الشعارات الدينية تغطي على البرامج الانتخابية وتثير جدلا في موريتانيا

الحزب الحاكم: اتهامنا باستغلال الرموز الوطنية غير جدي.. والعلم للجميع

لوحة إعلانية للائحة انتخابية سمت نفسها لائحة العلماء («الشرق الأوسط»)
لوحة إعلانية للائحة انتخابية سمت نفسها لائحة العلماء («الشرق الأوسط»)
TT

الشعارات الدينية تغطي على البرامج الانتخابية وتثير جدلا في موريتانيا

لوحة إعلانية للائحة انتخابية سمت نفسها لائحة العلماء («الشرق الأوسط»)
لوحة إعلانية للائحة انتخابية سمت نفسها لائحة العلماء («الشرق الأوسط»)

تنوعت الشعارات التي رفعتها الأحزاب السياسية الموريتانية المشاركة في الانتخابات التشريعية والبلدية، وذلك من أجل استقطاب أكبر قدر من الناخبين في سياق دعاية انتخابية وصفت بأنها الأكثر قوة في تاريخ البلاد؛ لكن هذه الدعاية تميزت بظهور شعارات جديدة ذات طابع ديني يرى المراقبون أنها تجاوزت الحدود المسموح بها في العرف الديمقراطي.
بدأ الجدل مع ظهور نشيد أصدره حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، المحسوب على التيار الإسلامي، تضمنت كلماته عبارات باللهجة المحلية وقف عندها البعض من قبيل «صوتك أمانة.. لا تعطه ما هو لمولانا»، وتعني بالفصحى أن صوت الناخب أمانة يجب ألا يعطيه لغير الله، وهو ما عدته بقية الأحزاب المنافسة محاولة من الحزب للتأثير على الناخب من خلال إقناعه بأن التصويت لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية هو تصويت «لله».
حاول الحزب الإسلامي، ولو بشكل غير رسمي، أن يدفع التهمة عنه من خلال تأويل النشيد وشرحه، لكنه في النهاية أعاد إصداره في نسخة مصححة حذفت منها العبارة التي أثارت الجدل الذي لم ينته عند هذا الحد، حيث ظهرت لائحة انتخابية جديدة تحمل اسم «لائحة العلماء»، وأخرى سماها أصحابها بـ«لائحة سفراء محمد صلى الله عليه وسلم».
وفي هذا السياق، قال المنسق الإعلامي لحملة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم محمد المختار ولد سيدي محمد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بعض الأحزاب السياسية تستغل الدين والمرتكزات العقائدية للمجتمع، وتحاول أن تستحوذ عليها، وتعد أنها خاصة بها؛ فمن يقول في حملته الدعائية إن هنالك كفتين، كفة الخير وكفة الشر؛ فهذا لا يمكن أن يكون ديمقراطيا، لأن الأمر كله مجرد لعبة سياسية وعليهم أن يقولوا (برنامجنا الانتخابي أفضل من هذا البرنامج)، بدل تقديم برنامجهم على أنه خير وما عداه شر».
غير أن الكاتب الصحافي حبيب الله ولد أحمد يرجع ظهور مثل هذه الشعارات الدينية إلى الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة، التي قال إنها «تدفع الكثيرين في المجتمعات الإسلامية الهشة ديمقراطيا إلى الركون للروحانيات والتدين لمواجهة مثل تلك الظروف». ولعل خير شاهد على ذلك، يضيف ولد أحمد، المثل الموريتاني الذي يقول «من عجز عن تحصيل المال في الدنيا يبدأ التفكير في الآخرة».
وعد ولد أحمد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الطبيعي أن يركن بعض المرشحين لاستخدام الشعارات الدينية لملامسة عواطف الناس في مجتمع محافظ وتقليدي مثل المجتمع الموريتاني ما زال للدين فيه ارتباط عضوي بالناس». ولكن ولد أحمد يرى في الوقت نفسه أن «استخدام الشعارات الدينية في الحملة الحالية فاق كل التوقعات من أجل مغازلة العامة الذين لا يجدون مهربا من مشاكلهم أحيانا إلا عبر استحضار القيم الدينية ولو ظاهريا على الأقل؛ وهكذا رأينا حزبا يقول نشيده إن التصويت لمرشحيه هو تصويت لله، وآخر يقدم لائحة يصفها بلائحة العلماء، وآخر يقول إن مرشحيه هم سفراء رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وفي ظل انتشار مثل هذه الشعارات على حساب البرامج الانتخابية التي لا تحظى باهتمام كبير لدى الناخب الموريتاني، يشير ولد أحمد إلى أن «مثل هذا الخطاب الديني الاستقطابي يحاول ملء فراغ قاتل في البرامج الانتخابية للمرشحين، مع يأس كبير لدى معظم الناخبين من أداء المنتخبين المحليين، فالسوابق ليست مشجعة في هذا الشأن».
