دراسة: تناول الخبز الأبيض لا يزيد الوزن

كان يُعتقد سابقاً أن الخبز الأبيض يزيد من خطر الإصابة بالسمنة (ديلي ميل)
كان يُعتقد سابقاً أن الخبز الأبيض يزيد من خطر الإصابة بالسمنة (ديلي ميل)
TT

دراسة: تناول الخبز الأبيض لا يزيد الوزن

كان يُعتقد سابقاً أن الخبز الأبيض يزيد من خطر الإصابة بالسمنة (ديلي ميل)
كان يُعتقد سابقاً أن الخبز الأبيض يزيد من خطر الإصابة بالسمنة (ديلي ميل)

خلصت دراسة جديدة إلى أن تناول «الكربوهيدرات سريعة الامتصاص» مثل الخبز الأبيض، لا يتسبب في زيادة الوزن مثلما كان معتقداً.
وحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، فقد فحص الباحثون التابعون لجامعة ولاية أريزونا 35 دراسة قائمة على الملاحظة جمعت بيانات مما يقرب من مليوني بالغ، وأكدوا أن هذه الدراسات «كشفت عن عدم وجود فروق ثابتة في مؤشر كتلة الجسم بين الأشخاص الذين يتناولون الكربوهيدرات سريعة الامتصاص مثل الخبز الأبيض والأرز الأبيض، والكربوهيدرات بطيئة الامتصاص مثل الحبوب الكاملة والخضراوات والبقوليات والأرز البني، والتي كان يُعتقد سابقاً أنها مثالية لفقدان الوزن واتّباع نظام غذائي صحي».
كما أوضح الباحثون أن ارتفاع المؤشر الغلايسيمي في طعام بعينه لا يعني بالضرورة أنه يزيد من خطر الإصابة بالسمنة.
والمؤشر الغلايسيمي هو المؤشر المستخدم لتصنيف الكربوهيدرات على مقياس من 0 إلى 100 وفقاً لكيفية تأثيرها على نسبة السكر في الدم بعد ساعتين من تناولها.
ومن المعروف أن الكربوهيدرات سريعة الامتصاص لديها مؤشر غلايسيمي مرتفع.
وقال فريق الدراسة: «كان يُعتقد سابقاً أن الأطعمة التي تحتوي على مؤشر غلايسيمي مرتفع تعزز تخزين الدهون وتزيد من خطر الإصابة بالسمنة. إلا أننا وجدنا أن هذا الأمر غير صحيح تماماً».
وأضافوا: «وجدت دراستنا أن الأنظمة الغذائية منخفضة المؤشر الغلايسيمي لم تكن بشكل عام أفضل من الأنظمة الغذائية ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع في تقليل وزن الجسم أو الدهون في منطقة الخصر على وجه الخصوص. في الواقع، كان لعوامل مثل العمر والجينات والنشاط البدني وحساسية الأنسولين ومؤشر كتلة الجسم تأثير أكبر على وزن الجسم والدهون ومحيط الخصر».
وأشار فريق الدراسة إلى أن نتائجهم كشفت أن قيمة المؤشر الغلايسيمي للأرز البني تتراوح من 48 إلى 87، فيما تتراوح قيمته في الأرز الأبيض من 17 إلى 94.
تم نشر الدراسة الحديثة في مجلة Advances In Nutrition العلمية الأسبوع الماضي.


مقالات ذات صلة

البشت الخليجي والكشري المصري ضمن 68 ترشيحاً لقائمة اليونيسكو للتراث الثقافي

يوميات الشرق الكشري عبارة عن طبق شعبي واسع الانتشار في مصر من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي (بيكسلز)

البشت الخليجي والكشري المصري ضمن 68 ترشيحاً لقائمة اليونيسكو للتراث الثقافي

سينافس البشت الخليجي وطبق الكشري المصري والشعر الموسيقي اليمني ضمن 68 ترشيحاً تنتظر موافقة منظمة اليونيسكو لإضافتها لقائمة التراث الثقافي غير المادي.

