مشاكل صحية شائعة في رمضان

اضطرابات هضمية تشمل انتفاخ البطن وحرقة المعدة والإمساك

مشاكل صحية شائعة في رمضان
TT

مشاكل صحية شائعة في رمضان

مشاكل صحية شائعة في رمضان

يستقبل المسلمون في أرجاء المعمورة، يوم غد، أول أسبوع من شهر رمضان الكريم، ويتعاملون معه الكل حسب عاداته وتقاليده. ويكون العامل المشترك بينهم جميعا، بعد النواحي الدينية، الاهتمام بالمائدة الرمضانية بإعداد ما لذ وطاب من أصناف الأطعمة. وسوف نتناول هنا أهم المشاكل الصحية الشائعة والتي تنتج عن سلوكيات خاطئة يمارسها بعض الصائمين.
إن تناول الطعام بشراهة سواء في الفطور أو السحور عادة سيئة تؤدي إلى نتائج سلبية على الصحة، والجهاز الهضمي هو أكثر ما يتأذى من أجهزة الجسم، إذ يشكو الصائم من اضطرابات هضمية مثل انتفاخ البطن، حرقة المعدة، الإمساك أو الإسهال.
* انتفاخ البطن
يشكو بعض الصائمين من اضطرابات في الجهاز الهضمي عقب تناول الطعام كالانتفاخ وتجمع الغازات وما ينتج عنهما من تعب وانزعاج وألم قد يعيق الشخص عن القيام بواجباته في هذا الشهر. ومصدر الانزعاج والتضرر من كثرة الغازات في المعدة هو تناول الأكلات المختلفة، المقلي منها والمحمر والمسبك مما يعيق عملية الهضم الجيد ويؤدي إلى عدم اكتمال امتصاص المواد الغذائية وخاصة النشويات والسكريات أثناء عملية الهضم. وهذا يتيح الفرصة للبكتريا الموجودة في الأمعاء لتقوم بتخمير السكريات التي ينتج عنها الكثير من الغازات. ويمكن الوقاية من هذه المشكلة باتباع التالي:
- تجنب أو تقليل تناول الأطعمة التي ينتج عن هضمها كثير من الغازات مثل الفاصوليا والبقوليات الأخرى، القمح ونخالة القمح، الملفوف ومخلل الملفوف، البصل، ومن الفاكهة المشمش والموز والخوخ ثم الحليب ومنتجات الألبان الأخرى. فإذا كان الشخص يعاني من نقص إنزيم اللاكتاز (وهو الإنزيم اللازم لهضم اللاكتوز أي السكر الرئيسي في الحليب)، فإنه، قطعا، سيشكو من انتفاخ البطن بالغازات عقب شرب الحليب. ولأهمية الحليب الغذائية يمكن شراء الحليب الخالي من اللاكتوز أو الذي يحتوي على إنزيم اللاكتاز للمساعدة على هضم اللاكتوز، وتناول الحليب من دون انزعاج.
- ويمكن أيضا تقليل تناول الأطعمة الدهنية، مثل اللحوم الدهنية، الأطعمة المقلية، صلصة الكريمة والمرق، فهذه الأصناف تميل إلى زيادة إنتاج الغازات وتسبب الانتفاخ.
- الحد من بدائل السكر، فقد وجد أن بعض الناس الأصحاء غير قادرين على امتصاص بدائل السكر مثل السوربيتول والمانيتول الموجودة في بعض الأطعمة الخالية من السكر والحلويات والعلكة، فكمية السوربيتول الموجودة في خمس وحدات من العلكة الخالية من السكر يمكنها أن تتسبب في مشكلة الغازات بل وقد تؤدي إلى الإسهال عند بعض الناس.
- قد يحتاج الصائم لاستخدام أحد مستحضرات الإنزيمات المساعدة على الهضم مثل أقراص بينو (Beano)، أو أحد مضادات الغازات مثل مايليكون (Mylicon)، أو حتى أحد مضادات الحموضة التي تحتوي على مادة سيميثيكون (simethicone) المضادة للغازات مثل مالوكس. فجميع هذه الوسائل تساعد على تخفيف الألم والانزعاج من تجمع الغازات في البطن.
* حرقة المعدة
تعتبر حرقة المعدة الشكوى الأكثر شيوعا بين الصائمين، وهي تنتج عن ارتجاع محتويات المعدة المخلوطة مع حمض الهيدروكلوريك إلى المريء، بسبب سوء عملية الهضم وعدم اكتمالها مما يؤدي إلى بقاء الطعام في المعدة مدة أطول، يتبعها تمدد جدران المعدة وارتخاء عضلات الجزء الأسفل من المريء والتي تكون العضلة الحلقية القابضة للفتحة ما بين المريء والمعدة مما يسمح بتسرب محتويات المعدة وعصارتها الحمضية إلى المريء مسببة الشعور بحرقة المعدة بعد تناول وجبة الفطور أو وجبة السحور وكذلك خلال ساعات الصيام نهارا. ويمكن تجنب هذه المشكلة باتباع الآتي:
- تقسيم وجبة الفطور، وتناول وجبات صغيرة ليلا لمنع الارتجاع إلى المريء خصوصا أثناء الاستلقاء للنوم أو الراحة.
- تجنب أو تقليل الأطعمة الدهنية والدسمة التي تحتاج إلى وقت طويل للهضم، فإذا ما بقيت هذه الأطعمة في المعدة لمدة طويلة فإنها تستحث العضلات القابضة في أسفل المريء على الارتخاء ومن ثم تدفق عصارة المعدة في عكس الاتجاه محدثة الحرقة.
- قد يستلزم الوضع في بعض الحالات استخدام مانع أو مضاد للحموضة والذي يساعد على معادلة أحماض المعدة مؤقتا، ويمكن تناولها قبل وجبة السحور لتخفف أو تزيل الأعراض.
- يستحسن تناول السحور مبكرا بساعتين إلى ثلاث ساعات قبل النوم لإفراغ محتويات المعدة إلى الأمعاء.
- التوقف عن التدخين، فالنيكوتين الموجود في السجائر يتسبب أيضا في ارتخاء عضلات المريء السفلية.
- تخفيف الوزن الزائد لتقليل ضغط البطن على المعدة أثناء الاستلقاء وبالتالي عدم ارتجاع الحمض.
- رفع رأس السرير على الأقل 4 - 6 بوصات، فذلك يساعد على إبقاء الحمض داخل المعدة.
* مشاكل الإمساك
كيف تتغلب على الإمساك في رمضان؟ الإمساك عرض مرضي شائع، يعاني منه نحو 20 في المائة من سكان العالم، وترتفع النسبة عند النساء 10 مرات عن الرجال. وخلال شهر رمضان، يعاني البعض من مشكلة الإمساك بسبب عدم استهلاك ما يكفي من المواد الغذائية التي تحتوي على الألياف الضرورية لحركة الأمعاء، وعدم شرب الكمية الكافية من الماء لتعويض ما فقد الجسم من سوائل خلال ساعات الصيام نهارا، عدم ممارسة الأنشطة البدنية وقلة الحركة. وللتخفيف من هذه المشكلة يمكن اتباع الآتي:
- تناول الأطعمة الغنية بالألياف في كل وجبة، مثل الفواكه الطازجة والخضراوات والحبوب الكاملة، كما يمكن إضافة 2 - 3 ملاعق كبيرة من نخالة القمح إلى الحبوب والمأكولات المخبوزة.
- شرب كثير من السوائل، بما لا يقل عن ثمانية أكواب في اليوم الواحد، في شكل ماء، عصير، حليب، شاي أو حساء.
- زيادة النشاط البدني مثل المشي، وركوب الدراجات أو السباحة، بتخصيص 30 دقيقة على الأقل يوميا.
- تلبية الرغبة لإفراغ الأمعاء فور الشعور بها.
- يمكن استخدام المكملات الغذائية من الألياف، مثل سيتروسيل وميتاميوسيل، لتعزيز انتظام عمل الأمعاء.
- وأخيرا، عدم الاعتماد على الملينات المنشطة التي تعمل عن طريق تهييج جدران الأمعاء، فالاعتياد عليها سيجعل الإمساك أسوأ حالا. وللضرورة يمكن استخدام حليب المغنيسيا.
* تجنب العدوى
تشهد المساجد في جميع أنحاء المعمورة، خلال شهر رمضان المبارك، تجمعا بشريا لا مثيل له في أي موسم آخر من السنة. ويعتبر الزحام وسيطا فعالا لنقل الأمراض المعدية، خصوصا عند كبار السن والعجزة وضعاف المناعة. والنظافة الشخصية والعامة لها التأثير الكبير على صحة وسلامة المجتمع والبيئة، فإذا ما أحسنا وأجدنا تطبيقها كانت خير معين في الوقاية من انتشار الأمراض. ومن أكثر الأمراض التي تنتشر بسبب الزحام أمراض الجهاز التنفسي العلوي كالرشح والأنفلونزا والتهاب الرئتين، أمراض الجهاز الهضمي، الحمى المخية الشوكية، الأمراض الجلدية بأنواعها، والتهابات العين.
ويمكن بخطوات بسيطة أن نتجنب أو حتى نقلل من خطر الإصابة بالعدوى:
- تطبيق المعايير الصحية في الممارسات اليومية جيدا، وذلك بغسل اليدين مرارا: قبل التعامل مع الطعام، بعد استخدام الحمام وبعد التعامل مع الحيوانات الأليفة.
- عدم مشاركة أدوات الأكل أو الشرب مع الآخرين، لمنع انتشار العدوى.
- العناية وتوخي الدقة عند الطبخ لقتل البكتيريا الموجودة في بعض المأكولات وخاصة اللحوم المثلجة والمبردة الجاهزة للطبخ مثل الهامبورغر.
- عدم أكل اللحوم أو الدواجن النيئة أو غير المطبوخة، والمأكولات البحرية الخام أو البيض الخام.
- عدم شرب الحليب غير المبستر أو استخدامه في الطبخ.
- عدم شرب الماء المشكوك في نظافته أو أنه من المحتمل أن يكون ملوثا.
- عدم وضع أصابع اليدين في الفم أو العينين.
- تجنب التلامس مع ناقلات الأمراض كالقراد والقوارض.
- الحرص على متابعة التطعيمات واللقاحات في مواعيدها للوقاية من الأمراض المعدية التي تهدد الحياة.
- التعرف على علامات وأعراض العدوى بشكل عام، مثل الحمى والعرق والقشعريرة. وبالنسبة لعدوى الجلد، الاحمرار وارتفاع درجة الحرارة.
- عدم استخدام المضادات الحيوية في كل مرة تمرض فيها، فالإفراط في استخدامها سوف يشجع نمو الكائنات الحية الدقيقة المقاومة للأدوية.
- استشارة الطبيب، فكثير من العدوى الخطيرة يمكن علاجها في المراحل المبكرة.
* إسهال السفر في رمضان
يصاب، سنويا، ملايين المسافرين عبر الدول بإسهال السفر، ومن بينهم قاصدو الديار المقدسة في هذا الشهر الكريم لصوم بضعة أيام بجوار الحرمين الشريفين. ويلاحظ أن أكثر المصابين هم الذين يفتقدون المناعة المكتسبة، أو يميلون للمغامرة في سفرهم وفي خياراتهم الغذائية، أو الذين ينخفض حذرهم بشأن تجنب الأطعمة الملوثة، وأيضا ذوو المناعة الضعيفة والأمراض المزمنة المنهكة.
يعتبر إسهال السفر المرض الأكثر شيوعا في العالم وتبدأ أعراضه خلال الأيام الأولى من وصول المسافر، بإسهال خفيف مع ألم وانتفاخ في البطن وغثيان. ويفضل عمل الآتي:
- شرب السوائل بكمية كافية، بحيث يحدث التبول كل أربع ساعات ويصبح لون البول كلون الماء. فاللون القاتم مؤشر خطر ينذر بجفاف الجسم ويحتاج لشرب السوائل بكميات أعلى.
- وإلى جانب الماء، يجب أيضا شرب سوائل معينة تساعد على أرواء الجسم وتعويض سوائله وأملاحه المفقودة، مثل شوربة المرق وعصائر الفاكهة المخففة (باستثناء عصير الخوخ) والمشروبات التي تحتوي على الشوارد أو الـelectrolytes، مثل Gatorade غاتوريد لتعويض السوائل والمواد الكيميائية التي فقدها الجسم أثناء الإسهال.
- يجب الابتعاد عن الأطعمة الدهنية والزيوت، الحليب، والأطعمة الغنية بالصلصة والبهارات.
- عند ظهور أعراض التحسن وتحول البراز من القوام السائل إلى المتماسك، يمكن البدء بتناول الأطعمة قليلة المحتوى من الألياف مثل خبز التوست الأبيض، الكراكرز crackers، البيض، الأرز أو الدجاج.
- لا داعي للأدوية، فالإسهال قصير الأمد لا يتطلب أخذ مضادات حيوية أو حتى مانعات الإسهال، فمن شأن الإسراع في تناول العقاقير أن يبطئ عملية القضاء على العامل المرضي، ويطيل فترة الإسهال. أما إذا استمر الإسهال لعدة أيام فيجب استشارة الطبيب.
* استشاري في طب المجتمع



دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)
بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)
TT

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)
بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)

أفادت دراسة علمية حديثة بأن تناول المأكولات الغنية بالألياف يزيد من حماية الجسم من العدوى.

ويوجد في أمعاء الإنسان عدد من الميكروبات يفوق عدد النجوم في مجرة ​​درب التبانة. وهذه الميكروبات ضرورية لصحة الإنسان، ولكن العلماء ما زالوا يحاولون تحديد ما تفعله بالضبط وكيف تساعدنا.

في دراسة جديدة نُشرت في مجلة «ناتشر ميكروبيولوجي»، اكتشف علماء كيف يمكن لبعض بكتيريا الأمعاء أن تحمينا من البكتيريا الضارة، وتشمل هذه البكتيريا أنواعاً مثل إيكولاي. وهي غير ضارة عادةً بكميات صغيرة ولكنها يمكن أن تسبب التهابات ومشكلات صحية أخرى إذا نمت كثيراً، وفق موقع «ساينس ألرت». ووجد باحثون أن بيئة أمعائنا - التي تشكلها أشياء مثل النظام الغذائي - تلعب دوراً كبيراً في إبقاء البكتيريا الضارة المحتملة تحت السيطرة.

للوصول إلى هذا الاستنتاج، قام علماء بتحليل أكثر من 12000 عينة براز من أشخاص في 45 دولة. باستخدام تقنيات تسلسل الحمض النووي، وتمكن العلماء من تحديد وقياس الميكروبات المكتشفة في كل عينة. ووجدوا أن تركيبة ميكروبيوم الأمعاء كانت مختلفة بشكل أساسي عن غير المصابين بها.

من خلال تحليل هذه الميكروبات وجيناتها، تمكنا من التنبؤ بدقة (نحو 80 في المائة من الوقت) بما إذا كان شخص ما مصاباً ببكتيريا في أمعائه. وقد ظهر للعلماء أن أنواع البكتيريا في أمعائنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بما إذا كانت الأنواع الضارة قادرة على السيطرة على أمعائنا.

وبالبحث بشكل أعمق، اكتشف العلماء مجموعتين من البكتيريا: تلك التي ازدهرت جنباً إلى جنب مع البكتيريا المعوية (ما يسمى «المستعمرات المشتركة») وتلك التي نادراً ما توجد معاً («المستبعدات المشتركة»).

وقد برز نوع واحد من البكتيريا التي تستبعد البكتيريا المعوية، باعتبارها مهمة بشكل خاص، وتسمي Faecalibacterium. وهي تنتج مواد كيميائية تسمى الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة عن طريق تكسير مجموعة متنوعة من الألياف في نظامنا الغذائي. وهذا بدوره يمكن أن يمنع البكتيريا الضارة من النمو.

كان وجود هذه الأحماض الدهنية إحدى أقوى الإشارات التي لاحظناها بين البكتيريا المستبعدة والمستعمرة. كما تم ربطها سابقاً بمجموعة واسعة من الفوائد الصحية، مثل تقليل الالتهاب وتحسين وظيفة الأمعاء.

كان هذا مفاجئاً بشكل خاص حيث زعمت دراسات سابقة أجريت على الفئران أن البكتيريا التي تأكل نفس أنواع الأطعمة والمغذيات ستواجه صعوبة في العيش معاً في الأمعاء.

وهذا يشير مرة أخرى إلى حقيقة مفادها بأن الظروف البيئية للأمعاء (المغذيات، درجة الحموضة، مستوى الأكسجين) هي العوامل الرئيسة التي تحدد ما إذا كان الشخص سوف يصاب ببكتيريا ضارة في أمعائه أم لا.

أكثر فاعلية من البروبيوتيك. قد تؤدي تلك النتائج إلى طرق جديدة للوقاية من وعلاج الالتهابات دون استخدام المضادات الحيوية. على سبيل المثال، بدلاً من قتل البكتيريا الضارة بشكل مباشر (والتي يمكن أن تضر أيضاً بالبكتيريا الجيدة)، يمكننا تعزيز البكتيريا المستبعدة أو إنشاء أنظمة غذائية تدعم نموها.

قد تكون هذه الاستراتيجية أكثر فاعلية من تناول البروبيوتيك بشكل مباشر، حيث ثبت سابقاً أن البكتيريا الجديدة المضافة إلى القناة المعوية لا تعيش إلا لفترة محدودة في الأمعاء. يمكننا أيضاً استهداف مسارات محددة تستخدمها البكتيريا الضارة للبقاء على قيد الحياة، مما يجعلها أقل تهديداً.

ورغم أن تلك الدراسة تقدم رؤى جديدة ومهمة، فإنه لا يزال هناك الكثير للتيقن منه، فالعديد من المناطق، بما في ذلك أجزاء من أميركا الجنوبية وأفريقيا، لا تحظى بالقدر الكافي من التمثيل في دراسات الميكروبيوم. وهذا يحد من فهمنا لكيفية اختلاف بكتيريا الأمعاء بين مختلف السكان.