هل اقتربت نهاية أجهزة الألعاب الإلكترونية؟

ممارسة اللعبة على أي أداة ترتبط بالإنترنت يساهم في انحسارها

جهاز «سويتش» للألعاب
جهاز «سويتش» للألعاب
TT

هل اقتربت نهاية أجهزة الألعاب الإلكترونية؟

جهاز «سويتش» للألعاب
جهاز «سويتش» للألعاب

لطالما كان السؤال عن عدد أجهزة الألعاب المبيعة، مقياساً للنجاح بين الشركات الثلاث الكبرى في مجال صناعة الألعاب الإلكترونية، «سوني» و«مايكروسوفت» و«نينتندو». لكن كل واحدة من هذه الشركات كانت تنشر أرقاماً فصلية تركز فيها بشكل رئيسي على أرباح البرامج بدلاً من أرباح الأدوات؛ مما يؤكد على علاقة متغيرة بين الألعاب والأجهزة التي تمكننا من لعبها.
ويثير هذا التغير جدلاً واسعاً في هذه الصناعة حول مستقبل، أو حتى انقراض جهاز اللعب الذي اعتدنا عليه مثبتاً في غرفة معيشتنا ليحل محله عالم أكثر حركة نستطيع فيه تشغيل أكثر الألعاب المعقدة تقنياً على أي شاشة متصلة بالإنترنت.

انحسار الأجهزة
أثبتت الألعاب الحديثة كـ«إيبيكز فورتنايت»، أن المنصة ليست ضرورية حتى للألعاب السريعة المتعددة اللاعبين. هذا وتعتزم «نينتندو» إطلاق أول خدمة اشتراك في ألعابها في أواخر سبتمبر (أيلول). وكانت إيف غويومو، الرئيسة التنفيذية لشركة «يوبيسوفت» الناشرة للألعاب، قد كشفت في مقابلة أجرتها في أوائل هذا العام عن أنها تعتقد بأن الجيل القادم من أجهزة الألعاب سيكون الأخير؛ مما أثار نقاشات جديدة عن قرب انقراض مفهوم الجهاز. وقالت غويومو لمجلة «فراييتي»، «لم يتبق إلا جيل واحد من أجهزة الألعاب، وبعدها، سنعتمد جميعناً على خدمات العرض».
وأيضاً، اعتبر دوغ كروتز، محلل إعلامي في «كوين»، أن توافر إمكانية لعب المحتوى في أي مكان سيكون تطوراً ضخماً. وقال، إن التقنية التي ستتيح تشغيل الألعاب الإلكترونية على أي جهاز بأداء جيد ودون جهاز ألعاب ستوفر على المستهلكين شراء أجهزة بقيمة 600 - 800 دولار، وسيعفي المطورين من ضوابط المسرعات والرقائق التي تُستخدم في تلك الأجهزة. واعتبر كريس إيرلي، نائب رئيس قسم الشراكة والأرباح في «يوبيسوفت»، أن تقنية العرض تجذب كبار الناشرين كشركته، وتوفر رفاهية اللعب لعدد أكبر من الناس. وأضاف قائلاً «أصبحت الألعاب الإلكترونية جزءاً من الحياة الروتينية للجميع. عندما نفكر في خدمات العرض والحوسبة السحابية، يتبين لنا أنها ميزات أساسية تتيح لعدد أكبر من الناس الانضمام إلى عالم الألعاب الإلكترونية».

ألعاب أهم من الأجهزة
كشفت شركة «مايكروسوفت» الشهر الماضي عن أن عائداتها من الألعاب بلغت 10 مليارات دولار لأول مرة في الربع الماضي، مدعومة بشكل أساسي بمبيعات البرامج والاشتراكات. بدورها، أعلنت «نينتندو» أن أرباحها أيضاً شهدت ارتفاعاً بفضل الإقبال على ألعابها المتوافرة على منصة «سويتش» المتحركة. كما أعلنت «سوني»، أهم شركات تطوير أجهزة الألعاب في العالم، أن عائدات «بلايستيشن» رفعت أرباح الشركة الإجمالية إلى 17.9 مليار دولار، وتوقعت أن تساهم أرباح البرامج في رفع الوحدة 15 في المائة في الربع المقبل.
بدأت أجهزة الألعاب في التحول نحو أدوات أخف وزناً. فقد أثبت جهاز «سويتش» من «نينتندو» أن مفهومنا التقليدي عن الجهاز يجب ألا يكون محصوراً بعلبة مثبتة في غرفة المعيشة. وتوقع محللون أن نشهد تركيزاً أكبر على الأجهزة المحمولة العالية الأداء. وكان تسويوشي «جون» كوديرا، رئيس «بلايستيشن» الجديد في «سوني»، قد كشف أمام الصحافيين في مايو (أيار) الماضي عن أن شركته قد تدرس فكرة إصدار منصة ألعاب متحركة. وأورد موقع «ثوروت.كوم» (Thurrott.com) المتخصص في التقنية، شائعات تقول إن جهاز ألعاب «مايكروسوفت» الجديد يمكن تثبيته في غرفة المعيشة مع الاستعانة ببعض الطاقة التشغيلية، لكنه لن يكون مقيداً بعبء أو ضوابط هيكل العلبة. إلا أن تحقيق ثورة فعلية، وانقراض مفهوم الجهاز بالكامل، يتطلب تغير الكثير من الأمور، وليس مجرد التقنية المعنية بالجهاز المثبت في غرفة المعيشة. صحيح أن شبكات الإنترنت أحرزت تقدماً كبيراً، لكن مناطق كثيرة في البلاد لا تزال تعاني من محدودية سرعة الشبكات السلكية والخلوية، بحسب ما أفاد المحلل المتخصص بالألعاب الإلكترونية مات بيسكاتيلا من مجموعة «إن بي دي». وتوقع المحلل ظهور جيل جديد من الأجهزة بحلول عام 2020 تركز بشكل أساسي على خدمات العرض، إلا أنه أكد أن نهاية المنصات ليست قريبة.
من الناحية التجارية، اعتبر كروتز أنه لم يتضح حتى الساعة كيف سيجني الناشرون المال في حال تم استبدال المنصة بنموذج آخر يعتمد بشكل كامل على العرض. وأضاف أن الألعاب الإلكترونية مختلفة عن مشاهدة «نيتفليكس»؛ لأن اللاعب يميل إلى التركيز على لعبة واحدة طوال أشهر وحتى سنوات، بدل أن يتنقل بين مجموعة واسعة من الخيارات. وهذا الأمر من شأنه أن يصعّب على ناشري الألعاب ضمان تأمين توفير خيارات كثيرة من الألعاب تقلص الوقت الذي يمضيه الناس على العناوين التي تطرحها.
من جهته، قارن فيل سبينسر، نائب الرئيس التنفيذي لقسم الألعاب في «مايكروسوفت» ثورة نقل الألعاب إلى خدمة العرض بالتغيير الذي شهدناه في خدمة عرض الفيديوهات. وقال إن هدف «مايكروسوفت» هو نقل الألعاب إلى وسيلة يستطيع فيها الناس اللعب في أي مكان وأي زمان يريدون. وأشار إلى أنه وعلى الرغم من ادعاء خدمات عرض الفيديو أنها تسيطر على جزء كبير من الأفكار والسوق، فإن مبيعات أقراص الـ«دي في دي». لا تزال تحقق أرباحاً بمليارات الدولارات سنوياً. واعتبر سبينسر أن التحولات الكبيرة كهذه لا تحصل بسرعة كما يظن البعض، مؤكداً أن الأمر «يتطلب وقتاً».
* خدمة «واشنطن بوست»


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».