تعليق الاتفاق النووي الإيراني... في مصلحة أي الطرفين؟

بايدن سيواجه هجوماً عنيفاً من الجمهوريين إذا نجحت المحادثات

ملصق يضم رمز الطاقة الذرية والعلم الإيراني (رويترز)
ملصق يضم رمز الطاقة الذرية والعلم الإيراني (رويترز)
TT

تعليق الاتفاق النووي الإيراني... في مصلحة أي الطرفين؟

ملصق يضم رمز الطاقة الذرية والعلم الإيراني (رويترز)
ملصق يضم رمز الطاقة الذرية والعلم الإيراني (رويترز)

قال دبلوماسيون ومحللون ومسؤولون إنه سواء قبلت طهران وواشنطن عرضاً «نهائياً» من الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 أم لا، فمن غير المرجح أن يعلن أي منهما إلغاءه، لأن إبقاءه يخدم مصالح الطرفين. غير أن أسباب الطرفين حول ذلك تختلف جذرياً. بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لا توجد أساليب واضحة أو سهلة لكبح جماح برنامج إيران النووي بخلاف الاتفاق الذي قيّدت إيران بموجبه برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وسيكون من الصعب استخدام الضغط الاقتصادي لإرغام إيران على مزيد من الحد من برنامجها النووي، كما حاول دونالد ترمب، سلف بايدن، بعد الانسحاب من الاتفاق في عام 2018 إذا واصلت دول مثل الصين والهند شراء النفط الإيراني. ومَثَّل ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا ودعم موسكو العلني لطهران طوق النجاة الاقتصادي والسياسي لإيران. الأمر الذي ساعد في إقناع المسؤولين الإيرانيين بأنهم قادرون على الانتظار وتحمل العقوبات الغربية.
وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة رويترز، شريطة عدم الكشف عن هويته: «كلا الجانبين سعيد باستمرار الوضع الراهن». وقال للوكالة مسؤول إيراني كبير، طلب أيضاً عدم ذكر اسمه: «لسنا في عجلة من أمرنا». وأضاف: «نحن نبيع نفطنا، ولدينا تجارة معقولة مع كثير من الدول، ومنها دول مجاورة، ولدينا أصدقاؤنا مثل روسيا والصين على خلاف مع واشنطن... برنامجنا النووي يتقدم. لماذا علينا التراجع؟». وعندما انسحب ترمب من الاتفاق، قال إن الاتفاق كان سخياً جداً مع إيران، ثم أعاد فرض عقوبات أميركية قاسية بهدف خنق صادرات النفط الإيرانية ضمن حملة «الضغوط القصوى».
وبعد انتظار لمدة عام تقريباً، بدأت إيران في انتهاك القيود النووية للاتفاق، وتكديس مخزون أكبر من اليورانيوم المخصب، وتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 60 في المائة بما يزيد كثيراً على الحد البالغ 3.67 في المائة بموجب الاتفاق، واستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة بشكل متزايد.
وقال دبلوماسيون في المنطقة إن الاتحاد الأوروبي أبلغ الأطراف بأنه يتوقع رداً في 15 أغسطس (آب)، رغم عدم تأكيد ذلك. ولا توجد مؤشرات على ما إذا كانت إيران تنوي الامتثال أو قبول مسودة نص الاتحاد الأوروبي. وتقول الولايات المتحدة إنها مستعدة لإبرام اتفاق سريع على أساس مقترحات الاتحاد الأوروبي. وقال مسؤول إيراني كبير ثانٍ: «تغير التوازن السياسي بسبب حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط والتوتر المتصاعد بين واشنطن والصين. لذا، فإن عامل الوقت ليس بالغ الأهمية بالنسبة لإيران».
وبعد شهور من إعلانهم أن الوقت بدأ ينفد غيّر المسؤولون الأميركيون موقفهم قائلين إنهم سيواصلون العمل على التوصل إلى اتفاق ما دام ذلك في مصلحة الأمن القومي الأميركي، وهي صياغة بدون موعد نهائي. ومن المؤكد أن بايدن سيتعرض لانتقادات من قبل الجمهوريين إذا أعاد إحياء الاتفاق قبل انتخابات التجديد النصفي في 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، التي قد يفقد فيها حزبه السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.
وقال دينيس روس، وهو دبلوماسي أميركي مخضرم يعمل الآن في معهد واشنطن للشرق الأدنى، «إذا جاء الإيرانيون غداً وقالوا حسناً، سنوافق على الاتفاق المطروح على الطاولة، فسنقوم بذلك بغضّ النظر عن مسألة انتخابات التجديد النصفي». وأضاف: «ليس الأمر كما لو أن الإدارة تروج لذلك باعتباره اتفاقاً عظيماً للحد من الأسلحة. موقفها هو أنه أقل البدائل المتاحة سوءاً».
ورغم إعلان بايدن أنه سيتخذ إجراء عسكرياً كحل أخير لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، فإن واشنطن لا ترغب أبداً في القيام بذلك نظراً لخطر اندلاع حرب أوسع في المنطقة أو مهاجمة إيران للولايات المتحدة أو حلفائها في مناطق أخرى.
ومن المرجح أن تكون الانتقادات للإدارة داخل الولايات المتحدة أكثر شراسة بعد توجيه الاتهام الأسبوع الماضي لرجل إيراني بتهم أميركية بالتخطيط لقتل مستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض جون بولتون والهجوم بسكين على الروائي سلمان رشدي. ربما يؤدي عدم وجود خيارات سياسية أفضل لواشنطن، ونظرة طهران إلى أن الوقت في صالحها، إلى جعل الاتفاق معلقاً. وقال هنري روما، المحلل في مجموعة أورآسيا لـ«رويترز»: «لدى كل من الولايات المتحدة وإيران أسباب مقنعة لإبقاء احتمال التوصل إلى اتفاق حياً، رغم أنه لا يبدو أن أياً منهما يرغب في تقديم تنازلات من شأنها أن تسهل إحياء الاتفاق فعلياً».
وأضاف روما: «من غير الواضح ما إذا كان الزعماء الإيرانيون قرروا عدم إحياء الاتفاق أو لم يتخذوا قراراً نهائياً، لكن في كلتا الحالتين، من المحتمل أن تخدم فترة تعليق الاتفاق تلك مصالحهم».
وقال: «حقيقة أن الغرب يهدد منذ فترة طويلة بأن الوقت ينفد قوضت على الأرجح مصداقيته في الإصرار على أن الاتفاق المطروح على الطاولة نهائي وغير قابل للتفاوض».


