الإضاءة تؤثر على جودة النوم لدى الأطفال

المصابيح والأجهزة الإلكترونية تخفض مستوى هرمون الميلاتونين

الإضاءة تؤثر على جودة النوم لدى الأطفال
TT

الإضاءة تؤثر على جودة النوم لدى الأطفال

الإضاءة تؤثر على جودة النوم لدى الأطفال

يعدّ النوم الهادئ من أهم العوامل التي تلعب دوراً في النمو الطبيعي للطفل، خصوصاً في الفترة الأولى من حياته، وتحديداً في المرحلة العمرية بداية من الرضاعة حتى مرحلة «ما قبل المدرسة (preschool age)». ومن المعروف أن هرمون الميلاتونين هو المسؤول عن تنظيم معدل النوم، والموازنة بين الراحة والنشاط، وتهيئة الجسم للدخول إلى النوم.
نوم الأطفال
ومع الاهتمام المتزايد بطب النوم في العصر الحالي نظراً لفوائده التي تتعدى مجرد الراحة الجسدية، فإن هناك العديد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين معدلات النوم الجيدة ونمو المخ لدى الأطفال. وأحدث هذه الدراسات نشرت بداية هذا العام في «مجلة أبحاث الغدة النخامية (the Journal of Pineal Research)»، وأشارت إلى التأثير السلبي لتعرض الطفل لأي إضاءة قوية قبل وقت النوم بساعة أو أقل، وزيادة احتمالات صعوبات النوم.
أوضح الفريق البحثي الخاص بـ«مختبر النوم» من «جامعة كولورادو بولدر (University of Colorado Boulder)» أن السبب في تغير المعدل الطبيعي للنوم بالنسبة لهؤلاء الأطفال راجع إلى انخفاض حاد في مستويات الميلاتونين (melatonin) نتيجة للتعرض إلى الضوء مهما كانت كمية التعرض بسيطة، وقالوا إنه تبعاً لدراساتهم السابقة، فإن التعرض للشاشات ذات الإضاءة العالية لمدة ساعة قبل النوم يؤدي إلى انخفاض في مستويات الميلاتونين بنسبة 90 في المائة لدى هذه الفئة العمرية. وأشار الباحثون إلى دهشتهم الكبيرة من التثبيط الكبير لمستويات الميلاتونين تأثراً بأي شدة إضاءة مهما كانت خافتة (مع اختلاف نسبة التأثر بالطبع).
قام الباحثون بإجراء الدراسة على 36 من الأطفال الأصحاء تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات، ووضُع جهاز مراقبة حول المعصم (wrist monitor) لكل منهم يقوم بتتبع نومهم وكذلك تعرضهم للضوء لمدة 9 أيام كاملة، وفي الأيام السبعة الأولى، طلب العلماء من الآباء إبقاء أطفالهم على جدول نوم ثابت بحيث تتراوح ساعات النوم بين 8 و9 ساعات، وكلما كان النوم مبكراً، كان ذلك أفضل، وذلك لتتعود أجسامهم على ساعات معينة للنوم، وتحدث ما تشبه البرمجة للساعة البيولوجية الموجودة لديهم (biological clock)، وفي اليوم الثامن وضعوا البلاستيك الأسود على النوافذ وأوصوا الآباء بالحفاظ على الأضواء خافتة وعدم استخدام إضاءة عالية في غرف الأطفال لخلق بيئة هادئة بأقل قدر ممكن من الضوء.
في اليوم الأخير من الدراسة، طلب الباحثون من الأطفال أن يقوموا باللعب على طاولة مضيئة لمدة ساعة قبل ميعاد النوم المعتاد، وكانت شدة إضاءة كل طاولة مختلفة بين الأطفال اختلافاً كبيراً بحيث تراوحت الشدة بين 5 لوكسات و5000 لوكس (يعرف «اللوكس» lux الواحد بأنه الضوء المنبعث من شمعة تبعد نحو 3 أقدام). وبعد ذلك قاس الباحثون نسبة هرمون الميلاتونين الذي كُشف عنه في عينات اللعاب الخاص بالأطفال.
مستوى الميلاتونين
وذكر الباحثون أن العينات كشفت عن انخفاض نسبة الهرمون تأثراً بالإضاءة بحيث كان أقل بنسبة تتراوح بين 70 في المائة و99 في المائة في الليلة التي تعرض الأطفال فيها لضوء الطاولة مقارنة بالليالي السابقة مع الحد الأدنى من الضوء من خلال النافذة المعتمة.
وتعدّ نتيجة هذه الدراسة مهمة جداً لأنها أظهرت أن الميلاتونين انخفض بمعدل 78 في المائة استجابةً للضوء الذي تتراوح شدته بين 5 لوكسات و40 لوكساً فقط، وهو ما يعدّ أضعف بكثير جداً من الضوء المعتاد لإنارة معظم الغرف التي ينام فيها الأطفال.
وأوضحت التجربة أن مستويات الميلاتونين لم تعد لمعدلاتها الطبيعية حتى بعد 50 دقيقة من إطفاء الضوء؛ وهو الأمر الذي يعني ضرورة أن تكون الإضاءة في غرفة الطفل خافتة قبل نومه بساعة على الأقل، وأيضاً عدم مشاهدة الشاشات المختلفة؛ خصوصاً كبيرة الحجم الخاصة بالتلفزيون، والتي تكون ذات إضاءة عالية جداً، ولذلك يفضل أن يكون التلفزيون بعيداً من غرفة نوم الطفل.
وأوضح الباحثون أن عيون الأطفال أكثر حساسية للضوء بسبب التكوين التشريحي للعين في الطفولة؛ لأنهم يمتلكون حدقات عيون (pupils) أكثر اتساعاً وعدسات أكثر شفافية من البالغين، وبالتالي ينفذ الضوء إلى العين بشكل أكثر حرية وتأثيراً، وهذه الحساسية للضوء في هذا الوقت المبكر من العمر تجعلهم أكثر عرضة لحدوث خلل في معدلات النوم والاستيقاظ الطبيعية (circadian system). وفي العادة؛ يعمل الجسم على تنظيم النشاط اليومي للإنسان من خلال الارتباط بمعدل معين للهرمونات يناسب النوم واليقظة بحيث يجري إفراز الهرمونات التي تساعد على التركيز مثل الأدرينالين والكورتيزون في الصباح، وإفراز الهرمونات التي تساعد على الاسترخاء مثل الميلاتونين ليلاً، وفي حال حدوث تغيير في مواعيد النوم يحدث تغير وانعكاس لموعد إفراز هذه الهرمونات ليناسب الوضع الجديد مثل الذين يعملون بشكل دائم ليلاً ويستريحون نهاراً.
ونصحت الدراسة الآباء بضرورة الاهتمام بموضوع النوم بالنسبة للأطفال وعدم ارتباط موعد نومهم بنوم الآباء، وهناك عدد معين كاف من الساعات يجب أن يحصل عليه كل طفل بما فيه ساعات القيلولة (من 10 إلى 13 ساعة لمرحلة ما قبل الدراسة)، ويجب أن يعدّ الآباء النوم جزءاً من النمو الطبيعي للطفل، وعدم وضع أي شاشة في غرفة نوم الطفل؛ وسواء أكانت لجهاز جوال أم لكومبيوتر. وحتى في أوقات النهار أثناء اللعب يجب الالتزام بأوقات معينة لمشاهدة الشاشات تبعاً للفئة العمرية للطفل، وخفض الإضاءة إلى الحد الأدنى الكافي لممارسة الألعاب في التلفزيون والجوال.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.