غارة أميركية تستهدف قيادياً بتنظيم «حراس الدين» في إدلب

واشنطن «واثقة إلى حدّ بعيد» بمقتل «أبو حمزة اليمني»

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في موقع الغارة الأميركية شرق محافظة إدلب مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في موقع الغارة الأميركية شرق محافظة إدلب مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

غارة أميركية تستهدف قيادياً بتنظيم «حراس الدين» في إدلب

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في موقع الغارة الأميركية شرق محافظة إدلب مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في موقع الغارة الأميركية شرق محافظة إدلب مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلنت القيادة المركزية الأميركية استهداف قيادي بارز بجماعة متشددة متحالفة مع تنظيم «القاعدة»، بغارة جوية ليلة الاثنين - الثلاثاء على الأطراف الشرقية لمحافظة إدلب السورية، وسط تضارب الأنباء حول هوية الشخص المستهدف، وهل هو فعلاً «أبو حمزة اليمني» القيادي الذي سبق أن حاولت الولايات المتحدة اغتياله بغارة مماثلة في سبتمبر (أيلول) 2021؟ وقالت «القيادة الوسطى»، في بيانٍ أمس، إن ضربة جوية استهدفت «أبو حمزة اليمني» القيادي البارز في جماعة «حراس الدين» المتحالفة مع «القاعدة»، بينما كان يتنقل بمفرده على دراجة نارية، شرق محافظة إدلب، بشمال غربي سوريا، موضحة أن «المعلومات الأولية تشير إلى عدم وقوع إصابات في صفوف المدنيين». وعقّب البيان الأميركي قائلاً، إن «مقتله سيعطل قدرة (القاعدة) على تنفيذ هجمات ضد الأميركيين وشركائهم والأبرياء حول العالم».
ونقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية عن مسؤول مطّلع على العملية قوله، إنّ الولايات المتّحدة «واثقة إلى حدّ بعيد» من أنّ الضربة التي نفّذتها طائرة من دون طيار أدّت إلى مقتل أبو حمزة اليمني، في حين أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل اليمني في العملية الأميركية التي استهدفته قبل منتصف الليل على الطريق التي تربط مدينة إدلب وبلدة قميناس (جنوب شرقي إدلب)، حسب ما أورد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وأشار «المرصد» إلى أنها المرة الثانية التي يتم فيها استهداف اليمني؛ إذ كان قد نجا في ضربة مشابهة العام الماضي.

«أبو حمزة اليمني» الذي استهدفته الضربة الأميركية في لقطة أرشيفية من فيديو محاطاً بمقاتلين من تنظيم «جند الأقصى» عقب معارك مع قوات النظام في قرية المسطومة بإدلب عام 2015 (تنسيقية بنّش/ أ.ف.ب)

وأكد ناشطون في محافظة إدلب، أن طائرة مسيّرة تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة استهدفت ليلة الاثنين - الثلاثاء بصاروخين دراجة نارية يقودها شخص واحد على الطريق الواصلة بين مدينة إدلب وقرية قيمناس، شمال غربي سوريا؛ ما أدى إلى مقتل الشخص وتفحم جثته إلى درجة كان من الصعب التعرف على هويته، مشيرين إلى أن الطائرة المسيّرة واصلت تحليقها في أجواء المنطقة لأكثر من 3 ساعات، بينما تولت فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) نقل الجثة المتفحمة إلى مقر الطبابة الشرعية في مدينة إدلب. لكن مراسلاً لوكالة الصحافة الفرنسية في مكان وقوع الغارة قال، إن عناصر من «هيئة تحرير الشام»، التي تسيطر على المنطقة، سرعان ما انتشروا في المكان بعد الضربة ونقلوا جثة اليمني المتفحمة.
وأوضح مصدر مقرب من الفصائل العاملة في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، أن تنظيم «حراس الدين» لم يصدر أي بيان يؤكد هوية الشخصية المستهدفة، وهل هو بالفعل «أبو حمزة اليمني» الذي أعلنت الولايات المتحدة استهدافه مع مسؤول ثانٍ يُدعى «أبو البراء التونسي»، بغارة سابقة بطائرة مسيّرة، في 21 سبتمبر 2021. وأكدت حينها مصادر في «حراس الدين»، أن الغارة الجوية استهدفت فعلاً سيارة اليمني، ولكن كان يستقلها قيادي آخر في التنظيم يدعى «علاء الصالح» الذي ينحدر من مدينة قدسيا بريف دمشق.
ورجّح المصدر، أن يكون الشخص المستهدف الآن قيادياً آخر في التنظيم وليس «أبو حمزة اليمني» الذي يعدّ من أبرز قادة الفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا، وتنقّل في عمله بين تنظيمي «جند الملاحم» و«جند الأقصى»، عقب دخوله الأراضي السورية عام 2014، وانضم أخيراً إلى تنظيم «حراس الدين». ولفت إلى «مشاركة أبو حمزة اليمني في عملية اقتحام مدينة مورك ومناطق أخرى بريف حماة، ضد قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، أواخر عام 2015، أثناء عمله ضمن تنظيم (جند الأقصى)، قبل حل هذا التنظيم، عقب صراع دامٍ مع (هيئة تحرير الشام)، وفصائل سورية أخرى، استمر لأشهر وقُتل خلاله نحو 280 عنصراً من الفصائل في مواجهات فصائلية دامية وعمليات انتحارية ومفخخات وإعدامات ميدانية في مناطق ريفي حماة وإدلب في ذلك الحين».

