الهند 2019: خيارات حاسمة بين مودي و«المؤتمر» وحلفائه

أحداث كشمير الأخيرة تعطي اليمين الهندوسي القومي سلاحاً إضافياً

الهند 2019: خيارات حاسمة بين مودي و«المؤتمر» وحلفائه
TT

الهند 2019: خيارات حاسمة بين مودي و«المؤتمر» وحلفائه

الهند 2019: خيارات حاسمة بين مودي و«المؤتمر» وحلفائه

لا تفصلنا سوى بضعة أسابيع عن أكبر عرس للديمقراطية الهندية... ألا وهو الانتخابات العامة. وهذا الحدث المهم، الذي تشهده الهند كل خمس سنوات، هو الأكبر من نوعه على مستوى العالم.
من المقرر أن تجرى الانتخابات السابعة عشرة منذ الاستقلال، عام 1947، بين شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) المقبلين، ويتوقع أن يبلغ عدد المشاركين فيها نحو 870 مليون ناخب، أي ما يعادل ضعفي سكان الولايات المتحدة. وكان قد بلغ عدد الناخبين المسجّلين للاقتراع في آخر انتخابات عامة عام 2014 أكثر من 830 مليوناً، اقترع منهم بالفعل ما يزيد على 550 مليوناً. ويومذاك، أسفرت العملية الانتخابية المنظمة على مستوى البلاد، واستمرت لمدة ستة أسابيع، عن فوز رئيس الوزراء اليميني الحالي ناريندرا مودي.
ومن المتوقع أن تعلن اللجنة الهندية للانتخابات خلال الأسبوع المقبل عن الموعد المقرّر للاقتراع الذي يشمل انتخاب 543 عضواً من أعضاء البرلمان، عبر مليون مركز اقتراع، ويقوم على تنفيذها والإشراف عليها أكثر من 10 ملايين شخص يعملون في هذه المراكز، ومن أفراد الشرطة.
«ستكون الانتخابات العامة المقبلة في الهند هي الأعلى تكلفة في تاريخ الهند، وربما في أي دولة ديمقراطية»، وفق الخبير الدكتور ميلان فايشناف، الزميل ومدير برنامج جنوب آسيا في مؤسسة «كارنيغي» للسلام بالولايات المتحدة. ولقد نقلت وكالة «رويترز» عن فايشناف قوله: «بلغت تكلفة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأميركية مجتمعة عام (2016) 6.5 مليار دولار أميركي. وإذا كانت التكلفة التقديرية لانتخابات عام 2014 هي 5 مليارات دولار، سيكون من المتوقع أن تتجاوز انتخابات 2019 هذا الرقم بسهولة؛ ما يجعل تكلفة الانتخابات الهندية هي الأعلى على مستوى العالم».
جدير بالذكر، أن الهند انتخبت بعد الاستقلال 16 مجلساً للنواب خلال سبعة عقود، هي عمر الجمهورية، باستثناء فترة التوقف المؤسفة من 1975 حتى 1977 التي أجلت خلالها الانتخابات. ولم تكن كل الحكومات التي تُشكَّل بعد الانتخابات تكمل مدتها، بل بعضها كان يسقط في غضون أيام. إذ إن الديمقراطية الهندية أبعد ما تكون عن المثالية، لكن لا يوجد نظام ديمقراطي في العالم مثالي وخالٍ من العيوب.
ومن ثم، تعد الانتخابات العامة في الهند واحدة من العمليات الانتخابية الأكثر تطلباً، وربما الأصعب على الصعيد اللوجيستي في العالم. وأول ما يدهش أي مراقب لهذه العملية أهميتها في الحياة السياسية؛ فاللافتات والملصقات والحشود تملأ الشوارع. والفعاليات الحاشدة المكتظة هي النمط السائد. وتورد وسائل الإعلام أخبار الانتخابات باستمرار وكثافة، وتنتشر الأحاديث السياسية في كل ركن من أركان البلاد. ويعد الحشد الانتخابي بما يتضمنه من خطابات في الشوارع، وتجمعات انتخابية كبيرة يحضرها عشرات الآلاف بطبيعة الحال، حدثاً فريداً من نوعه.

الأطراف المشاركة
تستعد الساحة الهندية للانتخابات بمشاركة مختلف الأحزاب السياسية على اختلاف اتجاهاتها ومشاربها. وهو ما يعني أن القرارات والاختيارات ستكون صعبة في ظل هذا الوضع المفتوح على كل الاحتمالات. والواضح أن عام 2019 سيكون عام «الطحن السياسي»، الذي يبدو أنه بدأ بالفعل، ويُستبعَد أن ينتهي بالانتخابات.
ويسعى كل من رئيس الوزراء مودي وحزبه الهندوسي «بهاراتيا جاناتا» إلى الفوز بالمعركة التي يُعدّ غريمه المعارض الرئيسي فيها هو حزب المؤتمر الهندي بقيادة راهول غاندي، سليل أكبر عائلة سياسية كبيرة في البلاد، أي عائلة نهرو - غاندي. وللعلم، راهول هو ابن رئيس الوزراء السابق راجيف غاندي، وحفيد أنديرا غاندي، أول سيدة تتولى قيادة البلاد، التي كان أبوها جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند.
مع ذلك، تتمتع أحزاب أخرى عدة بنفوذ وتأثير في البلاد، ويؤيد بعضها مودي، في حين يعارضه بعضها الآخر، ومن شأن كل ذلك تحديد النتيجة. وحقاً، كتب روشير شارما في كتابه «الديمقراطية على الطريق» بهذا الصدد: إنه «يتم تصوير انتخابات 2019 باعتبارها مواجهة على مستوى البلاد بين مودي وبقية الأطراف، واستفتاءً على موقف الهند تجاه الحكم الاستبدادي والالتزام بالديمقراطية». كذلك، أوضح أن السنوات القليلة الماضية شهدت تغيرات كثيرة في حزب المؤتمر، لكنه مع ذلك «بأمس الحاجة إلى أي عون ودعم من أجل إلحاق الهزيمة بعملاق مثل مودي».
من ناحية أخرى، يثير الاهتمام تزايد عدد الأحزاب السياسية في الهند بوتيرة سريعة؛ إذ تضاعف عددها بين عامي 2010 و2018، وتجاوز الألفين، بحسب أحدث بيانات صادرة عن اللجنة الهندية للانتخابات. وبلغ إجمالي عدد الأحزاب السياسية خلال انتخابات عام 2014 وعدد المتنافسين بها أكثر من 8 آلاف على مستوى البلاد. وتتحالف عشرات الأحزاب السياسية هذا العام في إطار ائتلاف ضخم من أجل التغلّب على مودي وحلفائه خلال الصيف الحالي. وخلال أهم فعالية تسبق الانتخابات تقاسم قادة من 23 حزباً و14 ولاية منصة واحدة خلال آخر تجمع في مدينة كلكتا. ولعل هذه «الجبهة» الموعودة أكبر «تحالف» للمعارضة منذ عام 1977 حين تعاونت عشرات الأحزاب من أجل التغلب على أنديرا غاندي - رئيسة الوزراء حينذاك - بعد إعلانها حالة الطوارئ في البلاد لسنتين.

فرص فوز مودي
لقد حشد مودي، رئيس الحكومة الحالي، دعماً كبيراً قبيل حملته الانتخابية عام 2014 التي حصل فيها حزبه «بهاراتيا جاناتا» على رقم قياسي في الانتخابات العامة هو 282 مقعداً، يكفي لتشكيل أكبر حكومة غالبية للمرة الأولى منذ الانتخابات العامة في 1984. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يفوز بها حزب بما يكفي من المقاعد للحكم دون الحاجة إلى دعم من الأحزاب الأخرى.
هذه المرة لدى كل من «بهارتيا جاناتا» وحزب المؤتمر تحالف يدعمه؛ إذ يدعم الأول التحالف الوطني الديمقراطي، والآخر التحالف التقدّمي الموحّد. ولعل الولايات الخمس الحاسمة في الانتخابات (تبعاً لحجمها السكاني) هي: أوتار براديش (80 مقعداً برلمانياً)، ومهاراشترا (48)، والبنغال الغربية (42)، وبيهار (40) وتاميل نادو (39)؛ ما يعني أن للولايات الخمس مجتمعة 249 مقعداً. وتأتي بعدها في الترتيب: ولايات ماديا براديش (29)، وكارناتاكا (28) وغوجارات (26) وأندرا براديش (25) وراجستان (25)، أي تتمثل هذه الولايات العشر بـ382 مقعداً. ونظراً لتوزّع المقاعد الباقية بين الولايات المتوسطة والصغيرة وغيرها من المناطق الأقل أهمية، لا يستطيع أي تحالف أو ائتلاف الفوز بالغالبية ما لم يحقق نتائج جيدة في بعض الولايات العشر.
حزب مودي فاز عام 2014 بـ213 مقعداً في تلك الولايات الكبرى (قلبها ولايات «الحزام الهندي»). وأوضح استطلاع رأي «إيه بي بي - سي فوتر»، أن التحالف الوطني الديمقراطي اليميني الحاكم الداعم لمودي قد يخفق في الفوز بغالبية المقاعد البالغ عددها 272، ويرجّح أن يكسب 233 مقعداً، في حين أنه يتوقع فوز التحالف التقدمي بـ167 مقعداً. كذلك، يتوقع حصول «بهاراتيا جاناتا» على 203 مقاعد، وحصول حزب المؤتمر على 109 مقاعد. ومن المحتمل فوز أحزاب الجبهة الثالثة مجتمعة بـ130 مقعداً. وهو ما يعني أن التحالف الديمقراطي سيظل الكتلة الأكبر بفارق مريح، حسب الاستطلاع، ما يرجح كفة مودي.
على الجانب الآخر، يبدو أن المناوشات والصراع بين الهند وباكستان قد عززت بدورها شعبية رئيس الوزراء الهندوسي اليميني. وتأتي «أحداث بولواما» الدامية في كشمير يوم 14 فبراير (شباط) الفائت، وما تلاها من غارات جوية هندية على المسلحين داخل باكستان، في خلفية الحراك الانتخابي، ومن المؤكد أنها ستؤثر على النتيجة. وهنا يقول شارما: «ستكون معركة عسيرة، لكنني في كل الأحوال أعرف موقعي حين يبدأ الكرنفال الانتخابي. أنا على ثقة من أنه في هذه الحقبة التي تشهد تراجع الديمقراطية في العالم... فإنها ستزدهر في الهند».
وحول ما سبق، يبدو أن حزب «بهاراتيا» اقتنع بعد الغارات الجوية بأن استغلال سلاح «النزعة القومية» هو السلاح الأمضى والأنفع ضد المعارضة، وبالذات حزب المؤتمر، وبخاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية. وهنا رأى الكاتب الصحافي ساتيش ميشرا «الوضع المستجد بين الهند وباكستان سيغير تركيز خطاب رئيس الوزراء مودي وحزب (بهاراتيا) خلال الانتخابات العامة. وحقاً بدأ (بهاراتيا جاناتا)، الذي كان قبل بضعة أسابيع فقط يفكر في الحصول على نحو 200 مقعد، يتحدث الآن عن احتمال فوزه بـ300 مقعد».
هذا يعني أن على أحزاب المعارضة أن تكون حذرة في مواجهة برنامج «بهاراتيا جاناتا» ذي النزعة القومية؛ لأنها «ستتعرّض لخطر تصنيفها غير وطنية وغير قومية خاصة بعد الهجمات الجوية». ومن جانبه، أخذ مودي زمام المبادرة منذ الغارات الجوية مهاجماً بعنف حزب المؤتمر، حتى إبان الفعاليات الرسمية، كافتتاح النصب التذكاري للحرب في العاصمة. وبالتالي، لن يكون بمقدور معارضة منقسمة مواجهة تحدي تكتل قومي ووطني، بينما التعاضد والتعاون هو أهم ما سيجذب الناخبين إلى «بهاراتيا جاناتا» ومنظمة «راشتريا سوايامسيفاك سانغ» الهندوسية المتشددة خلال الأسابيع المقبلة قبل الانتخابات. ولا شك، سيصوّر الحزب الحاكم وماكينته الدعائية الضخمة أحزاب المعارضة ومناصريها (من يسار الوسط) على أنهم مناهضون للقومية وناقصو الوطنية، في حين أن مودي وحزبه هم الوطنيون الحقيقيون.

كيف سيصوت الهنود؟
في سياق متصل، يرى البروفسور سانجاي كومار، وهو أستاذ للعلوم السياسية متخصّص في السياسات الانتخابية ويعمل كذلك مديراً لـ«مركز دراسة المجتمعات النامية» في دلهي، أن «الناخبين أصبحوا أكثر التزاماً تجاه التصويت لصالح أو ضد حزب بعينه الآن أكثر من أي وقت مضى. حتى الانتخابات العامة التي أجريت عام 2004، كان كثيرون من الناخبين لا يحسمون رأيهم إلا قبل ثلاثة أو أربعة أيام من يوم الاقتراع. إلا أن هذا الوضع تبدل اليوم. وتكشف البيانات التي جمعناها عن انتخابات عامي 2009 و2014 أن أعداداً هائلة من الناخبين حسمت رأيها قبل الانتخابات بفترة طويلة». ويضيف كومار - الذي يضم مركزه جناحاً بحثياً معنياً بالانتخابات اسمه «لوكنيتي» - «يقدّر الناس في الهند أصواتهم الانتخابية تقديراً كبيراً، فإذا ذهبت إلى بلدية ما بعد إعلان نتائج الانتخابات، سيقول ما بين 80 في المائة و90 في المائة من السكان أنهم صوّتوا لصالح الحزب الفائز؛ ذلك أنه من المرغوب اجتماعياً الظهور بمظهر المنتمي للجانب الفائز».

البطالة والرخاء والقومية
يُعدّ الاقتصاد والتنمية من القضايا المحورية، وسط المقارنات التي يعقدها «بهاراتيا جاناتا» مع فترة حكم «التحالف التقدمي المتحد بقيادة حزب المؤتمر قبل عام 2014، يثير ما شهدته من تباطؤ في النمو الاقتصادي وتفاقم للتضخم وتفجّر عدد من فضائح الفساد. وفي المقابل، يقارن المؤتمر سجل التحالف التقدمي على امتداد 10 سنوات في السلطة (2004 – 2014) بسجل «بهاراتيا جاناتا» خلال السنوات الخمس الأخيرة في المنصب من أجل الترويج لإنجازاته.
الواضح أن المعارضة تنوي شن هجوم بالغ على الحكومة فيما يتعلق بأزمة البطالة وتنامي أعداد العاطلين، وهي إحدى القضايا الشائكة على الصعيد الاقتصادي، في حين أن قضية التنمية والرفاهية هي ما يفضل حزب الرئيس مودي الحديث عنه. من جهته، يعتقد هذا الحزب أن منظومات الرفاهية تحظى بشعبية هائلة بين الناخبين، وبخاصة بين النساء وفي المناطق الريفية. ولدى التطرق إلى موضوع الاقتصاد السياسي للهند، قال الدكتور فايشناف (مؤسسة كارنيغي) خلال مقابلة أجراها معه موقع «ريديف دوت كوم»: إن «الحجة التي يطرحها مودي على الناخبين تتمثل بأن الفضل عائد لـ(بهاراتيا جاناتا) في إرساء دعائم دولة الرفاه الحديثة بالبلاد، وأنه في حاجة إلى خمس سنوات أخرى كي يتمكن من إنجاز هذا العمل ـ من الصرافة العالمية إلى الرعاية الصحية العالمية، وتحويلات الإعانات المباشرة». أما القضية الرئيسية الثالثة، فتتمثل في مسألة النزعة القومية الوطنية، التي برزت مراراً على مدار السنوات الخمس الأخيرة، ذلك أن حكومة مودي حاولت صياغة توجهها الاقتصادي وسياساتها الخارجية والاجتماعية ضمن هذا الإطار. أما بالنسبة للقضايا الأخرى التي تحظى بالاهتمام ففي مقدمها: معاناة المزارعين، وضمور سوق الوظائف، وارتفاع أسعار الوقود، وسحب العملة من السوق، وتفاقم التمييز ضد الأقليات.

المرأة والشباب والمسلمون
على صعيد آخر، تكشف البيانات المتعلقة بالاقتراع على مستوى الولايات أو عموم البلاد في الانتخابات العامة الأخيرة، تنامي مشاركة المرأة. ويرى محللون أن ثمة فرصة قوية لأن تضطلع الناخبات بدور حاسم هذه المرة. ولقد كشفت دراسة بحثية أصدرتها شركة «سنتروم بروكينغ» للصرافة، عن أن النساء حققن قفزات كبرى كناخبات على امتداد العقد الماضي، وأنه بحلول 2019 يمكن أن يساوي معدل مشاركة النساء أو يتجاوز مشاركة الرجال في الانتخابات؛ الأمر الذي يضفي مزيداً من الأهمية على أصواتهن وقضاياهن من المنظور السياسي. وفي هذا الصدد، ذكرت الدراسة الصادرة عن «سنتروم بروكينغ»، أن هذا الأمر «يبدو واضحاً للغاية لدى النظر إلى معدلات مشاركة المرأة في ولايات مثل أوتار براديش وبيهار ومادهيا براديش وراجستان، وهي ولايات شهدت الانتخابات السابقة بها وقوع أعمال عنف».
وبالنظر إلى أن متوسط العمر بلغ 27.9 سنة عام 2018، تعد الهند لذلك دولة شابة. وبحلول عام 2020، سيشكل الشباب 34 في المائة من إجمالي السكان. ومنذ 2014، انضم 45 مليون شخص إلى قوائم الناخبين لبلوغهم سن الـ18؛ وذلك تبعاً لبيانات صدرت عام 2018 من مفوضية الانتخابات. ويعني ذلك أن قوائم الناخبين زادت بنسبة 5 في المائة منذ عام 2014. علاوة على ذلك، من الواضح أن أصوات المسلمين ستلعب دوراً حاسماً في نتائج الانتخابات العامة عام 2019. ويذكر أنه في أعقاب انتخابات مايو 2014، أجرت مؤسسة «إنديا سبيند» تحليلاً لأنماط الاقتراع داخل الولايات صاحبة التركيز الأعلى من الشباب، وكان الشباب قد دفعوا بحزب «بهاراتيا جاناتا» إلى السلطة داخل الولايات الخمس.
وتكشف البيانات المتعلقة بآخر دورتي انتخاب برلمانيتين عن تراجع مشاركة الناخبين المسلمين، وكذلك انخفاض تمثيلهم داخل البرلمان الهندي. والجدير بالذكر أن المسلمين يشكلون 14.2 في المائة من السكان، وخلال كلتا الدورتين الانتخابيتين كان ما يقل قليلاً عن 10 في المائة من الناخبين من المسلمين. وبين الفائزين عام 2014، كان هناك فقط 22 مسلماً، وهو ما يمثل أدنى معدل على الإطلاق. وفي حين أعرب برلماني مسلم عن اعتقاده بأن المناخ السياسي خلال الانتخابات جعل من العسير للغاية على المرشحين المسلمين الحصول على أصوات غير المسلمين، فإن بعض علماء الاجتماع يختلفون مع هذا الطرح. ومن هؤلاء هلال أحمد، البروفسور المساعد لدى «مركز دراسة المجتمعات النامية»، الذي قال: «لا يمكن للبيانات أن تعبّر عن تعقيدات الدوائر الانتخابية، فثمة عوامل أخرى فاعلة... وبخلاف وجهة النظر السائدة، ثمة درجة كبيرة من التعددية الاجتماعية داخل المجتمع، ويحدد هذا التنوع طبيعة التفاعل السياسي للمسلمين. وأنا أعتقد أن هناك كثيرين من المسلمين لا يرغبون في انتخاب مرشحين مسلمين بعينهم لتمثيلهم».

تأثير كشمير المحتمل على المعركة
- في أعقاب مقتل 40 هندياً شبه عسكريين في كشمير، وما تبع ذلك من تصعيد عسكري بين الهند وباكستان، اكتسبت كشمير أهمية إضافية كقضية انتخابية في إطار الانتخابات العامة المرتقبة داخل الهند، حيث يحاول حزب «بهاراتيا جاناتا»، بقيادة ناريندرا مودي، الاحتفاظ بقبضته على السلطة.
ويعتقد خبراء معنيون باستطلاعات الرأي، أن مودي وحزبه سيستفيدان من رد الفعل الهندي القوي تجاه الهجوم الانتحاري الذي وقع في كشمير، ذلك أن الناخبين ينظرون إليه الآن بصفته قائداً حاسماً وقوياً. وفي هذا الصدد، ذكر إم كيه فينو، أحد هؤلاء الخبراء، أن: «الحقيقة أن هجوم بولواما يشكل فرصة مغرية للغاية أمام (بهاراتيا جاناتا)، ومن المتعذر على الحزب تفويتها دون السعي للاستفادة منها في خدمة أغراض سياسية. وسيكون من المنطقي تماماً أن يحاول مودي تشتيت الأنظار بعيداً عن نقص الوظائف والأزمات المشتعلة في المناطق الريفية، وباتجاه مسألة من الطرف المؤهل على النحو الأمثل للحفاظ على الأمن الوطني للبلاد. وسيسعى (بهاراتيا جاناتا) لمزج الأمن الوطني والغضب الشعبي إزاء ما حدث في كشمير. ومن الممكن أن يمثل ذلك مزيجاً فاعلاً ويجب أن تكون أحزاب المعارضة على استعداد للتصدي لهذا الأمر خلال حملاتها الانتخابية حتى عقد الانتخابات بعد شهرين من الآن».
ويذكر أن أحزاب المعارضة الهندية كانت قد شنّت هجوماً موحّداً ضد رئيس الوزراء مودي لما اعتبروه تسييساً منه للقوات المسلحة في خضم محاولته ركوب موجة المشاعر الوطنية المتأججة حالياً لضمان الفوز بفترة ثانية في السلطة عبر الانتخابات العامة المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أن جذور الصراع في كشمير تعود إلى فترة فك الإمبراطورية البريطانية ارتباطها بشبه القارة الهندية. ولدى إعلان الاستقلال عام 1947، ووجه المهراجا الهندوسي لكشمير (الإقليم ذي الغالبية المسلمة) بغزو من جانب أبناء القبائل الباكستانية. ولجأ المهراجا - الذي لم يكن يحظى بشعبية تذكر - إلى الاتحاد الهندي طلباً للعون ووقّع معاهدة انضمام تحوّلت كشمير بمقتضاها إلى جزء من الاتحاد الهندي. وبالفعل، أرسلت الهند قوات إلى الإقليم، وبذا اشتعلت شرارة الحرب الأولى بين الهند وباكستان.
أوقفت القوات الهندية الزحف الباكستاني بعد سيطرته على ثلث كشمير عام 1948، وحالياً ينقسم الإقليم بين الهند وباكستان. ويمثل «خط السيطرة» الحدود الفاصلة بين شطري الإقليم، وكان قد رُسم في أعقاب حرب 1947 - 1948 بين البلدين. وعلى امتداد الحروب التي اشتعلت في السنوات التالية، دخلت تغييرات طفيفة على هذا الخط. لكن منذ ذلك الحين، وقعت أعمال عنف وهجمات إرهابية بانتظام داخل الإقليم، استهدفت غالبيتها أهدافاً عسكرية وشبه عسكرية وحكومية داخل كشمير. واتهمت حكومات هندية متعاقبة المؤسسة العسكرية والاستخبارات الباكستانية بالمسؤولية عن تجنيد ودعم المتورطين في الهجمات، الأمر الذي تنفيه باكستان.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».