بدا أمس، أن عمليات التصويت على التعديلات الدستورية في روسيا سارت على هوى الكرملين، من دون وقوع مفاجآت أو حوادث تعكر الاستحقاق التي بدت نتائجه معروفة سلفا. وبرغم السجالات الواسعة التي سبقت عمليات الاقتراع، وحملات التشكيك الواسعة بمضمون وتوقيت التصويت العام في البلاد، شهدت مراكز الاقتراع إقبالا غير مسبوق على الصناديق وفقا للمعطيات التي قدمتها لجنة الانتخابات المركزية في إفادات صحافية متتالية خلال ساعات النهار أمس.
وأظهرت المعطيات أن معدلات الإقبال على مراكز التصويت تراوحت بين 65 في المائة في بعض المناطق لتصل إلى أكثر من 85 في المائة في مناطق أخرى، في حين سجلت بعض البلدات في أقصى الشرق الروسي حضورا للناخبين في المراكز بلغ مائة في المائة، وهو أمر لم يسجل مثله في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية في روسيا.
ودفعت هذه الأرقام المعارضة إلى التشكيك أكثر بالنتائج الأولية المعلنة، بعدما شن المعارض البارز أليكسي نافالني حملة واسعة على ما وصف بأنه «إكراه على التصويت تعرضت له فئات واسعة من الموظفين الحكوميين والطلاب ومنتسبي المؤسسة العسكرية والمعاهد التابعة للجيش وقطاعات واسعة في الخدمات العامة». لكن برغم ذلك، لم تسجل لجنة الانتخابات أو جهات الرقابة على عمليات التصويت وقوع حوادث يمكن أن تؤثر على «المسار العام لعمليات التصويت»، وفقا لمراقبين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط».
وأشار خبراء إلى أن حرص السلطات على إظهار مستوى الحضور الواسع للناخبين، شكل ردا على تشكيك المعارضة من جانب، ورغبة في تأكيد أن التعديلات الدستورية المقترحة تحظى بتأييد واسع لدى الروس. وهو أمر دل عليه تعمد لجنة الانتخابات إعلان النتائج الأولية لعمليات فرز الأصوات، قبل إغلاق صناديق الاقتراع في موسكو والجزء الغربي من روسيا بساعات عدة.
وبدأ إحصاء الأصوات وحساب النتائج فور إغلاق مراكز الاقتراع في أقصى الشرق الروسي بسبب فارق التوقيت الكبير مع موسكو. ومع حلول ظهر أمس، أعلنت اللجنة أن فرز نحو واحد في المائة من الأصوات أظهر حصول التعديلات الدستورية على تأييد أكثر من 73 في المائة من الناخبين، في مقابل نحو 25 في المائة صوتوا ضد رزمة التعديلات المقترحة. وبدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مطمئنا إلى النتائج سلفا، وهو يدلي بصوته في مركز اقتراع أقيم داخل أكاديمية العلوم الروسية في وسط العاصمة، وظهر بوتين في المركز من دون ارتداء كمامة أو قفازات مخالفا بذلك التعليمات المشددة التي أصدرتها لجنة الانتخابات، لكنه بعد قيامه بالتصويت مباشرة حصل على «سلة هدايا» مثل كل الناخبين الذين شاركوا في التصويت.
وقالت مسؤولة في المركز الانتخابي إن الرئيس «مثل أي مواطن قام بواجبه المدني وحصل على الهدايا التي نقدمها لكل ناخب». واشتملت سلة الهدايا على قلم وقلادة وتقويم للعام وبطاقة ترشح صاحبها للفوز في السحب على «جوائز المليون». وأعدت السلطات الروسية مليوني جائزة في إطار هذا السحب.
وكتب موقع «نيوز رو» المعارض، أن بوتين قد لا يستفيد من هذا السحب لأن عليه أولا أن يسجل بطاقة الترشح إلكترونيا على موقع حكومة موسكو، وهذه «من الأمور التي لا يحبها الرئيس، لكن بوتين حصل في المقابل على جائزته الرئيسية من خلال التصويت على تصفير العداد الرئاسي، وإمكانية الحكم حتى عام 2036 وتوسيع سلطاته وهدايا أخرى كثيرة».
وبدا أن هذا التعليق الذي نشره الموقع، يوجز النقاشات الدائرة في روسيا حول مضمون التعديلات الدستورية، التي تشتمل على منح بوتين الترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء فترة الرئاسة الحالية في العام 2024. وقال خبراء إن عمليات التصويت أمس، «عكست في الواقع تصويتا على كل سياسة بوتين خلال السنوات العشرين الماضية، وهذا يفسر أن الحملات الدعائية التي سبقت الاستحقاق ركزت على إجراء مقارنات بين الوضع في روسيا قبل عقدين والوضع الحالي في البلاد».
ولفت بعضهم إلى أن الروس «منحوا اليوم (أمس) بوتين تجديدا للثقة لفترة غير محددة زمنيا». في حين كتب خبير السياسات ألكسندر سكوبوف أن التطور الجاري يعكس ترسخ «البوتينية» في البلاد لعقود مقبلة، في إشارة إلى أن التعديلات الدستورية سوف تسمح بالمحافظة على النظام الذي أرسى أسسه الرئيس الروسي لفترة طويلة مقبلة حتى لو قرر في وقت لاحق مغادرة منصبه.
الروس «يجددون الثقة» ببوتين
تأييد واسع للتعديلات الدستورية مع نسب إقبال غير مسبوقة
الروس «يجددون الثقة» ببوتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة