«القطار الأصفر» يتنقل بين القمم الفرنسية الشاهقة منذ أكثر من قرن

«القطار الأصفر» (أ.ف.ب)
«القطار الأصفر» (أ.ف.ب)
TT

«القطار الأصفر» يتنقل بين القمم الفرنسية الشاهقة منذ أكثر من قرن

«القطار الأصفر» (أ.ف.ب)
«القطار الأصفر» (أ.ف.ب)

يتنقل «القطار الأصفر»، وسط الجبال المكسوة بالثلوج بين نحو عشرين محطة في فرنسا، بينها الأعلى في البلاد على ارتفاع قرابة 1600 متر، متيحاً للركاب التمتع بمناظر خلابة صيفاً شتاءً على سفح جبال البيرينيه عند حدود منطقة كاتالونيا الإسبانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويعتمد القطار تكنولوجيا منسوخة تماماً عن أول مترو باريسي، وقد احتفظ بشكل مقصوراته الخشبية الملبسة بالمعدن وبسكته الكهربائية الثالثة على مسار ضيق.
وتتيح هذه الخاصية منذ أكثر من قرن للقطار الأصفر التنقل عبر مسار متحدر بنسبة 6 في المائة صعوداً ونزولاً من دون خطر الانزلاق عند المنعطفات.
ويقول دانيال سوغان (60 عاماً) وهو ميكانيكي سيارات متقاعد «نأمل ألا يقع بنا» القطار، من دون إخفاء «سعادته» بالقيام برحلة تعبق بالحنين في هذا القطار الذي يجوب القمم في منطقة البيرينيه الشرقية، ويمكنه نقل ما يصل إلى 250 راكباً.

وينطلق القطار من قلعة فيلفرانس دو كونفلان العائدة إلى القرون الوسطى، التي عزز المهندس العسكري الفرنسي سيباستيان فوبان، أسوارها في القرن السابع عشر.
وتعد المركبة الملقبة «كناري» نسبة إلى لون مقصوراتها الأصفر مع خطوط حمراء، بألوان راية إقليم كاتالونيا، على تخوم نهر تات على علو 427 متراً.
ويتنقل بين المناطق الحرجية ليصعد الجبل تدريجياً، وصولاً إلى محطة بولكير، أعلى نقطة له على علو 1592 متراً. كما يتوقف عند محطة التزلج فون رومو قبل التعريج عند سهل سيرداني المشمس وصولاً إلى لا تور دور كارول، مع معدل سرعة لا يتخطى 30 كيلومتراً في الساعة.
ويوضح مدير الخط لوران لانفان (49 عاماً) أن هذا القطار الذي دُشنت رحلاته في يوليو (تموز) 1910 «بقي في حالته الأصلية تقريبًا»، موضحاً أنه يعتمد «آليات ميكانيكية قديمة».
ولا تتعدى المسافة الفاصلة بين سكك الحديد متراً واحداً، بدلاً من 1.435 متر في السكك التقليدية.
هذا المسار الممتد على حوالي 60 كيلومتراً تطلب إقامة ما لا يقل عن 650 منشأة فنية، بينها 19 نفقاً و40 جسراً.

واثنتان من هذه المنشآت مصنفتان من المعالم التاريخية: جسر سيجورنيه مع قوسه القوطي اللافت الذي يعلو وادياً بعمق 65 متراً، وجسر جيكلار، آخر جسر معلق لسكك الحديد لا يزال في الخدمة، على علو 80 متراً في الفراغ.
ويقول مسؤول الصيانة في هذا الخط غالدريك سير (36 عاماً)، إن «هذا القطار زاخر بالتاريخ»، مبدياً افتخاره بالجانب «الحرفي» لمهنته التي تعتمد تقنيات لم تعد موجودة بكثرة.
وفيما يتم صنع بعض القطع وإصلاحها محلياً في محطات القطار، ثمة حاجة لخبرات من عمال سكك حديد خارجيين في قطع أخرى، كأولئك الذين يصلحون الجسور، أو يجمعون قطع الحديد على غرار تجميع قطع برج إيفل.
ومن المقرر إجراء صيانة شاملة للقطار الأصفر نهاية العام الحالي، يُتوقع استمرارها ثلاث سنوات، ومن شأنها السماح بتسيير «معدات جديدة مع تصميم شبيه بالقديم»، وفق مدير الخط.
ويشير لانفان إلى أن «ثمة رغبة حقيقية في التطوير من أجل الاستمرار في التشغيل إلى ما بعد 2030، ومضاعفة القدرة» للانتقال من 10 رحلات يومية إلى عشرين خلال موسم الذروة الصيفي.

ومع مائة ألف رحلة سنوياً، يتمتع القطار الأصفر الذي يتنقل بمقصورات مكشوفة صيفاً، بقدرات سياحية كبيرة. وتوضح الطالبة البلجيكية أورور لامبير البالغة 25 عاماً: «أردت اكتشاف المناظر الجميلة».
كذلك تقول المساعدة القضائية المتقاعدة مارتين باتريك (69 عاماً)، إن الرحلة بهذا القطار «أكثر متعة من التنقل بالسيارة»، مضيفة: «هذا مهم للأشخاص المقيمين في المنطقة».
ورغم أن دوامات عمل القطار الذي تنطلق رحلته الأولى يومياً عند التاسعة صباحاً لا تتلاءم مع مواعيد التنقلات المهنية، لكنه يسد أحياناً ثغرات مرتبطة بالحركة المرورية على الطرق. ففي 2020، عندما أعاقت انهيارات طبيعية الحركة، استمر القطار الأصفر في توفير خدمات النقل في المنطقة برمتها.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.