمنحه الثقة ليصدق إحساسه خلال التصوير».
ورغم أنها قدمت أعمالاً عديدة عن المرأة، على غرار «واحد صفر»، و«يوم للستات»، و«سجن النساء» فإن أبو ذكري قالت إنها ترفض مصطلح «سينما المرأة»، مضيفة: «دائماً ما أقدم أعمالاً متنوعة تطرح قضايا المجتمع، وأتمنى أن أقدم عملاً فنياً عن قهر الرجال، لأن مشاكلهم وأزماتهم لا تقل أهمية عن المرأة، وإذا كانت المرأة مقهورة في المجتمع، فالرجل مثلها».
وتضم المسيرة المهنية لأبو ذكري أعمالاً مأخوذة عن روايات أدبية مثل: «واحة الغروب» لبهاء طاهر، و«ذات» لصنع الله إبراهيم، مؤكدة أنها سعدت لأن الكاتبين صنع الله إبراهيم وبهاء طاهر أثنيا على عملها واتصلا بها بعد نجاح مسلسي «ذات» و«واحة الغروب».
وبررت المخرجة كاملة أبو ذكري سر تعاملها الدائم مع مديرة التصوير نانسي عبد الفتاح، التي شاركتها في الكثير من النجاحات خلال مشوارها الفني مؤكدة وجود توافق كبير بينهما في رؤيتهما، بالإضافة إلى الموسيقار تامر كروان الذي دائماً ما تختلف معه خلال التحضيرات لأعمالهما سوياً ولكن في النهاية يكون النجاح حليفهما.
وكشفت عن حلمها بتقديم فيلم يكون عنوانه «فلسطين» يعرض القضية الفلسطينية بصدق دون حسابات ولا مجاملات ليكون وثيقة للأجيال الجديدة، مشيرة إلى أن علم فلسطين ظل موجوداً في بيت والدها الكاتب الصحافي الراحل وجية أبو ذكري الذي غرس ووالدتها فيها معنى الانتماء وقوة الحق والعدل.
وتحدثت الفنانة إلهام شاهين عن تعاونها مع المخرجة كاملة أبو ذكري، في السينما بفيلمي «واحد صفر»، و«يوم للستات»، وفي مسلسل «بطلوع الروح» وقالت إن كل حلقة من حلقات العمل كانت بمثابة فيلم مستقل بذاته، مشيرة إلى أنها مخرجة مختلفة في أعمالها وتعد نموذجاً للإبداع.
يذكر أن كاملة أبو ذكري أخرجت العديد من الأفلام السينمائية البارزة، من بينها: «سنة أولى نصب» الذي يعد أول أعمالها وتم إنتاجه عام 2004، ثم توالت أفلامها فأخرجت «ملك وكتابة» و«عن العشق والهوى» عام 2006، «واحد صفر» 2009، و«18 يوم» عام2011، و«يوم للستات» 2016، كما أخرجت عدداً من المسلسلات المصرية الناجحة من بينها: «سجن النساء»، «بنت اسمها ذات»، «بـ100 وش»، «بطلوع الروح».


مقالات ذات صلة

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )
سينما أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما «لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

من بين كثير من المشاهد اللافتة يوجد في هذا الفيلم مشهدان متباعدان، في الأول يربت ساينا على رأس فرسه الذي يستجيب لحنان صاحبه ويميل برأسه فوق كتفه بحنان ظاهر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق محمد سعد في لقطة من البرومو الدعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

محمد سعد يحقق إيرادات واعدة في أول أيام عرض «الدشاش»

حقق أحدث أفلام الفنان المصري محمد سعد «الدشاش» إيرادات واعدة تجاوزت 2.5 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.77 جنيه مصري) في أول أيام عرضه متصدراً المركز الأول

داليا ماهر (القاهرة )

«الوطن في حقيبة»... مطالبة فنّية برفع الحظر عن الانتماء

ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)
ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)
TT

«الوطن في حقيبة»... مطالبة فنّية برفع الحظر عن الانتماء

ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)
ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)

يتوه الفنان السوري محمد حافظ في إيجاد مرادف إنجليزي لكلمة «الغربة» بما يُعبّر بعمق عما يتعارك في داخله، رغم نحو ربع قرن من المغادرة إلى أميركا. قصد عام 2003 «أرض الأحلام» للدراسة، ثم فرض منعطف 11 سبتمبر (أيلول) التضييق الحائل دون العودة. وَفَد مراهقاً في الـ17 من العمر إلى بلاد هائلة لم تستطع أن تُنسيه أصله. ظلَّ ملوَّعاً بتعذُّر النسيان. سنوات مرَّت وهو سوريٌّ جداً، في عزّ إمكان بزوغ الخيار الآخر؛ كأنْ يتغاضى مثلاً، أو يُشفى بعض الشيء من مرارة الأوطان. فنُّه عزاء لروحه المشتاقة.

تستوقفه الحقيبة لكونها مادة مُستعملة ضمن مجال لا يُحصر (موقع الفنان الإلكتروني)

يُعرَف بالرسم من داخل الحقائب وبالتعبير ضمن حيّزها، فمجموعته «الوطن في حقيبة» تحمل اختزالات كافية لفَهم سياقها وتأويل معانيها. يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ الحنين لغة عالمية، مفرداتُها الأشياء والزوايا والناس وما لا يجده المرء في خياراته البديلة. تستوقفه الحقيبة لكونها مادة مُستعملة ضمن مجال لا يُحصر، ويمكن أن تخصَّ الجميع بلا تمييز، رغم اختلاف دواعي استعمالها. فبعضٌ يهاجر من منطلق رغبة أو طموح، وآخرون تحت ضغط ظرف قاهر؛ لكنَّ الجميع يوضّب حقائبه مُعلناً الوُجهة الجديدة.

نوستالجية النظرة إلى المكان المُتعذِّر، وهو هنا الجغرافيا السورية، تجعل المجموعة مُشبَّعة بسحرها. يعترف المهندس المعماري محمد حافظ بأنّ الغرب منحه أضواء مُنصِفة: «لستُ معروفاً في المنطقة العربية تماماً مثل معرفة الأميركيين بفنّي. أردتُ وسط شراسة الهجوم على العرب والسوريين، وتصاعُد خطاب الكراهية، تسجيل موقف. في أميركا، ثمة استعمال آخر لمفردة (Baggage). لا تعني دائماً الأمتعة، فحين يُقال (Somebody has baggage)، فذلك للإشارة إلى الصدمة والمشاعر الثقيلة. تغدو المفردة انعكاساً للشيء والشعور معاً. تروقني ازدواجية المعنى وأراها محاكاة للتجربة الإنسانية. الحقيبة تحمل المشاعر، وداخلها لا يقتصر على الملابس والحاجات. بإقفالها، يكتمل إسقاط المسكوت عنه في دواخلنا».

يُعرَف محمد حافظ بالرسم من داخل الحقائب وبالتعبير ضمن حيّزها (موقعه الإلكتروني)

صدَّق استحالة العودة إلى دمشق، وتابع ممازحاً أنّ المقابلة لو رُتِّبت قبل التحوّلات السورية الأخيرة، لكانت اختلفت كلياً. مؤلم قوله إنه دفن سوريا في داخله ومعها ذكرياته، كما تُشكّل الحقيبة لأشيائها مكاناً سرّياً. وقد يتطلَّب التصميم أشهراً من الحفر والتلوين، «ولكن لا يهم». الأهم استطاعته المسَّ بالمساحة الداخلية النازفة وتضميدها: «أحاول إعادة تكوين العلاقة مع دمشق على مستوى الذاكرة. جزء من أعمالي يتضمَّن أصواتاً من بلادي البعيدة سجَّلتها في الماضي. كان يكفيني الجلوس طويلاً أمام اللوحة وتلك الأصوات: الموسيقى السورية، رائحة القهوة بطعم الهال، التكبير من الجامع الأموي، ونداء الباعة في سوق الحميدية... لقد شكَّلت طريقة تواصلي مع العالم. شحنتني بصمت. فلسنوات مارستُ الفنّ بالخفاء لغياب مساحة خاصة للتعبير السياسي. كنتُ مهندساً معمارياً، وعليَّ التفرّغ لعملي. في محترفي، حبستُ نفسي وبكيتُ وأنتجتُ لأُخرج الطاقة الضاغطة. اليوم أطالبُ عقلي وقلبي برفع الحظر عن سوريا. إنني في طور إعادة برمجة الذكريات، وهذا مُتعب».

نوستالجية النظرة إلى المكان المُتعذِّر تجعل المجموعة مُشبَّعة بسحرها (موقع الفنان الإلكتروني)

يشاء محمد حافظ التحلّي بدور يتعلّق ببناء الإنسان: «ثمة معماريون يفوقونني مهارةً؛ هم المخوّلون بالحجر. يعنيني البشر، وكيف ننتظم بوصفنا فنانين في المهجر لنقدّم المساعدة. أتطلّع إلى تجارب دول، منها ألمانيا بعد الحرب، تحوّلت اقتصادات كبرى من عمق بحيرات الدم. ماذا ينقصنا لنقتدي؟ ما المطلوب لننهض بالبلد؟».

قد يتطلَّب التصميم أشهراً من الحفر والتلوين (موقع الفنان الإلكتروني)

كان لا يزال في الثلاثين حين صمَّم ناطحة سحاب في أميركا من 60 طابقاً. اتّهمه أصدقاء بالجنون لتخلّيه عن المهنة من أجل الشغف: «لم يتفهّموا حاجتي إلى أن أكون فناناً على الملأ. الفنّ شكَّل طريقي. فضّلته على ممارسة الوظيفة. لطالما عبَّر عن مراحل وتحوّلات مصيرية عاشها بلدي والمنطقة. بديهيٌّ أن يمسّه التغيير الحاصل في سوريا. ذلك يحدُث من خارج تصميمي وإرادتي. الفنّ مرآتي. الحقيبة هذه المرة ستعيد إعمار الإنسان والأرض. ستكون حقيبة عودة. جميعنا سنعود».

الحقيبة تحمل المشاعر وداخلها لا يقتصر على الملابس والحاجات (موقع الفنان الإلكتروني)

يحاول تخيُّل لحظة الرجوع ومسار زراعة الأمل. يقول إنه يمضي ساعات خلال الليل في تصفّح فيديوهات وصور عن سوريا، والحلم باللقاء المُنتظر. المفارقة أنّ شكل هذا اللقاء يتراءى له على هيئة فردية: «أجدني أصلُ إلى الشام وحيداً. أستقلّ سيارة أجرة ولا أُخبر عائلتي وأصدقائي. أريد البلد كلّه لي؛ يعانقني وأعانقه، فأتقاسم المعاناة مع مَن أمضوا 50 عاماً مثلاً في الغربة. أتخيّلني في فندق، وحيداً، لا أسمع ترحيب الأحبّة وصيحة (أبو حميد، متى عدت؟). أريد عودةً من دون تشتُّت. ثم بعد أسبوعين أو 3، أصرخُ بملء الصوت: أنا هنا. أخيراً عانقتُ سوريا».