نشرت جمعية القلب الأميركية وأيضاً الكلية الأميركية لأطباء القلب بالإضافة إلى تسع منظمات صحية أخرى، أخيراً توصيات جديدة حول مرض ارتفاع ضغط الدم. ولأول مرة منذ 14 سنة يتغير الحد المستخدم لتشخيص حالة ارتفاع ضغط الدم من قراءات قياساته 90/ 140 ملليمتر زئبق إلى قراءات 80/ 130 ملليمتر زئبق.
-- عامل خطر
ما حيثيات هذا التغيير؟ وما آثاره الإيجابية على مرضى ارتفاع الضغط؟ وما تبعاته على التقارير الإحصائية فيما يخص نسبة الإصابة وعدد المصابين بارتفاع ضغط الدم في العالم؟
توجهت «صحتك» بهذه التساؤلات إلى أحد أبرز المتخصصين في هذا المجال، الدكتور نبيل هاشم إسماعيل استشاري أمراض القلب والقسطرة القلبية التداخلية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، فأجاب موضحاً أن ارتفاع ضغط الدم أصبح معروفاً لدى أفراد الجمهور، ناهيك بالعاملين في المجال الصحي، بأنه أحد أهم عوامل الخطر المسببة لأمراض القلب والسكتات الدماغية.
وأضاف أنه عند ارتفاع الضغط بشكل عام سوف تزيد احتمالية كل من:
• الوفاة بسبب السكتات الدماغية إلى 4 أضعاف.
• الوفاة بسبب أمراض القلب إلى 3 أضعاف.
• ومن جهة أخرى فإن 74 في المائة من مرضى فشل القلب، و77 في المائة من المصابين بالسكتة الدماغية الأولى، و69 في المائة من المصابين بالجلطة القلبية الأولى يعانون من ارتفاع في ضغط الدم.
-- قياسات الضغط
وبالنسبة للآثار المترتبة على التحديث الأخير لقراءات قياسات ضغط الدم، يقول الدكتور نبيل إسماعيل إن له تأثيراً على حياة كثير من البالغين بشكل غير مسبوق، وذلك لأنه بتغيير حد تشخيص ارتفاع ضغط الدم فإن نسبة المصابين بارتفاع الضغط سيزيد من 30 في المائة إلى45 في المائة، أي نصف عدد البالغين في المملكة العربية السعودية تقريباً، وسيزيد بذلك أيضاً عدد المصابين عما يقارب 5 ملايين شخص إلى نحو 7 ملايين شخص.
يُعتبر ضغط الدم طبيعيا إذا كان الضغط الانقباضي أقل من 120 والانبساطي أقل من 80 ملم زئبق، ويعتبر أعلى من الطبيعي إذا ارتفع الضغط الانقباضي ما بين 120 - 129 وظل الانبساطي أقل من 80.
أما إذا ارتفع الضغط أكثر من ذلك فيصنف ضغطاً مرتفعاً وله ثلاث درجات: الدرجة الأولى يكون فيها الضغط الانقباضي ما بين 130 - 139 أو الانبساطي ما بين 80 - 89. أما الارتفاع من الدرجة الثانية فيكون فيه الضغط الانقباضي أعلى من 140 أو الانبساطي أعلى من 90. وإذا ارتفع الضغط الانقباضي لأكثر من 180 أو الانبساطي لأكثر من 120 فهنا يعتبر المريض في حالة حرجة، إذ إن الارتفاع شديد جداً، وهذا وفقاً للتوصيات الأخيرة لجمعية القلب الأميركية.
وهنا يعلق الدكتور نبيل إسماعيل على التصنيف الأخير لضغط الدم بأن هذا التغير يعكس ما جاءت به المئات من الأبحاث والدراسات المحكَّمة والرصينة على مدى السنوات الماضية، التي بينت أن من يكون ضغطه (الانقباضي) من 130 إلى 140 أو ضغطه (الانبساطي) من 80 إلى 90 أي في المنطقة المشمولة حديثا معرضون للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية بنسبة الضعف مقارنة بمن ضغطهم أقل من تلك القياسات. لذلك فمن المهم أن يتم تحديد هذه المجموعة من الناس لمساعدتهم في أخذ الإجراءات اللازمة لخفض الضغط إلى المستوى المطلوب.
-- علاج الحالة
• هل يمكن خفض ضغط الدم دون أدوية؟ يجيب الدكتور نبيل إسماعيل بـ«نعم»، فعلى الرغم من أن التوصيات الجديدة ستزيد عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم بما لا يقل عن 20 - 15 في المائة مما هو عليه الآن، فإنها لا تنصح بزيادة عدد من عليهم البدء بعلاجات دوائية بالنسبة ذاتها. ومن المتوقع أن يزيد عدد من سيحتاج إلى تدخل دوائي من المرضى بمعدل 200 - 400 ألف، أو ما يساوي 5 في المائة أكثر مما سبق.
• أما العلاج الدوائي فسوف يكون بشكل كبير مقسماً على مجموعات كالتالي:
- من لديه تاريخ سابق بأمراض القلب والشرايين٬ كالجلطات وغيرها.
- المعرضون لحصول أمراض القلب والشرايين أكثر من غيرهم بسبب وجود عوامل خطورة أخرى مثل تقدم العمر، السكري، ارتفاع الكولسترول... إلخ.
- بالإضافة إلى من لديهم ارتفاع في الضغط من الدرجة الثانية 90 - 140 أو أكثر بشكل مستمر.
-- نصائح صحية
وتنصح جمعية القلب الأميركية جميع الأطباء بإعطاء المصابين بارتفاع ضغط الدم الفرصة لتغيير حياتهم إلى نمط أكثر صحة، باتباع مجموعة من النصائح والمقترحات، مثل:
• الحركة والرياضة المنتظمة (ساعتان ونصف من الرياضة المتوسطة أسبوعيّاً على الأقل).
• خفض الوزن الزائد والحفاظ على وزن مثالي.
• تناول الأطعمة الصحية التي تتضمن الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات الغنية بالبوتاسيوم والحبوب الكاملة، وتقليل الملح والدﻫوﻥ المتحولة والكربوهيدرات.
• الإقلاع التام عن التدخين.
• تجنُّب الانفعال والتوتر وﺃخذ قسط كافٍ من الراحة والنوﻡ يوميّاً.
• أيضاً تنصح الجمعية بعدﻡ الاعتماد على قراءة وﺍحدﺓ للضغط لوضع التشخيص، لكن يجب قياسه على الأقل مرتين في أوقات متباعدﺓ، ويُفضل أخذ القياس في المنزل (خارﺝ المستشفى أﻭ العيادﺓ).
-- ملابسات الإرشادات
من المؤكد أن هناك بعض الملابسات التي صاحبت صدور هذه التوصيات، فما أهمها؟ أجاب د. نبيل إسماعيل بأنه فوﺭ نشر هذﻩ التوصيات كانت هناك موجة كبيرة من الاعتراضات والآراء المضادة من بعض الأطباء وأفراد الجمهور. وقد تفاوتت هذه الآراء في الشدة من مجرﺩ نعتها بالمبالغة إلى الاتهام بنظرية المؤامرة من شركات الأدوية التي تعتبر (في نظرهم) هي الكاسب الأكبر من هذه التوصيات. لكن، في رأي الشخصي الذي يتفق معه كثير من الزملاء، أنه قد غاب عن نظر هؤلاء أن شركات الأدوية ليس لها دخل من قريب ولا من بعيد على أخذ القرار بنظم هذه التوصيات. ومن المؤكد والمثبت أن هذه التغييرات جاءت مبنية بشكل كبير على أبحاث «ملاحظة» وليست علاجية، أي أنها ليست مدعومة من هذه الشركات.
إذن، فما الغرض والهدف من صدور هذا التحديث؟ أجاب د. نبيل إسماعيل موضحاً أﻥ الغرض من هذا التحديث هو زيادة الوعي عند الناﺱ والممارسين الصحيين بالتنبه إلى أولئك الذين لديهم ارتفاع بسيط في الضغط لدرجة أنه قد يؤثر على حياتهم٬ وبالتالي يتم التدخل بغرض تقليل فرصة الإصابة بهذﻩ المشكلات الصحية.
وأضاف أنه حتى في جزئية التدخل الدوائي، لم تنصح الجمعية بدواء معين، وإنما تركت الاختيار للطبيب بين المجموعات الأربع الأساسية على حسب المتغيرات والعوامل عند كل مريض على حدة.
وعلى الرغم من أنه سيكون هناك زيادة في الإنفاق على الأدوية، فإنه سيقابل بتوفير كبير في التكاليف المادية على المدى البعيد بسبب خفض حصول الأمراض الخطيرة.
ومن المثير للاهتمام أن التوصيات في السابق لها قياسات مختلفة على حسب العمر، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون الحد الفاصل لكبار السن أعلى من غيرهم لتجنب حصول هبوط الضغط غير المرغوب، لكن بينت الدراسات الأخيرة أن الكبار أيضاً يستفيدون من خفض الضغط إلى المستويات الطبيعية مثل باقي الأعمار.
لذلك يجب على الطبيب معاملة كبار السن بالمثل من ناحية الهدف، لكن مع أخذ الحيطة وﺍلحذﺭ بالنسبة للأدوية وتعديل الجرعات بشكل تدريجي والمتابعة الدقيقة لتجنب المضاعفات أو هبوط الضغط.
- استشاري في طب المجتمع
ﺍرتفاﻉ ضغط الدم بين المستجدات والملابسات
تفسير لأحدث الإرشادات حول قياساته
ﺍرتفاﻉ ضغط الدم بين المستجدات والملابسات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة