قصف تركي يشعل خطوط التماس والتوتر شمال شرقي سوريا

«قسد» تستنكر استهداف قيادات من جناحها النسائي

TT
20

قصف تركي يشعل خطوط التماس والتوتر شمال شرقي سوريا

أشعل القصف التركي الذي استهدف قرى واقعة شمال غربي محافظة الحسكة لليوم الثاني على التوالي، المواجهات بين الجهات المتحاربة على طول خطوط التماس في هذه المنطقة المتشابكة والمتداخلة شمال شرقي سوريا، وقصفت المدفعية التركية بعشرات القذائف الصاروخية قرى شمال غربي بلدة تل تمر وحوض خشم الزركان وناحية أبو راسين، الخاضعة لنفوذ «قوات سوريا الديمقراطية».
واستهدف الجيش التركي (الاثنين) مواقع انتشار قوات «قسد» في قرى أسدية وخضراوي وتل حرمل وتل الورد وخربة الشعير والربيعات بريف ناحية زركان، ما أدى إلى حركة نزوح الأهالي باتجاه ناحية الدرباسية المجاورة. وقال مصدر طبي من بلدة تل تمر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن القصف المستمر منذ 48 ساعة الماضية، أسفر عن مقتل مواطنين مدنيين وإصابة 10 آخرين بينهم نساء وأطفال، وطالت الهجمات التركية قرى تل شنان والدردارة شمال شرقي تل تمر ومحيط القاعدة الروسية بالمنطقة، إضافة إلى قرية مجيبرة الواقعة على الطريق الدولي (إم 4) كما استهدفت قرى سكر الأحيمر وتل جمعة وتل الطويل والغيبش والطويلة والدشيشة وقصر توما يلدا الواقعة غرب تل تمر.
وذكر مصدر عسكري من قوات «قسد»، أن حصيلة الهجمات سقوط 125 قذيفة على قرى تل تمر بريف الحسكة الشمالي، وأسفرت عن إصابة 3 من قوات «حرس الخابور» الآشورية المنضوية في صفوف القوات ومقتل جندي من الجيش السوري الموالي للأسد، إضافة إلى دمار ممتلكات سكان المنطقة من المدنيين وانقطاع التيار الكهرباء بعد استهداف محطة التحويل بالقرب من قرية أم الكيف. وأفاد المسؤول العسكري نبيل وردة، القيادي في «مجلس حرس الخابور الآشوري» بأن المنطقة تتعرص لقصف تركي ممنهج، وقال في اتصال هاتفي من بلدة تل تمر: «القصف خلف أضراراً مادية كبيرة في منازل المدنيين والكنائس ودور العبادة، كما أصيب 3 من مقاتلي (حرس الخابور) كانوا في مواقعهم يحرسون ممتلكات الأهالي وسكان المنطقة».
وفي ريف حلب الشمالي، قصفت المدفعية التركية (الاثنين) نقطة عسكرية تابعة للقوات النظامية السورية في قرية تل المضيق، بعد يوم من قصف مماثل، وقال مصدر عسكري وسكان محليون، إن المدفعية التركية قصفت قريتي حربل وأم الحوش بعشرات القذائف وجاءت هذه الهجمات بعد قصف عنيف شهدته المنطقة، الأحد، بأكثر من 60 قذيفة مدفعية، لتسفر عن إصابة جنديين من الجيش السوري في قرية أبين.
إلى ذلك؛ كشفت القيادة العامة لقوات «قسد» أن القياديات الثلاث ضحايا الطائرة المسيرة التركية استهدفت سيارة كانت تقلهن في الطريق الواصل بين مدينتي القامشلي والقحطانية، وكان بينهن قائدة وحدات مكافحة الإرهاب سلوى يوسف (جيان)، والقيادية في وحدات حماية الشعب (YPJ) جوانا حسو (روج خابور) المنحدرة من بلدة الدرباسية، والمقاتلة في وحدات (مكافحة الإرهاب) رُها بشار (بارين بوطان) المنحدرة من عفرين».
ونشر القائد العام مظلوم عبدي تغريدة على حسابه الشخصي بموقع تويتر، اتهم فيها تركيا باستهداف قائدة العمليات المشتركة مع التحالف الدولي جيان عفرين ورفيقاتها روج وبارين، قائلاً: «القياديات بطلات شاركن في الحرب ضد تنظيم (داعش) وإنقاذ البشرية من براثنه، واستهداف تركيا لهن انتهاك يقوض الحرب على التنظيم»، ودعا التحالف الدولي والولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لردع تركيا وإيقاف اعتداءاتها.
من جهة ثانية، نفت «قسد» مسؤولية الهجوم على قرية «كويت الرحمة» بريف مدينة عفرين شمال محافظة حلب، وأدانت الأفعال التي تستهدف المناطق السكنية الآهلة بالمدنيين من أي طرف عسكري. وفي معرض الرد على الاتهامات التي طالت «قسد» بمسؤوليتها على هجوم القرية، قال فرهاد شامي لـ«الشرق الأوسط»: «قواتنا تدين مثل هذه الأفعال التي تستهدف المناطق السكنية الآمنة بالمدنيين بمنطقة مكتظة بالتنظيمات العسكرية التابعة لتركيا، وتؤكد على النية الجاهزة للتمويه على الفاعل الحقيقي».
وأشار إلى أن تركيا عمدت خلال الشهر الحالي إلى قصف مناطق سيطرت القوات بأكثر من 950 هجوماً صاروخياً، إلى جانب هجمات بطائرات مسيرة استهدفت المناطق الآهلة بالمدنيين.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».