ويشن التحالف الدولي بقيادة أميركا هجمات باستمرار ضد قادة التنظيمات المتحالفة مع «القاعدة» وأبرزها تنظيم «حراس الدين»، على الأراضي السورية. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2021، استهدفت مسيّرة أميركية بصاروخ قيادياً بارزاً في «حراس الدين» يدعى «مصعب كنان» خلال تنقله على متن دراجة نارية على طريق قرية كفربطيخ جنوبي إدلب؛ ما أدى إلى مقتله على الفور. وأُصيبت في الضربة أيضاً عائلة مؤلفة من سبعة أفراد بينهم أطفال بجروح خطيرة صادف مرورهم لحظة استهداف القيادي في التنظيم. ويأتي ذلك عقب مقتل نائب القائد العام بالتنظيم خالد العاروري الملقب بـ«أبو القسام الأردني»، بغارة جوية نفذتها طائرة مسيّرة تابعة للتحالف الدولي، في يونيو (حزيران) 2020، ونعاه في ذلك الحين تنظيم «حراس الدين» في بيان رسمي.
ولاحظت وكالة الصحافة الفرنسية، أن تنظيم «حراس الدين»، المرتبط بتنظيم «القاعدة»، تأسس في العام 2018، ويضم بين 2000 و2500 مقاتل بحسب الأمم المتحدة، مشيرة إلى أنه ينشط في إدلب التي تسيطر «هيئة تحرير الشام» حالياً على نحو نصف مساحتها إلى جانب مناطق محاذية من محافظات حماة وحلب واللاذقية.
كما تلاحق القوات الأميركية قياديين من تنظيم «داعش» في مخابئ لجأوا إليها في مناطق عدة في شرق سوريا وشمالها وغربها بينها إدلب ومحيطها، خصوصاً بعد هزيمة التنظيم قبل ثلاث سنوات. ونجحت القوات الأميركية في عمليات عدة في محافظة إدلب، قُتل في أبرزها زعيما «داعش» أبو بكر البغدادي في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ثم أبو إبراهيم القرشي في 3 فبراير (شباط) الماضي في مخبأيهما.
في سياق آخر، شهدت قرى وبلدات جبل الزاوية في جنوب إدلب، تصعيداً عسكرياً مكثفاً من قِبل قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، في حين استهدفت فصائل المعارضة موقعا لقوات النظام غرب حماة. وقال مرصد تابع للمعارضة، إن «قرى فليفل وكنصفرة ودير سنبل وبينين ومحيط بلدات البارة والفطيرة بجبل الزاوية (20 كيلومتراً جنوب إدلب)، شهدت قصفاً مكثفاً بقذائف المدفعية الثقيلة والدبابات من قِبل قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية المتمركزة في مناطق معرة النعمان وكفرنبل؛ ما أسفر عن إصابة مدنيين من المزارعين، وخسائر في الممتلكات». وأشار إلى أن فصائل المعارضة ضمن غرفة عمليات «الفتح المبين» تبادلت القصف مع قوات النظام السوري على محاور وخطوط التماس في سهل الغاب (60 كيلومتراً شمال غربي حماة).


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.