آلية أرخص وأسهل لإنتاج «الهيدروجين الأخضر»

باحثون نمساويون ابتكروا طريقة لتوظيف الضوء بدلاً من الكهرباء

آلية أرخص وأسهل لإنتاج «الهيدروجين الأخضر»
TT

آلية أرخص وأسهل لإنتاج «الهيدروجين الأخضر»

آلية أرخص وأسهل لإنتاج «الهيدروجين الأخضر»

يعتمد إنتاج «الهيدروجين الأخضر» صديق البيئة، وفق أفضل استراتيجية حتى الآن، على تقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام الكهرباء التي تأتي من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الخلايا الكهروضوئية على سبيل المثال. ومع ذلك، سيكون من الأسهل كثيراً استخدام ضوء الشمس مباشرةً لتفكيك المياه، وهذا هو بالضبط ما تجعله المحفزات الجديدة ممكنا الآن، في عملية تسمى «فصل الماء التحفيزي الضوئي».
لم يتم استخدام هذا المفهوم صناعياً بعد، غير أن باحثين من جامعة فيينا للتكنولوجيا، اتخذوا خطوات مهمة في هذا الاتجاه، حيث توصلوا إلى آلية تم وصف تفاصيلها في 31 مايو (أيار) الماضي بدورية «إيه سي إس كاتليست».
يقول أليكسي شيريفان، من معهد كيمياء المواد في جامعة فيينا للتكنولوجيا والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة: «في الواقع، كي تتمكن من فصل الماء بواسطة الضوء، عليك حل مهمتين في نفس الوقت، فعلينا التفكير في الأكسجين والهيدروجين، حيث يجب تحويل ذرات الأكسجين في الماء إلى (الأكسجين الجزيئي)، وهو جزيء ثنائي الذرة يتكون من ذرتين من الأكسجين ملتصقتين بعضهما ببعض بواسطة رابطة تساهمية، ويجب تحويل أيونات الهيدروجين المتبقية، والتي هي مجرد بروتونات، إلى جزيئات هيدروجين».
وعثر الباحثون على حلول لكلتا المهمتين، وهذه الحلول هي مجموعات صغيرة غير عضوية تتكون من عدد صغير فقط من الذرات مثبتة على سطح من الهياكل الداعمة الممتصة للضوء مثل أكسيد التيتانيوم، ويؤدي الجمع بين هذه المجموعات ودعامات أشباه الموصلات المختارة بعناية إلى السلوك المطلوب.
وتتكون المجموعات المسؤولة عن أكسدة الأكسجين من الكوبالت والتنغستن والأكسجين، في حين أن مجموعات الكبريت والموليبدينوم مناسبة بشكل خاص لتكوين جزيئات الهيدروجين، وكان الباحثون في جامعة فيينا للتكنولوجيا أول من وضعوا هذه المجموعات على سطح مصنوع من أكسيد التيتانيوم، بحيث يمكن أن تعمل كمحفزات لتقسيم الماء.
يقول أليكسي شيريفان: «أكسيد التيتانيوم حساس للضوء، وكان هذا معروفاً بالفعل، وتؤدي طاقة الضوء الممتص إلى تكوين إلكترونات حرة الحركة وشحنات موجبة حرة الحركة في أكسيد التيتانيوم، ثم تسمح هذه الشحنات لمجموعات الذرات الموجودة على هذا السطح بتسهيل تقسيم الماء إلى أكسجين وهيدروجين». ويوضح أن مجموعات بحثية أخرى عملت على تفكيك الماء بالضوء، باستخدام الجسيمات النانوية التي يمكن أن تتخذ أشكالاً وخصائص سطحية مختلفة جداً، ومن الصعب التحكم في الأحجام، والذرات ليست مرتّبة تماماً بنفس الطريقة.
يضيف شيريفان: «طريقتنا هي الوحيدة للحصول على مشاهدات واضحة حول كفاءة العملية حقاً، بدلاً من الاعتماد على نهج التجربة والخطأ وتجربة الجسيمات النانوية المختلفة حتى نجد الأفضل».
ويؤكد أن «الميزة الحاسمة لطريقتنا هي بساطتها، فإنتاج الهيدروجين الكهربائي يحتاج أولاً إلى مصدر طاقة مستدام، مثل الخلايا الكهروضوئية، وربما جهاز تخزين الطاقة الكهربائية وخلية التحليل الكهربائي، وبشكل عام، ينتج عن هذا نظام معقد نسبياً يتكون من الكثير من المواد الخام، بينما طريقتنا للإنتاج بالتحفيز الضوئي لا تحتاج إلا إلى سطح مطليّ بشكل مناسب مغطى بالماء ويتم تشعيعه بالشمس».



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً