مصير عائلة صالح وتركته السياسية

يمنيون ينظرون إلى صورة صالح في أحد متاجر صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون ينظرون إلى صورة صالح في أحد متاجر صنعاء (أ.ف.ب)
TT

مصير عائلة صالح وتركته السياسية

يمنيون ينظرون إلى صورة صالح في أحد متاجر صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون ينظرون إلى صورة صالح في أحد متاجر صنعاء (أ.ف.ب)

عندما أدرك الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والمقربون منه أن الميليشيات الحوثية باتت تجهز الحبال لتلفها حول عنق المؤتمر وزعيمه وقياداته، استحدث طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق معسكرا لتدريب مقاتلين موالين له بمسقط رأسه في سنحان داخل معسكر «ريمة حميد»، وهو ما أثار حفيظة الميليشيات وجعلها تحسم أمرها للتسريع بالقضاء على صالح قبل أن يستعيد بناء القوات الموالية له.
وجاء الظهور الأول لطارق صالح في وقت تثور التساؤلات بين أتباع عمه الراحل والناشطين الموالين لحزبه «المؤتمر الشعبي» وكذلك بين خصومه، عن مصير الإرث السياسي والعسكري الذي خلفه صالح خلال عقود وعن الشخصية الأكثر ترشيحاً من أقاربه لتولي مهمة «الثأر» له من قتلته الحوثيين.
ويرجح عسكريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن طارق صالح هو الشخصية المرشحة من أقارب الرئيس السابق في الوقت الحالي لتولي مهمة الأخذ بثأره من الحوثيين لجهة خبرته العسكرية المتراكمة ومعرفته بالقادة والضباط السابقين في القوات الموالية لعمه ولجهة صرامته العسكرية وانضباطه، فضلاً عن أنه الوحيد موجود فعليا في الميدان من أفراد العائلة.
ومن بين المرشحين لخلافة صالح نجله العميد أحمد علي القائد الأسبق لقوات النخبة في الجيش اليمني ومنها قوات الحرس الجمهوري، وهو موجود في الإمارات منذ أطاحه هادي من منصب السفير، إلى جانب عدد من أفراد أسرته من بينهم شقيقه خالد وابن عمه عمار صالح.
خالد خريج كلية عسكرية وسبق لصالح أنه عينه في 2010 قائدا لأحد ألوية الحرس الجمهوري إلا أنه لم يجد وقتا كافيا للتمرس القيادي بسبب رحيل والده عن السلطة، أما ابن عمه عمار وهو شقيق طارق فكان القائد الفعلي لجهاز الأمن القومي (المخابرات).
ويعتقد مقربون من نجل صالح الأكبر أنه غير مهيأ حاليا للعب أي دور عسكري كونه مشمولاً بعقوبات مجلس الأمن التي منعته من السفر وجمدت حساباته المصرفية، فضلا عن أن قيادات حزبية موالية لوالده تدفع به لتولي دور قيادي في حزب «المؤتمر» لأنها ترى أن شخصيته الهادئة أقرب للعمل السياسي المدني منها إلى العمل العسكري.
وهذا الجانب في شخصية أحمد علي يتقاطع فيه مع ابن عمه الآخر وشقيق طارق، يحيى صالح والذي استقر في السنوات الأخيرة في بيروت مع تنقله منها بين عدة دول أهمها روسيا ومصر واليونان وقبرص، وقبل أيام كان في سلطنة عمان لجهة زيارة أقاربه الموجودين في السلطنة.
وينشط يحيى صالح على رأس عدة منظمات إلى جانب إدارة أعماله التجارية منذ كان قائدا لأركان حرب قوات الأمن المركزي إبان حكم عمه للبلاد، وقبل أكثر من سنة تقريبا عينه عمه صالح عضوا في «اللجنة العامة» لحزب المؤتمر (المكتب السياسي) لكنه لم يعد إلى اليمن منذ انقلاب الميليشيات الحوثية.