من جانبه، استغرب الكاتب الصحافي الموريتاني محمد الأمين ولد محمودي الاعتراض على استخدام حزب «تواصل» الإسلامي لشعارات تعبر عن رؤيته السياسية؛ وقال «لماذا الاعتراض على أن يرفع الإسلاميون شعاراتهم في الشوارع العامة، عندما يقولون تصويتك لنا نصرة لله ولرسوله مثلا، مع أنه لا أحد قالها؟ هم يعتقدون أنهم يخدمون دينهم بوصولهم إلى السلطة. وما دام هذا اعتقادهم ويقينهم وتصورهم فلا يجب أن نحاسبهم عليه».
لم تكن الشعارات الدينية وحدها هي التي أثارت الجدل، حيث شهدت الحملة الدعائية انتشارا واسعا لصور الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في مراكز بعض الأحزاب والمرشحين بالإضافة إلى العلم الوطني، وهو ما عده البعض استغلالا لـ«رموز وطنية» يجب أن تبقى على الحياد وأن تبتعد عن الدعاية الانتخابية. وفي هذا السياق يقول القيادي في التحالف الشعبي التقدمي المعارض أحمد ولد صمب، إن «رموز الجمهورية مثل صور الرئيس والعلم الوطني بالإضافة إلى الرموز الدينية التي تحدد الهوية الإسلامية للبلد، كلها أمور يجب أن تبقى بعيدة عن التجاذب السياسي وألا تحتكر من طرف جهة سياسية دون الجهات الأخرى».
واتهم ولد صمب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الأحزاب الداعمة للنظام الموريتاني باستغلال صور رئيس الجمهورية، وقال «هذه ليست انتخابات رئاسية، وإنما هي انتخابات تشريعية وبلدية يتنافس فيها مرشحون محليون لديهم برامج انتخابية يجب أن تكون واضحة المعالم، وبالتالي فإننا نتوخى أن يكون رئيس الجمهورية حكما بين المرشحين وأن يبتعد عن الاصطفاف السياسي».
وأصدرت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهي الجهاز الرسمي المكلف بالإشراف على تنظيم الانتخابات في موريتانيا، بيانا في الأيام الأولى من الحملة الانتخابية، أشارت فيه إلى تسجيل «بعض التجاوزات المخالفة للنصوص المنظمة للحملة الانتخابية»؛ وقالت إنه «لوحظ في هذا الصدد، من بين أمور أخرى، استعمال وسائل الدولة، ورموز الجمهورية، لأغراض الحملة الانتخابية، والتلويح بصور رئيس الجمهورية، هنا وهناك، دعما لبعض اللوائح المرشحة»؛ قبل أن تدعو المشاركين في الانتخابات إلى «المساهمة في تنقية المناخ الانتخابي، سبيلا إلى تنظيم اقتراع حر ومستقل وشفاف وذي مصداقية».
وفي سياق اتهام حزبه باستغلال صور رئيس الجمهورية والعلم الوطني، قال المنسق الإعلامي لحملة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، إن اتهامهم باستغلال الرموز الوطنية «اتهام غير جدي، فالعلم الوطني علم الجميع، ونحن في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) شهر الاستقلال (استقلت موريتانيا 28 نوفمبر)، ونحن نعتز بعلمنا ولن نقوم بأي نشاط إلا وكانت خلفيته وطنية، والعلم هو أول رموز الوطنية وأقواها، أما بالنسبة لصور رئيس الجمهورية فالجميع يعرف أن محمد ولد عبد العزيز منتسب لحزبنا، وهو مؤسسه وأول رئيس له، والبرنامج السياسي للحزب هو نفسه البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، فلماذا لا يكون مرجعيتنا ومصدرا لقوتنا؟.. وهذا موجود في أي ديمقراطية في العالم».
وفي ظل الجدل المحتدم بين الأطراف المشاركة في الانتخابات، ألقت مقاطعة بعض أحزاب المعارضة بظلالها على الحملة الانتخابية، حيث يرى الكاتب الصحافي حبيب الله ولد أحمد أن «مقاطعة قطاع ضارب من الموريتانيين للانتخابات الحالية تجعل الأحزاب بحاجة للعب كل الأوراق لاستقطاب الناخبين، وهو ما يتجلى في ضخ المال السياسي واستخدام الرموز الدينية والوطنية الرسمية في صراع محموم على ناخبين يبدو أن انشغالهم بمعاناتهم اليومية يمنعهم من تعليق أي أمل على الحراك الانتخابي الحالي».
غير أن ناشطين في المجتمع المدني أبدوا قلقهم من استغلال الشعارات الدينية والوطنية في الحملة الدعائية للأحزاب السياسية، حيث يشير المدون والناشط الاجتماعي أحمد جدو إلى أن «ظهور هذا النوع من الدعاية يبعث على القلق على مستقبل الديمقراطية، فهو خرق جديد في العملية التنافسية، ولو نجح أصحابه مستقبلا في التغلغل إلى الرأي العام سيكون عائقا جديدا أمام ديمقراطية تنافسية حقيقية في موريتانيا».



