الأفكار المزعجة التي تتسلل إلى عقلك من دون حائل قد تُشعرك بعدم الارتياح، غير أن هذه الحالة شائعة — وهناك استراتيجيات يمكنك استخدامها للسيطرة عليها.
- أفكار دخيلة
يبدو أن هذه الأفكار تنشأ من العدم — على شكل فكرة غريبة ومزعجة أو صورة مقلقة تطفو في الذهن. قد تكون فكرة عنيفة أو جنسية، أو خوفاً متكرراً من قيامك بفعل غير لائق أو محرج. وأياً كان المحتوى، فإنه غالباً ما يكون مزعجاً، وقد يجلب مشاعر القلق أو الخجل. وكلما حاولت دفع الفكرة بعيداً عن ذهنك، استمر تواجدها.
ويُعتقد أن الأفكار الدخيلة أو التطفلية intrusive thoughts، كما يُطلق عليها، تؤثر على نحو ستة ملايين أميركي، وفقاً لجمعية القلق والاكتئاب الأميركية.
ترتبط الأفكار التطفلية أحياناً باضطراب في الصحة العقلية مثل الوسواس القهري، حيث تصبح الأفكار مزعجة لدرجة أنها تحفز السلوكيات المتكررة أو الأفعال القهرية لمحاولة منعها من الحدوث. كما أنها شائعة الحدوث في اضطرابات ما بعد الصدمة، والتي يمكن أن تنجم عن حدث يهدد الحياة أو واقعة مجهدة للغاية، مثل حادثة أو هجوم عنيف.
إلا أن الكثير من الناس الذين يعانون من هذه الأفكار لا يعانون اضطراباً في الصحة العقلية بالأساس، كما تقول الدكتور كيري - آن ويليامز، أستاذة الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد.
غالباً ما تنبع الأفكار التطفلية من التوتر أو القلق. وقد تكون أيضاً مشكلة قصيرة الأمد تسببها عوامل بيولوجية، كالتحولات الهرمونية. على سبيل المثال، وقد تواجه المرأة نمواً في الأفكار التطفلية بعد ولادة الطفل.
تقول الدكتورة ويليامز «إن أي ضغوط في الحياة، إن كانت كبيرة بدرجة كافية، يمكن أن تزيد من مخاطر التعرض لأفكار دخيلة».
- الإجهاد والعزلة
تقول الدكتورة أوليفيرا بوغونوفيتش، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد «عانى العديد من النساء في هذه الأيام من ضغط كبير بسبب العزلة الناجمة عن الوباء. كما أن أعراض القلق قد تظهر عادة عند انتقال المرأة إلى مرحلة مختلفة من حياتها. وقد تصبح أكثر انعزالاً أو ينمو لديها خوف من الشيخوخة أو من الإصابة بأمراض جسدية. وقد يؤدي هذا إلى زيادة القلق، وفي بعض الأحيان، التفكير الوسواسي».
في حين أن الأفكار الدخيلة قد تكون مزعجة إلا أنها ليست مؤذية، أو أنها علامة على وجود رغبة سرية في تنفيذ الأمور التي خطرت على بالك.
غالباً ما يشعر الناس بالحرج أو الخجل من مجرد الحديث عنها، كما تقول الدكتورة ويليامز. وتضيف قائلة «في كثير من الأحيان عندما يتحدث المرضى عن الأمر، قد يستهلون الحديث عنها بقولهم (أنا لست مجنوناً (أو مجنونة)، ولكن هذه الفكرة الغريبة تهاجم ذهني). فقد يفكرون بإيذاء أحد أفراد الأسرة، مثل طفل رضيع. وعندما تظهر لديهم هذه الفكرة، فإنهم يُصابون بالذعر — ويقولون (لا أستطيع حتى أن أصدق أنها خطرت ببالي. لا يجب أن أخبر أحداً؛ ربما يعتقد الآخرون أن هناك حدثاً سيئاً وقع بي)».
- تحديد الأفكار ومكافحتها
> تحديد الأفكار الدخيلة. إذن، كيف يمكنك معرفة ما إذا كنت تعاني من الأفكار الدخيلة أو التطفلية؟ هناك بعض العلامات التي يجب البحث عنها:
- الفكرة غير معتادة بالنسبة لك. إن الفكرة الدخيلة عادة ما تكون مختلفة جداً عن أفكارك النموذجية. «على سبيل المثال، قد تكون فكرة عنيفة بشكل غير معهود لك»، كما تقول الدكتورة ويليامز.
- تلك الأفكار مزعجة بطبيعتها. فإذا كانت الفكرة مقلقة أو من الأشياء التي تريد طردها من عقلك، فربما تكون فكرة دخيلة.
- يصعب التحكم بتلك الأفكار. إذ إن الأفكار التطفلية غالباً ما تكون متكررة ولا تتلاشى بسهولة.
• وسائل إدارة الأفكار الدخيلة. تقول الدكتورة ويليامز «كلما فكرتم في الأمر كثيراً شعرتم بمزيد من القلق وتزداد الأفكار سوءاً». وبدلاً من محاربة الأفكار الدخيلة، من الأفضل أن تتعلم التعايش معها. وعندما تظهر هذه الأفكار حاول اتخاذ الخطوات التالية:
- حدد الأفكار بأنها دخيلة. «قل لنفسك: هذه مجرد فكرة تطفلية، والأمر ليس كما أعتقد، ليس هذا ما أؤمن به، وليس هو ما أريد القيام به حقاً».
- لا تقاوم الفكرة. عندما يكون لديك فكرة دخيلة، اقبل بها فحسب. ولا تحاول أن تجبرها على الاختفاء.
- لا تضع نفسك موضع الاتهام. اعرف أن وجود فكرة غريبة أو مزعجة لا يعني أن شيئاً ما خاطئ في شخصيتك.
- طلب المشورة
متى يجب طلب المساعدة؟ قم بزيارة اختصاصي الصحة النفسية إذا بدأت الأفكار غير المرغوبة في إجهاد حياتك اليومية، خاصة إذا كانت تعيق قدرتك على العمل أو القيام بأشياء تستمتع بها. ومع ذلك، حتى لو لم تؤثر الأفكار الدخيلة على حياتك بشكل بارز، لا يزال بإمكانك طلب المساعدة من أحد الأشخاص. يعد العلاج السلوكي الإدراكي واحداً من الاستراتيجيات الناجحة غالباً في مساعدة الناس على التحكم في الأفكار الدخيلة. قد تساعدك هذه العملية على تغيير بعض أنماط التفكير العامة لديك، مما يمكّنك من إدارة هذه الأفكار على نحو أفضل عند حدوثها، وقد يُقلل من تكرارها.
كما يمكن أيضاً معالجة الأفكار الدخيلة من خلال معالجة المشكلة الأساسية، مثل القلق والإجهاد أو التاريخ الشخصي للصدمة. وفي حين أنه قد يكون من المفيد مشاركة الأفكار المعينة التي لديكم، تذكروا أنه حتى لو لم ترتاحوا في الحديث عنها بالتفصيل، يمكن للاختصاصي المعالج أن يساعد.
يقول الدكتور بوغونوفيتش، إنه ينبغي على النساء أيضاً أن يعلمن أن الأفكار الدخيلة تستجيب للعلاج بشكل جيد. من جهتها، تقول الدكتورة ويليامز «تذكر أنك قد لا تحتاج المساعدة إلى الأبد. قد يكون الأمر قصير الأمد».
- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»
- خدمات «تريبيون ميديا»