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
TT

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً، بينها نقاط تضم شخصيات قيادية.

وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن الغارات، التي نفذت ليل الجمعة – السبت، استهدفت إحباط هجمات «إرهابية» ولضمان أمن الحدود.

وأضافت الوزارة: «تم خلال تلك الغارات تدمير 25 هدفاً في كاره وقنديل وأسوس، بما في ذلك كهوف وملاجئ ومخازن ومنشآت يستخدمها (قادة إرهابيون)، وأسفرت عن مقتل عدد كبير من مسلحي (العمال) الكردستاني».

وتابعت الوزارة: «الحرب ضد الإرهاب ستستمر من أجل الحفاظ على أمن بلدنا وأمتنا بكل عزيمة وإصرار حتى يتم تحييد آخر إرهابي».

ولفت بيان الدفاع التركية إلى «اتخاذ جميع التدابير اللازمة خلال هذه العملية لضمان عدم تضرر الأبرياء، والعناصر الصديقة، والأصول التاريخية والثقافية، والبيئة».

تصعيد... ونقاط أمنية

وشهدت التحركات العسكرية التركية ضمن عملية «المخلب - القفل» المستمرة لأكثر من عامين في شمال العراق، تصعيداً منذ يونيو (حزيران) الماضي، ولا سيما في دهوك، إذ قامت القوات التركية المشاركة في العملية بنصب نقاط أمنية في مناطق عدة لملاحقة عناصر حزب «العمال»، إلى جانب قيامها بقصف بعض البلدات.

وبعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن القوات التركية ستكمل الحزام الأمني في شمال العراق، خلال الصيف، كما حدث في شمال سوريا، قال مسؤول بوزارة الدفاع، الأسبوع الماضي، إن «القفل يغلق»، في إشارة إلى قرب انتهاء عملية «المخلب - القفل» التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2022.

وأضاف المسؤول العسكري، في إفادة صحافية، أن القوات التركية تواصل عملياتها الموجهة ضد حزب «العمال» الكردستاني في شمال العراق بنجاح، وأن هذه العمليات تجري بتنسيق مع الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان العراق.

ولفت إلى أن «الأعمال الفنية الخاصة بإنشاء مركز للعمليات المشتركة مع العراق ضد (العمال) الكردستاني مستمرة دون أي مشكلات».

جنديان تركيان أثناء مسح كهوف تابعة للعمال الكردستاني شمال العراق (الدفاع التركية)

شكاوى من العراق

وتصاعدت الشكاوى، في الفترة الأخيرة، من جانب بغداد من عمليات توغل عسكري تركية واسعة. وكلف رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بالتنسيق مع سلطات إقليم كردستان لبحث تداعيات التوغل التركي المتكرر في شمال العراق.

وأكد وزير الخارجية، فؤاد حسين، أن بلاده لم تمنح تركيا ضوءاً أخضر للقيام بعمليات في إقليم كردستان، وأن الحكومة بحاجة إلى مزيد من النقاشات الأمنية مع الأتراك مع الإقرار بأن» العمال الكردستاني» مشكلة عراقية أيضاً.

وندد مجلس الأمن الوطني بالتوغل التركي لأكثر من 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية.

لكن الرئيس، رجب طيب إردوغان، قال، لاحقاً، إن أنقرة ترحب بالخطوات التي تتخذها بغداد وأربيل لمكافحة «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي»، وتعتبرها جيدة لكن «غير كافية».

وأضاف أن وزارتي الدفاع وأجهزة الاستخبارات في كل من تركيا والعراق تتمتع بـ«علاقات تعاون جيدة».

وبشأن عملية «المخلب - القفل»، قال إردوغان: «بعد زيارتنا للعراق في أبريل الماضي، رأينا للمرة الأولى اتخاذ خطوات ملموسة للغاية على أرض الواقع في القتال ضد حزب (العمال) الكردستاني من جانب الإدارة العراقية».

وأضاف أن مجلس الأمن الوطني العراقي أعلن حزب «العمال» الكردستاني منظمة محظورة، والآن نرى انعكاسات ذلك على أرض الواقع، وبعد الزيارة، كان تعاون قواتنا الأمنية وإدارة أربيل أمراً يبعث على الارتياح، كما أننا نتعاون مع كل من وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات في العراق، ولدينا علاقة جيدة.