دفع التقدم المُحرز على الصعيد العسكري في ليبيا كثيراً من الأطراف الإقليمية والخارجية لتجديد مساعيها بغية حلحلة الأزمة السياسية المُتكلسة، وتقريب وجهات النظر حول ضرورة إجراء انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب الآجال، لإنقاذ البلاد من الفوضى.
وأمام حالة من «القلق» الأميركي حيال ما وُصف بـ«الجمود السياسي» في ليبيا، جاء الدور الألماني، الذي يجسده السفير ميخائيل أونماخت، ليؤكد أن «الحفاظ على إنجازات محادثات (القاهرة) و(جنيف)؛ ومواصلة البحث عن اتفاق بشأن القضايا العالقة في (المسار الدستوري) أمر حاسم للانتخابات والاستقرار السياسي في ليبيا».
ويرى سياسيون ليبيون أن تعقّد الأزمة السياسية يرجع إلى «تمسك كل فصيل بما يراه مناسباً له ولجماعته»، لكنها «فتحت المجال أمام إذابة جليد الخصومة التقليدية بين جبهتي شرق وغرب ليبيا».
ولمّح السياسيون إلى التقارب بين عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، والمشير خلفية حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، من جهة، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وتركيا من جهة أخرى، ورأوا أن ذلك قد يصب في صالح حلحلة القضية الليبية.
وذهب فيصل الشريف المحلل السياسي الليبي، إلى أن ما وصفها بـ«الصفقة» التي أُبرمت بين حفتر والدبيبة، «حققت مكاسب سياسية للأخير في مواجهة خصومه».
وتحدث رئيس مجلس النواب عن حالة من التقارب مع تركيا، كاشفاً في تصريحات إعلامية لفضائية «المسار» الليبية، مساء أول من أمس، عن زيارته أنقرة قريباً (دون تحديد موعدها)، كما لفت إلى لقاء قريب سيجمع وفداً من مجلس النواب التركي مع فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» المكلفة من البرلمان.
وفي السياق ذاته، عبّر السفير الألماني، الذي التقى في طرابلس العاصمة خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، وعبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي، مساء أول من أمس، عن سعادته لمواصلة الجهود التي قد تُفضي إلى تقارب بشأن خلافات «المسار الدستوري» بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، كما رحّب «بجهود المجلس الرئاسي للتوصل إلى تسوية بين جميع الأطراف السياسية».
وتُبدي ألمانيا اهتماماً بالقضية الليبية لجهة الوصول إلى استقرار سياسي وإجراء الانتخابات «في أسرع وقت ممكن»، وهو ما عكسته المباحثات التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في برلين منتصف الأسبوع الجاري، مع المستشار الألماني أولاف شولتس، وفقاً للمتحدث الرئاسي.
وتمحورت المحادثات حول الأزمة الليبية في ظل «توافق على تضافر الجهود المشتركة سعياً لتسوية الأوضاع هناك على نحو شامل ومتكامل، وبما يسهم في الحد من التدخلات الخارجية، ويحافظ على موارد ومؤسسات الدولة الليبية».
وكان مؤتمر «برلين 1» الذي استضافته ألمانيا في 18 و19 يناير (كانون الثاني) عام 2020 قد انتهى إلى ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار وعدم التدخل الخارجي في ليبيا، مع تأكيد أنه «لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية».
وجاء «برلين 2»، الذي استضافته ألمانيا أيضاً في 24 يونيو (حزيران) 2021، ليؤكد ضرورة خروج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من أنحاء ليبيا، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث لأسباب عدة.
وفي إطار الدعم الدولي للمسار الديمقراطي في ليبيا، التقى عماد السائح، رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مع السفير التشيكي لدى ليبيا يان فيسيتال، بديوان مجلس بالعاصمة.
وقالت المفوضية إن اللقاء استهدف «الوقوف على مستوى جاهزية المفوضية لتنفيذ العمليات الانتخابية القادمة»، مشيرةً إلى أنه تناول أيضاً ما يمكن تقديمه من دعم وخبرات من خلال الدعم الفني والاستشاري المقدم من بعثة الاتحاد الأوروبي عبر مشروع (بيبول) الذي تشرف على تنفيذه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
ونقلت المفوضية أن فيسيتال أكد دعم حكومة بلاده لجهود استكمال الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة، وقال: «أشاد بمستوى جاهزيتها، بعدما اطّلع على جهود مراحل العملية الانتخابية التي تم إنجازها».
وسبق لريتشارد نورلاند، مبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، أن ابدى «قلقه» بشأن الجمود السياسي في ليبيا، مرحّباً بدعوة المجلس الرئاسي لوجود تسوية، لكنه حث «القادة السياسيين الليبيين عبر الطيف السياسي وداعميهم الأجانب على اغتنام الفرصة لاستعادة ثقة مواطنيهم في مستقبل البلاد»، ورأى أن الحوار والتسوية هي التي تحدّد معالم الطريق للانتخابات والاستقرار السياسي.
وإلى جانب الجهود المبذولة على الصعيد الخارجي، أكد ماريو دراغي رئيس الوزراء الإيطالي، الذي التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، منتصف الأسبوع الجاري، أن بلديهما «يعملان على إحلال السلام في منطقة البحر المتوسط»، ورأى أنهما قادران على «تقديم مساهمة حاسمة في استقرار ليبيا».
وبينما لا تزال الخلافات حول «المسار الدستوري» اللازم لإجراء الانتخابات قائمة دون التوصل إلى توافق بين مجلسي النواب والأعلى لـ«الدولة» بشأن كثير من النقاط الخلافية، عقد الأخير جلسة مساء أول من أمس، في مقر المجلس بالعاصمة لمناقشة مخرجات «المسار الدستوري» بين المجلسين الذي ترعاه البعثة الأممية. لكنه علّق جلسته إلى الاثنين المقبل، للتصويت على النقاط المهمة في مشروع الوثيقة الدستورية.
وأحرزت ليبيا تقدماً عسكرياً نسبياً على صعيد البحث في خطوات توحيد المؤسسة العسكرية، في ظل لقاء رئيس أركان «الجيش الوطني» الفريق عبد الرازق الناظوري، والفريق محمد الحداد، رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» في العاصمة منتصف الأسبوع.
مساعٍ خارجية لكسر الجمود السياسي في ليبيا
براغ تؤكد دعمها جهود استكمال الاستحقاق المُرتقب
مساعٍ خارجية لكسر الجمود السياسي في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة