مصر: اكتشاف عشرات التوابيت ببئر سقارة الأثري

وزيري يصف الدخول لتابوت أثري بأنه «شعور مليء بالدهشة والإثارة والفرح»

بعض التوابيت المكتشفة مؤخراً في منطقة سقارة الأثرية بمصر (وزرة السياحة والآثار المصرية)
بعض التوابيت المكتشفة مؤخراً في منطقة سقارة الأثرية بمصر (وزرة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف عشرات التوابيت ببئر سقارة الأثري

بعض التوابيت المكتشفة مؤخراً في منطقة سقارة الأثرية بمصر (وزرة السياحة والآثار المصرية)
بعض التوابيت المكتشفة مؤخراً في منطقة سقارة الأثرية بمصر (وزرة السياحة والآثار المصرية)

كشف مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس للآثار المصرية، عن ارتفاع أعداد التوابيت المكتشفة داخل بئر أثرية بمنطقة سقارة التاريخية بالجيزة من 13 تابوتاً آدمياً ملوناً، إلى عشرات التوابيت الخشبية الملونة والمغلقة، والتي لم تمسسها يد طوال 2500 عام.
وتوقع وزيري، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، اليوم (السبت)، أن تحتوي التوابيت على مومياوات في حالة جيدة من الحفظ، لكونها توابيت محكمة الغلق، لافتاً إلى أن التوابيت لم يتم فتحها حتى اليوم.
وأشار إلى أنه من المتوقع الإعلان عن تفاصيل الكشف بحلول مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وأنه يجري العمل على معرفة كل التفاصيل المتعلقة بشخصيات أصحاب التوابيت، بجانب استمرار أعمال الترميم لكل التوابيت التي تم اكتشافها.
وأوضح أن البعثة الأثرية المصرية التي تعمل برئاسته في منطقة سقارة التي وصفها بـ«الواعدة» في مجال الاكتشافات الأثرية، تعمل للموسم الرابع، وأن المواسم الثلاثة السابقة توصلت البعثة خلالها لمجموعة من الاكتشافات الأثرية المهمة، بينها العثور على خبيئة من مومياوات الحيوانات والطيور، والتي جرى نقلها للعرض بمتحف شرم الشيخ، ومقبرة «واحتى»، والتي ترجع إلى الأسرة الخامسة في الدولة القديمة، وعمرها 4500 عام.
وأضاف أنه تم الكشف أيضاً عن تمثال يرجع لعصر الدولة المصرية القديمة، وعثر عليه في منطقة أبو رواش، وجرى عرضه ضمن مقتنيات المتحف الكبير، بالإضافة إلى الكشف الحالي الذي يجري العمل عليه حالياً، والذي بدأ بالعثور على 13 تابوتاً أثرياً مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الجاري.
وقال وزيري إن البئر الغنية بعشرات التوابيت في سقارة، تكشفت معالمها مع الأيام الأولى من العمل خلال موسم الحفريات الحالي، وهو الموسم الرابع لبعثته بالمنطقة، لافتاً إلى أنه ما إن تم رفع قرابة ستة أمتار من «الرديم والأتربة» التي تغطي موقع العمل حتى ظهرت أول معالم البئر التي عثر فيها على عشرات التوابيت، ولا يزال العمل بها جارياً حتى اليوم.
ووصف وزيري الإحساس الذي تملكه لحظة عثوره على أول تابوت داخل بئر سقارة، الذي لم يدخلها بشر منذ آلاف السنين، بأنه شعور مليء بالدهشة والإثارة والفرح، قائلاً: «فكم هو جميل أن تشعر بأنك تضيف شيئاً جديداً للتاريخ».
ورأى وزيري أن مصر واعدة بالاكتشافات الأثرية، وأن باطن الأرض في مدن مصر التاريخية، يحتفظ بالكثير من أسرار مصر القديمة، وأن عشرات البعثات الأثرية المصرية، بجانب عشرات البعثات الأثرية الأجنبية تواصل العمل في كل المحافظات المصرية، ويتنوع عملها ما بين القيام بحفائر أثرية بحثاً عن اكتشافات جديدة، والقيام بأعمال ترميم وحماية لما يكتشف من معالم أثرية.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.