«الشرق الأوسط» (باريس - نيودلهي)
يوميات الشرق حلقة خاصة من برنامج ميغان ماركل بمناسبة الأعياد (نتفليكس)

ميغان تعود إلى المطبخ ببيجاما العيد والأمير هاري يفضّل طهو أمّها

حلقة خاصة من برنامج ميغان ماركل للطهو على «نتفليكس» بمناسبة أعياد آخر السنة، وضيف الشرف الأمير هاري.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق حمية الملك تشارلز صحية مع بعض الاستثناءات (أ.ف.ب) play-circle 01:25

على مائدة الملك تشارلز... أطعمةٌ عضويّة وبيض الدجاجات التي يعتني بها شخصياً

يدخل الملك تشارلز غداً عامه الـ77 وهو ما زال يحافظ على قوامٍ رشيق بفَضل نظامٍ رياضيّ وحمية صحية قائمة على المأكولات العضوية الطبيعية.

كريستين حبيب (بيروت)
صحتك  رجل يبيع الفاصوليا الحمراء بسوق جملة في باكستان (إ.ب.أ)

 ما أبرز أنواع البقوليات الغنية بالمغنسيوم؟

يساعد المغنسيوم على تنظيم ضغط الدم وضبط مستويات السكر في الدم وتقليل خطر الإصابة بالصداع النصفي وتكوين الحمض النووي (DNA).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جميع المكسرات توفر عناصر غذائية مهمة مثل الألياف والدهون الصحية والبروتينات (رويترز)

بسبب فوائده الصحية وتعدد استخداماته... ما أفضل نوع من المكسرات؟

المكسرات سهلة الحمل، مغذية، ومتعددة الاستخدامات؛ ما يجعلها الخيار الأمثل لوجبة خفيفة سريعة أو مكوناً صحياً في وصفات الطعام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

متحف البحر الأحمر في جدة... جسر من الماضي إلى المستقبل

هلب من سفينة غارقة في البحر الأحمر في مقدمة العرض (تصوير: غازي مهدي)
هلب من سفينة غارقة في البحر الأحمر في مقدمة العرض (تصوير: غازي مهدي)
TT

متحف البحر الأحمر في جدة... جسر من الماضي إلى المستقبل

هلب من سفينة غارقة في البحر الأحمر في مقدمة العرض (تصوير: غازي مهدي)
هلب من سفينة غارقة في البحر الأحمر في مقدمة العرض (تصوير: غازي مهدي)

يضم المتحف أكثر من ألف قطعة موزعة على 23 قاعة تشمل صوراً أرشيفية، وخرائط، وقطعاً أثرية، وأعمالاً فنية معاصرة مستوحاة من الشعب المرجانية والبحر.

وقفت «الشرق الأوسط»، خلال جولة لها في المتحف، على المعروضات التي تتنوع بين مقتنيات تاريخية مثل مؤشرات القبلة، وصور الحرمين الشريفين، وقطع من حطام سفينة قديمة، إضافة إلى موسيقى وأغاني الصيادين التي تغمر الزائر في تجربة حسية متكاملة.

ويقول المستشار المعماري الفرنسي فرنسوا شاتيلون إن المبنى ليس أثراً قديماً بل هو «متحف جديد يتحدث عن طرق للتفكير بالمستقبل». ويضيف: «البعض يعتقد أن التراث هو الماضي، ولكنه في الحقيقة هو المستقبل... كل هذه القطع الحديثة وصلت إلى هنا عبر الحوار مع الماضي، فهي ترمز لاستمرارية الثقافة».


