عمر الرزّاز... رئيس حكومة «التركة الثقيلة»

إصلاحي وديمقراطي بامتياز وصاحب شخصية توافقية

عمر الرزّاز... رئيس حكومة «التركة الثقيلة»
TT

عمر الرزّاز... رئيس حكومة «التركة الثقيلة»

عمر الرزّاز... رئيس حكومة «التركة الثقيلة»

جاء تكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة في الأردن بعد استقالة حكومة هاني الملقي، إثر الاحتجاجات التي شهدتها مختلف المدن الأردنية منذ أكثر من أسبوع، رفضاً لقالون ضريبة الدخل ورفع أسعار المحروقات وفرض ضرائب إضافية على المواطن الأردني الذي يعاني من ظروف صعبة بسبب الركود الاقتصادي في الأردن نتيجة الأزمة السورية، وتدفّق أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري، وتخلِّي المجتمع الدولي في تقديم المساعدات لهم.
كما أن إغلاق الحدود مع العراق وسوريا نتيجة الحرب الأهلية والحرب على تنظيم داعش وإرهابه وأدواته وسيطرة المعارضة على الجنوب السوري كبدت الأردن خسائر في صادراته.
كما أن تعثر عملية السلام والإجراءات الاستفزازية التي تقوم بها إسرائيل يومياً في ساحات المسجد الأقصى وفتور العلاقة معها نتيجة مقتل أردنيين في السفارة الإسرائيلية بعمان وإجراء نقل السفارة الأميركية إلى القدس والموقف الأميركي الذي يهدد الوصاية الهاشمية على المقدسات، وتراجع المساعدات النقدية من دول الخليج والدول المانحة وضع الأردن في أزمة اقتصادية عانت منها الحكومة ومؤسساتها قبل أن يعاني المواطن.
يحمل رئيس وزراء الأردن الجديد عمر الرزاز الرقم 12 في ترتيب رؤساء الحكومات وحكومته تحمل رقم 17 في ترتيب تشكيل الحكومات في عهد الملك عبد الله الثاني، الذي تقلد سلطاته الدستورية في فبراير (شباط) 1999 عام بعد وفاة والده الحسين بين طلال. وجاء إسناد المسؤولية للرزاز بعد احتجاجات ما كانت وليدة اللحظة بل هي تراكمات سابقة نتيجة الجغرافيا السياسية لبلد محدود الموارد الطبيعية، ومعتاد على تلقى المساعدات العربية والأجنبية.
ومن ثم، ارتبك الوضعان الاقتصادي والمعيشي نتيجة تراجع هذه المساعدات وزيادة موازنة الدفاع والأمن لحماية الحدود الأردنية مع سوريا والعراق بعد تمدد تنظيم داعش في هاتين الدولتين اضطرت الحكومات الأردنية منذ الربيع العربي 2011 إلى تحرير أسعار السلع والخدمات ورفع الدعم عنها وزيادة الضرائب عليها. وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير فرض ضريبة دخل تصاعدية تصل إلى 25 في المائة على الأفراد، وتقليص الإعفاءات الممنوحة للأسر والأفراد في القانون الحالي.
على ضوء ما ذُكِر، جاء عمر الرزاز على حكومة تركتها ثقيلة تحتاج إلى ثورة في العمل الإداري للنهوض بمؤسسات الدولة التي أصابها الترهل في الآونة الأخيرة بعدما أصبحت رواتب القطاع العام لا تكفي لسد احتياجات الموظفين، كذلك في ضوء تقليص الجهاز الإداري بعدما سنَّت الحكومة السابقة قانوناً بإحالة كل من بلغ 60 سنة على التقاعد للتخلص من الحمولة الزائدة في الجهاز الإداري، واقتصار التعيين في وزارتي الصحة والتعليم.
- ابن بيت سياسي
عمر الرزاز (58 سنة) هو نجل الطبيب والسياسي الراحل الدكتور منيف الرزاز، الذي كان عضواً بارزاً في القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان يحكم في العراق. ومع أن الرزاز الأب ولد في سوريا في عام 1919، فإنه عاش وترعرع في الأردن وتزوّج في 1949 من لمعة بسيسو المولودة في مدينة حماة السورية عام 1923، ورزقا بكل من مؤنس (الأديب الأردني اللامع الراحل) 1951، وعمر (رئيس الوزراء) 1960، وزينة عام 1971.
وتنقل الدكتور منيف الرزاز بين أربع عواصم عربية (دمشق والقاهرة وعمان وبغداد) وتعرض للاعتقال عدة مرات خلال خمسينات القرن الماضي في سجن الجفر بجنوب الأردن، كما وضع تحت الإقامة الجبرية في عيادته بشارع بسمان في العاصمة عمّان. ثم أنه انتخب أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي عام 1965 فانتقل إلى دمشق، قبل أن يعود إلى الأردن في 1967، وينتخب عام 1977 أميناً عاماً مساعداً للحزب لينتقل مجدداً من عمّان إلى بغداد.
وبعدما تولي صدام حسين الرئاسة في العراق 1979، أقدم على اعتقال عدد من قياديي الحزب بينهم منيف الرزاز الذي وضع تحت الإقامة الجبرية بعد طلبه من صدام حسين أن يحال الحزبيون المعتقلون إلى لجنة تحقيق حزبية تضم أعضاء من القيادة القومية. وظل تحت الإقامة الجبرية حتى عام 1984، بأمر من الرئيس العراقي على الرغم من وساطات كثيرين، في مقدمتهم العاهل الأردني الراحل الملك الحسين بن طلال، بحسب ما جاء في كتاب «منيف الرزاز من الاعتقال إلى الاغتيال» على لسان عمر الرزاز، قبل أن «يُدس له السم ليموت وينتق الدم من فمه».
وينقل الكتاب عن مؤنس الرزاز أن «ميشال عفلق (أحد مؤسسي حزب البعث في سوريا) هو الذي حفر لمنيف هذه الحفرة وشجع صدام حسين على قتله». وما زال أهل عمّان يتذكرون عيادة منيف الرزاز وسط البلد نحو شارع بسمان... تلك العيادة التي كان رقم هاتفها يوما (38337)، وكانت ساعات دوامها تمتد منذ التاسعة صباحا حتى الثانية بعد منتصف الليل.
- الرزاز عن عائلته
وقال د. عمر الرزاز عن إرث عائلته: «من المفارقات العجيبة أنني عندما عدتُ من الخارج إلى البلد، وتسلمت مهامي في الضمان الاجتماعي (سابقاً) لم يهتم أحد لتحصيلي العلمي، حيث كان هم الاسم الذي أورثتني إياه العائلة هو الهالة المسيطرة، فسيرة الأسرة الصغيرة اختلطت وامتزجت بسيرة جبل اللويبدة، وأسرتنا لم تكن الوحيدة التي قدمت الكثير من التضحيات. لكل أسرة قصتها وتضحياتها، وفكرة التضحية من أجل مصلحة الوطن، ولطالما أتساءل عن مغزى ذلك الشعور بالعرفان الذي ألمسه من قبل جيل تعرف على منيف ومؤنس الابن، فما أنا إلا نتاج هذه الأسرة وقدرتي على فهم إرثها العام».
وأضاف: «ويحثني السؤال على ماذا أركز في سيرة منيف الفكرية أو الحياة السياسية أو الطبيب الإنسان أو على منيف الموقف، وعن طفولة مؤنس التي سُرقت منه في معترك حياة أبيه السياسية والنضالية، وماذا أيضاً عن دور (أم مؤنس) الذي لا يعرفه إلا المقرّبون. تعددت أوجه سيرة العائلة. إنها سيرة مرتبطة بجبل اللويبدة بمفارقات جميلة تمثل مراحل الأمة، حيث المفارقة التي عاشتها العائلة مرتبطة بالسلطة، وأسرة منيف الرزاز تنقّلت في أربع بلدان عربية فكان لنا جبل اللويبدة الملاذ الذي سعدنا فيه، وكان أول بيت سكنه منيف على أطراف جبل اللويبدة، وهو البيت الذي تزوّج فيه وجميعنا ولدنا في هذا الجبل».
أما عن والدته لمعة بسيسو الرزاز فقال «لمعة، هذه الإنسانة شكلت القوة الخفية في صدر منيف، فقد نشأت على أكتاف جبل اللويبدة، وكانت في طفولتها مشهوداً لها بالقوة والقدرة، حيث كانت لا تستطيع الخروج إلى الشارع، وكانت تلبس ثياب شقيقها وتخرج. وتابعت دراستها في القدس، وكانت من أوائل الفتيات اللواتي توجهن للدراسة في الخارج. ومارست كتابة الشعر، وكانت أول صوت نسائي يخرج على الإذاعة الأردنية، حيث تحدثت عن حقوق المرأة، وحقوق الرجل. وفي منتصف الخمسينات انخرطت في العمل السياسي، وتعرفت إلى د. منيف الرزاز وتزوجته، وتفرّغت بعد ذلك لمشروعه، وكان دورها الأساسي حمايته وتحمل كل الصعاب، وأصعب موقف مرت به حين فارق الحياة في بغداد عام 1984م، حينذاك شعرت بالعجز المطلق، ومع ذلك استرجعت قدرتها على الكتابة وكتبت شعراً في رحيله، لكنها لم تستطع الكتابة عن ابنها مؤنس».
وتساءل د. عمر الرزاز: «السؤال الذي طرحه محبو منيف: لماذا ذهب إلى العراق؟ ليت مؤنس موجوداً ليجيب عن هذا السؤال»، وكتب مؤنس عن هذه التجربة في روايته «اعترافات كاتم صوت» التي عكست هذه التجربة الأليمة.
- سيرة ذاتية
ولد عمر الرزاز في عمّان عام 1960، ودرس في مدارسها الابتدائية كما درس في لبنان وبريطانيا. ثم حصل على درجة البكالوريوس من الجامعة الأردنية، وبعدها توجّه إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حصل على الماجستير في التخطيط من معهد ماساتشوستس للعلوم والتكنولوجيا (MIT)، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه بالتخطيط وبالاقتصاد كاختصاص فرعي من جامعة هارفارد. لم يقف طموح الرزاز التعليمي عند حد شهادة الدكتوراه، بل حصل أيضاً على شهادة الحقوق من جامعة هارفارد، ومن ثم بدأت رحلته مع المناصب المتعددة التي شغلها.
عمل أستاذاً مساعداً في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في برنامج التنمية الدولية، وبرنامج التخطيط الإقليمي، وكذلك عضواً في كثير من مجالس إدارة المنظمات الخاصة والمنظمات غير الربحية، ولديه عدد من المنشورات في المجلات المحكَّمة.
كذلك شغل الرزاز عدة من المناصب أهمها: وزير التربية والتعليم في الحكومة المستقيلة، ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلي، ورئيس لجنة تقييم التخاصية (الخصخصة)، ورئيس مجلس الأمناء في صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، ورئيس منتدى الاستراتيجيات الأردني. وقاد الرزاز الفريق الوطني المسؤول عن إعداد استراتيجية التوظيف الوطنية 2011 - 2012، كما شغل منصب المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي في الأردن (2006 - 2010)، ومدير مكتب البنك الدولي في لبنان 2002 - 2006، وتشمل خبرته في البنك الدولي مجالات تنمية القطاع الخاص وتمويل البنية التحتية.
وتتضمن الدول التي زارها إبان فترة عمله في البنك الدولي: روسيا وأوزبكستان وتركمانستان وإستونيا وروسيا البيضاء ومقدونيا وجنوب أفريقيا وكوت ديفوار وأفريقيا الوسطى والمملكة العربية السعودية واليمن وإيران ولبنان والأردن. ولقد سعى الرزاز لأن يبقى خبيراً اقتصادياً وتنموياً من دون الانزلاق نحو الدخول في الحكومة، ولذا شكّل دخوله الوزارة وتوليه منصب وزير التربية والتعليم لغزاً لدى المقربين منه، كونه رفض غير مرة مناصب وزارية في مجالات وسياقات ماضية، مفضلاً أن يظل خبيراً واقتصادياً وتنموياً. وحقاً، هذا التخصص أهّله ليكون صاحب استراتيجية التشغيل في المملكة وكبير المنظّرين في موضوع «العدالة الاجتماعية» إلى جانب كونه واحداً من الاقتصاديين العتاة في النظريات والتطبيق.
وثمة من يقول اليوم، إن دخول الرزاز من باب وزارة التربية والتعليم لتطبيق استراتيجيته التي عمل عليها بتوجيه ملكي، تعكس الحاجة إلى تشبيك واسع بين وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل ووزارة التعليم العالي تحت اسم «المجلس الأعلى للموارد البشرية».