الفلسطينية سعاد العامري تحصد جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العمارة والتصميم

جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)
جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)
TT

الفلسطينية سعاد العامري تحصد جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العمارة والتصميم

جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)
جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)

حصدت المعمارية الفلسطينية الدكتورة سعاد العامري جائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة العمارة والتصميم، تقديراً لإسهاماتها الممتدة في صون التراث المعماري الفلسطيني وترميم المباني التاريخية وإعادة توظيفها بما يعزّز الهوية العمرانية، في تكريم يسلّط الضوء على دور العمارة بوصفها «ديواناً للتاريخ» وحافظةً للذاكرة.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدكتورة العامري على فوزها، مؤكداً أن المعمار تجسيد لهوية الشعوب، وأن الحفاظ على التراث العمراني واجب حضاري يعكس احترام الأمم لماضيها ومستقبلها.

وقال في منشور على حسابه في منصة «إكس»، إن سعاد العامري، مؤسسة مركز المعمار الشعبي الفلسطيني «رِواق»، قدّمت إسهامات رائدة في الحفاظ على التراث المعماري الفلسطيني عبر ترميم المباني التاريخية وإعادة توظيفها بما يخدم المجتمع ويعزز الهوية العمرانية.

وأشار محمد بن راشد إلى مشاركة سعاد العامري في مشروع توثيق معماري يُعد من الأكبر في فلسطين، أفضى إلى سجل يضم أكثر من 50 ألف مبنى تاريخي، وإحياء 50 مركزاً تاريخياً، مع إشراك الأهالي والحرفيين في مشاريع ترميم القرى باستخدام المواد التقليدية في البناء.

وأضاف: «نبارك للدكتورة سعاد العامري فوزها وعطاءها الممتد لعقود، حفظ الله فلسطين، وأعاد لمبانيها وقراها التاريخية الحياة التي تستحق، ولتراثها امتداداً يبقى ما بقيت الذاكرة العربية».

ويأتي هذا التكريم ضمن مشروع «نوابغ العرب» الاستراتيجي الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد لتسليط الضوء على العقول العربية وتجاربها الإنسانية الملهمة للشباب في ميادين متعددة، من بينها العمارة والتصميم.

المعمارية الفلسطينية الدكتورة سعاد العامري

وتأسست تجربة العامري المهنية على الجمع بين البحث الميداني والعمل الترميمي والتدريب، إذ أسست مركز «رِواق» عام 1991، وكرّست جهداً متواصلاً لتوثيق العمران في فلسطين وتدريب أجيال من الحرفيين، مع إصدار دراسات ومراجع تسهم في حماية المعارف المعمارية بالتدوين الذي يوازي في أهميته الترميم. كما ساهمت في تسجيل البيوت الفلسطينية وتوثيق تفاصيلها كاملة، من أنواع البلاط والحجر والنقوش، وصولاً إلى المساقط والخرائط المعمارية الدقيقة.

ومن أبرز المشاريع التي قادتها إحياء القلب التاريخي لمدينة بيرزيت، ومشروع إعادة تأهيل 50 قرية فلسطينية الذي انطلق عام 2005 للحفاظ على الإرث التاريخي والتراث الثقافي للريف الفلسطيني. وعلى الصعيد الأكاديمي، حاضرت في قسم الهندسة المعمارية بجامعة بيرزيت بين عامي 1982 و1996، ودرست الهندسة المعمارية في الجامعة الأميركية في بيروت، ونالت الماجستير من جامعة «آن آربر» في ميشيغان، والدكتوراه من جامعة إدنبرة في اسكوتلندا.

وأجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالدكتورة العامري أبلغها خلاله بفوزها، مشيداً بما حققته خلال أكثر من ثلاثة عقود في صون التراث المعماري العربي وتقديمه إلى الجمهور العالمي عبر المشاريع الإحيائية والبحثية.

وقال القرقاوي إن مبادرة «نوابغ العرب» التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد تُعيد إحياء الشغف بالبناء والمعرفة، وتدفع نحو نقلة تنموية عربية نوعية عبر إبراز إنجازات المفكرين والمبتكرين والعلماء، مؤكداً أن نماذج ملهمة مثل الدكتورة سعاد العامري تشجّع الشباب على التمسك بالتراث وصناعة إنجازات جديدة، وتدعم عودة العقول العربية إلى بيئتها.

وضمت لجنة فئة العمارة والتصميم البروفسور هاشم سركيس رئيساً، وعضوية الدكتور أدريان لحود والبروفيسور علي ملكاوي.

وتُعد «نوابغ العرب» جائزة عربية لتكريم العقول المبدعة، وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست، مع جائزة قدرها مليون درهم (272 ألف دولار) لكل فائز لتمويل الأبحاث والمشاريع وتوسيع أثرها عربياً وعالمياً.


مصر تنفي وجود عيوب في تصميم «المتحف الكبير»

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تنفي وجود عيوب في تصميم «المتحف الكبير»

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

نفت الحكومة المصرية، السبت، وجود عيوب في تصميم المتحف المصري الكبير، بعد تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف خلال الأيام الماضية، مؤكدة أن التصميم كان يتوقع حدوث ذلك، ويتوافق معه.

وانتشرت مقاطع فيديو لتساقط الأمطار داخل البهو الرئيسي للمتحف المصري الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات لتراكم المياه في البهو، مما وصفه البعض بـ«غرق البهو»، في حين تخوف آخرون من أن تضر هذه المياه بالآثار الموجودة فيه، وفي مقدمتها تمثال رمسيس الثاني.

ورد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، في بيان اليوم، على هذه الانتقادات، قائلاً: «فيما أُثير بشأن تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف المصري الكبير، فإن تصميم بهو المتحف جاء وفق رؤية معمارية تعتمد على وجود فتحات في السقف بشكل هندسي، يسمح باستدامة دخول الإضاءة والتهوية الطبيعية إلى البهو، وهو أحد العناصر الأساسية في التصميم المعماري للمتحف».

وبدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير عام 1992، ووُضع حجر الأساس في عام 2002؛ حيث أعلنت الدولة المصرية -وتحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين- مسابقة معمارية دولية لأفضل تصميم للمتحف، وفاز التصميم الحالي المُقدّم من شركة «هينغهان بنغ» للمهندسين المعماريين في آيرلندا، الذي اعتمد على أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هي المتحف المصري الكبير، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات».

وأضاف بيان مجلس الوزراء أن «تسرّب كميات محدودة من مياه الأمطار إلى البهو في أثناء هطولها أمر متوافق مع التصميم ومتوقع في مثل هذا الوقت من العام».

وافتتحت مصر المتحف الكبير مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحفل ضخم حضره عديد من القادة والرؤساء. ويشهد المتحف منذ افتتاحه إقبالاً جماهيرياً كبيراً، مما دفع إدارته إلى تعديل نظام الحجز فيه ليصبح إلكترونياً حصرياً.

واستبعد خبير الآثار، عضو لجنة التاريخ والآثار في المجلس الأعلى للثقافة، الدكتور عبد الرحيم ريحان، أي ضرر متوقع على تمثال رمسيس الثاني، نتيجة تعرضه لمياه الأمطار، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التمثال عمره 3200 عام، وهو مصنوع من الغرانيت، وتم اكتشافه في عام 1820، وأمر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بوضعه في ميدان باب الحديد (رمسيس حالياً) في عام 1955، ومن وقتها وهو معرّض لكل عوامل التعرية المختلفة، وتعرّض للأمطار سنوات طويلة، ولم تسبب أي ضرر له».

وكان الإعلامي عمرو أديب قد انتقد، خلال برنامجه «الحكاية»، الجمعة، الصمت الرسمي تجاه ما يُتداول عبر «السوشيال ميديا» من غرق المتحف المصري الكبير، مطالباً المسؤولين بتوضيح حقيقة الأمر.

وتراهن مصر على المتحف الكبير في تحقيق استراتيجيتها السياحية خلال السنوات الست المقبلة، حيث تهدف إلى استقبال نحو 30 مليون سائح بحلول عام 2031، مقابل 15 مليون سائح خلال العام الماضي.

ويضم المتحف المصري ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية تحكي حقباً مختلفة من التاريخ المصري القديم، في سيناريو عرض متحفي يعتمد أحدث التقنيات، وتوقعت تقديرات سابقة أعلنها وزير السياحة المصري، شريف فتحي، في تصريحات متلفزة، أن يزور المتحف يومياً نحو 15 ألف سائح.


«أيام قرطاج السينمائية» للتركيز على القضايا الإنسانية

يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)
يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)
TT

«أيام قرطاج السينمائية» للتركيز على القضايا الإنسانية

يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)
يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)

انطلقت السبت فعاليات الدورة الـ36 من «أيام قرطاج السينمائية»، والتي تحتفي بالسينما الأرمينية وتسلط الضوء عليها من خلال عروض عدة، مع التركيز على القضايا الإنسانية بالأفلام المختارة للمشاركة في المسابقة الدولية للمهرجان.

وتضم المسابقة الرسمية للمهرجان 14 فيلماً سينمائياً ترتكز معالجاتها حول القضايا الإنسانية بشكل أساسي، من بينها الفيلم السعودي «هجرة» للمخرجة شهد أمين، والذي تدور أحداثه في المملكة عند اختفاء طفلة من جدتها، وتبدأ رحلة البحث عنها، وتتكشف خلالها العديد من الأسرار العائلية. في حين يقدم المخرج التشادي أشيل رونايمو في فيلمه «ديا» قصة «داين» السائق لدى منظمة إنسانية، والذي يقتل عن طريق الخطأ صبياً صغيراً خلال قيادة السيارة.

ومن مصر، يوجد في المسابقة فيلم «كولونيا» للمخرج محمد صيام، وتدور أحداثه حول ليلة واحدة يقضيها أب بعد خروجه من المستشفى مع ابنه، وتكون مليئة بالتوترات قبل أن يرحل في صباح اليوم التالي. في حين يوجد المخرج أبو بكر شوقي بفيلمه «القصص» الذي تدور أحداثه في ستينات القرن الماضي برحلة ترصد مسيرة تستمر عقدين حول شاب مصري تنشأ بينه وبين فتاة نمساوية علاقة صداقة عبر المراسلة بالخطابات.

الملصق الدعائي لفيلم «القصص» (الشركة المنتجة)

وتحضر القضية الفلسطينية في المسابقة الرسمية بفيلمين هما «كان ياما كان في غزة» للمخرجين طرزان وعرب ناصر، وتدور أحداثه حول عالم الجريمة والفساد في غزة عام 2007، في حين تقدم المخرجة التونسية كوثر بن هنية فيلمها «صوت هند رجب» الذي يقدم مأساة الطفلة الفلسطينية التي قُتلت في غزة خلال الحرب، وهو العمل الذي حصد جائزة «الأسد الفضي» في النسخة الماضية من «مهرجان البندقية السينمائي».

ويوجد في المسابقة فيلمان تونسيان هما «سماء بلا أرض» للمخرجة آريج السحيري، وتدور أحداثه حول 3 مهاجرات أفريقيات جمعتهن الصدفة في تونس وسط آمال بحياة أفضل، لكن أحلامهن تصطدم بصعوبات الواقع المرير، ونال الفيلم مؤخراً «النجمة الذهبية» بالنسخة الماضية من «المهرجان الدولي للفيلم بمراكش».

كما تنافس المخرجة التونسية آمال القلاتي بفيلمها «وين ياخدنا الريح» الذي تدور أحداثه حول «عليسة» - المتمردة - ذات التسعة عشر عاماً، و«مهدي» الشاب الخجول، ذي الثلاثة والعشرين عاماً، حيث يستعين الثنائي بخيالهما للهروب من واقعهما، وعندما يكتشفان مسابقة تتيح لهما فرصة للهروب، ينطلقان في رحلة إلى جنوب تونس، متجاوزين العقبات التي تعترض طريقهما.

ومن الأردن، تقدم المخرجة زين دريعي تجربتها «غرق»، وهو الفيلم الذي يناقش العلاقة بين أُمّ ونجلها المراهق والصدمات التي تحدث بينهما. في حين يشارك المخرج الجزائري يانيس كوسيم بفيلمه «رقية» الذي عُرض للمرة الأولى عالمياً في النسخة الماضية من «مهرجان البندقية». ويُعرض في المسابقة فيلم «إركالا حلم كلكامش» للمخرج محمد الدراجي، وهو العمل الذي يمزج بين الواقع والخيال في أحداثه.

يُعرض الفيلم التونسي «وين ياخدنا الريح» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)

وتترأس لجنة تحكيم مسابقة «الأفلام الروائية الطويلة» الكاتبة والمخرجة الفلسطينية نجوى نجار، في حين تضم في عضويتها المخرج التونسي لطفي عاشور، والكاتبة والمخرجة الرواندية كانتاراما غاهيغيري، مع المخرج والمنتج الجزائري لطفي بوشوشي، والناقد السينمائي الفرنسي جون ميشيل فرودون.

ويحتفي المهرجان هذا العام بالسينما الأرمينية التي قدمت على مدار أكثر من 100 عام العديد من الأعمال التي ترسخ الهوية الثقافية الأرمينية، وقد جرى اختيار 11 فيلماً أرمينياً للعرض ضمن فعاليات المهرجان، تنوعت ما بين الوثائقي والروائي، من بينها فيلم «أشباحي الأرمينية» للمخرجة تامارا ستيبانيان الذي شارك أخيراً في عدد من المهرجانات السينمائية.

وقال الناقد الفني المصري طارق الشناوي، إن «أيام قرطاج السينمائية»، رغم إمكاناته المادية المحدودة نسبياً، يظل «مهرجاناً استثنائياً» تقوده رؤية فكرية واعية قبل أي حسابات أخرى، موضحاً أن «المهرجان يُقام في توقيت تسبقه فيه ثلاثة أو أربعة مهرجانات عربية كبرى، ومع ذلك لا يدخل في سباق (العرض الأول)، بل يراهن على الاختيار الجيد».

وأضاف أن «هذا الوعي يحوّل (قرطاج) إلى ما يشبه البوتقة التي تنصهر فيها حصيلة الأفلام العربية المعروضة على مدار العام، مع منح مساحة أوسع للأفلام غير العربية، وهو ما يمنحه قوة حقيقية واستمرارية ثقافية»، مشيراً إلى أن التركيز على الجانب الإنساني لا يمكن فصله عن جوهر السينما نفسها، فـ«أهم رسالة يمكن أن تقدمها السينما هي خلق هذا النوع من التعاطف الإيجابي مع البشر ومآسيهم؛ لأن الفن الحقيقي هو القادر على دفع المُشاهد إلى الفهم والمشاركة الوجدانية، لا الاكتفاء بالمشاهدة السطحية»، على حد تعبيره.