عودة الروح لمسرح «الليسيه» المصري بعد تجديده

الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح
الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح
TT

عودة الروح لمسرح «الليسيه» المصري بعد تجديده

الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح
الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح

بعد توقفه عن العمل لمدة ثلاث سنوات يعود مسرح «ليسيه الحرية» بالإسكندرية شمال مصر إلى الخريطة الثقافية ليستعيد دوره كأحد أهم المسارح التراثية التي شهدت العديد من العروض الهامة في تاريخ فن المسرح المصري، وهو شاهد عيان على ريادة المدينة التي تحتضنه، حيث يعد المسرح السكندري مسرحا ثريا قديما وحديثا، أفرز كثيرا من كبار رواد الفن المسرحي. في حي «الشاطبي» بالإسكندرية يقع المسرح على مساحة 1050 متراً بطراز معماري أوروبي كلاسيكي، وتتصدر واجهته جدارية فنية تحمل اسم طرح البحر على مساحة 86 مترا، تسرد حكاية المدينة الساحلية المطلة على البحر المتوسط.
«هو مسرح عريق يتبع مدرسة ليسيه الحرية» على حد وصف إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «يستمد هذا المسرح جانبا كبيرا من عراقته من المدرسة التي أنشأتها البعثة الفرنسية عام 1909 وكانت الدراسة بها باللغة الفرنسية فقط، إلى أن تم تأميمها عام 1961 وأصبحت تابعة للحكومة المصرية، وأطلق عليها الاسم الحالي، ويتمتع المسرح بوجوده في منطقة حيوية تتمتع بالزخم الفني والمعماري حيث تقع بالقرب منه كلية الهندسة بمبناها الشاهق المميز، وكذلك كلية سان مارك التي تعد هي أيضا واحدة من أعرق مدارس المدينة، ويستأجره البيت الفني للمسرح التابع للدولة منذ سنوات عديدة».
ويستعد المسرح الآن للحاق بالحركة المسرحية من جديد وإعادة تشغيله خلال شهر أكتوبر تشرين الأول الجاري بعد إغلاقه في عام 2017 لإعادة التأهيل التي تم إتمامها. ووفق مختار «شمل التأهيل الذي بدأ فعليا في مارس آذار 2019 جميع أجزاء المسرح، ومن ذلك الدور الأرضي الذي يضم بهو المدخل، والملحق به أماكن خدمات للجمهور والغرف الإدارية وقاعة مسرح وهي تتسع لـ550 مشاهدا إلى جانب غرف للفنانين، إذ تم رفع كفاءة الأعمال المعمارية من دهانات وتجديد أرضيات وصيانة لمقاعد المسرح وأعمال التكييف، وتحديث منظومة الكهرباء مع الحرص الشديد على الحفاظ على طرازه المعماري وتفاصيله الزخرفية، فلم يتم المساس بهويته المميزة احتراما لتاريخه وعراقته، كما تم تجديد غرف الفنانين وتزويدها بقطع الديكور وتلبية احتياجات الفنانين، ولا يقل أهمية عن ذلك تطوير منظومة الحماية المدنية، عبر استخدام أحدث الأكواد».
وسيعود «ليسيه الحرية» إلى الحياة خلال هذا الشهر عبر احتفالية كبيرة ستشهد تكريم بعض رموز الثقافة والفنون بالإسكندرية ومنهم الفنان الراحل، محمود عبد العزيز، والفنانة سميرة عبد العزيز، والمخرج الراحل يوسف شاهين، والدكتور محمد غنيم رائد طب الكلى في مصر، والدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية.
وفور افتتاحه ستقدم الفرق التابعة للبيت الفني للمسرح عروضها عليه، يقول الفنان إيهاب مبروك مدير عام فرقة مسرح الإسكندرية سابقا لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز ليسيه الحرية بالبناء المعماري الإيطالي، ما يجعل من يقف أمامه يشعر أنه بصدد صرح ثقافي، لا سيما عندما يدخله ويحضر عرضا مسرحيا فعندئذ يشعر كما لو أنه داخل دار للأوبرا، كما أنه يتميز بتصميم يمنحه أجواء حميمية، تتناسب مع عروض العائلات والأطفال، حيث يمنح المشاهد في أي مكان داخله الإحساس بالقرب من خشبة المسرح».
«ولعب مسرح الليسيه دورا مهما في الحركة المسرحية في مصر كلها لا الإسكندرية وحدها»، ويقول مبروك إنه على مدار تاريخ المسرح «عرضت على خشبته فرق مصرية وأجنبية كبيرة في النصف الأول من القرن العشرين، ذلك أن الفن في الإسكندرية ارتبط بوجود تيارات من الأوروبيين والأجانب الذين كانوا موجودين بها، وكان لهم تأثير كبير عليه، وفي النصف الثاني من القرن العشرين تألقت فرق على خشبته مثل فرقة محمد صبحي التي قدمت المهزوز تأليف لينين الرملي، من بطولة محمد صبحى، شريهان، محمود القلعاوي، صلاح عبد الله، أحمد آدم، في 1980، ومسرحية «أنت حر» في 1981، تأليف لينين الرملي، ومن بطولة محمد صبحى، وشريهان، نيفين رامز، وآخرون.
كما استضاف عروض العديد من فرق القطاع الخاص لنجوم الكوميديا، مثل عبد المنعم مدبولي، يونس شلبي، سعيد صالح، محمد صبحي وغيرهم، ومن ضمن العروض المهمة «الملك لير» و«ليلة من ألف ليلة» للفنان يحيى الفخراني، و«يمامة بيضا» لعلي الحجار و«خالتي صفية والدير» من إنتاج المسرح القومي، كما قدم فنانو المدينة وفرقة الإسكندرية مجموعة متنوعة من العروض المسرحية للكبار والصغار على خشبته ومنها «الجلف» و«رحلة نور» و«الرسام الموهوب»، و«أراجوز دنيا الأحلام»...
ويبقى أنه من أهم ما يميز مسرح «ليسيه الحرية» هو تقديمه لعروض الأطفال، لاطمئنان الأسرة المصرية إلى ذلك، لتبعيته للمدرسة القومية التي يحمل اسمها، إضافة إلى موقعه الذي يسمح له باستقبال أتوبيسات المدارس والنوادي والحضانات، وهو ما يفسر احتفاءه بمسرحيات الطفل، حتى أنه من ضمن فعاليات افتتاحه تقديم مسرحية من تأليفي «حكايات الصياد وأمير البحار» التي تتناول أهمية التعليم في التأثير على حياة الفرد والمجتمع والحفاظ على أمنه، وسنحرص على مواصلة دوره، وهو ربط الطفل بمجتمعه وجذوره عبر أعمال فنية تربوية شيقة مع إتاحة الفرصة للتعرف على الثقافات المختلفة.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.