وأثارت تصريحاته بعد مقتل عمه جدلاً في أوساط متابعيه إذ جاءت خالية من الشدة المفترضة تجاه الميليشيات، إلى جانب أنها عكست تمسكه بالاستمرار في معارضة الحكومة الشرعية ورفض التدخل العسكري إلى جانبها من قبل دول التحالف.
ومن أولاد صالح، إلى جانب أحمد وخالد، صلاح ومدين، وهما معتقلان لدى الميليشيات الحوثية منذ مقتل والدهما، ولم يعرف عنهما أي أدوار سياسية أو عسكرية.
وتسعى قيادات حزب صالح في الداخل لإطلاقهما إلى جانب اثنين من أقاربه، وهما النجل الأصغر لشقيق صالح، محمد محمد صالح (شقيق طارق)، والنجل الأكبر لطارق صالح ويدعى عفاش، وهو الأمر الذي يرفضه الحوثي حتى الآن لجهة اعتبارهم ورقة للمساومة كما يرجح المراقبون.
ولدى الرئيس السابق ولدان آخران هما ريدان وصخر وهما أصغر أبنائه الذكور وهذان موجودان خارج اليمن منذ عامين على الأقل، وعلى الأرجح يقيمان في سلطنة عمان، كما أن له عشر بنات، تسع منهن متزوجات، وكلهن موجودات حاليا خارج اليمن في دول خليجية ضمن أقاربهن الآخرين.
وكانت سلطنة عمان أعلنت أنها استقبلت بعد مقتل صالح 22 فردا من أقاربه من الإناث والذكور فيما أكدت السلطات السعودية في اليوم نفسه استقبال 19 آخرين بينهم زوجة صالح أمة السلام الحجري، وسط تسهيلات من التحالف. كما أعلن أقارب لصالح عن توجه جزء من أقاربهم إلى السعودية.
وارتبط الرئيس السابق بعلاقة مصاهرة قبلية ومع أسر يمنية بارزة، في مسعى لتوطيد سلطاته، في وقت استند على أقاربه العسكريين في مفاصل الجيش والأمن، وبعد رحيل أخيه محمد عبد الله صالح عن قيادة الأمن المركزي، عهد إلى أبناء الأخير وهم طارق وعمار ويحيى ومحمد بتولي مناصب أمنية حساسة.
كما عهد إلى أخويه غير الشقيقين محمد صالح الأحمر وعلي صالح الأحمر بقيادة القوات الجوية للأول، وإدارة مكتبه العسكري إلى جانب قيادة عمليات الحرس الجمهوري إلى الثاني، وأوكل لنجل أخيه الثالث غير الشقيق، توفيق صالح إدارة شركة التبغ والكبريت الوطنية وهي من القطاعات المالية الهامة في الدولة.
وتوفيق يعيش خارج اليمن منذ الانقلاب الحوثي، في حين نجح علي ومحمد صالح الأحمر في الإفلات من قبضة الحوثيين ووصلا، بشكل منفرد، إلى مأرب التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية قبل أن يغادرا منها إلى المملكة العربية السعودية للالتحاق بعائلاتهم بحسب مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي العام».
ويحظى علي صالح الأحمر بعلاقات جيدة مع قيادات الجيش وكبار الضباط بخاصة من كانوا في الحرس الجمهوري، على خلاف شقيقه الآخر محمد الذي خرج من منصبه بعد تولي هادي للرئاسة -في ظل ارتياح واسع تركه قرار إقالته بين أفراد القوات الجوية.
وتمنح المعطيات السابقة عن أقارب صالح العسكريين، أفضلية لابن أخيه طارق لتولي مهمة الثأر له - بحسب المراقبين - لكن من غير المعروف حتى الآن نقطة البداية التي سينطلق منها لتحقيق هذا الهدف، غير أن تسريبات تم تداولها في الأسبوعين الأخيرين عن قيام قوات التحالف العربي بتخصيص معسكرات لاستقبال الضباط والجنود الموالين لطارق صالح تمهيدا لإشراكهم في معركة استعادة اليمن من قبضة الميليشيات الحوثية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.