عودة الاشتباكات إلى طرابلس... و«الوحدة» تتجاهل التصعيد

المنفي يعوّل على خروج القمة العربية بـ«موقف موحد» بشأن الأزمة الليبية

سيارات تم تدميرها خلال الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
سيارات تم تدميرها خلال الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

عودة الاشتباكات إلى طرابلس... و«الوحدة» تتجاهل التصعيد

سيارات تم تدميرها خلال الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
سيارات تم تدميرها خلال الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

اندلعت مساء أول من أمس اشتباكات مسلحة لفترة محدودة في العاصمة الليبية طرابلس بين عناصر مسلحة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، لكن حكومة «الوحدة» الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تجاهلتها ولم تصدر بيانا بالخصوص.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن شهود عيان أن الاشتباكات، التي شهدتها منطقة غوط الشعال ومصنع التبغ في طرابلس، اندلعت بين «السرية الأولى»، بقيادة الروماني الزنتاني، التابع لعماد الطرابلسي وكيل وزارة الداخلية، المعين مؤخراً بعد إقالته من جهاز الاستخبارات، وميلشيات من «السرية الثالثة» التابعة لـ«جهاز الردع» الذي يقوده عبد الرؤوف كارة.
ولم ترد تقارير رسمية عن وقوع ضحايا، لكن تقارير محلية تحدثت في المقابل عن إصابة شخصين بشظايا إثر سقوط قذيفة، بينما أكدت منظمة معنية باللاجئين إصابة فتاة إريترية بعيار ناري، مشيرة إلى أن «اللاجئين والمدنيين هم أول من يدفع الثمن كالعادة».
وأظهرت لقطات مصورة تصاعد أدخنة النيران جراء هذه الاشتباكات، التي أكد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عبد الحكيم حمزة، أنها اندلعت بوسط الأحياء والمناطق المدنية المكتظة بالسكان، ما أدى لحالة هلع وخوف لدى السكان.
ولم يصدر أي تعليق من حكومة الدبيبة، أو أجهزتها الأمنية حول هذه الاشتباكات، التي تأتي في ظل تصاعد الصراع المستمر بين الميلشيات المسلحة على مناطق النفوذ والسيطرة على العاصمة طرابلس. كما تأتي قبل ساعات من وصول الدبلوماسي السنغالي عبد الله باثيلى، إلى العاصمة طرابلس لتولي مهام منصبه كرئيس جديد لبعثة الأمم المتحدة.
في هذا السياق، بحثت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، مساء أول من أمس في طرابلس مع القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا، رايزدون زنينغا الاستعداد والتجهيز لوصول باثيلي بهدف تسهيل عمله من داخل البلاد، وترتيب لقاءات واجتماعات متسلسلة سيعقدها المبعوث فور وصوله لليبيا. ونقلت عن زنينغا دعم ومساندة باثيلي والأمم المتحدة لإجراءات وجهود حكومة الوحدة المبذولة؛ لعقد الانتخابات الوطنية في أقرب وقت ممكن.
وبحسب البعثة الأممية، فقد أعربت المنقوش عن ترحيبها الحار بوصول باثيلي، وتطلعها لاستقباله في طرابلس، وأكدت دعم حكومة الوحدة الوطنية الكامل للعمل الهام، الذي تقوم به البعثة الأممية، لدعم ليبيا والشعب الليبي.
من جهته، أنهى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي زيارة إلى الجزائر بإظهار تعويله على ما وصفه بدورها المهم في الفترة المقبلة لحل الأزمة في بلاده، من خلال العمل على الخروج بموقف عربي موحد بهذا الشأن خلال القمة العربية المرتقبة.
واعتبر المنفي في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مساء أول من أمس، عقب محادثاتهما، أن ما أسماه بهذه الوقفة النبيلة ستساعد المجلس الرئاسي على إجراء انتخابات في أقرب فرصة، بالإضافة إلى تحقيق المصالحة الوطنية بدعم من الشباب الليبي. وتمنى المنفي خروج القمة العربية بموقف عربي موحد بشأن الأزمة الليبية، وإجراء انتخابات في أقرب فرصة، بالاعتماد على «الدبلوماسية الجزائرية المعروفة وحكمة تبون».
كما أشار المنفي إلى وجود «اتفاق عام على أن الانتخابات هي الحل بالنسبة للشعب الليبي، عن طريق التوافق على قاعدة دستورية لتنظيم انتخابات في أقرب فرصة، تعتبر البداية لاستقرار الوضع السياسي تمهيدا للاستقرار الكامل في ليبيا».
في شأن آخر، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، شارك الفريق عبد الرازق الناظوري رئيس أركان «الجيش الوطني»، ومحمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة» في فعاليات معرض تونس الدولي للطيران والدفاع في دورته الثانية.
وقال مكتب الحداد في بيان، أمس، إن الزيارة تمت خلال اليومين الماضيين بدعوة من رئيس أركان جيش الطيران التونسي الفريق محمد الحجام. وأدرج مكتب الحداد هذه المشاركة في إطار توسيع آفاق التعاون بين البلدين، لافتا إلى تخصيص اليوم الأول لملتقى علمي واستراتيجي، بحضور رؤساء أركان جيوش الطيران من عدة دول.
وهذه هي أول زيارة خارجية مشتركة للناظوري والحداد، كما أنها المرة الأولى على الإطلاق التي يشارك فيها الطرفان في معرض دولي عسكري خارج البلاد، علما بأنهما عقدا سلسلة اجتماعات مؤخراً في إطار اللجنة العسكرية المشتركة «5 5» الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».