مهمة «المجلس» المذكور من المفترض أن تكون التنسيق بين الوزارات الثلاث، وتحويلها بنظرة فريدة إلى جسم واحد يقوم على تأهيل الشباب وفقاً لحاجات السوق، وبصورة أشبه بـ«هندسة الموارد البشرية»، وهو الأمر الذي ينسجم مع الحاجة الملحة لتصوّر جديد يحلّ مشكلة البطالة في المملكة. وفي كل الأحوال، ما ورد هو شرح فكرة «المجلس» يمكن أن تكون خلطة الرزاز السحرية للتغيير، وليس برنامج الرجل المعلن الذي لم يصدر بعد، كونه أول من كان ينادي ويطالب أي مسؤول ببرنامج وخطة للعمل. وهنا نشير إلى أنه كان إبان عمله وزيراً للتعليم في الحكومة المنتهية ولايتها قد أشرف على خطط تعديل نظام التعليم التقليدي بالدولة، معتمداً على منح سخية من الولايات المتحدة ودول الغرب.
من جهة ثانية، الرزاز معارض لإصلاحات السوق الحر التي تضر بالفقراء، ومن المتوقع أن يتبنى نهجاً تدريجياً لتغيير السياسات. ولكن رغم ذلك يقول مسؤولون إن تعيينه سيبعث برسالة إيجابية إلى المانحين الأجانب مؤداها أن الأردن سيواصل تنفيذ خطة صندوق النقد الدولي للإصلاح على مدى ثلاث سنوات للحد من تصاعد الدين العام. ويقول مسؤولون عملوا مع الرزاز إنه أثبت على مدى السنوات الماضية قدرته على الإدارة في عدد من المواقع الحكومية، إذ عمل أيضاً على إصلاح صندوق التقاعد الحكومي وهو من خارج النخبة السياسية التقليدية في البلاد.
- مناخ احتقان ساخن
بدأت تقديرات الدوائر السياسية في عمّان، لدور الرزاز المقبل في ظل مناخ ساخن من الاحتقان الشعبي والتحديات التي تتربص بالأردن. ويرى البعض أنه جاء في مرحلة حساسة، بعد تجربة له حظيت بإشادات في وزارة التربية والتعليم، إلى جانب تجربته السابقة في إدارة مؤسسات مصرفية ومنها الضمان الاجتماعي، فضلا عن جاذبيته في التواصل مع الناس، وانفتاحه على جيل الشباب. ويعتقد آخرون أنه «رجل إنقاذ»، بل ويقود انقلاباً على الأوضاع الحكومية التقليدية التي تسببت في معاناة المواطنين، وهو ما بدا واضحاً في بيان التكليف الملكي للرزاز، ذلك أنه حمل في مضامينه إلى حد كبير الشعارات التي صدحت بها حناجر الشباب الأردنيين في عموم الوطن بالوقفات الاحتجاجية المستمرة.
وبعد هذا البيان، رأى مراقبون أن الأردن الآن على أعتاب مرحلة جديدة عنوانها إطلاق مرحلة نهضة شاملة تطال السياسات كافة، وتؤسس لما وصفه البيان بعقد اجتماعي بين المواطن ودولته يوضح المعالم بما يخص الحقوق والواجبات. وهؤلاء، في المقابل يدركون أن الحكومة الجديدة أمام مهمات استثنائية، وفي ظروف أزمة مستحكمة، تتطلب منها قيادة انقلاب واسع على فرضيات وسياسات المرحلة السابقة والاقتصادية منها - على وجه الخصوص - وفي الوقت عينه إدارة العلاقة مع المؤسسات الدولية المعنية بالإصلاح الاقتصادي في البلاد وضمان دعمها لبرامج الحكومة.
- الحكومات الأردنية في عهد الملك عبد الله الثاني
> تشكلت في عهد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني 17 حكومة منذ توليه سلطاته الدستورية في عام 1999، بمعدل سنة لكل حكومة، وتولى رئاسة هذه الحكومات 12 رئيس وزراء آخرهم الرئيس الجديد عمر الرزاز.
