كشفت جهات ناشطة في مجال الأمن القومي في إسرائيل عن أن لقاء قمة طهران؛ الذي جمع مصالح مشتركة عديدة، أظهر وجود خلافات أيضاً بين الأطراف الثلاثة المشاركة فيه، فضلاً عن التناقضات الكثيرة في المصالح، مع رفض للحملة التركية المزمعة شمال سوريا وتجاهل للوجود الإسرائيلي من خلال الضربات العسكرية.
جاء هذا التقدير خلال حلقة نقاشية في «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب، بمشاركة عدد من الدبلوماسيين والجنرالات السابقين والخبراء، الذين نقلوا عن مسؤولين إسرائيليين وأجانب بعض التفاصيل عن مجريات تلك القمة والتي بينت مدى الخلافات والتناقضات بين الأطراف الثلاثة.
في السياق السوري؛ رأى الإسرائيليون أن «القمة الثلاثية في طهران شهدت اهتماماً إيرانياً روسياً بثني تركيا عن نيتها إطلاق عملية جديدة في شمال سوريا. فالسيطرة الكردية (للفرع السوري من حزب العمال الكردستاني) هناك، تشكل تهديداً أمنياً لأنقرة». وقالوا إن «إيران تخشى من أن تؤدي عملية عسكرية تركية أخرى إلى تقويض سيطرة الرئيس الأسد في سوريا وتوسيع الوجود العسكري التركي في منطقة مدينة (تل رفعت) شمال محافظة حلب، بجوار بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين تعدّان منطقة نفوذ لإيران والميليشيات التي تدعمها».
وأكد المشاركون أن خامنئي حذر خلال لقائه مع إردوغان بأن «أي عملية عسكرية في شمال سوريا ستضر حتماً بتركيا وسوريا والمنطقة بأسرها، وستفيد الإرهابيين». ويبدو من تصريحات الطرفين أن إيران وروسيا لم تتمكنا من إقناع الرئيس إردوغان بالتراجع عن نيته الشروع في عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا.
وأشاروا إلى خلافات في الرأي حول الساحة السورية بين إيران وروسيا، في سياق استمرار النشاط الإسرائيلي في سوريا. ولفتوا إلى أنه في الملخص الرسمي للاجتماع الثلاثي، الذي نشره الكرملين، لم يرد ذكر إسرائيل أو الهجمات الإسرائيلية في سوريا، رغم أن القضية أثيرت في المحادثات من قبل إيران التي طالبت بوقف العمليات الإسرائيلية. ورغم الخلاف بين الدول الثلاث، فإنه يبدو أنها تعترف بضرورة التوصل إلى نوع من الاتفاق من أجل الحفاظ على مصالحها في سوريا.
وقال التقرير إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وجدوا في لقائهم فرصة لمواجهة العقوبات الغربية التي يخضعون لها بدرجات متفاوتة، لإظهار الشراكة بينهم. لكن من المشكوك فيه أن يستطيعوا تشكيل محور متماسك مناهض للغرب، يمكنه التعامل بنجاح مع التحديات التي تواجههم على الساحات الداخلية والإقليمية والدولية.
ومما جاء في التقرير أن الخلافات تجلت أكثر في اللقاءات الثنائية التي جرت بين الرؤساء الثلاثة، ومع المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي. وورد فيه أن اللقاء الثنائي بين بوتين وخامنئي رأيا فيه فرصة لتوسيع التعاون بين روسيا وإيران ضمن استراتيجية «التوجه إلى الشرق»، التي تبنتها القيادة الإيرانية في السنوات الأخيرة في ظل عزلة طهران المتزايدة. وفي الأشهر الأخيرة، أجرى البلدان سلسلة من المشاورات بشأن إمكانية التعاون في مواجهة العقوبات الغربية، بناءً على تجربة إيران في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية. وتم التوقيع على اتفاق بين شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة النفط الحكومية الروسية «غازبروم»، بقيمة نحو 40 مليار دولار لصالح الاستثمار المشترك في مشروعات النفط والغاز.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إنه «من المشكوك فيه للغاية ما إذا كانت لدى روسيا القدرة على استثمار مثل هذه المبالغ الكبيرة في تطوير حقول النفط والغاز في إيران في الوقت الحاضر. وعلاوة على ذلك، لا يزال البلدان متنافسين أكثر من أنهما شريكان في مجالات الطاقة. فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تعرض حجم صادرات النفط الخام الإيراني إلى الصين لضربة شديدة بسبب بيع النفط الروسي للصين بسعر مخفض».
ورأى التقرير أن «الأزمة في أوكرانيا توفر فرصة لإيران لتعميق التعاون العسكري مع موسكو، ويبدو أن الجوانب العسكرية تمت مناقشتها أيضاً خلال الزيارة، حيث كان أحد أعضاء الوفد الروسي المرافق لبوتين هو رئيس جهاز المخابرات الرئيسي في الجيش الروسي. وخلال الزيارة، تم تبادل مسودة اتفاقية للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، تتضمن بنداً حول التعاون العسكري - الفني. ويفترض أن تحل هذه الاتفاقية محل الاتفاقية السابقة بينهما، والتي تم توقيعها لأول مرة عام 2001، وتم تمديدها مرات عدة لحين انتهاء مفعولها في عام 2020، وإلى ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، قيدت روسيا التعاون العسكري بينها وبين إيران خوفاً من رد الفعل الغربي». غير أن هذا القيد لم يعد قائماً، «وقد تقترح روسيا على إيران تقنيات عسكرية متطورة لم يتم توفيرها لها حتى الآن».
وقال التقرير: «تملك طهران مصلحة واضحة في تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع الكرملين، ويأتي ذلك، جزئياً، في رد على الأفكار المطروحة لإنشاء نظام دفاع إقليمي في الشرق الأوسط بقيادة واشنطن. ويثير هذا الاحتمال قلقاً كبيراً في طهران، لا سيما في ظل استمرار الجمود في المحادثات النووية والخوف من مزيد من التصعيد بينها وبين الغرب». من جهتها، ترى روسيا أن هذا النوع من الأنظمة الدفاعية بقيادة واشنطن يشكل تهديداً لمصالحها الإقليمية.
وفي هذا السياق، «لا تزال أنقرة تقف على الحياد، وفي حين أن عملية التطبيع في المنطقة مع إسرائيل تقربها من المحور الذي تقوده واشنطن، فإن الخلافات العميقة مع هذه الجهات ومع الجهات الفاعلة الأخرى، تجعلها أقرب إلى روسيا وإيران».
وأشار التقرير الإسرائيلي إلى أن «زيارة بوتين جرت على خلفية تقارير في الولايات المتحدة، تفيد بأن إيران تعتزم تزويد روسيا بمئات الطائرات المُسيرة لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا. ولكن، من المشكوك فيه ما إذا كانت لدى إيران القدرة على إنتاج مئات الطائرات المُسيرة المتقدمة خلال وقت قصير، وبالتالي، حتى لو اشترت روسيا الطائرات المُسيرة من إيران، فلن يكون حجمها كبيراً».
هل حضر دور إسرائيل في سورية أمام «قمة طهران»؟
هل حضر دور إسرائيل في سورية أمام «قمة طهران»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة