«بيزنس» الممثلين المصريين... الفن وحده لا يكفي

المطاعم والكافيهات والاستثمار العقاري في المقدمة

هاني شاكر مع فنانين في افتتاح مطعم ابنه (فيسبوك)
هاني شاكر مع فنانين في افتتاح مطعم ابنه (فيسبوك)
TT

«بيزنس» الممثلين المصريين... الفن وحده لا يكفي

هاني شاكر مع فنانين في افتتاح مطعم ابنه (فيسبوك)
هاني شاكر مع فنانين في افتتاح مطعم ابنه (فيسبوك)

لحماية أنفسهم من تقلبات الزمن، وتعثر مشروعاتهم الفنية، لجأ عدد كبير من الفنانين المصريين إلى «البيزنس»، أو استثمار أموالهم في مشروعات تدر عليهم دخلاً يؤمِّن حياتهم من «غدر الفن» مثلما حدث مع كثير من الممثلين المصريين خلال العقود الماضية، ليرفعوا شعار: «الفن وحده لا يكفي».
وكان الفنان المصري هاني رمزي، من بين أحدث الفنانين الذين انضموا إلى قائمة «الفنانين المستثمرين»، بعد مشاركته أخيراً في مشروع استثمار عقاري بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، وقال رمزي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إنه «سعيد جداً بتحقيق حلمه بالعمل الاستثماري بجانب الفن»؛ مشيراً إلى أن «ذلك لن يقلل من مشاركاته الفنية».
ويعد الاستثمار في المطاعم والكافيهات والأزياء والموضة، والاستثمار العقاري، من أبرز المجالات التي يفضل الفنانون المصريون العمل بها، ففي الوقت الذي افتتح فيه المخرج المصري رامي إمام، نجل الفنان الكبير عادل إمام، مطعماً متخصصاً في طهي «المعكرونة» في الساحل الشمالي المصري منذ عدة أشهر، افتتح الفنان المصري هاني شاكر مطعماً لنجله شريف بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة)، بحضور عدد كبير من نجوم الفن.
وإلى جانب إمام وشاكر، اختار الفنان مصطفي قمر، ونجم «مسرح مصر»، محمد أسامة، والفنان ماجد المصري، والمطرب الشعبي سعد الصغير، والكوميديان محمد ثروت، والإعلامية بسمة وهبة، الاستثمار في مجال المطاعم والكافيهات أيضاً.
بينما اتجه بعض الفنانات إلى مجال الأزياء والموضة، على غرار الفنانة سمية الخشاب، وبسمة بوسيل زوجة الفنان تامر حسني، والشقيقتان ميس ودانا حمدان، وأيضاً الفنانة هيدي كرم التي اشتهرت مؤخراً بالترويج لخط «مستحضرات تجميل» يحمل اسمها.
من جهتها، أعلنت الفنانة المصرية علا غانم، في وقت سابق، عن استثمارها في مشروع خاص برعاية الكلاب، وقالت غانم في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إنها أقامت فندقاً في الولايات المتحدة الأميركية، للاهتمام بالكلاب ورعايتهم، مؤكدة أن الهدف من ورائه ليس وجاهة اجتماعية؛ بل استثمار نجحت فيه وستستمر. وأشارت إلى أنها تخوض منافسة شرسة بأميركا في هذا المجال، إذ إنها تجهز لافتتاح فرع جديد لفندقها، لافتة إلى أنها تهدف إلى أن يكون مشروعها سلسلة كبيرة.
واتجه الفنان أحمد السقا إلى الاستثمار الرياضي، وافتتح «صالة جيم» بمنطقة الشيخ زايد (غرب القاهرة)، وهو ما سبقه إليه الممثل والمطرب أحمد فهمي الذي يمتلك فرعين للنشاط نفسه.
وبينما يؤكد بعض الفنانين أنهم يتجهون للمشاركة في مشروعات خاصة، للبحث عن الأمان الشخصي، لا سيما أنهم يعتبرون العمل في الفن موسمياً، وغير مضمون، أو غير ثابت، فإن نقاداً يرون أن تلك المشروعات لا تتطلب خبرة كبيرة أو مجهوداً شاقاً.
الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «(بيزنس الفنانين) قضية فرضت نفسها منذ عقود على الوسط الفني، فهناك جيل كامل كان يميل للاستثمار داخل الفن بإنشاء شركات إنتاج سينمائي أو غنائي؛ لكن بعد تعرض نجوم الخمسينات والستينات من القرن الماضي على وجه الخصوص لأزمات مالية في نهاية حياتهم، اندفع الجيل الجديد لإقامة استثمارات موازية بعيداً عن الفن».
وأضاف عبد الرحمن قائلاً: «هذا الاستثمار ينقسم إلى نوعين: نوع شائع وسهل، وهو الاتجاه لإقامة المطاعم والكافيهات، والتي لا تحتاج إلى خبرة سابقة؛ بل يستفيد المكان من اسم صاحبه، أما النوع الثاني فهو غير معلن، ويكون اقتصادياً داخل وخارج مصر، وهذا نوع قليل، ولكنه يعي جيداً قيمة (البيزنس)، فهو لم يدخل فيه لمجرد فرض اسمه أو تأمين نفسه في مجال غير الفن، ولكن للاستثمار بشكل جدي».
ويرى عبد الرحمن أن «إقامة المشاريع أمر مشروع، بشرط عدم التأثير سلباً في مسيرته واختياراته الفنية».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».