تخصيص «مأوى» للكلاب الضالة في القاهرة... هل يحل المشكلة؟

انتشار الكلاب في أحد شوارع محافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
انتشار الكلاب في أحد شوارع محافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
TT

تخصيص «مأوى» للكلاب الضالة في القاهرة... هل يحل المشكلة؟

انتشار الكلاب في أحد شوارع محافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
انتشار الكلاب في أحد شوارع محافظة الجيزة (الشرق الأوسط)

أثار قرار محافظة القاهرة تخصيص «مأوى» للكلاب الضالة في جنوب العاصمة المصرية تساؤلات حول مدى تأثيره وجدواه في حل مشكلة انتشارها في الشوارع، وتباينت ردود الفعل بين مشيد بالقرار ومنتقد له.

وكانت المحافظة قد قررت، الاثنين، تخصيص قطعة أرض بعد تزايد شكاوى المواطنين من كثرة أعداد الكلاب الشاردة وارتفاع حالات العقر. ولقي القرار ترحيباً من البعض باعتباره «بداية لمواجهة أزمة متفاقمة»، في حين شكك آخرون في جدواه، وتخوفوا من تأثيره على «حالة الكلاب» و«التوازن البيئي».

وتقع الأرض التي خصصتها المحافظة للكلاب الضالة شرق طريق الأوتوستراد في نطاق حي التبين، على مساحة 2.28 فدان، أي نحو 9500 متر مربع، وفق تصريحات لمحافظ القاهرة إبراهيم صابر، على أن يدار المأوى بالتنسيق مع مديرية الطب البيطري.

وسيضم المأوى مرافق للتعقيم والتطعيم والعلاج والتبني الطوعي. ويهدف القرار، بحسب بيان لمحافظة القاهرة، إلى «التعامل مع ملف الكلاب بحكمة، مع ضمان السلامة العامة دون الإخلال بالرفق بالحيوان».

ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد الكلاب الضالة في مصر، لكن بات ملحوظاً زيادتها بشكل لافت، وسيرها في مجموعات داخل الشوارع والمدن. وسبق أن قدّر وكيل نقابة البيطريين محمود حمدي، خلال تصريح تلفزيوني في أبريل (نيسان) الماضي، العدد بين 20 و30 مليوناً.

ورحّب الأمين العام الأسبق لنقابة الأطباء البيطريين والخبير الدولي في إدارة المخاطر البيولوجية، محمد عفيفي، بقرار محافظة القاهرة، ووصفه بأنه «خطوة مهمة وبداية، لكنه ليس نهاية المطاف»، مشيراً إلى أنه يأتي تطبيقاً لنصوص قانون 29 لسنة 2023 ولائحته التنفيذية في 2025 الخاص بتنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب.

وينص قانون 29 في المادة 23 منه على أن «تتخذ السلطة المختصة في حدود إمكانات الدولة المتاحة، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، التدابير والإجراءات اللازمة لمجابهة الحيوانات الضالة أو المتروكة التي تشكل خطراً على الإنسان أو الحيوان، وذلك بمراعاة معايير وتوصيات المنظمة العالمية للصحة الحيوانية وغيرها من المنظمات الدولية المتخصصة».

خلال حملة لتطعيم الكلاب الضالة في محافظة الإسكندرية (رئيسة مجلس إدارة «جمعية الرفق بالحيوان»)

وقال عفيفي لـ«الشرق الأوسط» إن «الكلاب الضالة تتسبب في مئات الآلاف من حالات العقر سنوياً، وتكلف الدولة أكثر من مليار جنيه (21 مليون دولار) كل عام للتطعيمات فقط، بخلاف ما تسببه من ترويع للمواطنين والأطفال وكبار السن»، محذراً من أن هذه الكلاب «مستودع لعشرات من مسببات الأمراض المعدية الخطيرة».

وطالب عفيفي سائر المحافظات المصرية باتباع النهج ذاته «حتى نصل إلى سحب 80 في المائة من الكلاب الضالة المنتشرة في الشوارع بعيداً عن التجمعات السكنية كمرحلة طوارئ أولية، ثم تطبيق سياسة التعقيم والتطعيم على النسبة المتبقية بالشوارع، لضمان عدم زيادة الأعداد مرة أخرى، وضمان مجابهة مرض السعار».

غير أن رئيسة مجلس إدارة «جمعية الرفق بالحيوان»، هدى مقلد، لا ترى في قرار محافظة القاهرة وسائل عملية للتعامل مع ملف الكلاب الضالة. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن قرار المحافظة مرفوض بالنسبة لجمعيات الرفق بالحيوان باعتباره «غير مضمون النتائج على الكلاب»، مشككة في قدرة المحافظة على توفير أطباء بيطريين أو اللوجيستيات اللازمة للتعامل مع الكلاب الضالة التي ستُجمع في هذا المأوى.

وأضافت: «كان من الأولى توفير الأطباء البيطريين لتطعيم الكلاب في الشوارع ضد السعار».

كلاب ببعض المدن المصرية الجديدة في يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

وتكثر شكاوى التعرض للعقر من الكلاب الضالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط حملات عدة للمطالبة بالتخلص منها، من ضمنها حملة لتوجيه شكاوى مجمعة من قاطني بعض المناطق للتحرك في هذا الملف.

ولفتت هدى مقلد إلى أن الحل الأمثل للتعامل مع الكلاب الضالة هو «التوعية»، مشددة على أن «سلوك بعض الكلاب العدواني يكون ردّ فعل تجاه تعرضها للاعتداء من الأطفال أو السكان في منطقة ما».

وأضافت: «الكلاب تلعب دوراً رئيسياً في التوازن البيئي، واختفاؤها من مناطق يهدد بكثير من المخاطر فيها، منها مخاطر ظهور الثعابين، لذا فالأفضل أن يُخصص المأوى للكلاب المصابة بالسعار لحين قتلها قتلاً رحيماً، أو الكلاب التي تعاني مشكلة لحين علاجها وإعادتها إلى الشارع، بالتزامن مع حملة تطعيم وتعقيم للكلاب».

وعلى «فيسبوك»، كتب حسام الدين عبد الحميد، وهو مدير تنمية بشرية في إحدى الشركات، مناشداً محافظة الجيزة التي يسكن فيها اتخاذ قرار مماثل.

كان عبد الحميد قد حاول من قبل تطعيم 7 كلاب في منطقته حدائق الأهرام بالجيزة من السعار قبل عام ونصف عام حتى يأمن على نفسه والمحيطين من عقرها. وتواصل مع إحدى جمعيات الرفق بالحيوان، وحصل على المصل اللازم، لكنه لم يتمكن من تطعيمها حتى الآن لعدم إرسال الجمعية طبيباً مختصاً؛ لذا فإنه يرى أن قرار محافظة القاهرة هو الأفضل.

حملات لضبط انتشار الكلاب الضالة في الشوارع المصرية (فيسبوك)

وقال عبد الحميد لـ«الشرق الأوسط»: «الكلاب في حدائق الأهرام أصبحت كثيرة جداً، وكل شهر تقع أكثر من حادثة عقر، سواء لأطفال أو كبار، لذا أطلقت منذ أيام حملة عبر غروب للسكان لتوجيه شكاوى جماعية للمحافظة للتصرف في أمر الكلاب الضالة».

وأضاف: «العقر والتطعيم سيحتاج أموالاً، والأفضل حالياً بالنسبة لنا كسكان نقلهم. هو حل وسط يُرضي المتضررين من الكلاب ومحبي الكلاب ونشطاء الرفق بالحيوان».

غير أن رئيسة مجلس إدارة «جمعية الرفق بالحيوان» لا تعد «المأوى الرسمي» للكلاب الضالة حلاً وسطاً، قبل توضيح آليات تنفيذه، وقبل أن يُسمح للمجتمع المدني بمراقبة ما سيحدث فيه.


«كمسري» حافلات النقل العام في مصر يغادر إلى محطته الأخيرة

حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)
حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)
TT

«كمسري» حافلات النقل العام في مصر يغادر إلى محطته الأخيرة

حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)
حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)

يحمل بيده تذاكره المُلونة، يتجول بها بين ركاب الحافلة مرتدياً سترته الزرقاء، مردداً بصوت عال: «ورق ورق... تذاكر تذاكر»، وعند توقف الحافلة بين المحطات يُنادي قرب بابها على وجهتها النهائية، ليلتحق بها الركاب واحداً تلو الآخر، كما ينبّه مَنْ بالداخل أن محطته اقتربت، أو يطلق «صُفارته» عالياً لتنبيه السائق بالتوقف، أو لضبط مُتهرب من «قطع التذكرة».

وبعيداً عن مهامه الرسمية، يقوم بدور إنساني في رحلته... يبتسم للركاب، ويساعد العجائز، ويحمل الأمتعة عن المُسنّين، والرُضع عن أمهاتهم إن لزم الأمر، بينما يمازح الركاب ليخفف وطأة الزحام داخل الحافلة، والتكدس المروري خارجها.

في القاهرة الكبرى، حيث تشكّل حافلات النقل العام شريان الحياة اليومي، لم يكن «الكُمسري» أو محصل التذاكر، مجرد موظف يجمع الأجرة، بل كان جزءاً من النسيج الاجتماعي والحكايات اليومية على مدى عقود.

واليوم، يجد «الكمسارية» التابعين لهيئة النقل العام في مصر أنفسهم «خارج الخدمة»، بعدما بدأت هيئة النقل بالقاهرة التشغيل التجريبي لمنظومة الدفع الإلكتروني داخل الحافلات العامة بالقاهرة، تمهيداً لإلغاء التذكرة الورقية خلال عام 2026، وعدم التعامل مع المحصل، الذي وصل بدوره مع هذا القرار إلى «محطة النهاية».

وبحسب تصريحات لمحافظ القاهرة، إبراهيم صابر، الاثنين، سيتعامل المواطن إلكترونياً دون الحاجة إلى تدخل المحصل، وسيكون بحوزة الراكب «كارت إلكتروني» يسدد بواسطته ثمن الرحلة.

إحدى حافلات هيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)

وتعتمد منظومة الدفع الإلكتروني داخل حافلات النقل العام على «كارت ذكي مسبق الدفع» يكون متوافراً في المحطات النهائية للحافلة ومنافذ هيئة النقل العام، يشحنه المواطن ويستخدمه عبر ماكينات مخصصة مثبتة عند الباب الأمامي للحافلة؛ أما قيمة التذكرة فتتحدد وفق عدد المحطات والمسافة، بحيث لا يتساوى راكب مسافة قصيرة مع راكب لآخر الخط، ما يشجع المواطنين على استخدام حافلة أتوبيس النقل العام، ويقضي نهائياً على أزمة «الفكَّة» داخل المواصلات.

وتقوم هيئة النقل العام بنقل نحو مليون راكب يومياً عبر 173 خطاً، بها 150 محطة نهائية و2800 محطة عابرة، وذلك من خلال 2500 حافلة موزعة على 18 «جراجاً» على مستوى القاهرة الكبرى، بحسب بيانات سابقة للهيئة.

«البعد الإنساني»

يقول أستاذ الإدارة المحلية في مصر، حمدي عرفة، إن قرار هيئة النقل العام في القاهرة تطبيق منظومة الدفع الإلكتروني يأتي في إطار مواكبة التطورات التكنولوجية التي تشهدها العواصم العربية والعالمية، إلا أنه يحذر من تجاهل البعد الإنساني والاجتماعي للقرار، مشيراً إلى أن «المحصلين» يمثلون فئة عمرية تتراوح بين 45 و60 عاماً، ما يجعل إعادة تأهيلهم أو تحويلهم إلى وظائف بديلة أمراً بالغ الصعوبة.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة المحلية «قادرة على تحقيق توازن بين التحديث التكنولوجي والحفاظ على الوظائف التقليدية، من خلال تدريب المحصلين على استخدام تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، بما يضمن دمجهم في المنظومة الجديدة وتلافي سيناريوهات الإقصاء أو التهميش».

وأكد رئيس هيئة النقل العام عصام الشيخ، الاثنين، أن المنظومة الجديدة ستُطبق على 1800 حافلة، وأن 300 حافلة ستدخل الخدمة فعلياً خلال الأيام المقبلة كمرحلة أولى.

وبينما تخطط الهيئة لعدم التعامل مع المحصل خلال عام 2026، فإنها تنوي أيضاً الاستفادة من المحصلين (الكمسارية) الحاليين ونقلهم لوظائف تتناسب مع طبيعة التشغيل الجديد، بحيث تستفيد منهم في العمل سائقين لمن يملك رخصة قيادة مهنية، أو تأهيل من لا يملكونها ليكونوا سائقين، أو نقل غير الراغبين في العمل سائقين إلى وظائف إدارية أو فنية.

مجموعة من حافلات هيئة النقل العام بمصر (محافظة القاهرة)

ويرى عرفة فكرة إعادة توظيف المحصلين سائقين «غير عملية»، موضحاً أن معظمهم لا يمتلكون رخص قيادة من الدرجة الأولى، ما يجعل توجيههم لهذا الدور قراراً محفوفاً بالمخاطر، وقد يهدد سلامة الركاب. ويؤكد أن الخيار الأكثر أماناً وواقعية هو توظيفهم في مهام إشرافية أو رقابية ضمن منظومة النقل الجديدة.

«طي صفحة من الذاكرة»

أستاذ علم الاجتماع في جامعة القاهرة، فايز الخولي، قال إن قرار إلغاء التذكرة الورقية في حافلات النقل العام لا يعني فقط نهاية وسيلة دفع تقليدية، بل يمثل أيضاً طي صفحة من الذاكرة الاجتماعية، حيث ستفقد الحافلات أحد وجوهها الإنسانية، حيث كان «الكمسري» يؤدي دوراً يتجاوز جمع الأجرة إلى كونه عنصراً فاعلاً في ضبط السلوك العام داخل الحافلة.

وأضاف متحدثاً لـ«الشرق الأوسط»: «في فترات سابقة، كانت المواصلات أكثر ازدحاماً وصعوبة مما هي عليه اليوم، ما كان يؤدي إلى احتكاكات ومشاكل بين الركاب، في تلك اللحظات كان للكمسري دور إنساني وتواصلي، وكان يتدخل كصوت أخلاقي، يذكّر الشباب باحترام كبار السن، ويحضهم على إخلاء مقاعدهم للنساء أو المسنين. هذا الدور كان جزءاً من ثقافة النقل العام، بما يعيد التوازن داخل الحافلة».

ويستعيد الخولي مشهداً عاصره قبل سنوات، حين كان المحصل يضفي على الرحلة طابعاً من البهجة، مستخدماً نقراته على صندوق التذاكر الخشبي ومردداً عباراته الشهيرة: «تذاكر يا حضرات، تذاكر يا شباب، تذاكر يا حلوين»، والتي كانت تحمل تخفيفاً من وطأة الزحام.

ويُعد «المحصل» في الحافلات العامة إحدى الشخصيات الأيقونية التي تناولتها السينما المصرية بتنوع كبير، وغالباً ما قدمته في قالب إنساني يعكس الطبقات البسيطة في المجتمع المصري.

ومن أبرز الأفلام التي قدمت هذه الشخصية «أقوى الرجال»، حيث قدم الفنان نور الشريف شخصية «زكي» المحصل الذي يعمل بهيئة النقل العام، كما أن فيلمه الشهير «سواق الأتوبيس» ظهرت فيه شخصية «المحصل» من خلال الفنان حمدي الوزير، وكذلك فيلم «فرحان ملازم آدم» الذي جسد فيه الفنان فتحي عبد الوهاب شخصية الشاب «فرحان» الذي كان يعمل محصلاً.