العملات الرقمية... بين كسر هيمنة الدولار ومخاطر التكنولوجيا

تشق طريقها في دول عدة حول العالم

TT

العملات الرقمية... بين كسر هيمنة الدولار ومخاطر التكنولوجيا

ما إن أعلنت شركة «فيسبوك» الأميركية عن طرح عملتها الرقمية المعروفة باسم «ليبرا» في عام 2020، والتي شعرت مصارف العالم بخطرها في ساحة الأسواق المالية التنافسية، حتى سارعت دول عدة؛ من الصين إلى دولة رواندا الأفريقية، إلى التخطيط لإصدار عملة رقمية خاصة بها.
ولم ينسَ العالم بعدُ المبادرة المتحدية التي أطلقها مارك كارني، حاكم «بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)»، في قلب «اجتماعات جاكسون هول» بالولايات المتحدة، بخصوص تأسيس عملة رقمية خارقة تكون محور نظام مالي عالمي جديد يستبدل هيمنة الدولار الأميركي. ويؤكّد خبراء ألمان، في برلين، أن عالم المال والأعمال يُخطّط لحلول رقميات متعدّدة على أمل تحويلها من نظرية إلى حقيقة في أقرب فرصة ممكنة.
تقول الخبيرة أولغا فيلدماير؛ من «بنك التسويات الدولية» في مدينة بازل السويسرية، إن المؤسسات المالية الدولية تنظر إلى عملة «ليبرا» الرقمية التابعة لشركة «فيسبوك» بتحفّظ وحذر شديدين، لأنها عملة تابعة لجهة خاصة، ناهيك بأن «فيسبوك» غارقة في قضايا قانونية عدّة متعلّقة بانتهاك المعطيات الشخصية لعملائها.
وتضيف أن مصارف مركزية عدة حول العالم تعمل على تأسيس وطرح عملاتها الرقمية سواء كانت مُشفّرة أم لا. كما أن أكثر من 70 في المائة من المصارف الخاصة والاستثمارية، التي شملها استفتاء «بنك التسويات الدولية» في الآونة الأخيرة، وعددها الكُلّي 63 مصرفاً في القارّتين الأوروبية والأميركية، أبدت تأييدها العملات الرقمية التي سيتم تداولها فور اتّساع رقعتها الجغرافية على مستوى المصارف المركزية حصراً في الفترة الأولى.
وتختم: «يعود السبب الرئيسي لإعجاب عالم المال والأعمال بالعملات الرقمية، الصادرة عن المصارف المركزية، إلى قدرتها على خفض التكاليف وتعزيز فاعلية تطبيق السياسات المالية وعرض آلية دفع خالية من المخاطر. وتعدّ اقتصادات الدول الصناعية المستفيد الأكبر من العملات الرقمية، لأن رغبتها في تقليص التداول بالمال النقدي تقابلها ضرورة اختبار آليات دفع بديلة وسريعة؛ من بينها العملات الرقمية».
من جانبه، يشير الخبير الألماني آندريه غروس، من صندوق النقد الدولي، إلى أن «بنك الصين الشعبي» يهمّ بإطلاق أول عملة رقمية سيادية في العالم. وتحتضن هذه العملة الرقمية نظاماً مالياً، مكوّناً من مستويين اثنين، للتداولات التجارية بين المصرف المركزي الصيني من جهة؛ ومجموعة من المؤسسات المالية الصينية من جهة أخرى. ويضيف أن السويد، وهي دولة أضحت شبه خالية من المال النقدي، تعمل منذ أكثر من عامين على مشروع عملة «كرون» الرقمية (إي كرون)، الذي يضمنه البنك المركزي السويدي مباشرة لاستبدال عملة رقمية بالعملة النقدية. كما توجد دول أخرى متقدّمة في مجال الخدمات الرقمية، مثل ليتوانيا وإستونيا، تُخطّط لترويج عملات رقمية تُعوّل على تكنولوجيا «بلوكتشين».
ويتابع: «أطلقت السلطات المالية في سنغافورة بدورها العنان لاختبار مع المصرف المركزي الكندي بهدف الربط بين النظامين الماليين الوطنيين، السنغافوري والكندي، عبر نظام دفع رقمي بالكامل».
ويختم: «لم تتأخر دول معادية للولايات المتحدة كما إيران عن انتهاز تكنولوجيا العملات الرقمية لمصالحها الخاصة. فعلى مسافة نحو عام من بداية الجولة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران، يهمّ المصرف المركزي الإيراني بطرح عملة الريال الرقمية المُشفّرة المضمونة باحتياطاته من الذهب. هكذا قد تتمكّن حكومة طهران من الالتفاف حول العقوبات الأميركية التي تستهدف اليوم قلب تداولاتها المصرفية مع الخارج. علماً بأن فنزويلا تحاول كسر الحواجز العقابية الأميركية على تداولاتها المصرفية مع الخارج بفضل عملة (بيترو) الرقمية المضمونة بمخزونها النفطي».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

وأشار رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال لقائه الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، وزير الخارجية، في العاصمة الإدارية الجديدة، إلى «التأكيد على رغبة البلدين في تعزيز التعاون المشترك في عددٍ من المجالات التي نتطلع إلى إحراز تُقدم سريع في تنفيذها على الأرض خلال الفترة القليلة المُقبلة».

وأوضح رئيس الوزراء أن «أحد مجالات التعاون المشتركة بين مصر وقطر خلال المرحلة المُقبلة سيكون من خلال مشروع استثمار عقاري مُهم للغاية في منطقة الساحل الشمالي».

وخلال المباحثات، أكد عبد الله بن حمد بن عبد الله العطية، وزير البلدية القطري، أن مشروع التعاون المرتقب في المجال العقاري في الساحل الشمالي سيكون مشروعاً مهماً للغاية، مُضيفاً: «سنجري مشاورات مع الفريق المصري المسؤول عن المشروع».

وأكد مدبولي: «جاهزون لعقد هذه المشاورات على الفور، بما يُسهم في سرعة تنفيذ المشروع في أقرب وقت».

وأضاف مدبولي، وفق بيان صحافي، أن «الشركات القطرية المتخصصة في مجال التشييد والبناء أثبتت كفاءة كبيرة خلال تنفيذها المشروعات التي تمت في فترة استضافة قطر لكأس العالم وأصبح لديها خبرة كبيرة في مجال التطوير العقاري، وهي فرصة مُهمة لعقد شراكات معها هنا في مصر للاستثمار في هذا القطاع الواعد في السوق المصرية سواء في الساحل الشمالي أو في مناطق أخرى أو حتى التعاون مع شركات التشييد المصرية العاملة الآن بالسوق الأفريقية في كثير من المشروعات».

وأضاف أن مشاورات اليوم مع الجانب القطري أكدت أن القاهرة والدوحة لديهما رغبة حقيقية في تعزيز معدلات التبادل التجاري، مُؤكداً أن الجانب المصري سيتعاون مع الجهات المعنية القطرية لتحقيق هذه المستهدفات، في ضوء الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الدولتان.

وأضاف مدبولي أن الجانب القطري أعرب أيضاً عن رغبته في التعاون مع مصر في مجال التصنيع، مشيراً في هذا الصدد إلى أن مصر لديها عدد كبير من الفرص الاستثمارية وقائمة متعددة لمشروعات مختلفة في قطاع الصناعة يُمكن عقد شراكات بها مع الجانب القطري.

واستطرد رئيس الوزراء قائلاً: «يُمكن للجانب القطري الاستفادة من إقامة شراكات صناعية في مصر عبر تصدير منتجات هذه المشروعات إلى السوق الأفريقية التي تُعد مصر بوابتها الرئيسية، فضلاً عن تصدير هذه المنتجات أيضاً إلى البلدان التي ترتبط مع مصر باتفاقيات تجارة حرة.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هناك طلباً من الجانب القطري بشأن فرص استثمارية في قطاع السياحة والضيافة في منطقة الساحل الشمالي، والحكومة المصرية تُرحب بهذه الرغبة من الأشقاء القطريين، مُضيفاً أن «هناك قائمة أيضاً، سنعرضها على الإخوة القطريين، تضم مجموعة من الفرص الاستثمارية في هذا القطاع في منطقة القاهرة الكبرى، وكذلك في العاصمة الإدارية الجديدة، وهي فرص متاحة للاستحواذ أو الشراكة مع شركاء مصريين من القطاع الخاص»، مؤكداً: «مُستعدّون للتحرك في هذا الملف في أسرع وقت».

بدوره، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية، أن بلاده لديها رغبة حقيقية في تعزيز آفاق التعاون الاستثماري مع القاهرة في المجالات المختلفة بما يُسهم في تحقيق مصلحة مشتركة للبلدين.

وأوضح في هذا الصدد: «لدى الشركات القطرية سجل متميز في مجال التطوير العقاري في السوق المصرية، كما أن هناك فرصاً مهمة لدى مصر وقطر لمضاعفة معدلات التبادل التجاري»، مشيراً إلى أنه كلّف الجهات المعنية في الحكومة القطرية بوضع مستهدفات زيادة التبادل التجاري محل التنفيذ خلال الفترة المقبلة.

من جانبه قال نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل المصري، الفريق كامل الوزير، خلال المباحثات، إن هناك فرصاً للتعاون المشترك بين البلدين، عبر تخصيص منطقة صناعية للمصانع القطرية على غرار ما حدث مع عدد من الدول. وأضاف: «عرضنا أيضاً على الجانب القطري إمكان مشاركته في مصانع قائمة بالفعل ومنتجة، لكنها تحتاج إلى ضخ مزيد من الاستثمارات بما يسهم في رفع كفاءتها وزيادة إنتاجيتها».

وأشار إلى وجود «فرص مهمة للتعاون مع الجانب القطري منها على سبيل المثال قطاعا الألمنيوم والحديد».