شمس الدين بلعربي فنان جزائري يرسم ملصقات أفلام هوليوود، صعد نجمه بسرعة وانطلق إلى العالمية من مدينة عين تادلس، إحدى أجمل مناطق ولاية مستغانم المطلة على البحر الأبيض المتوسط بغرب البلاد.
يقول «شمسو»، كما يحلو للأصدقاء تسميته، لـ«الشرق الأوسط» إنه مولع بالرسم منذ طفولته «وعندما كنت أغادر المدرسة عائداً إلى البيت، كنت أجمع صفحات جرائد في طريقي لأشاهد ما تتضمنه من صور نجوم السينما، فآخذها إلى البيت وأعيد رسمها». ويصف شمس الدين (32 سنة) لحظة الرسم بـ«حالة فنية صوفية أعيشها بكل جوارحي».
بدأ المدرَسون اكتشاف موهبة الرسام المبدع، بفضل ميله اللافت إلى مادة الرسم بالمقرر المدرسي أكثر من المواد الأخرى. واضطر الفنان إلى ترك مقاعد الدراسة، بسبب فقر عائلته وعجزها عن الإنفاق على تدريسه، «وخرجت إلى الشارع لامتهان حرفة تزيين المحلات التجارية وتصميم الديكورات، وهو نشاط عرف رواجاً كبيراً. غير أن الشارع جعلني عرضة للاستغلال من طرف تجار كانوا لا يدفعون مالاً نظير جهدي. وفي أحيان كثيرة كان بعض ميسوري الحال يساعدونني مادياً، لإعجابهم بفني».
وكان شمس الدين يتوجه يوميا إلى قاعات السينما بمستغانم، ليشاهد أفيشات أفلام السينما والصور الضخمة للنجوم «وبقيت على هذه الحال لسنوات، أعيش على تصميم الملصقات بينما كانت ظروف عائلتي المادية تزداد تدهورا، وكان لزاماً علي أن أساعد والدتي للوفاء بأعباء البيت، ومع الوقت أنشأت ورشة صغيرة في الغابة المجاورة ظلت فترة طويلة مأوى بالنسبة لي، أقصده خاصة عندما أعود من السينما لأرسم ما شاهدته بالأفيشات».
وبدأ شمس الدين بمراسلة مؤسسات ثقافية وشركات إنتاج سينمائي بالخارج، ليعرض عليها فنَه «وتلقيت دعوات كثيرة من مؤسسات من مختلف أنحاء العالم لزيارتها، كما اقترح علي إطلاق مدرسة لتعليم فن رسم ملصقات الأفلام بالخارج، لكن بحكم أنني أكبر الأشقاء في الأسرة، لم يكن ممكناً أن أتركهم زيادة على أن والدي كانا ضد فكرة الهجرة للعمل في الخارج».
وفي أحد الأيام وصلت شمس الدين رسالة من المنتج الهولندي سالار زرزا، يعمل بالشراكة مع استوديوهات هوليوود بحيث أعجب بأعماله وقدمها إلى المنتج والممثل السينمائي المغربي محمد قيسي، الذي عمل بالسينما الهوليوودية في سنوات الثمانينات، واشتهر بشخصية TONG POO في فيلم KICKBOXER وعرف بأعماله في أوروبا وأميركا.
وزار وفد سينمائي أوروبي مستغانم خصيصاً لتكريم شمس الدين، وتعبيرا عن إعجابه برسوماته التي كان يرسلها إلى الخارج. وكان على رأس البعثة بطل الملاكمة سابقا جيمي غوراد، نجم فيلم «صرخة الملائكة»، مرفوقا بسينمائيين عالميين وحظيت الزيارة بتغطية الإعلام المحلي والدولي.
وحول سؤال إن كان حقق حلمه في أن يصبح مصمم أفيشات سينمائية كبير، قال: «أنا راضٍ عما وصلت إليه، ففن رسم الملصقات يصنف ضمن الفن الكلاسيكي القديم، وقد أضفت إليه لمسة عصرية إذ صممت الكثير من ملصقات الأفلام الهوليوودية الكبيرة بهذا الفن التقليدي، ولم يكن ذلك سهلا في زمن الثورة التكنولوجية الرقمية التي يعيشها عالم السينما اليوم».
وأكثر ما يفخر به الفنان، صورة للممثل وبطل المصارعة البلجيكي جان كلود فاندام، وهو يحمل صورة إشهارية صممها شمس الدين بلعربي «ووصلتني رسائل كثيرة من مشاهير السينما والفن يشيدون بقدراتي، وما زالت لدي طموحات كثيرة أتطلع إلى تحقيقها».
وبخصوص السقف الذي يمكن أن يصل إليه في تصميم أفيشات السينما، قال: «هذا الفن مفتوح على آفاق واعدة، يمكنني مثلاً إقامة ورش لإفادة هواة هذا الفن، وإقامة متحف ومعارض لملصقات الأفلام. وأطلب من القائمين على شؤون الفن في الجزائر وخصوصاً مسؤولي وزارة الثقافة تقديم تسهيلات لي، كما أطلب دعماً مالياً لفتح مدرسة عالمية تستقطب كل الفئات العمرية الموهوبة، بغض النظر عن مستواهم الدراسي أو العمر أو الجنسية، وأنا متأكد من وجود مقتدرين كثر هم بحاجة إلى عناية».
شمس الدين بلعربي مصمم جزائري ينطلق نحو العالمية
شمس الدين بلعربي مصمم جزائري ينطلق نحو العالمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة