ليونيل لورانت

ليونيل لورانت
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»

لا تنخدع بعذوبة الوداع الودي لـ«بريكست»

اتفقت المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي على الكثير من الأمور مؤخراً. لكن كلاهما سوف يحظى بالوجود في هذا العالم متحررين عن بعضهما البعض. تبعد المسافة بين لندن وبروكسل حوالي ساعتين بالقطار، ولكن في يوم الجمعة؛ اليوم الذي تغادر فيه المملكة المتحدة رسمياً عضوية الاتحاد الأوروبي، سوف تستشعر المدينتان الانفصال الحقيقي عن بعضهما البعض. يخطط البريطانيون لإقامة احتفالات «بريكست»، التي تشبه تحرر الدولة المستعمرة المضطهدة من نير الحكم الإمبريالي البغيض. ولقد سُكّت عملة معدنية جديدة تذكاراً لهذه المناسبة، تحمل عبارة «السلام، والازدهار، والصداقة لكل شعوب الأرض».

رجل «بريكست» في الاتحاد الأوروبي

يعد ميشال بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بـ«بريكست» البريطاني، أشبه ما يكون بنجوم موسيقى الروك في بروكسل. وعلى مدى ثلاث سنوات، كان السياسي الفرنسي المخضرم والهادئ للغاية، يواصل البحث في تفاصيل ملف مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، مع ضمان أن الدول الأعضاء السبع والعشرين الباقية، ملتزمة بتماسك الاتحاد.

بروكسل تستعد لجولة جديدة من «البريكست»

بعد عام من حالة تأزم داخل ويستمنستر أحبطت محاولات المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي بشكل ودي، منح الناخبون البريطانيون بوريس جونسون أغلبية قوية كي ينجز ذلك. وربما يكونون بذلك قد طرحوا أمام بروكسل منافساً جديداً قوياً على أعتاب أوروبا. ويبدو هذا موقفاً ليس بالهين بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يمضي في طريقه نحو خسارة شريك اقتصادي ودفاعي مهم يكافئ 14% من إجمالي الناتج الداخلي للتكتل بأكمله.

ماكرون لا يمكنه إنقاذ جونسون

من المؤكد أنه بغض النظر عمن اقترح عملية المادة 50 للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فإنه لم يرد بخاطره قط أنه سيجري تفعيلها يوماً ما، ناهيك عن تحويلها إلى عملية تعذيب إجرائي مروعة. كان من المفترض حسم أمر «البريكست» في مارس (آذار)، لكن عجز المملكة المتحدة عن اتخاذ قرار بخصوص ما ترغبه أحبط الخطط الجيدة التي وضعها مسؤولو بروكسل التكنوقراط.

الأوروبيون والأزمة السياسية في بريطانيا

يبدو رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون، في مأزق، مع تداعي سلطته السياسية بعد قرار المحكمة العليا في البلاد بعدم قانونية قراره بتجميد البرلمان، قبيل أسابيع، من الموعد الزمني النهائي لبدء سريان «بريكست»، المقرر في 31 أكتوبر (تشرين الأول).

المنافسة المالية الخاصة بـ«بريكست» تدخل مرحلة جديدة

نادراً ما كان يبدو على واضعي السياسات الحرص على تمزيق وفصل الصلات التي تربط بين الأسواق العالمية حتى في ظل وجود أي احتمال بحدوث إضرار اقتصادي ذاتي. ويعد سعي رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي العنيد وراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي يترتب عليه خروجها من السوق الموحدة، واتحاد الجمارك، بمثابة هدف واضح في مرمى فريقها لا الفريق الآخر بالنظر إلى الوضع العالمي لمدينة لندن.

حرب «غوغل» و«فيسبوك» القادمة

بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، ربما يبدو من المثير قليلاً أن نستمع للاتهامات الموجّهة من قِبل الاتحاد الأوروبي إزاء وادي السيليكون الأميركي ووصمه بأنه مقبرة كبيرة للابتكارات الحديثة. ولكن هذا هو الموضع الذي نستقر عنده في عام 2019، فالجهات الرقابية باتت تناصب الشركات التكنولوجية العملاقة، أمثال «ألفابيت» وربيبتها «غوغل»، وشركة «فيسبوك»، العداء عبر مجموعة منتقاة بعناية من الغرامات المالية الفادحة المعنية بمكافحة الاحتكار، والتحقيقات في مخالفات خصوصية البيانات، في إشارة ضمنية تفيد بأن الجهات الرقابية تنظر إلى أصحاب البلايين على أنهم كأمثال جون دي.

«بريكست»... فكرة قد تتحطم

إن فهم اتجاه الرأي العام بصورة أفضل من فهم نتائج استطلاعات الرأي أو تصريحات الساسة يمكن أن يعود عليك بالكثير من المال. هذا ما أثبته كريسبين أودي، المؤيد الأكبر للخروج من الاتحاد الأوروبي «بريكست» عندما كسب رهان أن المملكة المتحدة ستصوت لصالح الخروج من الاتحاد. من المهم أن يقول مدير صندوق التحوط الآن إنه يراهن على أن الجنيه الإسترليني سينتعش على اعتبار أن «بريكست» لن يحدث، مما يعنى أيضاً أن حتى أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي قد تعلموا درس الصفقات الخاسرة بعد أن رأوا بأعينهم إحداها.

«بريكست» والدخول على خط الهجرة

هل يمكن التخلي عن 40 مليار جنيه إسترليني من الثروة القومية للحد من الهجرة؟ أصبح القضاء على الهجرة تماماً هو الكيفية التي تترجم بها تيريزا ماي وعودها لحملة «بريكست» بـ«استعادة السيطرة». ونتيجة لذلك، استبعدت رئيسة الوزراء البريطانية تماماً أحد البدائل الأكثر معقولية لصفقة مغادرة الاتحاد الأوروبي الخاصة بها: وهي فكرة «نرويج بلس»، التي من شأنها أن تسمح بالوجود البريطاني ضمن السوق الأوروبية الموحدة وإجبارها على قبول حرية الحركة من بقية الدول الأخرى في الكتلة الأوروبية. في واقع الأمر أن السيطرة على الحدود البريطانية أكثر الخطوط الحمراء الأعمق رسوخاً لدى السيدة ماي ضمن مفاوضات «بريكست».

أوروبا... إغراءات لمؤسسات بلا ضمانات

شرعت مدينتا باريس وفرنكفورت وغيرها من المدن الأوروبية إلى فرش البساط الأحمر للترحيب بالممولين الذين سيرحلون عن لندن بعد أن منح الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) الحق للعاصمة البريطانية في الدخول في أعمال تجارية عبر القارة الأوروبية. للدول المنافسة مؤسسات تبالغ في عرض المودة والترحاب، بل ووعود بإعفاءات ضريبية وإغراءات، لكن على هذه المؤسسات الحذر من السباق المنظم إلى القاع، فالمملكة المتحدة تعلم تكلفة ذلك جيدا. فكلما بدت رايات البنوك العالمية تلوح في الأفق أخذ نفوذها السياسي والاقتصادي في التزايد.