وللعلم، تتسم الحكومات في الأردن بأن عدد وزرائها يتراوح ما بين 23 و30 وزيراً، وهو ما كبَّد الخزينة أموالاً طائلة على صعيد الامتيازات التي تمنح لهؤلاء الوزراء وتشغيلهم بعد الخروج من الوزارة في مجالس إدارات الشركات أو تعيينهم سفراء في الخارجية.

>> سلسلة الحكومات
- أول حكومة في عهد الملك عبد الله الثاني كانت برئاسة عبد الرؤوف الروابدة يوم 4/ 3/ 1999 التي ولدت بعد قبول استقالة حكومة الدكتور فايز الطراونة من عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، وضمت 23 وزيراً وأُجرِي عليها تعديلان.
- حكومة المهندس علي أبو الراغب بتاريخ 19/ 6/ 2000. وبناء على استقالة عبد الرؤوف الروابدة، وتم تكليف المهندس علي أبو الراغب بتأليف الوزارة وضمت 29 وزيراً وأجرى التعديل الأول بتاريخ 16/ 6/ 2001، والتعديل الثاني بتاريخ 27/ 10/ 2001.
- حكومة المهندس علي أبو الراغب الثانية. بناءً على استقالة حكومة علي أبو الراغب في 14 يناير (كانون الثاني) 2002، شكّلها أبو الراغب، وضمت 27 وزيراً، وأُجري عليها تعديلان.
- حكومة فيصل الفايز، التي شكّلت بعد استقالة أبو الراغب في 25/ 10/ 2003، وضمت 26 وزيراً، وجرى تعديلها مرتين.
- حكومة الدكتور عدنان بدران، التي شُكّلت بعد استقالة الفايز في 7/ 4/ 2005، وضمت 28 وزيراً، وأُجرِي عليها تعديل واحد بتاريخ 3/ 7/ 2005.
- حكومة الدكتور معروف البخيت الأولى، التي شُكّلت بعد استقالة بدران في 27/ 11/ 2005، وضمت 23 وزيراً، وأُجرِي التعديل الأول عليها بتاريخ 22/ 11/ 2006، والتعديل الثاني بتاريخ 2/ 9/ 2007.
- حكومة نادر الذهبي، التي شكّلت بعد استقالة البخيت بتاريخ 25/ 11/ 2007، وضمت 28 وزيراً، وأُجري عليها تعديل واسع.
- حكومة سمير زيد الرفاعي الأولى، التي شُكِّلت بعد استقالة حكومة الذهبي بتاريخ 14/ 12/ 2009، وضمت 29 وزيراً، وأُجرِى عليها تعديل بتاريخ 29/ 7/ 2010.
- حكومة سمير زيد الرفاعي الثانية، شكّلت بعد استقالة حكومته الأولى، بتاريخ 24/ 11/ 2010، وضمت 31 وزيراً.
- حكومة الدكتور معروف البخيت الثانية، شكّلت بعد استقالة الرفاعي، بتاريخ 10/ 2/ 2011، وضمت 27 وزيراً.
- حكومة عون الخصاونة، شكّلت بعد استقالة البخيت، بتاريخ 24/ 10/ 2011، وضمت 30 وزيراً.
- حكومة الدكتور فايز الطراونة، شكّلت بعد استقالة البخيت بتاريخ 3/ 5/ 2012، وضمت 30 وزيراً.
- حكومة الدكتور عبد الله النسور الأولى، شكّلت بعد استقالة الطراونة بتاريخ 11/ 10/ 2012، وضمت 21 وزيراً.
- حكومة الدكتور عبد الله النسور الثانية. شكلت بعد استقالة النسور وتكليفه وبتشكيل حكومة ثانية بتاريخ 30/ 3/ 2013، وضمت 19 وزيراً. وأُجري عليها التعديل الوزاري الأول بتاريخ 21/ 8/ 2013 والتعديل الوزاري الثاني في 2/ 3/ 2015 والتعديل الوزاري الثالث في 9/ 11/ 2015.
- حكومة الدكتور هاني الملقي الأولى، شكّلت بعد استقالة النسور في الأول من يونيو (حزيران) 2016، وضمت 27 وزيراً.
- حكومة الدكتور هاني الملقي الثانية، شكّلت بتاريخ 28 / 9 / 2016 بعد إجراء الانتخابات النيابية، وضمت 29 وزيراً، وأجريت ستة تعديلات وزارية على هذه الحكومة التي استقالت يوم 4 الشهر الحالي.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.